الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

الدولة والبرلمان...تحت سفح الأهرامات

الدولة والبرلمان...تحت سفح الأهرامات
عدد : 10-2015
كتب الدكتور/ إبراهيم حسن الغزاوي
خبير في الإصلاح المؤسسي

تتشابك أمور الدولة الرسمية عادة مع تلك المتعلقة بالمجتمعية ، فتحدث مزيجا صعبا ومعقدا من السلوكيات الرسمية والفردية للحد الذي تتشابه فيه الأمور على الناس،فتنتشر المفاهيم المغلوطة،ويعمد البعض لإدانة الآخر دونما تبصر أو رؤية نافذة... طرأت هذه الكلمات على فكرى وأنا أراقب الانتخابات البرلمانية في مرحلتها الأولى التي تبلورت فيها كلمات المقدمة بشكل قوي نتج عنه تقديم منتج ضبابي ..أقصد حجم تقدير البرلمان لدى المواطن الناخب... وعلى الرغم أن نتائج المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية لم تحفل بالكثير من المفاجآت إلا أنها تجربة فريدة نحتاج تدبرها والخلوص منها بنتيجة موحية... ولعل ما يهمني أكثر ، في مقام الكتابة في منبر سياحي كجريدة "أبو الهول" هو محاولة رسم علاقة هامة وحقيقية بين انتخابات البرلمان ، وبين المسار الاقتصادي للدولة...والمسار السياحي في آن واحد... وعلاقتهم بالمواطن المصري... وابتداءً ، يجب أن نشير لأهمية البرلمان كسلطة تشريعية ورقابية، في أي مجتمع منظم له طموحات للاستقرار والتقدم...وهي مقولة تشكل في جوهرها صلب الكيانات الديموقراطية في كافة المجتمعات المتقدمة في عالمنا اليوم، فالبرلمان الفعال يمكنه أن يعيد رسم سياسات الحكومة الاقتصادية ، على رأسها السياحية، وغيرها، بما يحقق مصلحة المواطن المصري ويخفف العبء عنه. والتاريخ المعاصر لنا للأسف لا يحمل ذكريات إيجابية لبرلمانات حديثة حقيقية قامت بمثل هذا الدور بل كانت البرلمانات في معظمها انعكاسا مباشرا أو غير مباشر لسياسات السلطة التنفيذية،مما أفقدها جوهر احترام المجتمع لها وفرغ وجودها من جوهره ،فأصبحت خيالات أو ظلال للحكومات المتعاقبة بلا أدنى أثر لعمل رقابي أو تشريعى يصب في صالح المجتمع المصري. ولعل هذه الحقيقة هى التي تفسر جزئيا ضآلة نسب المشاركة والتي تجاوزت 26 % في المرحلة الأولى ، وهي نسبة مقبولة في ظروف الانتخابات التى أجريت فيها ، لعدة أسباب منها أن الناخب المصري وقع فريسة لترنح القوى السياسية ، وعدم قدرتها على شق مسار سياسي جامع في فترة الاستعداد الطويلة وهو ما ينفى ذريعة الوقت الضيق ..في الوقت الذي يظهر مسئوليتها عن افتقارها للرؤية القومية واستغراقها في الرؤية الذاتية... ومن ناحية أخرى، من الطبيعي أن يعبأ المواطن المصري بهمومه الغالبه، ومشكلاته المنغصة لحياته وأيامه..وعلى رأسها الأزمات الاقتصادية التي تطال بلهيبها معظم أفراد هذا المجتمع الطيب... ومن الطبيعي أن يكون حجم طموحات المجتمع والفرد من الناحية الاقتصادية يماثل حجم طموحاته في أن يرى بلاده مستقرة أمنيا وديموقراطيا وغيرها.. ولكن يظل البين كبيرا بين طموح الفرد وحجم الانجاز على أرض الواقع..وهنا تبرز أهمية البرلمانات الحقيقية ، التي لها قدرة فعليه على توجيه السياسات، وبلورة النجاحات من الحكومات ..وأن تبرز أنياب رقابتها القوية على من يجترئ على مصائر المجتمع ويجور على طموحاته ... لذلك فنحن مازلنا لحد ما بعيدين عن مثل هذه البرلمانات الحقيقية،لكننا نخطو إليها بخطوات هادئة، وهو أمر لا تثريب علينا فيه، فالديموقراطية عصية على المجتمعات الشمولية وتأخذ في الواقع الحياتي للمجتمعات سنوات وسنوات حتى تتبلور جواهرها في التغييرات الإيجابية.. فهل يصبر المجتمع؟.. هنا يأتي دور الحكومة والقيادة السياسية والتنفيذية للبلاد التى عليها أن تجتهد قدر طاقتها في تلمس أسرع وأقوى السبل الاقتصادية تحقيقا للعائد السريع نسبيا،فليس هناك شك أن معاناة القطاع الأعرض من المصريين تتربع على قمتها المعاناة الاقتصادية...وما دمنا قد ضربنا على وتر الاقتصاد...فسنجد السياحة كصناعة على قمة ذخائر الدولة القوية التي يمكنها أن تحقق للمواطن والمجتمع عائدا سريعا.. نعم .. فالسياحة في مصر لا تحتاج إلا لإدارة رشيدة لأننا لدينا بالفعل بنية أساسية رائعة للسياحة،متمثلة في الآلاف من المقاصد السياحية والشواطئ والمزارات المتنوعة، التي يجب أن تعد المصدر الأكثر استقطابا للسياحة،إضافة لأرصدة شديدة الثراء من الآثار الفرعونية والقبطية والإسلامية ،وهي تمثل أهم حضارات العالم في الماضي .. ولن تحدث هذه الطفرة المرجوة..من السياحة أو غيرها... بأداء الحكومات منفردة..بل يجب أن تعضدها، وترشدها، وتراقبها، وتصيغ لها إطارها التشريعي المنضبط، برلمانات قوية، تحمل مسئولية الدفاع عن مقدرات المجتمع..وتقدر أن تحقق التدخل الإيجابي في سياسات الحكومة، بما ينفع الناس.. عندئذً.. سنجد أنفسنا وقد وضعنا في مكانة لائقة، نحن أبعد ما نكون عنها اليوم ، ليس فقط بين الدول السياحية المتميزة... بل بين الديموقراطيات العريقة التى نشير إليها بالبنان ..ونحلم أن نصل لما وصلت إليه..ونراه بعيداً..التغيير يبدأ من الأطراف جميعها..ولا يستأثر به طرف بعينه..فالحكومة لها دورها..والبرلمان يراقبها ويوجهها ..ويصحح مسارها..و المواطن يجتهد في خياراته، ولا يتقاعس عن واجبه في التصويت .. حتى يدخل في البرلمان فقط من يستحق حمل أمانته...هنا ..وهنا فقط ...يمكننا أن نحقق أحلامنا .. صحيح أن التغيير يأتي رويدا رويدا.. ولكنه يكون واثقا ..ولا يتراجع..وهكذا يجب أن تكون الأمورعلى الحكومة والبرلمان فور اكتمال تشكيله أن يذهبوا سويا إلى سفح الأهرام ..وعندما يصلوا إلى هناك..أنا على يقين أن إطلالة المكان وبهائه ستجعلهما يدركان كم من الثروة لدينا..ولكننا لا نقدرها ولا نستغلها.. نعم يجب على الحكومة والبرلمان أن يجتمعا معا ..ولكن في سفح الأهرامات المصرية..وعندها سيحدث التلاقي بين المستقبل والحلم والواقع.
 
 
الصور :