الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

أغاخان .. أسطورة الحب والشفاء على ضفاف النيل

أغاخان .. أسطورة الحب والشفاء على ضفاف النيل
عدد : 01-2015
بقلم/ أحمد الدسوقى

فى اليوم الرابع عشر من شهر فبراير كل عام يحتفل العالم وخاصة الدول الناطقة بالإنجليزية بيوم " الفالنتين " أو "عيد الحب"، هذا اليوم الذى يحمل إسم إثنين من الشهداء الإيطاليين المسيحيين الذين يحملان نفس الإسم "فالنتين"، وأصبح هذا اليوم مرتبطا بمفهوم الحب وتبادل الرسائل الرومانسية.

ونُحن نقترب من هذا اليوم لابد أن نُلقى الظلال على أجمل وأهم قصة حب وعشق احتضنتها أم الدنيا فى تسعينات القرن الماضى وهى قصة عشق أغاخان الثالث وأم حبيبة.

وأغاخان الثالث هو السلطان محمد شاه الحسينى الذى وُلد فى 2 نوفمبر عام 1877م بمدينة كراتشى الهندية، وهو مؤسس طائفة الشيعة الإسماعيلية، والإمام الثانى والأربعون للطائفة وقد تلقى تعليمه فى أُوروبا، وخلف والده "أغاخان الثانى" وكانت هذه الطائفة تعتبر نفسها الأحفاد الروحانيين للفاطميين، وقد أسس أغاخان الثالث طائفة المسلمين فى شبه القارة الهندية، وكان أول رئيس لها وكان لهذه الطائفة حزب سياسى دعا لتأسيس دولة إسلامية مستقلة فى الأجزاء الشمالية والغربية من شبه القارة "باكستان وقتها"، وقد تعلم أغاخان الثالث تعليما دينيا شرقيا بالإضافة إلى التعليم الغربى حيث درس فى جامعة كامبردج الإنجليزية، وطاف أغاخان فى بلاد العالم ليتفقد أحوال طائفته، وقد تم منحه درجات الفروسية، بالإضافة إلى أنه كان رئيسا لعصبة الأمم بين عامى 1937-1938م، وقد تم تكريمه من عدد من الحكام والدول ومنهم الملكة فيكتوريا الأم (ملكة بريطانيا).

وقد شهدت الطائفة الإسماعيلية فى عهده الكثير من مشاريع التطوير الإجتماعية، ثم إعتزل العمل السياسى وإنتقل للعيش فى سويسرا أثناء الحرب العالمية الثانية.

وفى آواخر الثلاثينات من القرن الماضى وأثناء حفل ملكى أُقيم بالقاهرة كان يحضره الأغاخان الثالث جمعت الصدفة بينه وبين بائعة الورد "إيفت لابيدوس"، والتى كانت مدعوة إلى الحفل بعد فوزها بلقب "ملكة جمال فرنسا عام 1938م"، واهتز وجدان وقلب الأمير البالغ من العمر 68 عاما عندما عقد نظراته الأولى للفاتنة الفرنسية وتعالت دقات قلبه ليعترف لها بإعجابه.

وعانت قصة الحب من التقاليد الإجتماعية فكيف لأمير أن يتزوج من بائعة الورد فضلا عن أن الفتاة كانت تصغر منه بثلاثين عاما إلا بعد عام من لقائهما نجحت قوة الحب فى تتويجها ملكة على عرش الطائفة الإسماعيلية وأشهرت إسلامها وسُميت بــــــ"أم حبيبة"، وتزوجت من الأمير عام 1942م.

وقد دفع الأمير وقتها حوالى مليون فرنك سويسرى مهرا للفتاة وحملت لقب "البيجوم أغاخان"، وهو لقب كان يُطلق على زوجة الأمير.

وكان الأغاخان ينادى زوجته بإسم "ياكى" نظرا لكونه الحروف اللاتينية الأولى لإسمها "إيفيت"، أما "فيفت" فتعنى الحب بمعنى "لامور"، أو المحبوبة.

وكان الأغاخان يعانى من أمراض الروماتيزم وآلام العظام ولم تشفع ملايينه فى العلاج فنصحه أحد أصدقائه بالذهاب إلى أسوان بمصر حيث الدفء فى فصل الشتاء فرحل هو وزوجته "أم حبيبه"، وأتباعه إلى أسوان جالسا على كرسى لعدم قدرته على المشى.

