بقلم/ عمرو محمد الشحات
باحث دكتوراه
تميزت العمارة الإسلامية بتنوع مبانيها، ما بين المباني العامة والمباني الخاصة والمباني الدينية والمباني الدنيوية، كالمساجد والمدارس والقصور، وبناء هذه القصور، والتي تميز بها العرب المسلمون منذ القدم، والتي تم تكييفها سواء من حيث المسقط الأفقي أو حتى الزخارف لتتناسب مع متطلبات الدين الإسلامي، كتقسيم القصور الى.السلاملك والحرملك، أو في الابتعاد عن التجسيم في الزخارف، واستخدام العناصر النباتية والهندسية وغيرها ،ومن هنا نستعرض تصنيف القصور بشكل عام، والخصائص المعمارية التي ميزت تلك القصور.
تاريخ بناء القصور:
اهتم العرب المسلمين ببناء دور الإمارة والقصور بعد أن اتسعت دولتهم وتوطدت أقدامهم في الأقاليم المحررة من العالم الإسلامي، حيث خرجت فكرة الاهتمام بالمباني وخاصة القصور بعد أن خفت حدة الفتوحاتالاسلامية، وبعد أن أخلد معظم العرب الى السكينة والسلم، ولم تخرج هذه الفكرة الى حيز الوجود الا في أيام الخليفة الثالث عثمان بن عفان، حيث بدأت الثروات تتدفق من كل صوب، وبدأ العرب يخرجون من بداوتهم ويستبدلون دورهم القديمة البسيطة بقصور فخمة، منمقة الجدران وموزونة الأبعاد ويمثل هذا الاهتمام في اختيار مواقعها وتوظيف أفضل الخبرات لتصميمها وبنائها واستخدام أحسن وأمتن المواد الانشائية لتشييدها، فكانت القصور ودور الامارة تجاور جوامع المدن الاسلامية الأولى في البصرة والكوفة في حين احتلت القلب أو المركز في واسط ومدينة بغداد وأصبحت الجوامع هي المجاورة لها، أما القصور الخاصة فكانت تقع في أغلب الاحيان على أطراف المدينة وكانت تلك الأبنية بيوت راحة ونزهة وصيد وكانت ذات استعمال شخصي بالدرجة الاولى .
وتبلورت هذه الاتجاهات بشكل واضح في العصر الأموي وخصوصًا في منطقة بلاد الشام، حيث حرص رجالاتها على ألا يكون مظهرهم أقل من مظهر الأعاجم على حد تعبير معاوية بن أبي سفيان مؤسس الدولة ، فالأمويون كانوا من السباقين في استخدام هذا النوع من المباني وهو القصور، ومنها قصر عمرة ، وكان قصرًا صغيرًا على بعد خمسين كيلو مترًا من مدينة عمان عاصمة الأردن، وقد بناه الوليد ابن عبد الملك ليستريح فيه.
عند خروجه للصيد، ومنها قصر الشمال الذي بناه الخليفة هشام بن عبد الملك، ومنها قصر المشتى، وقد كانت هذه القصور على درجة عالية من البراعة في التصميم وجودة الزخرفة، وقد استعانوا بالصناع والفنانين في البلاد التي أصبحت تحت سيطرتهم.
وكان عهد الوليد بن عبد الملك عهد دخول العمارة الإسلامية ميدان الزخرفة، والتأنق في البناء، وذلك بعد الاحتكاك بالحضارات الأخرى والتأثر بها، والأخذ بزينة الدنيا، التي لم يحرمها الإسلام، ولكنهم مع أخذهم بزينة الدنيا، لم ينسوا الاهتمام بأمور دينهم والعمل لآخرتهم.
وفي العصر العباسي زاد الاتصال بالحضارات المختلفة، فزاد الاهتمام بالعمارة وزخرفتها، واشتد اهتمامهم ببناء القصور الفاخرة، مثل: قصر الخليفة المعتصم في مدينة سامراء، وقصر المأمون،وغير ذلك. وهكذا نجد تمازج العمارة الإسلامية في العصر العباسي بالعمارة في الحضارات الأخرى والاهتمام بالزخرفة والإسراف في بناء القصور وتشييدها، مما يعد تطورًا لا يتمشى مع روح الاعتدال والبعد عن الإسراف الذي برز في العهد الإسلامي
المبكر.
وفي العصر المملوكي اهتمو أيضًا بعمارة القصور، وكان اهتمامهم بالتلوين واستخدمو ألوان الحجر الطبيعي والوان الرخام أو الاجر والمونة الملونة كتزيين خارج البناء بألوان محدودة اهمها البني والغامق والاحمر والاسود، اما الواجهات فهي مخططة بمداميك متناوبة .
وقد حرص المماليك على اقامة مساكن لأُمرائهم بداية من القرن الثالث عشر الميلادي حول مقر الحكم وسكن السلطان او الحاكم وذلك كان خلال العصرين المملوكي والعثماني وحتى. منتصف القرن التاسع عشر وفي العصر العثماني بنى العثمانيون عددًا من القصور الفخمة، والتي تجلى فيها الإسراف بشكل واضح، وخاصة تلك القصور التي بنيت في تركيا واسطنبول مركز الحكم العثماني، حيث قام العثمانيون بالاستعانة بأفضل المعماريين والفنانين في بناء قصورهم، كما أنهم قاموا باستخدام الذهب في قصورهم، فبلغت درجة عالية من التبذير والبذخ المبالغ فيها،
حتى وصلنا الى عصر أسرة محمد على المعروف عنه بعصر الازدهار فى التشييد والبناء حيث الاستعانة بالمعماريين الاجانب على غرار العصر العثماني حتى وصلت فخامة قصورهم على الشكل الذى نراه الى الان .
|