الجمعة, 19 أبريل 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

نحو مفهوم غير تقليدى للمتاحف يواكب لغة العصر

نحو مفهوم غير تقليدى للمتاحف يواكب لغة العصر
عدد : 05-2015
بقلم/ يسرى طه
الآثارى بمتحف الحضارة
عضو المجلس الدولى للمتاحف

تمثل المتاحف واجهات حضارية وثقافية هامة لدولها تعبر عن مكنوناتها وإبداعاتها، خاصة بعد أن تغير مفهوم المتاحف وتغيرت النظرة إليها في السنوات الأخيرة نتيجة لمجهودات جبارة بذلها أصحاب الإختصاص في شئون المتاحف، فبعد أن كان ينظر للمتاحف على أنها أماكن لحفظ وتخزين وعرض المقتنيات، أصبحت المتاحف والمراكز الحضارية لها دوراً كبير في عملية التنمية المستدامة بإعتبارها مراكز إشعاع ثقافي هامة مليئة بالحيوية والنشاط لذلك يعتبر إرتباط المتاحف بالمجتمع أمر هام. فلم يعد يقتصر دورها على إقتناء الأشياء وحفظها وعرضها دون وجود أية برامج أو أنشطة ثقافية، بل تغير ليشمل تنظيم البرامج التعليمية والثقافية اللازمة، سواء داخل المتاحف أو خارجها، لجذب الجمهور بفئاته الإجتماعية المختلفة والتواصل معه بشكل دائم ومستمر سعياً لإيصال رسالة المتحف الحضارية والتاريخية والثقافية والتراثية وإبراز الإنجازات الإنسانية الواسعة بمختلف مجالاتها.

ولكي تكون هذه المتاحف قادرة على إيصال رسالتها الإنسانية يجب أن تكون قادرة على التعامل والتفاعل مع محيطها ومجتمعاتها بفئاتها المختلفة، وقادرة على معرفة طبيعة الجمهور وفهم حاجاته ورغباته والعمل على تلبيتها.

عند إنشاء متحف قومى كبير لدولة ما دائماً ما تسارع وسائل الإعلام المحلية المختلفة إلى تقديم الحدث على أنه حدث عالمي بارز يمثل إنجازاً كبيراً للدولة، ولاشك في ذلك، ولا أنكر في أن الوزارات والمؤسسات المسئولة عن إنشاء المتاحف فى مصر والعالم العربى تعمل على تخصيص ميزانية ضخمة لإنشاء المتاحف ولكن على الرغم من هذه الجهود وتخصيص الأموال الطائلة لم نلاحظ نتائج إيجابية ملموسة تعكس تغييراً ما في المفهوم والنظرة التقليدية للمتاحف لدى الجمهور والمجتمع. فجميع المسئولون فى وطننا العربى لا يخرج تفكيرهم خارج حدود الصندوق!!

فوضع المتاحف المصرية حالياً لا يخفى على أحد فما فائدة بناء متاحف بدون بناء ثقافة وبدون الإستفادة من أفكار ورؤية كوادر هذه المتاحف فى النهوض بمنظومة المتاحف التى يعملون بها منذ سنوات عديدة، إن بناء الإنسان بالعلم والثقافة لهو أهم من بناء الجدران والأعمدة والحوائط، وأثمن من كل المقتنيات النفيسة والنادرة، فهي الضمانه للدولة وهي القاعدة الداخلية المتينة والصلبة التي يُنطلق منها إلى الخارج ونحن نبذل جهوداً فرديه وشخصية من أجل تغيير مفهوم المتاحف بصفة عامة ودفع المتاحف للأمام وجعلها دائماً فى الصورة بصفة خاصة للمشاركة في مجال التنمية المستدامة مع مؤسسات المجتمع المدنى!!

ينحصر التركيز لدينا فى مصر والوطن العربى مع الأسف على بناء المتاحف بأحدث الأشكال الهندسية والمعمارية، وينحصر في إقتناء كل ما هو ثمين ونفيس ونادر ليعرض في هذه المتاحف، وتقدم مشاريع المتاحف المستقبلية في نفس السياق وعلى نفس الوتيرة دون الإلتفات أولاً الى العمل على بناء الثقافة عموماً وبناء ثقافة المتاحف خصوصاً. فكل مشاريع المتاحف السابقة والحالية والمستقبلية تخلو من أية برامج وخطط لجذب الجمهور إليها، مما يمثل خللاً إستراتجياً يجب أن يُلتفت إليه. فلا جدوى من بناء متاحف ضخمة على أحدث طراز معماري وتقني وتملك مقتنيات ثمينة ونادرة لتبقى خالية لا يزورها الا القليل لمرات محدودة، مما يبقي المفهوم التقليدي للمتاحف المتمثل في التخزين دون تغيير.

ولن أجد أفضل من المتاحف المصريه كمثال حي على ما أقول، ما يجعلني أن أعتقد بأن هذا الوضع الشاذ يجب أن يدفعنا الى التفكير جدياً في وضع خطط وبرامج وبذل جهود حثيثة على مستوى كافة قطاعات المجتمع لبناء ثقافة أصيلة قبل بناء المتاحف أو غيرها لدى الناس والتي ستتطلب منا سنوات من الجهد والعمل لتؤتي ثمارها.

