السبت , 8 فبراير 2025

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

آثار إسلامية جديدة من منطقة الحطابة وجبانة باب الوزير بالقاهرة
م.محمد أبو العمايم

آثار إسلامية جديدة من منطقة الحطابة وجبانة باب الوزير بالقاهرة
م.محمد أبو العمايم
عدد : 11-2015
بقلم أستاذ دكتور/ محمد على عبد الحفيظ محمد
قراءة الدكتور/ محمود رمضان
مقدمة :

يهدف هذا البحث إلى إماطة اللثام عن مجموعة جديدة من الآثار الإسلامية التى قمنا باكتشافها بمنطقة الحطابة وجبانة باب الوزير بالقاهرة ، وهذه المجموعة ليست مسجلة ضمن قائمة الآثار الإسلامية بالقاهرة ، كما لم يتناولها أى من الباحثين من قبل.وقد قمنا فى سبيل انجاز هذه الدراسة بجهد كبير فى سبيل التوصل إلى مواقع هذه الآثار من خلال الإطلاع على مجموعة من الخرائط القديمة ، ثم كانت المرحلة الثانية وهى محاولة التعرف على منشيئ هذه العمائر والتوصل إلى التاريخ أو على الأقل العصر الذى بنيت فيه. وقبل الخوض فى التعريف بتلك الآثار موضوع الدراسة يجدر بنا فى البداية أن نعطى لمحة سريعة عن هاتين المنطقتين اللتين تضمان هذه المجموعة من الآثار .

الحطابة

منطقة الحطابة هى تلك المنطقة الواقعة أسفل القلعة مباشرة من الناحية الشمالية ، حيث تشغل بقية النشز العالى الذى أقيمت عليه القلعة ، ويحدها من ناحية الجنوب سور القلعة ، ومن ناحية الشمال قرافة باب الوزير .

أما عن سبب تسميتها بالحطابة فهو نسبة إلى تركز تجار الحطب فى العصر العثمانى فى تلك المنطقة ، لقد كانت تلك المنطقة تمثل أحد أهم مركزين لتجارة الحطب اللازم للوقود فى القاهرة ، كان أولهما فى بولاق حيث دكك الحطب ، والآخر فى هذا الحى القريب من القلعة ، لقد كان يتم جلب معظم الحطب من مناطق تقع خارج القاهرة ، وكان لابد من وجود أماكن شاغرة تستوعب هذه الكميات الضخمة من الحطب مما استلزم وضعها فى أماكن ذات كثافة سكانية منخفضة كى يمكن تخزينها بسهولة ، كما أنها كانت تؤدى إلى انتشار القاذورات ، وتعرض السكان إلى مخاطر عديدة ، ويذكر ريمون أنه كان يوجد فى تلك المنطقة سوق الحطب الرئيسى بالقاهرة ، وقد احتل هذا السوق أهمية كبيرة أدت إلى إطلاق اسم " حارة الحطابة " على الحى الواقع شمال القلعة ، ووجد هذا السوق موقعا على خريطة القاهرة التى أعدها علماء الحملة الفرنسية ، وفى منطقة لا تبعد كثيرا عن سوق الحطب كان يوجد فى زمن الحملة الفرنسية مكان يعرف باسم " الكسارة " ويقيم به الحرفيون الذين يعملون فى تكسير الحطب . ويعتبر هذا الحى امتدادا للمبانى فى منطقة باب الوزير والمحجر تلك المنطقة التى بدأ تعميرها فى عصر المماليك البحرية ، وساعد على الامتداد العمرانى لتلك المنطقة تلك المنشآت التى أقامها سلاطين وأمراء المماليك ومن أهمها مجموعة الأمير منجك اليوسفى(750هـ /1349م )التى تضم خانقاة وجامعا ومدفنا وصهريجا كان يمد المنطقة كلها بالمياه ، وسبيل الأمير شيخو العمرى ( 755هـ /1354م ) ، وخانقاة نظام الدين الأصفهانى( 757هـ /1356م ) وخانقاة وقبة يونس الدوادار ( 783هـ /1382م ) ، وتواصل تعمير المنطقة فى العصر العثمانى فأنشأ الأمير عبد الرحمن كتخدا سبيلا وحوضا للدواب قبل سنة 1174هـ /1761م .

ومنطقة الحطابة اليوم عبارة عن قسمين يفصل بينهما شارع رئيسى يمتد من أمام دار المحفوظات وقبة رجب الشيرازى حتى يصل إلى طريق صلاح سالم ، ويطلق على الجزء الأول منه اسم " شارع باب الوداع " ،أما القسم الثانى فيطلق عليه اسم " شارع قرافة باب الوزير "( انظر الخريطة فى شكل 1) .

وشارع باب الوداع كان يطلق عليه قديما اسم " شارع الصوة " و" شارع الثغرة " وفى زمن على مبارك كان يطلق عليه اسم " شارع الدحديرة " وطوله 330 مترا ، وأوله من شارع المحجر تجاه حارة المارستان وأخره بوابة القرافة بجوار جامع الأنسى .

