بقلم دكتورة/ نورا عبد المهيمن
تتمتع قناة السويس فى كتب التاريخ بأهمية قصوى ، وتحظى فى كتب الحضارة بمكانه عظيمه ولها فى كتب الجغرافيا الموقع الفريد ، حيث تمثل قصة قناة السويس قصة الاطماع الاستعماريه فى مصر فهناك صفحات مضيئة و ناصعة فى تاريخ مصر كتبت على ضفاف قناة السويس .. من دخان معارك .. و عطر الدماء .. و عبير الاستشهاد و عبق الانتصار و تحمل القناة تحت رمالها حياة اكثر من 120 الف شهيد من شهداء السخرة طويت عظامهم على طول القناة اثناء الحفر .. كان الجوع يمزق احشائهم و العطش يشقق صدورهم .. و السياط تلهب ظهورهم .. و الانهيارات الرملية تدفنهم احياء .. القصص و الصفحات المضيئة كثيرة فى قناة السويس .. قصة الحفر قصة التأميم و العدوان الثلاثى .. قصة انسحاب المرشدين .. عودة الملاحة انها قصص من العرق و الدم و الكفاح .. اسمها قناة السويس . قد يظن البعض ان الحاجه الى ممر مائى يربط بين البحر الاحمر والا بيض المتوسط لم تنشأ الا فى العصور الحديثه حيث زادت الروابط وكثرت الرحلات سواء للتجارة أوللحرب بين دول العالم. ولكن تقول كتب التاريخ ان مشروع ديليسبس لم يكن الاول فيما حفظه لنا التاريخ بل سبقته محاولات لم يكتب لها الاستمرار أو التطور او حتى مجرد الحفاظ عليها ففكرة الربط بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط فكرة قديمة راودت المصريين قبل عشرات القرون وعلي اختلاف حكامهم وعصورهم ، بل وتحققت بالفعل فى بعض عصور التاريخ المصرى ففي العصر الفرعوني سجلت إحدى لوحات الواجهة الخارجية للجدار الشمالي لمعبد الكرنك، أن الملك سنوسرت الثالث أحد ملوك الأسرة الثانية عشر، الذي حكم مصر من حوالي أربعة آلاف سنة هو أول من حفر قناة صناعية لتربط بين بحر الشمال (البحر المتوسط ) وبحر أروتري (البحر الأحمر) عن طريق الفرع البيلوزي، أحد فروع نهر النيل السبعة بالقرب من مدينة بور سعيد، حتى تصل إلى مدينة بوبست(الزقازيق حالياً) ثم تتجه شرقاً إلى بلدة نيخاو( أبو صوير حالياً) حيث كانت تقع البحيرات المرة والتي كانت تعتبر نهاية خليج السويس. وبدأ استخدام تلك القناة عام 1874 قبل الميلاد ومازالت أثار هذه القناة موجودة في غرب مدينة أبو صوير، ومن الممكن اقتفاء أثرها حتى الكيلو 138 طريق بور سعيد ـ السويس ، وتؤكد الشواهد الأثرية على وجود تلك القناة فى عصر رمسيس الثانى حيث كانت تحتل مكان وادى الطميلات الحالى، أما الروايات شبه المؤكدة فترجع البدء فى مشروع القناة الملاحية إلى العصر الصاوى أى أنها تتأخر بالمشروع لما يقرب من ألف ومائتى عام، وتؤكد رواية المؤرخ الإغريقى الشهير هيرودت الذى زار مصر فى عصر الاحتلال الفارسى للبلاد أى فى فترة قريبة من العصر الصاوى على أن صاحب المشروع هو الفرعون نخاو بن بسماتيك. ونخاو الثانى أحد ملوك الأسرة السادسة والعشرين حكم مصر فى الفترة ما بين سنتى 610 و 595 قبل الميلاد على الأرجح ، وتنسب إلى هذا الفرعون مشروعات ضخمة مثل الرحلة التى قام بها أسطول مصرى فنيقى للدوران حول قارة أفريقيا بدء من البحر الأحمر بمحاذاة الساحل الشرقى للقارة حتى رأس الرجاء الصالح ثم الصعود مرة أخرى بمحاذاة الساحل الغربى حتى المضيق المعروف الآن بمضيق جبل طارق والدخول عبره إلى البحر المتوسط للعودة إلى مصر مرة أخرى...