الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

الجد الأعظم يوقع أقدم إتفاقية سلام فى التاريخ

الجد الأعظم يوقع أقدم إتفاقية سلام فى التاريخ
عدد : 1-2015
بقلم / أحمد الدسوقى



فى عام1303 قبل الميلاد وفى قصر الملك سيتى الأول تعالت الزغاريد وبعد موسم الفيضان الوافر الغزير معلنة مولد الجد الأعظم كما أطلق عليه خلفاؤه واللاحقين له فى الحكم ، وسيد البنائين رمسيس الثانى الفرعون الثالث من فراعنة الأسرة 19 ، وأهم الملوك الذين تربعوا على عرش أرض الكنانة تولى رمسيس الثانى ( المختار من رع )، وقد بدأ حياته فى سن العاشرة من عمره شريكا فى شئون الحكم مع أبيه ، ثم أعلنه أبيه وليا للعهد وهو فى سن الثالثة عشرة ، وكان يُعهد إليه فى هذا السن ببعض مسئوليات الدولة وشئونها كإقامة المبانى وغيرها ، ثم تولى مقاليد الحكم فى الدولة المصرية رسميا كملك للبلاد فى اليوم التقريبى 31 مايو 1279 قبل الميلاد وهو فى التاسعة عشرة من عمره ، وقد أٌقيمت مراسم التتويج فى منف العاصمة السياسية والإدارية لمصر ، وقد سُجل تتويجه فى معبد سيتى الأول بالقرنة ، كما سُجل له تتويج ثانى فى مدينة هليوبوليس ( عين شمس )، وقد استمر فى الحكم حوالى 67 عاما ، وتزوج بخمس زوجات عظيمات أهمهم على الإطلاق الملكة نفرتارى ( جميلة الجميلات )، وكان أبا لأكثر من 90 ولد وبنت ، وأقام عدد كبيرا من التماثيل الضخمة والمعابد وشيد كثيرا من المدن فى جميع أنحاء مصر. ولما أخذ رمسيس الثانى مقاليد الحكم فى البلاد سار على نهج والده سيتى الأول فى سياسته الداخلية والخارجية وذلك بفضل حكمه الطويل الذى قارب السبعين عاما قضاها فى عمل مستمر فى الداخل والخارج وأتى من خلال هذه الأعمال ما ليس له مثيل فى تاريخ الفراعنة الذين تربعوا على عرش الكنانة بعده. عند بداية حكمه منفردا نقل مقر العاصمة إلى شمال الدلتا فى بلدة أطلق عليها ( بر رعمسسو ) أى دار رمسيس ، وكان أول من وجه إليه همه فى أرض الكنانة إظهار مجد الفراعنة الأقدمين الذين عبث إخناتون بآثارهم فأقام لهم من المعابد والمحاريب والتماثيل ما لم يسمع بمثله من قبل وبذلك إلتف حوله الشعب المتدين إلتفافا كبيرا. وكانت حملته الأولى الحربية إلى النوبة لإقرار النظام هناك ولتأمين الحدود الجنوبية لمصر ، وفى السنة الثانية من حكمه توجه إلى أقصى البلاد وطارد شعوب البحر ( دول آسيا الحدودية مع مصر )، حتى قضى عليهم تماما ، وفى السنة الثالثة من حكمه أكمل بناء مقصورته وأعمدته الرائعة بمعبد الأقصر وفى نفس الوقت قام بحملات تأديبية عسكرية إلى فلسطين لتأمين الحدود الشمالية للإمبراطورية المصرية حتى شمال سوريا وقرب ( تركيا الآن ) وكان الحيثيون ( شعوب هندية أوروبية سكنت فى آسيا الصغرى ) فى ذلك الوقت هم القوة الوحيدة التى تسبب القلق لمصر وعقدوا تحالفات مع بعض حكام الأقاليم التابعة للنفوذ المصرى لإثارة المتاعب ضد مصر ، وكان سيتى الأول والد رمسيس الثانى قد حاربهم من قبل وانتصر عليهم ولكنهم عادوا مرة أخرى فى عهد رمسيس الثانى معتقدين أن الأمور قد تغيرت بعد سيتى الأول ووصل الخبر إلى رمسيس الثانى أن ملك الحيثيين يعد جيشا للهجوم على مصر. ثم قام رمسيس الثانى فى العام الخامس