كتب الدكتور/ ناصر كلاوى
تحمل المخلفات الأثرية الرائعة رسالة روحية عن ماضي الشعوب ,وتبقي بالنسبة لمجري الحياة شاهدآ حيآ علي التقاليد العريقة لتلك الشعوب . والإنسانية التي أصبحت تعي أكثر فأكثر بوحدة قيمها الإنسانية تعتبر هذه المخلفات تراثآ مشتركا تلتزم مضامنه بالحفاظ عليه وصيانته وتبليغه بكامل عناصره وأصالته للأجيال المقبلة .
انه من الضروري ان تبرز المبادئ والطرق التي ستتبع في عمليات الصيانة والترميم بصفة مشتركة وتصاغ علي مستوي دولي مع ترك حرية التطبيق لكل شعب في نطاق ثقافته وتقاليده الخاصة .
وبإعطاء صبغة أولية لتلك المبادئ الأساسية , ساهم ميثاق اثينا(1931) في نشر حركة دولية تخلدت خاصة في عدة وثائق وطنية, وفي نشاط الايكون واليونسكو وفي إنشاء المركز العالمي للدراسات من اجل المحافظة وترميم الممتلكات الثقافية من طرف اليونسكو . وقد أدي الإدراك والروح النقدية إلي إثارة مشاكل معقدة جدآ ومتنوعة علي الدوام , وقد أزفت الساعة أيضآ لإعادة النظر في مبادئ تلك الوثيقة قصد تعميقها وتوسيع صلاحيتها في وثائق جديدة .
وعليه فإن المؤتمر العالمي الثاني للمهندسين المعماريين والفنيين في المعالم التاريخية المجتمعين في البندقية من 25الي 31ماي 1964م صادقوا علي النص التالي :-
"التعريف"
الفصل الأول : يتضمن مفهوم المعلم التاريخي الهيكل المعماري المنعزل والموقع الحضري أو الريفي الذي يحمل طابعآ لحضارة خاصة او لتطوير بليغ أو لحدث تاريخي , وهولا يعني الأعمال الكبري فقط بل أيضآ العمال البسيطة التي اكتسبت بتقادم الزمن هوية ثقافية .
الفصل الثاني : تكون أعمال المحافظة وترميم المعالم إختصاصا يعتمد علي كل العلوم وكل الفنيات التي يمكن لها ان تساهم في دراسة وصيانة التراث المعملي .
" الهدف"
الفصل الثالث : تهدف المحافظة علي المعالم وترميمها ألي صيانة العمل الفني والشاهد التاريخي علي حد سواء .
"المحافظة"
الفصل الرابع : ان المحافظة علي المعالم تحتم أولا وبالذات تعهدها المستمر .
الفصل الخامس : تستفيد المحافظة علي المعالم دومآ من تخصيصها إلي وظيفة صالحة للمجتمع ويستحب هذا التوظيف علي أن لا يغيرمن نظام المباني أو زخارفها وفي تلك الحدود يتعين تصور التهيؤات التي يفرضها التطور في العادات والتقاليد وإمكانية الترخيص فيها .
الفصل السادس : تفرض المحافظة علي معلم ما المحافظة علي إطار من نفس المستوي وعند إستمرار الإطار التقليدي تتحتم المحافظة عليه ويمنع كل بناء حديث أو تهديم أو تهيأة من شأنها ان تخل بنسب الأحجام والألوان .
الفصل السابع : لا ينفصل المعلم عن التاريخ الذي هو شاهد عليه وعن المكان الذي ينتصب فيه لذا , فإن تحويل كل المعلم أو جزء منه لا يسمح به إلا أذا حتمت ذلك المحافظة علي المعلم أو بررته مصلحة عظمي وطنية أو عالمية .
الفصل الثامن : لا تفصل العناصر المتكونة من المنحوتات أوالرسوم أو الزخارف التي تمثل جزءآ لا يتجزأ من المعلم إلا إذا كان هذا الفصل هو الحل الوحيد الذي سيضمن المحافظة عليها .
