بقلم الدكتور/ أسعد عرفه زكى
كلية السياحة والفنادق
جامعة مدينة السادات
يتميز القطاع السياحى والفندقى بخصوصية فى طريقة تقديم الخدمة والتى تعتمد بشكل كبير على العنصر البشرى، وفى حين يعتبر هذا الأمر نقطة إيجابية فى صناعة السياحة باعتبارها صناعة كثيفة العمالة وتساهم بشكل كبير فى المساهمة فى حل مشكلة البطالة، إلا أن هذا الأمر قد يتحول إلى نقطة سلبية غاية فى الخطورة على مستقبل صناعة السياحة فى مصر، وذلك إذا لم يتم الاهتمام بالتعليم السياحى والفندقى فى جامعاتنا الحكومية والخاصة.
ويتصف التعليم السياحى والفندقى فى مصر بمشاركة القطاع الخاص فيه من خلال المعاهد والكليات الخاصة التى تقدم خدمة التعليم السياحى الخاص، ونحن لا نقدح فى التعليم الخاص ولكن نريد أن نلقى الضوء على جودة العملية التعليمية بتلك المؤسسات الخاصة التى فى معظمها عبارة عن مشروعات استثمارية تهدف إلى الربح، ونحن لسنا ضد ربحية هؤلاء المستثمرون ولكننا ضد عدم تقديم الخدمة التعليمية بكفاءة ومجرد الاهتمام بجنى الأرباح ومنح هؤلاء الطلاب شهادات تخرج دون أن يكونوا مؤهلين لسوق العمل السياحى شديد الحساسية والتأثر بمستوى الخريج وجودته.
وحتى لا يقع اللوم فقط على القطاع الخاص، فلابد أن نشير إلى مستوى الخدمة التعليمية فى جامعاتنا الحكومية التى بها كليات السياحة وإدارة الفنادق، نجد العديد منها يهتم بالجانب النظرى فقط ويكتفى بالتدريس فى قاعات المحاضرات داخل جدران الجامعة، ويصاب الخريج بصدمة بعد تخرجه والتحاقه بسوق العمل ليجد نفسه مطالب بمهارات عديدة لم يسمع عنها شيئاً أو يتدرب عليها طوال سنوات الدراسة.
تهتم أقسام الإرشاد السياحى فى عدد من الجامعات الحكومية -على سبيل المثال- بتدريس مقررات التاريخ والآثار والحضارة، وهذا مهم جداً لمهنة الإرشاد السياحى حيث لابد أن يكون الخريج ملماً بهذه الأمور، ولكن أين مهارات الإرشاد السياحى فى الموقع الأثرى من مهارات الاتصال ومهارات العمل الجماعى ومهارات القيادة ومهارات التعامل مع ذوى الطبائع الصعبة ومهارات التعامل مع الثقافات المختلفة وغيرها الكثير من المهارات الضرورية لخريج الإرشاد السياحى...ياسادة نحن فى أقسام الإرشاد السياحى لا نهدف إلى تخريج مؤرخ أو أثرى ولكن نهدف إلى تخريج مرشداً سياحياً يتعامل مع السائحين من مختلف بقاع الأرض ومن ثقافات مختلفة وطباع متعددة، ويواجه مواقف صعبة فى حياته العملية، وهو فى نهاية الأمر بمثابة قائد للمجموعة السياحية، وحين تتعرض مجموعته لأزمة أثناء الرحلة مثل حادث الاختطاف الذى سمعنا عنه منذ سنوات كيف يتعامل المرشد السياحى مع موقف عصيب كهذا، وكيف يهدئ من روع ضيوفه وكيف يساعدهم على اجتياز مثل هذه المحنة بأقل الخسائر النفسية على الأقل؟ كل هذه المهارات لا يتعلم طلاب الإرشاد السياحى عنها شيئاً ولا يتدربون عليها، وتهتم الدراسة الأكاديمية بحشو المناهج الدراسية بمقررات لن تفيد الطالب بعد تخرجه.
كما نجد الطلاب فى جامعاتنا يتم تدريبهم على برامج خاصة بالقطاع السياحى والفندقى عفا عليها الزمن ولم تعد تستخدم بالفعل فى شركات السياحة أو الفنادق، ويفاجئ الخريج ببرامج أحدث فى سوق العمل لم يتدرب عليها، ومن هنا نجد تذمر أصحاب شركات السياحة والفنادق من مستوى الخريج وعدم إلمامه بالعلوم والمهارات اللازمة للممارسة العملية للمهنة باحترافية بعد التخرج. ويرجع هذا إلى أننا فى جامعاتنا نعمل بمعزل عن ممثلى سوق العمل وحتى عندما ندعوهم لعمل مؤتمرات مشتركة داخل الجامعات يقوم البعض بهذا من باب الوجاهة ليس أكثر ولا يأخذ برأى أصحاب الشركات وتوجيهاتهم فيما يخص المهارات والمقررات التى يدرسها الطالب أثناء دراسته الأكاديمية.
يجب ألا يعتمد التعليم السياحى على قاعات المحاضرات ولابد لنا أن نتواصل بفعالية مع ممثلى سوق العمل، وأن نخرج بطلابنا خارج جدران الجامعة ليتلمس بنفسه مواقع العمل التى سوف يلتحق بها فى المستقبل، فعلى أقسام الإرشاد السياحى أن تهتم بزيارة المواقع الأثرية والسياحية وتهتم بمهارات المهنة مثلما تهتم بالجانب التاريخى والفنى، وأن ندعوا المرشدين السياحيين ذوى الخبرة لندوات داخل الجامعات وندعوهم لزيارة المواقع الأثرية مع الطلاب لنقل خبراتهم فى الإرشاد السياحى للطلاب.
|