وكان لهذا الشارع أهمية كبيرة فى العصر المملوكى فقد استخدم طريقا لسير الجنازات ، فعند وفاة أحد السلاطين أو الأمراء كان يصلى عليهم فى القلعة أو فى مصلى المؤمنى بالقرب من ميدان القلعة ثم يسلكون هذا الشارع متجهين إلى المدافن التى أعدوها لأنفسهم فى الصحراء ، كما كان هذا الطريق يستخدم فى خروج السلطان بموكبه الرسمى فى الحج ، حيث يبدأ الموكب من عند باب المدرج وينثنى شمالا عبر الحطابة ويدخل من باب الوداع مخترقا القرافة الشرقية ، ومن هناك يصل إلى العادلية حيث قبة السلطان طومانباى .

ويتفرع من شارع باب الوداع عدد من الحارات والعطف ، وطبقا لما يذكره على مبارك فبهذا الشارع من جهة اليسار ثلاث عطف ودروب هى :
- عطفة النبلة غير نافذة .
- عطفة الحرافيش غير نافذة أيضا ، وكان بداخلها زاوية تعرف بزاوية الجوكانى ، وضريحان أحدهما لسيدى جعفر والأخر يقال له ضريح الشرفا وهما غير موجودين الآن .
- عطفة التكية ، بها زاوية صغيرة تعرف بالشيخ رجب لأن بها ضريحه
- درب النخلة غير نافذ .
وهناك عطفة ودرب لم يذكرهما على مبارك موجودتان حاليا وهما عطفة المناخ وهى عطفة غير نافذة ودرب المنشكية ويفضى إلى مجموعة منجك اليوسفى.
وأما من جهة اليمين فيشتمل الشارع على ست عطف غير نافذة وهى :
- عطفة محمد ، بها زاوية تعرف بزاوية القدرى " غير موجودة حاليا " .
- عطفة طرطور ، بها زاويتان إحداهما بأولها تعرف بزاوية سيف اليزن والأخرى بوسطها تعرف بزاوية الدنوشرى ، وبها ضريح يعرف بضريح سيدى العرابى .
- عطفة الأوسطى " غير موجودة حاليا " .
- العطفة الصغيرة " غير موجودة حاليا " .
- عطفة سعفان الصغير " غير موجودة حاليا ".
- عطفة سعفان الكبير " غير موجودة حاليا " .

جبانة باب الوزير

تقع جبانة باب الوزير إلى الشمال من منطقة الحطابة(شكل 1) ، وتبدأ من المنطقة المنخفضة خلف مجموعة منجك وتكية الميرغنى ، ويحدها من الجنوب منطقة الحطابة ومن الشمال حديقة الأزهر ، ومن الشرق شارع صلاح سالم ، ومن الغرب سور صلاح الدين .

ويفصل تلك القرافة حاليا عن قرافة صحراء المماليك شارع صلاح سالم الذى فتح فى العصر الحديث ، أما فى الأصل فكانت قرافة باب الوزير جزء لا يتجزأ من صحراء المماليك التى كانت تمتد إلى الشمال حتى الريدانية " العباسية حاليا " حيث قبة العادل طومان باى ، وجنوبا حتى القلعة من الموضع الذى كان يبدأ عنده ميدان القبق وهو الثغرة التى كان ينزل من قلعة الجبل إليها ، فكانت جبانة باب الوزير إذن تمثل الجزء الجنوبى من قرافة صحراء المماليك ، ويؤكد ذلك خريطة وصف مصر ، كما يؤكدها تلك الصور القديمة التى التقطت لتلك المنطقة قبل أن يخترقها شارع صلاح سالم ، ومن هذه الصور تلك الصورة التى أوردناها فى هذا البحث والتى قام بالتقاطها المصور صباح فى عهد الخديوى إسماعيل قبل سنة 1874م ( لوحة 1 ) حيث تظهر جبانة باب الوزير متصلة بجبانة صحراء المماليك ، ويظهر فى الصورة قبة السحيمى التى سنتناولها بالدراسة كما يظهر فيها على مدى البصر منشأة الأمير تنكز بغا الماردانى (764هـ /1362م ) أحد أمراء السلطان حسن والكائنة بقاياها اليوم بمنشية ناصر .

وكان موضع قرافة باب الوزير جزءً من ميدان القبق الذى كان يشغل جزءً كبيرا من صحراء المماليك ويمتد فيما بين الثغرة التى ينزل من قلعة الجبل إليها وبين قبة النصر تحت الجبل الأحمر ، وفى عهد الناصر محمد منع النزول إلى هذا الميدان خشية على قبور المسلمين أن توط، وقام الناصر محمد وأمراؤه من بعده بالتعمير فى ميدان القبق هذا حتى امتلأ موضع هذا الميدان بالعمائر .
أما عن تاريخ تسمية هذا الجزء من صحراء المماليك باسم " قرافة باب الوزير " فيذكر بعض الباحثين أن هذا كان فى بداية القرن 11هـ /17م فقد ذكر المحبى أن الشيخ إبراهيم القزاز المتوفى سنة 1026هـ /1617م دفن عند أولاده بقرافة باب الوزير ، وإن كنا نعتقد أن هذه التسمية أقدم من ذلك التاريخ .