وكان يقيم الأغاخان بفندق "كتراكت" ثلاث ساعات يوميا فى الأسبوع، وكان الفندق هو موقع القصر القديم للملك فاروق الأول بأسوان وكان من أهم رواده الكاتبة البوليسية الأمريكية الشهيرة "أغاثا كريستى"، "الأميرة ديانا"، ورئيس الوزراء البريطانى "ونستون تشرشل". وقد نصحه أحد شيوخ النوبة بعد أن قابله فى الفندق أن يدفن الجزء السفلى من جسمه فى رمال النوبة، وقد شُفى من أمراضه بعد أسبوع واحد من دفنه فى الرمال ليعود ماشيا على قدميه ساخرا وساخطا على أطبائه وسط فرحة عامرة من زوجته وأصدقائه وأتباعه.

وقد كان يعاود الذهاب كل عام إلى المكان الذى كان السبب فى شفائه، وقرر وقتها أن يشترى الأغاخان المنطقة التى كان يُعالج فيها وكانت السبب فى شفائه، وجمع المهندسين والمعماريين والعمال ليبنوا له مقبرة تُخلد ذكراه فى المنطقة التى شفته من الأمراض.

وقد وقع الإختيار على المهندس المصرى العبقرى "فريد الشافعى" لتصميم المقبرة على التراث المعمارى الإسلامى الفاطمى، وقد اختار ربوة مرتفعة لبناء المقبرة، وبُنيت المقبرة من الداخل من الرخام المرمرى ومن الخارج بالحجر الجيرى الوردى، وللمقبرة أربع قباب صغيرة الحجم ترتكز فوق الأركان الأربعة للمقبرة بالإضافة إلى قبة المقبرة الرئيسية فهى كبيرة الحجم، وللمقبرة سلم واسع أفقيا، وحوالى 12 درجة سلم صغيرة تؤدى إلى مدخل المقبرة، وباب المقبرة من الخشب ويحتوى الباب على زخارف إسلامية رائعة.

وتطل المقبرة من جهاتها الأربعة على بعض الأمكان السياحية والأثرية الهامة ومنها، فندق كتراكت "قصر فاروق سابقا"، المقابر اليونانية الرومانية، ومعبد الإلهة ساتت الذى شيدته الملكة حتشبسوت.

وقد قرر الأغاخان وزوجته الرابعة "أم حبيبه" الإقامة فى أسوان، وشيد قصرا أُطلق عليه إسم "باكيمور" ليكون عشق حبهما، وبعد شهور من الإنتهاء من بناء المقبرة رحل الأغاخان عن الدنيا، ولكن أم حبيبة قررت أن تبقى فى القصر بجوار جثمان زوجها لتكمل حبها له، وقد شددت على الحراس أن يضعوا وردة حمراء داخل كأس من الفضة فوق قبر الأمير على أن تُستبدل هذه الوردة كل يوم طيلة حياتها، كما زرعت حديقة القصر بنفس الورود التى كان يفضلها الأغاخان، ولكن كل هذا لم يخفف لوعة الفراق بينهما التى ألمتها على الرغم من زيارتها للمقبرة يوميا مما دفعها للإنتقال لإستكمال حياتها فى مدينة " كان" بفرنسا تعيش على ذكرى أميرها وحبيبها لتعود بين الحين والآخر فى أشهر الشتاء لتقيم فى القصر المُطل على قبر حبيبها.

وقد إستاءت أم حبيبة من سوء إستخدام الزوار للمقبرة التى كانت مزارا سياحيا يشاهد فيها الجميع الساحة الفخمة والورود الحمراء التى كانت تتغير يوميا فأمرت بإغلاقها، وذكرت فى وصيتها أيضا أن يتوقف تغيير الوردة بعد وفاتها بإعتبار أنها كانت ترمز للحب الذى كان يجمعها بزوجها.

وكانت أم حبيبة تذهب للمقبرة بمركب ذى شراع أصفر، حيث أن كل المراكب الشراعية ذات أشرعة بيضاء ليعرف أهالى أسوان أن أم حبيبة قد جاءت، وأنها لم تنسى زوجها الحبيب.

وفى الأول من يوليو عام 2000م وفى مدينة " كان" أُسدل الستار عن قصة الحب لوفاة أم حبيبة التى قد وُصيت أن تُدفن بجوار زوجها فى ضريحه بأسوان، وأصبحت المقبرة بعد وفاتها مزارا للمنتسبين للطائفة الإسماعيلية الشيعية فى العالم حيث لقبوها "أم الإسماعيليين"، ومثلت لهم نموذجا رائعا للزوجة التى أحبت زوجها وأخلصت له حتى بعد وفاته، وخاصة أن أغاخان الثالث كان بمثابة الرمز الأكبر للطائفة الإسماعيلية، ولكن المقبرة تحولت أيضا إلى مزارا للعشاق تحكى ذكريات أشهر عاشقين فى القرن العشرين.
 
 
الصور :