من حكمه بتجهيز الجيوش المصرية وإعدادها للحرب وكان تعداد الجيش المصرى لهذه المعركة حوالى 18 ألف محارب. وخرج رمسيس الثاني بجيوشه من قلعة ثارو ( إحدى قلاع طريق حورس الحربى بسيناء ) الحدودية وذلك في ربيع العام الخامس من حكمه. وبعد مرور شهر وصل بجيوشه إلى مشارف مدينة قادش وبينما كان رمسيس معسكراً بجيشه بالقرب من قادش إذ دخل معسكره اثنان من البدو وادعيا أنهما فاران من جيش الملك الحيثى كنوع من خطة الخداع الإستراتيجى وعلى أساس هذه الأخبار وبدون التأكد من صحتها أسرع الملك رمسيس إلى مرتفع بالقرب من قادش وأقام معسكره هناك في انتظار وصول باقي الجيش ليتابع السير ، وفى هذه الأثناء قبض جيشه على اثنين من جنود العدو وعرفوا منهم الحقيقة وهى أن جيوش الحيثيين كانت في طريقها لعبور نهر العاصي ومفاجئة الجيش المصري هناك. وبالفعل عبر نصف الجيش الحيثي مخاضة نهر العاصي وفاجئوا رمسيس الثاني الذي كان قد ارتكب خطأ تكتيكيا بترك مساحات كبيرة بين جيوشه وقطعوا الإتصال بين رمسيس وبقية جيوشه، ولكن انضمت قوات الجيش إلى رمسيس الثانى مرة أخرى وهاجموا جيش الحيثيين وأوقعوا بهم خسائر فادحة وقتل منهم آلاف من الجنود والضباط ، واستمرت الحرب بينهما دون أن يحقق أحدهما الإنتصار على الآخر ، وانتهت هذه الحرب بتوقيع أقدم إتفاقية سلام فى التاريخ.
وتم توقيع معاهدة السلام رسميا في عام 1258 قبل الميلاد، تم نقش المعاهدة على لوح من الفضة ، وكان هناك مقدمة لنص المعاهدة مع الإشارة إلى معاهدات سابقة أُبرمت بين الدولتين فى سنوات سابقة ، كما ذُكرت البيانات الخاصة بالطرفين من حيث المكانة والنسب والألقاب ، ثم تأتى بنود المعاهدة تحت أرقام مسلسلة. وتتضمن المعاهدة بنودا وشروطا لإقرار السلام بين الدولتين وإقرار مبدأ الدفاع المشترك بين كلا من الدولتين فى حالة وقوع إعتداء على أيا منهما.
كما تضمنت المعاهدة أيضا بنودا خاصة بالإجراءات الواجب إتخاذها ضد الرعايا الثائرين ودعاة الفتن وقواعد تسليم المذنبين والمجرمين. وتوجد نسخة طبق الأصل من هذه الإتفاقية فى مقر الأمم المتحدة بنيويورك كأول معاهدة سلام مكتوبة وموثقة فى التاريخ. وتعتبر هذه الوثيقة هى الأساس الذى سارت عليه أمم العالم فيما بعد فى إبرام كافة المعاهدات والإتفاقات الدولية.
وبهذه المعاهدة عُقدت أواصر المهادنة بين البلدين وأصبحت مصر آمنة مطمئنة من كل حدودها وتراسل ملك مصر مع ملك الحيثيين كما تراسلت الملكة نفرتارى مع ملكة الحيثيين وجاءت الوفود إلى مصر من كل الأقطار الأسيوية واكتظت عاصمة الملك ( بر رعمسسو ) بسفراء الدول وعظماء الأجانب ، كما عُبدت الآلهة المصرية فى الأقطار الأسيوية والعكس ، وإذدادت العلاقات التجارية بين مصر وجيرانها وبعدها تفرغ الملك رمسيس الثانى إلى الإصلاحات الداخلية وإنشاء المعابد ومن أهمها معبدى أبو سمبل وصالة الأعمدة بمعبد الأقصر ، وإنتشرت آثاره فى جميع أنحاء مصر ، ورحل عن عالمنا بعد أن حكم ما يقرب من سبعين عاما وحمل جثمانة إلى المقبرة السابعة بالجبانة الملكية بوادى الملوك بالأقصر وهو محتفظا بسرا أخذه معه إلى العالم الآخر وهو تعامد الشمس على وجهه يومين فى العام هما يوم ميلاده ويوم توليه العرش.
 
 
الصور :