أما عن سبب تسمية هذه القرافة بقرافة أو جبانة باب الوزير فإن ذلك بسبب ملاصقتها لباب فى السور الشرقى للقاهرة الذى أنشأه صلاح الدين ، وهذا الباب يوجد فى المسافة الواقعة بين الباب المحروق وبين قلعة الجبل ، وفى العصر المملوكى أطلق على هذا الباب اسم باب الوزير ، نسبة للوزير نجم الدين محمود بن على بن شروين المعروف بوزير بغداد الذى فتح االباب المذكور بعد أن كان مغلقا تسهيلا لمرور الناس منه بين المدينة والجبانة الواقعة خارج السور ، وذلك حينما كان وزيرا للملك الأشرف كجك بن السلطان محمد بن قلاوون سنة 742هـ /1341م ، وإليه ينسب باب الوزير وقرافة باب الوزير.

الآثار التى ستتناولها الدراسة :

كما ذكرنا من قبل فإن الآثار التى سنتعرض لها فى هذه الدراسة يبلغ عددها ستة ، اثنان منها فى منطقة الحطابة وهما :
- ضريح سيدى مرزوق " مملوكى جركسى " .
- بقايا سور من عصر محمد على .
أما الآثار التى تقع فى حدود قرافة باب الوزير فعددها أربعة وهى :
- قبة وسبيل الأمير جرباش العمرى
- قبة السحيمى .
- قبة الصاوى .
- مدفن وسبيل الملاطيلى .

وسنتناول هذه الآثار بالدراسة من الأقدم إلى الأحدث على النحو التالى :

1- مدفن وسبيل الأمير جرباش العمرى :
الموقع : يقع هذا الأثر بشارع قرافة باب الوزير بالجانب الشرقى للشارع أسفل خانقاة نظام الدين بالحطابة وبالقرب من سبيل الأمير شيخو العمرى
على يمين السالك من الحطابة قاصدا شارع صلاح سالم .

تاريخ الأثر : يعتبر هذا الأثر أقدم الآثار التى تم التعرض لها فى هذا البحث ، وأمكننا نسبته إلى العصر المملوكى الجركسى ، وهو من آثار عصر السلطان فرج بن برقوق ، وبالتحديد فى عام 811هـ/1408م أى أن الأمير جرباش أنشأها قبل مقتله بثلاث سنوات ،ويوجد هذا التاريخ على لوحة مستطيلة من الحجر أعلى المدخل ( لوحة 3 ) تشتمل على نص من سطرين بالخط الثلث المملوكى يقرأ :
1- بسم الله الرحمن الرحيم أمر بإنشاء هذه القبة والسبيل المبارك العبد الفقير إلى الله تعالى الراجى
2- عفو ربه المقر السيفى جرباش العمرى رأس نوبة أمير آخور قلمطاى الملكى الناصرى بتاريخ شعبان سنة إحدى عشر وثمانماية .

المنشئ :

كما يتضح من النص التأسيسى السابق أن هذا الأثر ينسب إلى أمير مملوكى يدعى جرباش العمرى ، وأنه كان يعمل فى وظيفة رأس نوبة لدى الأمير قلمطاى الذى كان من أكابر أمراء السلطان برقوق وترقى فى الوظائف حتى وصل إلى مرتبة الدوادارية وتوفى سنة 800هـ/1397م .

وقد ترجم ابن تغرى بردى للأمير جرباش العمرى فى " المنهل الصافى " فقال هو الأمير سيف الدين جرباش بن عبد الله العمرى الظاهرى من مماليك الظاهر برقوق وممن صار أمير مائة مقدم ألف بالديار المصرية فى دولة الناصر فرج ودام على ذلك مدة إلى أن قبض عليه الملك الناصر لأمور بدت منه فى ثالث عشرين شهر رجب سنة أربع عشرة وثمانمائة ، وأوضح ابن تغرى بردى فى كتابه " النجوم الزاهرة " سبب القبض علي جرباش فذكر أن ذلك كان بسبب أنه كان ضمن مجموعة من الأمراء المماليك تآمروا على قتل السلطان فرج بن برقوق فى عام 814هـ/1411م على رأسهم الأمير جانم من حسن شاه نائب طرابلس ، لكن السلطان فرج علم بتلك المؤامرة فقتل الأمير جانم ثم قبض على جماعة كبيرة من المماليك منهم " الأمير جرباش العمرى رأس نوبة " ، ويؤكد هذا النص ما ورد بالنص التأسيسى أن الأمير جرباش العمرى كان يشغل وظيفة " رأس نوبة " وسجنه بالاسكندرية ثم ما لبث أن قتله فى عام 814هـ/1411م ، ويستفاد مما ذكره ابن تغرى بردى أن الأمير جرباش لم يدفن فى هذه القبة وإنما دفن بالإسكندرية.