لكن كيف سنقوم بكل هذه الجهود وهذا العمل لبناء ثقافة عامة وبناء ثقافة متاحف متينة وصلبة ووزارة الاثار لم تهتم أبداً برؤى كوادرها والأخذ بها هؤلاء الذين يسعون دائماً إلى وضع ألية تكون قادرة على التعامل والتفاعل مع المجتمع والجمهور كونها تأتي منهم وتنتمي إليهم في شئونها، والمؤسف بل والمحزن أكثر ان وزارة الأثار لا تمتلك إلى الآن أي خطط أو برامج مستقبلية لتدريب وتأهيل كوادر متخصصة ووطنية في المجال المتحفي وبناء ثقافة المتاحف بعيداً عن المفهوم التقليدى على الرغم من كل مشاريع بناء المتاحف الجديدة التي أعلن عنها في وسائل الاعلام المختلفة.

ولكي لا يقال بأنني أتحامل أو أبتدع ما هو غير صحيح فان متحف الحضارة لايزال مشروعاً منذ بدأ في تنفيذه فى 2003 وحتى الان ولا يتوقع إفتتاحة قبل عامين على الأقل. ولعلي أستطيع هنا الإقتراح بالإكتفاء بعبارة متحف الحضارة ولا داعي إطلاقاً لكلمة القومى طالما لا تهتم الدولة به كمشروع قومى قائم فعلياً وهذا ما لا أبتغيه.

وكما ذكرت سابقاً أننا نبذل جهوداً فرديه وشخصية من أجل دفع المتاحف للأمام وجعلها دائماً فى الصورة فقد أخذت على عاتقى وسعيت بجهود حثيثه منذ سنوات إلى أن يكون هنا فى متحف الحضارة مركز إشعاع ثقافي هام مليئ بالحيوية والنشاط يسهم في عملية التنمية المستدامة حيث أن المتاحف تعتبر مصدر للترفية والتنشيط العقلي ومن ثم يكون للمتحف دور أكثر فاعلية واستمرارية في التطور الثقافي السليم، ولكى يصبح للمتحف صوتاً قيادياً يناقش تصحيح المسار وإعلاء شأن هذا الإرث الثقافي الذي إشتهرت به الدولة المصرية منذ تأسيسها وظهورها الى الوجود كدولة لها كيانها ودورها التاريخي في أحداث الأمم ولأن المتاحف قد تخطت إلى حد كبير دورها ومفهومها التقليدى، نظراً لأهمية الدور الحضارى والفكرى والثقافى الذى سيقوم به المتحف القومى للحضارة المصرية كمؤسسة ثقافية يجب أن يقدم المتحف خططاً للحراك الثقافي من خلال مركز الحضارة للفنون والإبداع الذى يضم مسرحاً وسينما وقاعة لعرض الأعمال الفنية وقاعة ندوات كبرى، والذي يساهم في عملية التوعية التى تنير المجتمع فى ظل أهداف وسياسة ينتهجها القائمين عليه فى أن يصبح مركزاً للإشعاع الثقافى والفنى ويجعل المتحف مزاراً أثرياً وفنياً في نفس الوقت وتنطلق منه عدة إحتفاليات ثقافية وفنية تسهم في تعزيز الموارد المالية للمتحف بل ويكون سفيراً لمتحف الحضارة حول العالم من خلال أنشطته المختلفة.

حيث كان الهدف من إحتواء المتحف القومى للحضارة المصرية على المسرح فى هذا الموقع المميز من تخطيط المتحف هو الإبتعاد عن المفهوم التقليدى للمتحف بأن يكون المسرح مركزاً ثقافياً للإبداع الفنى تماشياً مع الجهود المبذولة لتنمية الثقافة وزيادة الوعى والإرتقاء بفكر وحس الجمهور من الفئات العمرية المختلفة من خلال تقديم أنشطة متنوعة فى مجال الإبداع المسرحى والغنائى والموسيقى والتراث الشعبى وغيره من التراث اللامادى مع إتاحة الفرصة أمام الطاقات البشرية لعرض إبداعاتهم المختلفة وإطلاق الإبداعات المكنونة وتفجير الطاقات الإبداعية لديهم، دائماً ما يرتكز العمل الثقافي في خطة التنمية الثقافية بدول العالم على إغناء شخصية المواطن وبناء وعيه وقدراته على مواكبة التطور الإنساني، تطوير البنى الفكرية بوصف الثقافة أساساً لتماسك الأمة وحضارتها، وتنمية العطاء الحضاري، والعمل على تحقيق الحوار الحضارى فى مجالات الثقافة والإبداع، وأهمية إستيعاب العصر، وضرورة الحوار مع الثقافات الأخرى لإقرار القيم الإنسانية.

كما يهدف المركز إلى إحياء التراث الفنى المصرى الذى نبع من نهر النيل من خلال إعادة تكوين الفرق التراثية بشكل جديد يواكب لغة العصر بإعتبار التراث اللامادى من الفنون الشعبية والموسيقى والمسرح وغيرها روحا ونبع إلهام وليس مجرد نصوص جامدة، مع إتاحة الفرصة للتعرف على فنون الحضارات والشعوب المختلفة عن طريق فتح مجالات الحوار بين المبدعين المصريين ومبدعي العالم.

حيث تنطلق رسالة سلام من مركز الحضارة للإبداع لتؤكد على سماحة وحضارة وتفرد الشخصية المصرية من خلال لقاء فنى فريد يجمع أصوات تتوحد وتنصهر فى لحظة إنسانية واحدة حين ينضم لها فرق أخرى من بلدان وقارات العالم لتنطلق إلى الشعوب فى كل مكان لتؤكد على المحبة والتسامح والسلام وذلك من خلال المهرجانات الفنية التى يقيمها المركز واستضافة الفرق الفنية من مختلف دول العالم فى بانوراما إبداعية راقية.