" الترميم"
الفصل التاسع : الترميم عملية يجب أن تتسم بصبغة إستثنائية وهي تهدف إلي المحافظة علي القيم الجمالية والتاريخية للمعلم وإبرازها , وتستند علي إبراز المادة القديمة والوثائق الأصلية , وهي تقف عند الحد الذي تبدأ منه الفرضيات فبالنسبة إلي الإعادة التخمينية فكل الأعمال التكميلية التي تعد ضرورية لأسباب جمالية أو فنية تتعلق بالتركيبة المعمارية , يجب أن تحمل طابع عصرنا الحاضر وكل عملية ترميم يجب أن تسبقها وتصاحبها دائمآ دراسة أثرية وتاريخية للمعلم .
الفصل العاشر : إذا اتضح أن الفنيات التقليدية غير الملائمة يمكن ضمان ترميم المعلم باللجوء إلي الفنيات الحديثة للمحافظة والبناء التي أظهرت نجاعتها المعطيات العلمية وضمنتها الخبرة .
الفصل الحادي عشر : أن المساهمات المقبولة من كل العصور في تشييد معلم يجب إحترامها إذ أن وحدة الأسلوب ليست الهدف المنشود أثناء عملية الترميم. وإذا إشتمل المعلم علي عدة طبقات متراكبة فإن تعرية طبقة تحتية لا يبرر إلا استثنائيا . ويشترط أن العناصر المقتلعة لا تمثل إلا أهمية ضئيلة , وأن التكوين المكتشف يمثل شاهدآ ذا قيمة عليا . تاريخية أو أثرية أو جمالية وأن حالة حفظه مناسبة , ولأهمية هذه العملية فإن الحكم علي قيمة العناصر المعنية وقرار عملية الحذف أو القلع أو التعرية لا يمكن ان يترك البت فيها لصاحب المشروع بمفرده .
الفصل الثاني عشر : يجب أن تكون العناصر التي ستعوض الأخري الناقصة منسجمة مع المجموع مع إبرازها عن العناصر الأصلية حتي لا تتسبب عملية الترميم في تزييف الوثيقة الفنية أو التاريخية .
الفصل الثالث عشر : لا يسمح بزيادة عناصر إلي المعلم إلا إذا احترمت كل الأقسام المهمة فيه , إطاره التقليدي , توازن تركيبته , وعلاقته مع محيطه .
" المواقع المعملية "
الفصل الرابع عشر : المواقع المعملية يجب أن تكون موضع عناية خاصة حتي نصونها كاملة , ونضمن إصلاحها وتهيئتها وإحياءها , لذا فإن أعمال المحافظة والترميم التي تجري عليها يجب أن تستلهم المبادئ المعلنة في الفصول السابقة .
" الحفريات "
الفصل الخامس عشر : أعمال الحفر يجب أن تجري حسب المواصفات العلمية وطبق ((التوصية الضابطة للمبادئ الدولية التي تطبق في مادة الحفريات الأثرية )) المعتمدة من طرف اليونسكو في 1956م . يجب ضمان تهيئة الأطلال وإتخاذ التدابير الضرورية للحفاظ والحماية المستمرة للعناصر المعمارية واللقي المكتشفة إضافة إلي أن كل المبادرات يجب أن تتخذ بهدف تيسير فهم المعلم المكتشف وإجتناب تشويه مدلولاته اطلاقا .
مبدئيآ يمنع تمامآ إعادة البناء ما عدا عملية "أنستيلوز" أي إعادة تركيب الأقسام المفككة المتبقية , وهي التي يمكن اللجوء إليها عند اللزوم ولا بد من تمييز عناصر الإندماج التي يجب أن تمثل الحد الأدني الضروري من أجل ضمان شروط الحفاظ علي المعلم وإعادة إندماج أشكاله .
" وثائق ومطبوعات "
الفصل السادس عشر : يصاحب أعمال المحافظة والترميم والحفريات دائمآ تكوين مجموعات من الوثائق الدقيقة علي هيئة تقارير تحليلية ونقجية مدعمة برسومات وصور .
إن جميع مراحل التنقيب والتدعيم وإعادة التركيب والإكمال وكذلك العناصر الفنية والشكلية التي عرفت خلال الحفريات يجب أن تودع في مكانها وتوضع هذه الوثائق في أرشيف مؤسسة عمومية علي ذمة الباحثين ويوصي بنشرها . |