الوصف المعمارى :

لهذه المنشأة واجهة واحدة مطلة على شارع قرافة باب الوزير ، ( لوحة 3 ) وهى مدهونة ببياض حديث أضاعت رونقها حتى أنها لا تلفت انتباه المار من أمامها ، وهذه الواجهة مبنية من الحجر المنحوت ، ومقسمة إلى ثلاثة أقسام كان السبيل يشغل القسم الأيمن منها ، أما الآن فقد قسم المبنى إلى مدفنين متجاورين وحجرة مغلقة فى الطرف، ويوجد بالقسم الأوسط باب كان يعلوه عقد مجيدى مدبب فقد صنجه الآن بعد أن أزيلت منذ عدة سنوات لارتفاع منسوب أرض الشارع ، يوجد بأعلاه النص التأسيسى السابق الإشارة إليه ، ويفضى هذا الباب مباشرة إلى داخل قاعة مستطيلة الشكل بصدرها محراب مجوف ، وبأرضيتها تركيبة للدفن عليها مقصورة حديثة من الخشب ، وفى طرف هذه القاعة يوجد باب يوصل إلى ممر يتقدم قاعة أخرى مجاورة للقاعة السابقة يشتمل جدراها الجنوبى الشرقى على محراب حجرى مجوف يعلوه عقد مدبب وعلى جانبيه دخلتان ، ويسقف القاعة سقف حديث .
وهناك قسم غربى بطرفه دخله لعلها كانت تخص السبيل الذى كان ملحقا بهذه المنشأة.

2- ضريج سيدى مرزوق :

يقع بمنطقة الحطابة بسكة سيف اليزن رقم 12 أ ، والتى كانت تعرف بعطفة طرطور أعلى النشز الواقع خلف سور القلعة وبجوار خانقاة نظام الدين الأصفهانى ، ، والضريح موقع على خرائط القاهرة فى سنة 1936م تحت اسم " مقام سيدى مرزوق " ( شكل2 ) ، وصاحب الضريح الأصلى حتى الآن مجهول لدينا ، ومنذ بضعة سنوات كانت جدران هذا الضريح كاملة ، أما الآن فلم يبق منه سوى جدار القبلة والجدار المقابل له( لوحة 4) ، إذ يقوم بعض الأهالى من فترة لأخرى بانتزاع بعض أحجار منه حتى قارب على الإندثار ، كما ضاع سقفه ، وتراكمت الأتربة بداخله .
وجدار القبلة مبنى من الحجر المنحوت ، ويتوسطه محراب حجرى مجوف معقود بعقد مدبب ويخلو المحراب من أية زخرفة ، وعلى جانبى المحراب توجد كتبيتان يعلو كل منهما عتب حجرى ثم نفيس ثم عقد عاتق .

أما الجدار الباقى من الواجهة الشمالية الغربية فهو مبنى بالحجر ، ويتميز بوجود حشوة مربعة تحتوى على زخارف هندسية مؤلفة من أطباق نجمية وأجزاؤها منفذة بالحفر البارز على الحجر ، كما يوجد بتلك الواجهة شباك مستطيل يغشيه ستارة حجرية يتخللها صفوف من دوائر مفرغة( لوحة 5) تعد من النماذج النادرة للشبابيك الحجرية المفرغة بهذا الشكل ، ونحن نرجح أن هذه الستارة الحجرية قد أضيفت على هذا الشباك فى وقت لاحق على بناء الضريح ، ربما كان ذلك فى العصر العثمانى ، يؤكد ذلك أن مساحة الستارة لا تنطبق تماما على فتحة الشباك بل يوجد فراغ واضح على الجانبين .

يمثل هذا الأثر بقايا تربة من عصر المماليك الجراكسة وهذا واضح من مبانيه وأحجاره ومميزات عمارته ، وجدير بالذكر أن مساحة العقار رقم ١٢ والملاصق للضريح من الشمال هي باقي مساحة الأثر ويمكن العثور على بقايا مؤيدة لوجهة نظرنا داخل هذا المنزل الحالي (رقم ١٢) أو إذا أجريت حفائر فيه ، وقد اختلط الأمر على إحدى الباحثات فذكرت أن هذا الأثر هو مسجد سيف اليزن ، لكننا حققنا موضع المسجد المذكور وتبين أنه كان بأول السكة ،ويسمى بجامع سيف اليزن وبداخله مقامه وقد هدم في السبعينات من القرن المنصرم وهو رقم ١ سكة سيف اليزن.

3- قبة السحيمى :

تعتبر هذه القبة أهم أثر تم التوصل إليه فى هذا البحث ، نظرا لأنها وصلتنا بحالة معمارية جيدة ومتكاملة ، وهى فضلا عن ذلك تشتمل على عناصر معمارية وزخرفية نادرة تعود إلى العصر العثمانى ، بالإضافة إلى وجود ترجمة لمنشئها مكنتنا من تأريخها .

الموقع :

تقع هذه القبة فى وسط قرافة باب الوزير علي بعد ٧٥ مترا شمال غرب شارع قرافة باب الوزير ، وتظهر هذه القبة في صورة قديمة من تصوير المصور صبّاح قبل عام 1874م ( لوحة 1) ويتضح منها أن قبة السحيمى كانت هى أقدم مبنى كان موجودا فى تلك الناحية من جبانة باب الوزير ، حيث تظهر القبة بجدرانها
الحجرية القديمة ، أما خوذتها فتظهر وقد كسيت بالبياض وكأنها قد تم الانتهاء من تبييضها قبيل التقاط الصورة مباشرة .

تاريخ الإنشاء :

أما عن تاريخ بناء هذه القبة فلا تحمل القبة نصوصا تسجيلية تشير إلى تاريخ إنشائها ، ولكن الجبرتى قدم لنا نصا فى غاية الأهمية عند ترجمته للشيخ أحمد بن محمد السحيمى حيث ذكر فى نهاية ترجمته أنه قد توفي ثامن شعبان سنة 1178هـ/1764م ودفن بباب الوزير ، وبناء على ذلك فإننا نستطيع أن نؤرخ هذه القبة قبل سنة 1178هـ / 1764م .

