بقلم/ محمود فرحات
مع حلول يوم 21 مارس من كل عام نحتفل جميعا بعيد الأم .. فالأمومة أعظم وأقوى الغرائز لدى كل امرأة وهى تمارسها منذ طفولتها المبكرة حيث تحتضن الطفلة عروستها وتهتم بها وكلما كبرت الفتاه نمت معها غريزة الأمومة قوة.. فهي لدي كل امرأة سويه أعظم من غريزة الجنس والأكل والشرب.. لقد كرمت جميع الأديان والشرائع الأم لما لها من دور عظيم في بناء الأسرة وتنشئة الأجيال والحفاظ على الهوية والثقافة الوطنية..وحقا كما قال احمد شوقي الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق.
وسبق جميع الأديان والشرائع المصريون احتراماً للمرأة بصفة عامة وللام بصفة خاصة.. فلقد اهتم المصريون القدماء بحث أولادهم على طاعة الوالدين وبخاصة الأم والتي خصها الاقدمين بكثير من الوصايا والتعاليم التي تلقن للنشئ عن دور الأم وضرورة الإحسان اليها وطاعتها ومن امثلة تلك الكلمات الخالدات ما أوصى به الحكيم (آني) (قرب الماء لأبيك وأمك اللذين انتقلا إلى قبريهما في الصحراء وإياك وان تغفل هذا الواجب حتى يعمل لك ابنك بالمثل) والمقصود هنا ان يصنع لأبية وأمه سبيل ماء ليشرب منه كل من يمر بقبريهما فهى صدقة جارية على روحمها..
واسمعوا هذه الكلمات الرائعة القادمة إلينا من أعماق التاريخ المصري والتي خلدها البشر على الحجر(إذا ما ترعرعت واتخذت لك زوجة وبيتاً فتذكر أمك التي ولدتك ثم أنشأتك من جميع الوجوه ولا تدعها تلومك وترفع كفها إلى الله فيسمع شكواها ..فهي قد حملتك طويلاً تحت قلبها عبئاً ثقيلاً وبعد أن أنهيت شهورك وولدت، حملتك وكان ثديها في فمك، وهكذا ربتك وأنشأتك دون أن تشمئز من قذارتك، وبعد أن دخلت المدرسة لكي تأخذ دروساً في الكتابة بقيت ترعاك في كل يوم بالخبز من بيتها).. فهكذا هو دور الأم الازلي في كل العصور وعبر جميع الازمان..وهكذا هو احترام أجدادنا المصريون لأمهاتهم وحث أحفادهم على الرحمة بالام وتذكيرهم دوماً وعبر كل العصور بدور الام حتى تظل محل احترام وتقدير ابد الدهر.
أما العظيم (بتاح-حتب) فيقول لابنه وهو يوصيه بضرورة طاعة الوالدين (ان من يطيع يطاع..كم جميل أن يطيع المرء أباه وأمه فيصبح أبواه من ذلك في فرح عظيم وأُنس مقيم)
كما يقول احد اجدادنا الاقدمين (أن دعاء الأبناء لا يصل إلى آذان السماء إلا إذا خرج من فم الأمهات) يالها من كلمات لو ندرك معانيها.. وهى كلمات تسبق بالآلاف السنين ما جاء به النبي محمد صلى الله علية وسلم في حديثة الشهير"الجنة تحت اقدام الأمهات" وغيرها الكثير والكثير من الكلمات التي خلدها تاريخنا التليد عن الام.
وكانت ايزيس هى ام لجميع المصريين ورمز لمصر وكان الاحسان اليها والتقرب لها من الاعمال الجليلة اعتبرت ايزيس رمز الامومة والمثل الاعلى لكل أم حيث صورت جالسة تحمل وليدها حورس وهو يلتقم ثدي أمه ليرضع منها سائل الحياة..ومن يرى صورة السيدة مريم العذراء عليها السلام وهى تحمل وليدها المسيح عيسى علية السلام يدرك مدى التشابة الكبير بين هذه الصورة والتماثيل العديدة التي أعدها أجدادنا القدماء لأمنا إيزيس ووليدها حورس.
كان لإيزيس عيد سنوي يحتفل المصريون بها وهو أقدم عيد أم في الوجود وكان يحتفل به في مواكب الزهور تطوف المدن المصرية حيث حمل ذلك اليوم العديد من الأسماء منها يوم الأم المقدسة ويوم أم الوجود ويوم الأم الجميلة وكذلك يوم أم الحياة ويعتقد كثير من علماء الآثار أن ذلك اليوم يوافق الاحتفال ببداية فصل الربيع في 20 من مارس.
وقد جاء في احد البرديات (اليوم عيدك يا أماه، لقد دخلت أشعة الشمس من النافذة لتقبل جبينك وتبارك يوم عيدك..واستيقظت طيور الحديقة مبكرة لتغرد لك في عيدك..وتفتحت زهور اللوتس المقدسة على سطح البحيرة لتحيتك..اليوم عيدك يا أماه فلا تنسي أن تدعوا لي في صلاتك لله)
تحية لكل ام مصرية.. وتحية خاصة لامي في عيدها.. اقبل يدها ورجليها ورأسها وامنحها كل تقدير واحترام.
|