كما ينسب إليه المؤرخ الإغريقى هيرودوت الشروع فى حفر القناة التى تصل النيل بالبحر الأحمر حيث يقول: «كان للملك بسماتيك ابن يدعى نخاو خلفه على العرش، وكان هو أول من بدأ حفر القناة التى تجرى لتصب فى البحر الأحمر، وكان دارا ملك الفرس ثانى ملك أهتم بها، وكان طولها أربعة أيام بالسفينة، وكانت تتسع لسير سفينتين فيها محاذيتين، وكان ماؤها يخرج من النيل من فوق مدينة بوبسطة بمسافة قليلة، وتمر بمدينة باتوم وتسير لتصب فى البحر الأحمر وهكذا فإن هذه القناة الطويلة التى تجرى من الغرب إلى الشرق مخترقة الأودية الصغيرة حتى الخليج العربى، وفى أثناء انشغال نخاو بالقناة المذكورة مات فيها مائة وعشرون ألف مصرى، وقد أمر بوقف العمل بسبب ذلك، وكذلك نزل عليه وحى معترضا سير العمل فيها قائلا: إن همجيا سينجزها..» وقد أنجزت هذه القناة أو ربما أعيد افتتاحها فى عهد الملك الفارسى دارا الأول حيث تشير إلى ذلك لوحة تذكارية ترجع إلى عام 518 قبل الميلاد، وقد كان الفرس أثناء احتلالهم لمصر يحتاجون إلى مثل هذه القناة لربط مصر بالعاصمة الفارسية بطريق بحرى متصل. وقد أشرف الاسكندر الأكبر، عندما فتح مصر عام 332 ق.م، على تخطيط مشروع القناة، لنقل سفنه الحربية من ميناء الإسكندرية وميناء أبي قير بالبحر الأبيض المتوسط إلى البحر الأحمر، عبر الدلتا والبحيرات المرة. كما بدأ في تنفيذ مشروع قناة الشمال، لتصل (سسربوتيس) ببحيرة التمساح، ومنها إلى البحيرات المرة، إلاّ أن المشروعيْن توقفا لوفاته ، وفي عهد البطالمة أمر بطليموس الثاني، الذي تولى عرش مصر، من عام 285 إلي عام 246 ق.م، بحفر القناة طبقاً للمشروع الذي أعده الإسكندر الأكبر، وتوصيل النيل بالبحيرات المرة، ثم البحر الأحمر، وقد تم ذلك خلال سنتين، وسُمِّيت قناة الإغريق. واستمرت هذه القناة 200 سنة، حتى أهملت وأصبحت غير صالحة للملاحة، إلي أن احتل الرومان مصر وأعيد بناؤها من جديد فى عهد الإمبراطور تراجان (98-117 م). وعلى مدى عدة قرون، كانت تهمل وأحيانا يتم تكريكها من قبل مختلف الحكام لأغراض مختلفة ولكنها محدودة. و بعد الفتح الاسلامى قام عمرو بن العاص بفتح قناة ملاحية تصل بين الفسطاط و القاهرة و مدينة القلزم " السويس " و اطلق عليها اسم قناة امير المؤمنين و استمر الحفر فيها لمدة ستة شهور ، و استمرت هذه القناة حوالى مائة و خمسون عاما و لكن الخليفة العباسى ابو جعفر المنصور أمر بردمها فى نهاية القرن الثامن كى لا تستخدم فى نقل المؤن الى اهل مكة و المدينة الذين تمردوا على حكمه .