المنشئ :

أمر بإنشاء هذه القبة الشيخ أحمد السحيمى ، وقد قدم لنا الجبرتى ترجمة وافية عن الشيخ السحيمى المنسوب إليه هذه القبة فذكر أنه الإمام العلامة الناسك الشيخ احمد بن محمد السحيمي الشافعي نزيل قلعة الجبل حضر دروس الأشياخ ولازم الشيخ عيسى البراوي وبه انتفع وتصدر للتدريس بجامع سيدي سارية وأحيا الله به تلك البقعة وانتفع به الناس جيلا بعد جيل وعمر بالقرب من منزله زاوية وحفر ساقية بذل عليها بعض الأمراء باشارته مالا حفيلا فنبع الماء وعد ذلك من كراماته فانهم كانوا قبل ذلك يتعبون من قلة الماء كثيرا ، وشغل الناس بالذكر والعلم والمراقبة وصنف التصانيف المفيدة في علم التوحيد على الجوهرة وجعله متنا وشرحه مزجا وهي غاية في بابها وله حال مع الله وتؤثر عنه كرامات اعتنى بعض أصحابه بجمعها واشتهر بينهم أنه كان يعرف الاسم الأعظم ، وبالجملة فلم يكن في عصره من يدانيه في الصلاح والخير وحسن السلوك على قدم السلف توفي ثامن شعبان سنة 1178هـ/1764م ودفن بباب الوزير " .

كما أضاف لنا الجبرتى ترجمة أخرى عن شخص آخر من أفراد هذه الأسرة دفن بتلك القبة وهو ابن المنشئ الشيخ أحمد بن أحمد بن محمد السحيمي المتوفى فى عام 1201هـ/1786م فقال " ومات الإمام العلامة والفاضل الفهامة صفوة النبلاء ونتيجة الفضلاء الشيخ أحمد بن أحمد بن محمد السحيمي الحنفي القلعاوي تفقه على والده وعلى الشيخ أحمد الحماقي وحضر معنا على شيخنا الشيخ مصطفى الطائي الهداية وأنجب ودرس في فقه المذهب والمعقول مع الحشمة والديانة ومكارم الأخلاق والصيانة توفي سادس عشر شوال ودفن عند والده بباب الوزير.

الوصف المعمارى للقبة :
الواجهات :

لهذه القبة أربعة واجهات مبنية بالحجر المنحوت نحتا جيدا ، وقد كانت تلك الواجهات غير ملتصقة بأية مبانى وقت الإنشاء بدليل أن المعمار قد فتح فيها جميعا شبابيك ، أما اليوم فلا يظهر من تلك الواجهات سوى جزء كبير من الواجهة الرئيسية( لوحة 6) ، أما الثلاثة واجهات الأخرى فيحجبها عدد من الأحواش والمقاصير الخشبية المعدة للدفن التى تلتصق بتلك الواجهات .
ويتوج جميع الواجهات شرافات حجرية على هيئة أوراق نباتية ثلاثية( لوحة 7) .

والواجهة الرئيسية هى الجنوبية الشرقية ، وفى طرفها الأيمن يوجد المدخل الرئيسى والوحيد للقبة ، وهو مدخل معتبر يشبه مداخل منشآت الأمير عبد الرحمن كتخدا التى تعود لنفس فترة بناء هذه القبة ، وهو عبارة عن دخلة يتوجها عقد ثلاثى مدائنى يحيط به جفت لاعب ذو ميمات ، شغل جانبيه بمقرنصات ذات دلايات بعضها تشتمل على براقع مفرغة( لوحة 8) ، أما طاقية العقد فقد زخرفت بزخارف مشعة ، وتشتمل كتلة المدخل على باب الدخول وهو عبارة عن فتحة باب مستطيلة يعلوها عتب حجرى ثم نفيس ثم عقد عاتق ، وعلى النفيس توجد لوحة حديثة من الرخام كتب عليها " بسم الله الرحمن الرحيم هذا مقام سيدى السحيمى له الفاتحة " ، ويشتمل العقد العاتق على زخارف منحوتة فى الحجر قوامها شجرتى سرو على الجانبين يحصران بينهما دائرة زخرفية . وفى المستوى العلوى من هذه الواجهة فتح قندليتين ثلاثيتى الفتحات بينهما نافذة مستديرة .

ومن الأشياء المميزة فى تلك الواجهة وجود حوض من الحجر يقع بجوار المدخل( لوحة 9) ، والحوض يأخذ شكلا مستطيلا ، وله غطاء منفصل من قطعة واحدة من الحجر ، وزخرفت قاعدة الحوض بزخارف هندسية من عقود منكسرة متجاورة ، ويبدو أنه كان يستخدم فى تسبيل الماء لشرب المترددين على الجبانة والزائرين للقبة ، وربما كان جزء من سبيل مصاصة حيث يقع خلف لوح المصاصة ، يرجح ذلك وجود فتحة صغيرة بجدار الحوض مسدودة حاليا بالمونة ، ربما كانت مخصصة لماسورة المصاصة التى تنقل الماء من الحوض إلى البزبوز المثبت على لوح المصاصة .

