الدكتور ناصر الكلاوي يكتب:ـ
يذكر عبدالرحمن الرافعي في كتابه عصر إسماعيل بالجزء الأول أن الخديوي إسماعيل تولي الحكم والبحرية المصرية في حالة سيئة من التأخر والضعف، فقد بدأ اضمحلالهما كما قدمنا في عهد عباس، ولم يعمل سعيد باشا علي إحيائهما، لما لقيه من العقبات من ناحية تركيا.
فأخذ إسماعيل في أوائل حكمه يعتني بتجديد الأسطول، فبعث النشاط في ترسانة الإسكندرية ((دار الصناعة)) ، وأحيا معاملها وبضائعها، وجلب لها العمال من الإسكندرية ومن داخل البلاد، واستحضر لها الآلات والعتاد، فعاد إليها نشاطها الذي كان في عهد محمد علي .
أوصي الخديوي إسماعيل بصنع عدة سفن حربيه مدرعه في ترسانات أوربا وجدد المدرسة الحربية بالإسكندرية، وشارك في عهده الحملات الحربية مثل حرب كريت وحرب البلقان، وبلغ عدد السفن في عهده 18سفينة أنشأ شركة للملاحة التجارية، وقام بأعمال إصلاح في ميناء السويس وإصلاح ميناء الإسكندرية وإنشاء الفنارات البحرية.
وفي عام 1863م أمر الخديوي إسماعيل ببناء يخت المحروسة، وفي عام 1856م أتمت شركه سمودا بنائه.
ويُعتبر يخت المحروسة قصر ملكي عائم علي المياه ، ويحتوي بداخله علي العديد من الآثار النادرة.
ويُعتبر يخت المحروسة شاهداً وشريكاً في العديد من الأحداث الهامة في التاريخ المصري الحديث والمعاصر.
فقد شهد القصر رحلة للخديوي إلي باريس للمشاركة في المعارض المقامة بها وكذلك رحلته لدعوة ملوك أوربا لحضور حفل إفتتاح قناة السويس، وكذلك شارك اليخت في حدث تاريخي وهو عبور قناة السويس لأول مرة عام 1869م وعلي ظهره خديوي مصر وأوجيني زوجة نابليون إمبراطور فرنسا، كما استقله الخديوي إسماعيل بعد خلعة من حكم مصر، وتكرر نفس الأمر مع عباس حلمي الثاني عام 1914 بعد نفيه إلي الأستانة بتركيا، وقد غادر الملك فاروق مصر علي ظهر يخت المحروسة بعد قيام ثورة 1952م .
وتم استغلال اليخت في تدريب طلبه المعاهد والكليات البحرية بعد ثورة عام 1925م وذلك بعد إدخال تعديلات جوهرية عليه ، وشارك اليخت في إفتتاح قناة السويس عام 1975م وعلي متنه الرئيس الراحل محمد أنور السادات.
ويتميز اليخت بالعديد من الخصائص التي تميزه عن غيره وذلك حيث المركز السابع عالمياً من حيث الحجم، وقطع ما يقارب من مليون ميل، تعاقب عليه أربعون قائداً وكان أولهم هو الأمير الاي فردريك وآخرهم الكابتن أشرف سرور وتم تزويده بالتلغراف عام 1912م ، وتغيير نوع الوقود المستخدم من الوقود الفحم إلي المازوت ، وتم إدخال أحدث الأساليب العلمية الحديثة وذلك حتي يواكب أحث النظم البحرية في العالم.
و يبلغ طول اليخت 146 متراً وعرضه 13 متراً وحمولته 3آلاف طن ، وكان في البداية يسير بالبحار وكان علي متنه عدد 8 مدافع صغيرة العيار من طراز أرمسترونج.
ويتكون اليخت من خمسه طوابق ،ويتكون الطابق السفلي من الماكينات والغلايات وخزانات الوقود ، والطابق التالي فيتكون من غرف الجلوس والمطابع والمخازن والجناح الشتوي والقاعة الفرعونية وذلك بالإضافة إلي جناح الأمراء والأميرات ،ويلي ذلك طابق يضم المقدمة والمخاط والأوناش وصالة الطعام وصالة التدخين، والطابق التالي يضم سطح المدفعية والجناح الصيفي والصالة الزرقاء والحديقة الشتوية والصيفية.
وشهد يخت المحروسة اليوم الخميس الموافق 6 أغسطس عام 2015 م المشاركة في افتتاح قناة السويس الجديدة وذلك عندما استقلها السيد الرئيس السيسي بمشاركة مختلف دول العالم في الاحتفالية.
ولاشك إن يخت المحروسة يعد قطعة فنية وأثرية وبحريه فريده يستحق المحافظة عليه، ويجب أن يتم فتحه للزيارة أمام الشعب المصري والسياح الأجانب من أجل التعريف علي جزء من تاريخنا الحديث. |