قد يظن البعض أن الحاجه إلي ممر مائى يربط بين البحر الأحمر والأبيض المتوسط لم تنشأ إلا فى العصور الحديثه حيث زادت الروابط وكثرت الرحلات سواء للتجارة أو للحرب بين دول العالم. ولكن تقول كتب التاريخ أن مشروع ديليسبس لم يكن الأول فيما حفظه لنا التاريخ بل سبقته محاولات لم يكتب لها الإستمرار أو التطور او حتى مجرد الحفاظ عليها ففكرة الربط بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط فكرة قديمة راودت المصريين قبل عشرات القرون وعلي اختلاف حكامهم وعصورهم ، بل وتحققت بالفعل فى بعض عصور التاريخ المصرى ففي العصر الفرعوني سجلت إحدى لوحات الواجهة الخارجية للجدار الشمالي لمعبد الكرنك، أن الملك سنوسرت الثالث أحد ملوك الأسرة الثانية عشر، الذي حكم مصر من حوالي أربعة آلاف سنة هو أول من حفر قناة صناعية لتربط بين بحر الشمال (البحر المتوسط ) وبحر أروتري (البحر الأحمر) عن طريق الفرع البيلوزي، أحد فروع نهر النيل السبعة بالقرب من مدينة بور سعيد، حتى تصل إلى مدينة بوبست(الزقازيق حالياً) ثم تتجه شرقاً إلى بلدة نيخاو( أبو صوير حالياً) حيث كانت تقع البحيرات المرة والتي كانت تعتبر نهاية خليج السويس. وبدأ استخدام تلك القناة عام 1874 قبل الميلاد ومازالت أثار هذه القناة موجودة في غرب مدينة أبو صوير، ومن الممكن اقتفاء أثرها حتى الكيلو 138 طريق بور سعيد ـ السويس ، وتؤكد الشواهد الأثرية على وجود تلك القناة فى عصر رمسيس الثانى حيث كانت تحتل مكان وادى الطميلات الحالى، أما الروايات شبه المؤكدة فترجع البدء فى مشروع القناة الملاحية إلى العصر الصاوى أى أنها تتأخر بالمشروع لما يقرب من ألف ومائتى عام، وتؤكد رواية المؤرخ الإغريقى الشهير هيرودت الذى زار مصر فى عصر الاحتلال الفارسى للبلاد أى فى فترة قريبة من العصر الصاوى على أن صاحب المشروع هو الفرعون نخاو بن بسماتيك. ونخاو الثانى أحد ملوك الأسرة السادسة والعشرين حكم مصر فى الفترة ما بين سنتى 610 و 595 قبل الميلاد على الأرجح ، وتنسب إلى هذا الفرعون مشروعات ضخمة مثل الرحلة التى قام بها أسطول مصرى فنيقى للدوران حول قارة أفريقيا بدء من البحر الأحمر بمحاذاة الساحل الشرقى للقارة حتى رأس الرجاء الصالح ثم الصعود مرة أخرى بمحاذاة الساحل الغربى حتى المضيق المعروف الآن بمضيق جبل طارق والدخول عبره إلى البحر المتوسط للعودة إلى مصر مرة أخرى...كما ينسب إليه المؤرخ الإغريقى هيرودوت الشروع فى حفر القناة التى تصل النيل بالبحر الأحمر حيث يقول: «كان للملك بسماتيك ابن يدعى نخاو خلفه على العرش، وكان هو أول من بدأ حفر القناة التى تجرى لتصب فى البحر الأحمر، وكان دارا ملك الفرس ثانى ملك أهتم بها، وكان طولها أربعة أيام بالسفينة، وكانت تتسع لسير سفينتين فيها محاذيتين، وكان ماؤها يخرج من النيل من فوق مدينة بوبسطة بمسافة قليلة، وتمر بمدينة باتوم وتسير لتصب فى البحر الأحمر وهكذا فإن هذه القناة الطويلة التى تجرى من الغرب إلى الشرق مخترقة الأودية الصغيرة حتى الخليج العربى، وفى أثناء انشغال نخاو بالقناة المذكورة مات فيها مائة وعشرون ألف مصرى، وقد أمر بوقف العمل بسبب ذلك، وكذلك نزل عليه وحى معترضا سير العمل فيها قائلا:" إن همجيا سينجزها.." وقد أنجزت هذه القناة أو ربما أعيد افتتاحها فى عهد الملك الفارسى "دارا الأول" حيث تشير إلى ذلك لوحة تذكارية ترجع إلى عام 518 قبل الميلاد، وقد كان الفرس أثناء احتلالهم لمصر يحتاجون إلى مثل هذه القناة لربط مصر بالعاصمة الفارسية بطريق بحرى متصل.