والواجهات الثلاثة الأخرى للقبة مبنية بالحجر ويتوجها شرافات حجرية تماما مثل الواجهة الرئيسية ، وقد حجبت الأجزاء السفلية من تلك الوجهات خلف مدافن أقيمت فى وقت لاحق على تاريخ بناء القبة ، ولكن نستطيع أن نرى بعض معالمها حيث تشتمل كل من الواجهة الجنوبية الغربية( لوحة 7 ) والشمالية الشرقية على دخلتين فتح بكل منهما فتحة شباك مستطيلة ، كان يغشى تلك الشبابيك فى الأصل ستائر من الحجر المفرغ على هيئة أطباق نجمية مفرغة وأجزاؤها تعد من النماذج النادرة للشبابيك الحجرية المفرغة فى العصر العثمانى ، وقد بقى من هذه الشبابيك ثلاثة واحد فى الجدار الجنوبى الغربى( لوحة 10) وآخر فى الجدار الشمالى الشرقى(لوحة11) ، كما يوجد شباك ثالث فى الواجهة الشمالية الغربية ، أما باقى الشبابيك فقد سدت .

ومنطقة انتقال القبة من الخارج عبارة عن شكل هرمى قمته لأعلى وقاعدته لأسفل( لوحة7) ، وفتح فى كل ضلع من أضلاعها الرئيسية قندلية ثلاثية الفتحات ، يعلو ذلك رقبة القبة التى تشتمل على ستة عشر نافذة معقودة ، أما خوذة القبة فمادة بنائها مختلفة عن مادة بناء باقى القبة إذ بنيت بالطوب المكسو بطبقة من الملاط ، ونلاحظ أن القبة تمتاز بارتفاعها الكبير ، كما أن أنها ذات قطاع مدبب .

القبة من الداخل:

تخطيط القبة من الداخل عبارة عن دورقاعة تليها مساحة مربعة مغطاة بقبة مرتفعة، فى حين يغطى الدورقاعة سقف خشبى ، ويفصل بين هذين الجزئين قاطوع من الخشب ،ومنطقة انتقال القبة عبارة عن أربعة عقود مدائنية ، بواقع عقد فى كل جانب، تقوم فوقها رقبة القبة وقد فتح بها ستة عشر نافذة صغيرة معقودة ، يعلو ذلك خوذة القبة المبنية بالطوب ، ويوجد بداخل القبة خمسة تراكيب اثنان منها على يمين ويسار الداخل إلى القبة مما وتخطيط هذه القبة يشبه إلى حد كبير مدفن عبد الرحمن كتخدا الملحق بالأزهر (1167هـ /1753م ) والذى يعود إلى نفس فترة بناء هذه القبة .

4- قبة الصاوى :

تقع هذه القبة فى أقصى الطرف الشمالى من قرافة باب الوزير ملاصقة لسور القاهرة الشرقى " سور صلاح الدين " ، وموقع القبة موقع على خريطة القاهرة فى سنة 1936م تحت اسم " مقام سيدى محمد الصاوى " ( شكل رقم2 ) . وتختفى جدران القبة حاليا وسط مجموعة من أحواش الدفن الحديثة ولا يكاد يظهر منها من الخارج سوى الخوذة والرقبة( لوحة 12) .
تنسب القبة إلى الشيخ محمد الصاوى أحد الأولياء المعروفين بالكرامات ، وأصله من مدينة " صا الحجر " ، وهو والد الشيخ أحمد الصاوى أحد أشهر مشايخ الأزهر فى نهاية القرن الثامن عشر وأوائل عصر محمد على ومؤسس الطريقة الصاوية.

التخطيط العام للقبة من الداخل عبارة عن مساحة مستطيلة تتقدم القبة يليها القبة نفسها ، والمساحة التى تتقدم القبة ليس بها ما يستحق الذكر فسقفها خشبى حديث وأرضيتها من البلاط ، وفى نهايتها توجد فتحة كبيرة معقودة تفضى إلى داخل القبة مباشرة ، وبوسط أرضية القبة يوجد قبر الشيخ محمد الصاوى عليه تركيبة خشبية خالية من الزخارف .

وتتكون القبة من الداخل من مربع القبة ، منطقة الانتقال ، خوذة القبة( لوحة 13) ، ومربع القبة يشتمل فى جداره الجنوبى الشرقى على حنية محراب مجوف خالية من الزخارف ، ومنطقة الانتقال عبارة عن أربعة حنايا ركنية ، وفتح برقبة القبة أربعة نوافذ صغيرة معقودة بين كل اثنين منها فتحتان مسدودتان " مضاهيتين "( لوحة 12 )، أما خوذة القبة فمبنية من الطوب الآجر المكسو بطبقة سميكة من الملاط ، وبأعلاها قائم أسطوانى يتخلله انتفاخات معلق به صارى من الخشب .

5- مدفن وسبيل مصاصة عمر وإبراهيم الملطيلى :

يقع هذا الأثر خلف قبة السحيمى ، وهو يشتمل على مدفن وسبيل مصاصة ، وطبقا لما ورد بالنص التأسيسى الموجود أعلى مدخل المدفن فقد أنشأه أخوين من أسرة تنتمى إلى السادة الأشراف وهما السيد الشريف عمر والسيد الشريف إبراهيم ابنى السيد الشريف خليل ملطيلى وذلك فى سنة 1195هـ/1780م (لوحة 16) ، ثم تجدد المدفن والسبيل المصاصة فى سنة 1217هـ/1802م على يد الحاج حسين معتوق الحاج إبراهيم الملطيلى .

