الدكتور ناصر الكلاوى يكتب
قدم المهندس المصرى ذو الأصل اليونانى "أدريان دانينوس" للحكومة المصرية قبل ثورة 1952 مقترح إنشاء السد العالى فى محافظة أسوان, وقد قوبل الطلب بالإهمال ثم اعاد تقديم المقترح مجلسى قيادة ثورة 1952م.
وقد تم تشكيل لجنة لدراسة المشروع والتى أقرت بصلاحية المشروع للتنفيذ وتم عقد عدة ثروات فى نقابة المهندسين المصرية ونادى ضباط الجيش المصرى بالزمالك وجمعية المهندسين المصرية, وكان الغرض من عقد هذه الثورات هو تهيئة الرأى العام لتقبل المشروع بالإيجابيات والسلبيات المنتظرة نتيجة إنشائه.
تقدمت مصر بطلب إلى البنك الدولى لتنفيذ المشروع وقد أقر البنك بقدرة مصر الإقتصادية على تنفيذ المشروع ولكن الولايات المتحدة الأمريكية رفضت تنفيذ المشروع نتيجة إستقلال القرار الوطنى فى ذلك الوقت.
وقد قام الإتحاد السوفيتى بمساعدة مصر فى تنفيذ مشروع السد العالى ماديّا وفنيّا, وقد تم البدء فى التنفيذ عام 1960م وتم الإفتتاح الرسمى عام 1971م.
وقد تكلف بناء السد العالى حوالى 400 مليون جنيه, ويبلغ طول البحيرة الواقعة أمام السد حوالى 500 كيلو متر, ومتوسط عرض البحيرة 11 كيلو متر ومساحة سطح البحيرة 5900كيلو متر وتبلغ أقصى سعة للتخزين 164 مليار متر مكعب, ويبلغ حجم جسم السد 43 مليون متر مكعب من أسمنت وحديد ومواد أخرى.
وكان لبناء السد العالى العديد من الإيجابيات منها إستخدام الكهرباء فى إنارة القرى والمدن والمصانع المصرية وزيادة الرقعةالزراعية وتخزين المياة فى البحيرة للإستفادة منها فى سنوات الجفاف, ومنع غرق المدن والقرى المحيطة بنهر النيل فى سنوات الفيضان.
ولكن كان لبناء السد العالى العديد من السلبيات ومنها: تاثيره السيئ على خصوبة التربة الزراعية نتيجة منع الطمى وتخزينه فى بحيرة ناصر, فقد الثروة السمكية وتجريف مجرى النيل, وجود نحر بالشواطئ الساحلية المطلة على البحر المتوسط, زيادة ملوحة الأراضى الزراعية, إختفاء القرى والأراضى النوبية من الوجود, نقل العديد من الأثار من أماكنها قبل تعرضها للغرق.
ويعتبر السد العالى أحد المشروعات العملاقة المشتركة بين مصر والإتحاد السوفيتى (إنهار وإختفى من الوجود عام 1991م) ولكن المساعدات لم تقتصر على بناء السد العالى بل إمتدت إلى بناء مصانع الحديد والصلب فى حلوان ومجمع الألومنيوم بنجع حمادى وتدريب بعض القيادات المصرية هناك, وتدريب العديد من القيادات العمالية المصرية بمصر ومحاولات تجميع السيارات الروسية بمصر وشراء مصر السلاح من الإتحاد السوفيتى.
وإستمر التعاون طول حكم الرئيس جمال عبد الناصر ولكنه إنسحب فى عهد الرئيس السادات قبل أن يعود التعاون مرة أخرى فى عهد الرئيس الأسبق مبارك وإستمر حتى الأن.
ويبلغ عدد السائحين الوافدين إلى مصر حاليّا 3 مليون سائح, ويبلغ الميزان التجارى بين البلدين "مصر وروسيا" 4 مليارات دولار, وتم إنشاء جامعة روسيا بمحافظة الإسكندرية.
وجاءت زيارة الرئيس بوتين الثانية لمصر لتفتح أفاق جديدة للتعاون بين البلدين فمن المنتظر أن تشارك روسيا فى بناء محطة الضبعة النووية لإنتاج الكهرباء وتشجيع السياحة الروسية الوافدة إلى مصر , ومن المنتظر مشاركة روسيا فى المؤتمر الإقتصادى بمصر الشهر القادم وإقتناص العديد من الفرص الإستثمارية الواعدة المنتظر عرضها فى المؤتمر, ويجرى حاليّا دراسة تدريس اللغة الروسية بالمدارس, وتنتظر مصر الموافقة الروسية على إنضمامها إلى إتفاقية التجارة الحرة.
كما انه من المهم ان يتم تفعيل التبادل التجارى والسياحى بين البلدين بالعملات (الدوبل والجنيه) والتعاون العسكرى.
إن مشروع بناء السد العالى كان باكورة التعاون المصرى الروسى وسوف يحمل للمستقبل الخير لشعوب البلدين فى حالة تنفيذ الإتفاقيات التى تم توقيعها فى زيارة الرئيس الروسى "بوتين" لمصر.
|