وقد أشرف الاسكندر الأكبر، عندما فتح مصر عام 332 ق.م، على تخطيط مشروع القناة، لنقل سفنه الحربية من ميناء الإسكندرية وميناء أبي قير بالبحر الأبيض المتوسط إلى البحر الأحمر، عبر الدلتا والبحيرات المرة. كما بدأ في تنفيذ مشروع قناة الشمال، لتصل (سسربوتيس) ببحيرة التمساح، ومنها إلى البحيرات المرة، إلاّ أن المشروعيْن توقفا لوفاته ، وفي عهد البطالمة أمر بطليموس الثاني، الذي تولى عرش مصر، من عام 285 إلي عام 246 ق.م، بحفر القناة طبقاً للمشروع الذي أعده الإسكندر الأكبر، وتوصيل النيل بالبحيرات المرة، ثم البحر الأحمر، وقد تم ذلك خلال سنتين، وسُمِّيت قناة الإغريق. واستمرت هذه القناة 200 سنة، حتى أهملت وأصبحت غير صالحة للملاحة، إلي أن احتل الرومان مصر وأعيد بناؤها من جديد فى عهد الإمبراطور تراجان (98-117 م). وعلى مدى عدة قرون، كانت تهمل وأحيانا يتم تكريكها من قبل مختلف الحكام لأغراض مختلفة ولكنها محدودة. و بعد الفتح الاسلامى قام عمرو بن العاص بفتح قناة ملاحية تصل بين الفسطاط و القاهرة و مدينة القلزم " السويس " و اطلق عليها اسم قناة أمير المؤمنين و استمر الحفر فيها لمدة ستة شهور ، و استمرت هذه القناة حوالى مائة و خمسون عاما و لكن الخليفة العباسى أبو جعفر المنصور أمر بردمها فى نهاية القرن الثامن كى لا تستخدم فى نقل المؤن الى أهل مكة و المدينة الذين تمردوا على حكمه .
وأثناء الحملة الفرنسية علي مصر عام 1798م كلف نابليون بونابرت أحد كبار مهندسي الحملة (مسيو لوبير) بدراسة مشروع إنشاء قناة بحرية لربط البحرين المتوسط والأحمر إلا أن الدراسة أخطأت إذ انتهت إلي وجود فارق كبير بين مستويي البحرين ، ومن ثم ألغي المشروع . وفي العصر الحديث بدأ التفكير فى حفر قناة السويس منذ حكم محمد على لمصر ، فبعد الثورة الصناعية التى شهدتها أوروبا فى بداية القرن التاسع عشر التنافس على تجارة الهند و بدأ التفكير بالبحث عن طريق بحرى اقصر من طريق رأس الرجاء الصالح . و كان الإنجليز فى مقدمة الدول التى سارعت فى هذا الإتجاه , و رأوا ان طريق مصر أصلح من طرق أخرى كانت محل للدراسة و البحث وسعت إلي إنشاء خط السكه الحديدي يربط بين القاهرة والسويس أما الفرنسيون فقد واصلوا جهودهم لتحقيق مشروعهم و أوفدوا إلى محمد على سنة 1833 بعثة ( جماعة سان سيمو نيان ) و كان غرضها الإعداد لمشروع القناة و سنة 1846 كون قس يدعى انفنتان جمعية أطلق عليها ( جمعية الدراسات الخاصة بقناة السويس ) ، و بفضل جهود الجمعية التى على رأسها المهندس النمساوى " لويجى نيجر يللى " أوشك المشروع ان يتم و استطاعت هذه الجمعية ان تصحح الخطأ الذى وقع فيه " مسيو لوبير " من أن منسوب سطح البحر الأحمر يعلو سطح البحر المتوسط بعشرة أمتار وثبت أنه بالإمكان تنفيذ المشروع .