تعرض المدفن لتجديدات متعددة فى العصر الحديث ، ومن ثم فقد ضاعت أجزاء كثيرة منه وهدمت بعض جدرانه وبنيت بدلا منها جدران حديثة ، كما ضاعت التراكيب الرخامية الكثيرة التى كانت بداخله ، ولم يتبق منها سوى تركيبة واحدة (لوحة 17) وضع عليها الشواهد الرخامية التى كانت على التراكيب المفقودة ، ومع ذلك فقد تبقت بعض البقايا الأثرية التى تنم عما كان عليه هذا المدفن فى العصور السابق ، وتنحصر تلك البقايا فى :
- جزء من جدار الواجهة الرئيسية يضم كتلة المدخل ( لوحة14)، وهو مبنى بالحجر النحيت فى ثمانية مداميك ، ويوجد فى طرف هذه الواجهة كتلة المدخل التى ترتفع قليلا عن بقية الواجهة ، وتضم فتحة باب مستطيلة محاطة بجفت لاعب ذو ميمات ، ويعلوها لوحة من الرخام تضم نصا بالخط النسخ مؤلف من أحد عشر سطرا تتضمن أبيات من الشعر( لوحة 16) ، كل شطر داخل بحر وتقرأ كالتالى :
رد واشرب من ماء زلال صافيا واطلبوا لمن أنشأ له تأييدا
عمر وإبراهيم دام عليهما فضل الإله وستره ممدودا
رويت بحوضهما الظمآن فأرخت لا زال كل حوضه مورودا
جدد هذا السبيل المبارك من فضل الله سبحانه وتعالى
الشريف الحاج إبراهيم وأخيه الشريف الحاج عمر أولاد
الشريف خليل ملطيلى كان الله لهما آمين سنة ألف وماية خمسة وتسعين
رد واشرب ماء صافيا واطلبوا لمن أنشأ له تأييدا
حسين دام عليهما فضل الإله وستره ممدودا
رويت بحوضهما الظمآن فأرخت لا زال كل حوضه مورودا 1195هـ
عمره بعد وفاتهم الحاج حسين معتوق المرحوم الشريف الحاج إبراهيم
غفر الله لهما وللمسلمين أجمعين سنة ألف ومائتين وسبعة عشرة من الهجرة
ونلاحظ أن الكاتب قد أخطأ فى التأريخ بحساب الجمل فى هذا النص إذ بالرغم من وجود تاريخين أحدهما تاريخ الإنشاء 1195هـ/1780م والآخر تاريخ التجديد 1217هـ/1802م إلا أنه وضع لهما نفس الكلمات " لا زال كل حوضه مورودا " .
- جزء من جدار يقع فى الناحية الجنوبية الغربية ، مبنى بمداميك من الحجر المنحوت ويزخرفه من أعلى كورنيش حجرى بارز .
- تركيبة من الرخام مستطيلة الشكل ، زخرف القسم السفلى منها بزخارف نباتية من شجيرات وأوراق طويلة مدببة تتبادل مع مناطق دائرية بداخلها زخارف مشعة أما القسم العلوى من التركيبة فيزخرفه كتابة بخط النسخ منفذة بالحفر البارز داخل شريط مستطيل والكتابة المنفذة هى آية الكرسى ، وعلى هذه التركيبة وضعت تسعة شواهد رخامية مختلفة الأشكال والأطوال ، منها خمسة شواهد تنتهى بشكل مدبب ، واثنان بشكل عمامة ، وواحد مستطيل ، وواحد ينتهى بقمة أسطوانية الشكل ومن الواضح أن هذه الشواهد الكثيرة التى وضعت على هذه التركيبة تم تجميعها من التراكيب العديدة التى كانت موجودة فى هذا المدفن ووضعت على هذه التركيبة .

ونستطيع أن نقرأ على أحد الشواهد التى تنتهى بعمامة الكتابة التالية " لا إله إلا الله ـ محمد رسول الله ـ كل من عليها فان ـ ويبقى وجه ربك ذو ـ الجلال والإكرام ـ رويحيون فاتحة " وتوجد نفس الكتابة على الشاهد الكبير المنتهى بقمة أسطوانية ، وعلى شاهد آخر نقرأ " هذا قبر المرحوم الشيخ إبراهيم ـ بن الشيخ السيد الشريف خليل ـ توفى إلى رحمة ربه ـ يوم الأحد غاية شهر رمضان سنة .... " .
- سبيل مصاصة يقع فى الناحية الجنوبية الشرقية من المدفن ، وهو عبارة عن لوح كبير من الرخام يحتوى على بزبوزين من النحاس ، وقد ثبت اللوح فى دخلة معقودة بعقد مدبب. ومن المؤكد أنه كان يقع خلف هذا السبيل المصاصة حوض حجرى يخزن فيه الماء حيث تنزل فيه ماسورة أو أنبوبة المصاصة كما هو الحال فى بعض أسبلة المصاصة الباقية ومنها سبيل المصاصة الملحق بسبيل حسن أغا أرزنكان (1246هـ /1830م ) بتحت الربع وسبيل المصاصة الملحق بسبيل والدة أحمد باشا رفعت (1281هـ / 1864م ) أمام مسجد الحسين .

