بقلم دكتور/ أسعد عرفه زكى
كلية السياحة والفنادق
جامعة مدينة السادات
لاحظنا فى الفترة الماضية تركيز معظم القنوات التليفزيونية الخاصة والحكومية على أحداث الاشتباكات العنيفة بين قوات الأمن المصرية وبعض الجماعات المتطرفة، وتركيزها أيضاً على التفجيرات التى تحدث هنا وهناك، بل وصل الحال بنا إلى تضخيم بعض وسائل الإعلام لعدد من الحوادث مؤخراً.
وأصبحت مصطلحات مثل "الإرهاب" و "المتطرفون" و "التكفيريون" و "البلطجة" ....الخ مادة يومية للتناول الإعلامى فى وسائل الإعلام المختلفة، وهذا يجعل المستمع أو المشاهد أو القارئ الأجنبى يتخيل أن الإرهاب يضرب كافة أنحاء مصر، وأنه لا أمان فى الشارع المصرى للمصريين أنفسهم فما بالنا بالسائح الأجنبى، وهو شئ مخالف للحقيقة بالمرة.
لابد أن يلعب الإعلام الوطنى دوراً هاماً فى تحسين الصورة الذهنية لمصر كمقصداً سياحياً هاماً ومتميزاً، وليس كمكان موبوء بالإرهاب وممتلئ بالتكفيريين، لقد جعلتنا بعض وسائل الإعلام نشعر وكأننا سوف نتقابل مع الجماعات التكفيرية والإرهابية أمام بيوتنا وداخل جامعاتنا، جعلتنا نتخوف من الذهاب إلى الكثير من الأماكن السياحية الراقية التى كانت تعج بالسائحين من كافة الجنسيات.
أتفق تماماً مع من يقول أن مصر مستهدفة، ولكن لابد أن نتعامل مع هذا الموقف العصيب بحكمة، ولنا أن نتخيل ماذا فعل الأربعة ملايين عامل بقطاع السياحة بعد الانتكاسة التى حدثت للقطاع؟ ومن أين يعيشون؟ لقد اضطرت الظروف المعيشية كثير منهم إلى بيع سيارته وبيع شقته من أجل تدبير مصروفات منزله وأولاده، وإذا استمرت الأزمة السياحية الحالية فى مصر سوف يحدث مال لا يحمد عقباه من الشباب المصرى العاطل ويمكن أن تتلقفه إحدى الجماعات التكفيرية والتى تتخذ من العنف منهجاً لها وتعده بالمال والزواج والعيشة الرغدة.
ندعوا وسائل الإعلام المصرية إلى اتخاذ مواقف تتناسب مع الحدث، وألا تقوم بتضخيم الأمور الخاصة بعدم استتباب الأمن فى ربوع مصر، وألا تساهم فى نشر الرعب والفزع بين المصريين والأجانب الذين يرغبون فى زيارة مصر، ولقد بدأت بالفعل بعض القنوات المحترمة فى بث برامج تدعوا لزيارة مواقعنا السياحية وهذه بادرة طيبة للغاية ندعوا باقى وسائل الإعلام أن تحذو حذوها.
ندعوا منتجى الأفلام السينمائية الذين ينتجون أفلاماً (تجارية) سنوياً ويربحون الملايين إلى أن يقوموا بتأدية دورهم الطبيعى فى رد الجميل نحو بلدهم عن طريق إنتاج أفلام وثائقية حول المواقع الأثرية والتاريخية فى مصر بلغات مختلفة وتبث بشكل دورى على العديد من القنوات الفضائية المصرية والأجنبية لتشجيع الأجانب على زيارة تلك المواقع السياحية التى ليس لها مثيل فى أية دولة من دول العالم، نعم أعرف أن مثل هذه الأفلام الوثائقية قد لا تدر ربحاً على منتجى السينما ولكن هذا هو رد الجميل للبلد الذى احتضنهم وربحوا من وراء مواطنيه الكثير فى الماضى وآن الأوان للوقوف بجوار بلدنا.
وندعوهم أيضاً لإنتاج أفلاماً تدور أحداثها فى مواقع سياحية وتاريخية تبرز جمال مصر وعراقة هذا الوطن الذى نعشقه ونعشق ترابه، تلعب مثل هذه الأفلام دوراً هاما فى تحسين الصورة الذهنية عن مصر، لقد ارتبطت الصورة الذهنية عن مصر بصورة الصحراء والجمال وعيشة البدو بينما الواقع يضم هذا بالطبع ولكن هناك جوانب أخرى تستحق أن يتم ترسيخها فى ذهن العالم عن مصر، مصر بلد الحضارة والتاريخ، مصر المتفردة بعادات أهلها الطيبين وثقافتهم، مصر التى تحتضن الأديان السماوية منذ مئات السنين، مصر التعايش السلمى والحضارى، لزاماً علينا أن نفخر بمصر ونعتز بمصريتنا وأن نبرز ذلك فى أفلام تسجل حياة المصريين قديما وحديثاً وتسجل عظمة هذا الوطن وروعة مواقعه السياحية.
|