و الحقيقة أن محمد علي لم يكن معارضاً للمشروع في حد ذاته، و إنما في منح شركة أجنبية امتياز الحفر و الانتفاع به. و هو ما عبر عنه القنصل الفرنسي في القاهرة مسيو بارو بقوله إن محمد علي لن يرضي أبداً بمنح شركة أجنبية إمتياز حفر هذه القناة و بالتالي لن يسمح مهما كان الثمن لهذه الشركة بالإنتفاع بالقناة ,بالإضافة إلي إصراره علي أن تضمن الدول الكبرى حياد مصر، لتنتفع كل دول العالم بالقناة. وكان محمد علي مشغولاً في تلك الأيام ، بفكرة إقامة القناطر الخيرية على النيل وتفضيلها علي مشروع القناة ولأن مشروع القناة يتطلب الحصول على قروض من البنوك الأجنبية، وهو المبدأ الذي كان يأباه محمد علي بشدة. رفض محمد علي باشا، في النهاية، تنفيذ المشروع، حتى لا يفتح للغزاة الأوروبيين طريقاً لغزو مصر. وقال عبارته المشهورة : "لا أريد بسفوراً آخر في مصر"، نسبة إلى الصراع الدولي حول مضيق البسفور في تركيا، الذي يربط بين البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط. و بعد وفاة محمد على باشا , تم عرض موضوع شق القناة على عباس الاول و لكنه رفض شق القناة ، و عندما تولى الأمير محمد سعيد عرش مصر جائت الفرصة التى كان ينتظرها فرديناند ديليسبس فقد كان ديليسبس يرعى الأمير محمد سعيد و هو غلاما فى السادسة عشر من عمره ، ليعالج بدانته و يدربه على الرياضة بعد أن عهد إليه والده محمد على باشا برعايته ، و كان دليسبس من السلك الدبلوماسى . ثم عاد دليسبس إلى مصر مرة أخرى و عين قنصلا عاماً لفرنسا .
و استغل دليسبس تعيين محمد سعيد واليا على مصر و في إحدى جلساته مع سعيد باشا فى 15 نوفمبر 1854 عرض ديليسبس على الوالى مشروعه و دراساته عن القناة التى تصل بين البحرين مع عرض أهم النقط و الأسانيد و اقتنع سعيد باشا بالمشروع و فى 30 نوفمبر 1854 صدر الإمتياز الأول بشق قناة السويس , و اصدره سعيد باشا مؤلفا من اثنى عشر بندا . و نص البند الأول أن يقوم دليسبس بانشاء الشركة العالمية لقناة السويس البحرية و أن يتولى رئاستها , و حدد هذا البند مهمة الشركة فى حفر برزخ السويس و إستغلال طرق الملاحة الكبرى , و إنشاء مدخلين أحدهم على البحر المتوسط و الآخر على البحر الاحمر , و كذلك إنشاء ميناء أو ميناءين . و نص البند الثالث على ان مدة الامتياز هى 99 عام من يوم افتتاح القناة ، • أما الإمتياز الثانى لقناة السويس : فقد قامت وزارة الخارجية الفرنسية بصياغة الإمتياز ووقعه محمد سعيد باشا في 5 يناير سنة 1856 و فى هذا الإمتياز منح سعيد باشا للشركة إمتيازات جديدة فى مسائل عدة كأستغلالها الأراضى و ان تمنح الشركة مجانا الأراضى اللازمة للمشروع و التى لا يملكها الأفراد . و نزع ملكية الأراضى المملوكة للأفراد إذا لزم الأمر .و تضمن الإمتياز أيضا إستغلال مناجم الدولة بالمجان و الإعفاء من الرسوم الجمركية و كان أهم ما فى الإمتياز إخراج الشركة من ولاية القضاء المصرى و تعهد الحكومة المصرية بتقديم نسبة كبيرة من العمال للمشروع بطريقة السخرة و كذلك تعهد الحكومة المصرية بأن تشترى الأسهم التى يعجز ديليسبس فى بيعها فى الأسواق العالمية .