وظاهرة إلحاق السبيل المصاصة بالمدافن قد شاعت فى مدينة القاهرة فى القرن التاسع عشر ، طلبا للثواب فى تسبيل الماء وترحما على الموتى من أصحاب هذه المقابر ، وكانت بموقعها هذا داخل المدافن تؤدى وظيفة هامة رغم صغر حجمها واستقلاليتها إذ كانت المورد الرئيسى للشرب للمترددين على المقابر للزيارة .
وقد توصل الزميل الدكتور محمد طربوش إلى أن أقدم مثل باق لأسبلة المصاصة الملحقة بمدافن هو سبيل المصاصة الملحق بمدفن أحمد على أغا قامش بشارع عين الحياة بمدافن الإمام الشافعى المؤرخ بسنة 1239هـ /1823م، إلا أن سبيل المصاصة الذى بين أيدينا فى هذا البحث وهو سبيل المصاصة الملحق بمدفن الملطيلى والمؤرخ بعام 1195هـ/1780م أقدم من السبيل المصاصة المذكور .

6- بقايا سور حجرى من عصر محمد على باشا :

تبدأ بقايا هذا السور من أمام قبة الأمير يونس الدوادار بالحطابة ، حيث يوجد جزء من هذا السور يمتد بطول واجهة تلك القبة ( لوحة18 ) ، وإذا واصلنا السير فى شارع الحطابة متجهين ناحية درب المحجر فسنجد جزء آخر من السور وقد اتخذ أساسا بنيت عليه بعض البيوت الموجودة فى أول شارع باب الوداع( لوحة 19 ) ، ثم يظهر جزء آخر من السور بأول شارع الحطابة على رأس حارة الحرافيش ، وينقطع السور بعد ذلك ليظهر جزء صغير منه تجاه زاوية الشيخ حسن الرومى ، والمنزل المجاور لذلك الجزء اتخذ أيضا السور أساسا للبناء .

وتتميز الأجزاء الباقية من هذا السور بأنها مبنية بالحجر الفص النحيت فى مداميك منتظمة يصل ارتفاع بعضها إلى خمسة عشر مدماكا كما هو الحال فى الجزء الكبير الكائن أمام قبة يونس الدوادار، وبعضها أقل من ذلك كما فى الأجزاء التى اتخذت أساسا لبعض البيوت بأول شارع الحطابة والمنزل الكائن بدرب المحجر تجاه زاوية حسن الرومى ، كما يتميز هذا السور بوجود كورنيش حجرى بارز يزخرف السور من أعلى .

بقى أن نجيب على تساؤل هام يطرأ على الذهن ، ما هو الغرض من إقامة هذا السور ، لقد كان هذا السور جزءً من مشروع أعد فى عصر محمد على لتنظيم المنطقة المحيطة بالقلعة من الناحية الشمالية ، ففى ولاية محمد على باشا الكبير جددت أكثر أبواب القلعة ومنها الباب المدرج وباب الإنكشارية ، ولكن عندما تبين لمحمد على أن هذين البابين لا يصلحان لمرور العربات والمدافع ذات العجل أمر فى سنة 1240هـ /1825م بإنشاء باب جديد ومتسع للقلعة وهو الباب المعروف باسم " الباب الجديد " ، ومهد له طريقا منحدرا لتسهيل الصعود إلى القلعة والنزول منها ، وفى إطار هذا المشروع قام محمد على بتنظيم الشارعين الرئيسيين المؤدين لهذا الطريق الموصل للباب الجديد ، وهما شارع باب الوداع المؤدى للقلعة من ناحية الحطابة ، وشارع المحجر المؤدى للقلعة من ناحية الرميلة ، وجعل على كل منهما سورا من الحجر ، وهو هذا السور الذى نحن بصدده والذى يفصل بين شارع باب الوداع والقرافة من جهة ، ويفصل فى الاتجاه الآخر بين شارع درب المحجر والبيوت الملاصقة له ، ليكون هذان الطريقان المؤديان للقلعة فى أبهى صورة وفى أحسن نظام ، وقد كان يتخلل هذا السور مجموعة من الأبواب الصغيرة كانت تفتح على الحارات التى يمر من أمامها ، وما زالت توجد بعض السلالم التى كان سكان تلك الحارات يعبرون منها إلى شارعى درب المحجر وباب الوداع ومنها واحدة على رأس درب المارستان ، وأحد هذه الأبواب كان قائما أمام قبة يونس الدوادار ، كما كان يوجد فى طرف السور بوابا كبيرا يؤدى إلى داخل قرافة باب الوزير عرف باسم " باب الوداع " .

ومن خلال العرض السابق يتبين لنا أهمية هذا البحث فى لفت نظر الباحثين والمختصين بالآثار الإسلامية إلى هذه المجموعة الجديدة من الآثار الإسلامية ، ونحن نوصى بضرورة التنبه إلى أهميتها واتخاذ الإجراءات اللازمة لتسجيلها وإدراجها ضمن قائمة الآثار الإسلامية المسجلة .
 
 
الصور :