و فى يوم الاثنين 25 ابريل 1859 بدأت أول أعمال الحفر حيث وقعت ضربة الفأس الأولى على ثرى مدينة بورسعيد . و من بداية الحفر كان هناك بداية أخرى لأبشع أنواع السخرة التى استمرت عشر سنوات و استخدم ديليسبس السخرة فى تشغيل العمال المصريين و تساقط أكثر من عشرون ألف منهم تحت وطأة الشمس . و أشرف ديليسبس نفسه على التدابير الخاصة بمواجهة مشكلة العمال المصريين و الأجانب ووضع إعلان دعا فيه المصريين إلى العمل و الإشتراك فى حفر القناة و ذكر ديليسبس أن الشركة انشأت قرى لسكن العمال و قامت ببناء المساجد , و قرر أن ماء الشرب متوفر و حدد لهم الأجور على أساس الإنتاج و ليس على حساب أيام العمل , و حدد الأجر أنه يتراوح بين ستة قروش و ثمانية قروش فى اليوم و كانت البداية مع العمال بشعة فقد هوت السياط على ظهور العمال الأبرياء الذين سبقوا إلى منطقة الحفر . و فى ظل هذا النظام القاسى لم تكن هناك عناية بصحتهم فكانوا يمرضون و يساقون أيضا إلى العمل رغم المرض و كثيرا منهم سقط فى مكانه من المرض ، و انتشرت الأوبئة التى بدأت بضربة الشمس و التيفود و الكوليرا ثم وباء الطعون و تساقط أبناء مصر موتى بالآلاف . و كان العامل يعيش على قطعة الجبن القديم و المش و العسل و البصل لمدة تتراوح بين الشهر و اكثر و بجانب مشكلة الغذاء كانت هناك مشكلة المياه التى تعد من اهم المشاكل التى عانى منها العمال فى قناة السويس و بسبب المياه الملوثة مات أغلب العمال بالدوسناريا الحادة .
و انتهت أعمال حفر القناة فى 18 اغسطس 1869 حين تدفقت مياح البحر الأحمر فى البحيرات المرة لتلتقى بمياه البحر الأبيض المتوسط بعد أن تم إستخراج 74 مليون متر مكعب من الرمال ناتج حفر القناة .و قد أودت أعمال الحفر بحياة أكثر من 20 ألف عامل مصرى , و بلغ عدد الذين شاركوا فى عمليات شق القناة خلال العشر سنوات ما يزيد على مليون و نصف مصرى من جميع أقاليم مصر . وبعد الإنتهاء من اعمال الحفر , بدأ الخديوى إسماعيل يستعد لحفل إفتتاح قناة السويس و كانت هذه الإحتفالات اشبه بليالى الف ليلة و ليلة . فقد سافر الخديوى اسماعيل الى اوروبا لدعوة ضيوف حفل الإفتتاح و تولى بنفسه توجيه الدعوة لهم .و كانت صيغة الدعوة التى وجهها الخديوى إسماعيل إلى ملكة انجلترا الملكة فيكتوريا تقول " أنه يسره أن تلبى هى و من ترى دعوتهم من الأسرة المالكة حفل الإفتتاح و ستلمسون فى مصر التى هى فى الطريق إلى أملاككم فى الهند و الشرك و مدى ما أحرزته مصر من تقدم مادى و معنوى " . و أرسلت الدعوات الى 6000 مدعو , و إلي أوجينى امبراطورة فرنسا و هنرى امير هولندا و فرنسوا جوزيف امبراطور النمسا و فردريك ولى عهد روسيا و قرينته ابنة الملكة فيكتوريا و غيرهم , بالاضافة إلى عدد كبير من رجال الدولة .
و فى صباح يوم 17 نوفمبر سنة 1869 بدأت الإحتفالات بأفتتاح القناة و تحركت المواكب تتقدمه السفينة " الايجل " و عليها الإمبراطورة " اوجينى " زوجة نابليون الثالث و خلف السفينة ايجل , سارت الباخرة النسر ثم المحروسة و كان هذا اليوم بداية الملاحة فى قناة السويس . و فى المساء اضيئت الانوار و الزينات و أعد الخديو إسماعيل لضيوفه و ليمة عشاء فى قصره بمدينة الإسماعيلية و ضم هذا العشاء آلاف المدعوين فى مقدمتهم الإمبراطورة أوجينى و عدد كبير من ضيوف الخديو .و يقول المؤرخين ان نفقات الأسابيع الستة التى أنفقت ما بين وصول الإمبراطورة أوجينى إلى القاهرة و اليوم الثلاثين من نوفمبر قد تراوحت ما بين 1.3 مليون و اربعة ملايين من الذهب .
|