الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

ضرورة وجود تشريعات قادرة علي محاربة الفساد

ضرورة وجود تشريعات قادرة علي محاربة الفساد
عدد : 04-2016
بقلم الدكتور/ عادل عامر

إن البرلمانات بوصفها مؤسسات للحكم الجيد يمكن لها أن تلعب دوراً مهماً في اتخاذ إجراءات عملية للنهوض بالمجتمع وإنقاذه من براثن الفساد تصدى لمكافحة الفساد لجان وهيئات وطنية، أحدثت لهذا الغرض على الصعيد الوطني وعلى الصعيد الدولي، وأُبرمت اتفاقات لإحداث منظمات دولية تعنى بمكافحة الفساد على غرار (اتفاقية مكافحة ارتشاء المسئولين الحكوميين الأجانب في المعاملات التجارية الدولية) وحتى تتسم السيطرة على الفساد، يُفترض أن يتسلح المواطنون بالمعرفة التي تؤهلهم لكشف ممارسات الحكومة الظاهرة والمخفية. ومحاربة الفساد عملية معقدة،

وإن الجهود التي تبذل بهذا الصدد قد لا تحقق النجاحات المرجوة، ولا يمكن التصدي لظاهرة الفساد بحلول انفرادية وأحادية الجانب، بل تتطلب منظومة متكاملة من الإجراءات على الصعيدين الوطني والدولي، بما يحصن مؤسسات الحكم الجيد من تداعيات الفساد. إن مفتاح مكافحة الفساد يتمثل بالإرادة السياسية، والتي تعني فيما تعنيه (البيئة السياسية التطبيقية والرغبة الصادقة) لدى المسئولين في مواجهة الفساد ومكافحته، باستئصال أسبابه ومسبباته وتصفية الآثار المترتبة عليه، مع الإشارة بأن دوائر الفساد تتكامل وتتقاطع مع بعضها بعضاً لتفشل وتحبط بدورها الإرادة السياسية ذاتها.

وحيثما يكون الفساد متأصلاً في المجتمع ومزمناً، دل ذلك على ضعف الإرادة السياسية، والعكس الصحيح، إذا كان الفساد هامشياً ولا يتجاوز حقل الارتكابات الفردية البسيطة، دل ذلك على أن الإرادة السياسية القوية متوافرة، ومؤمنة بضرورات التمسك بالحكم الجيد، الذي يُؤمن رفعة الوطن وخير المواطن، وإيمان المسئولين بالعمل كحاجة حيوية أولى، لمواجهة كل ما يُعكر صفو المجتمع وينتهك الحقوق والواجبات.

أما الإرادة السياسية الضعيفة التي تتعايش مع الفساد، ولا تمتلك المبادرات لمكافحته فإنها حتى وإن أعلنت عن إصلاحات، فإنها تبقى من قبيل العبث، ويصبح من ثم وجود المصلحين من المسئولين بلا معنى، حتى وإن توفرت لديهم الجدية والرغبة الصادقة في الإصلاح، وبدون الإرادة السياسية، فإن مواجهة الفساد ستقتصر على الشكل ليس إلا، ويبقى دور المصلحين مقتصراً على المناشدات والنداءات والتمنيات التي لا تغني ولا تُسمن من جوع، ولهذا يفترض أن تتعزز الإرادة السياسية، بالشفافية والمحاسبة، وإلا ستُستغل جهود المصلحين ومناصريهم ستاراً للاستمرار في إساءة استخدام السلطة، وعندها سيتهرب الناس بمحاولات الإصلاح والتصدي للفساد، ويستخفون ويهزؤون بكل من ينادي بالإصلاح ويفكر في تطبيق القانون.

والإرادة السياسية لا تعني بحال من الأحوال الوعود المعسولة والعهود المنقوصة والطموحات غير الواقعية، وإن التطرف والإكثار منها، يؤدي إلى إحباط جماهيري، وانفضاض الناس عن النظام وخيبة أملهم في الإصلاحات. وحتى لا يصاب المجتمع بخيبة الأمل واليأس في استحالة مكافحة الفساد، يُفترض تهيئة المناخ، وتنظيم حملات إعلامية مكثفة لتعميم ثقافة مكافحة الفساد في أوساط المجتمع، من خلال إشراك الجماهير عبر منظماتهم الشعبية ونقاباتهم المهنية ومؤسساتهم المدنية في حملة مكافحة الفساد.

نظرا للأهمية القطاع الخاص في الوقت الحالي ودوره في الاقتصاد الدولي وتمتع الشركات والمؤسسات بالشخصية الاعتبارية المستقلة عن مؤسسيها وماقد يتصور من فساد قد يقع من قبل تلك الشركات والمؤسسات قد قامت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بتقرير مسئولية الشخصيات الاعتبارية إذ ما شاركه في الأفعال المجرمة وفقا لهذه الاتفاقية وذلك بالمادة 26 منها وقد جعلت إمكانية أن يكون الجزاء الموقع عليها جنائية أو مدنية أو إدارية وأن كان لا يتصور أن يتمثل العقاب في عقوبة مقيدة للحرية إلا أنه من الممكن الحكم عليها بالمصادرة أو الغرامة أو حرمانها من مزاولة نشاطها فضلا عن أن ثبوت مسئولية الشخص الاعتباري لا يمنع من إمكانية مسائلة الأشخاص الطبيعية التي يثبت أدانتهم في إحدى الجرائم الواردة بالاتفاقية جنائيا .

ونجد هنا المشرع المصري لا يعترف بالمسئولية الجنائية للأشخاص الاعتبارية الا بنسبة لجرائم محددة مثل بعض الجرائم التى تقع بالمخالفة لقانون الشركات أو لقانون حماية البيئة . و لذلك يجب على المشرع المصري إجراء التعديلات اللازمة حتى يتوافق التشريع المصري مع مواد الاتفاقية وذلك فضلا علي أهمية التوسع في توقيع الجزاء الجنائي على تلك الأشخاص الاعتبارية حتى لا يتخذ منها الأشخاص الطبيعية درعا لحمايتهم من تلك المسئولية بقيامهم بارتكاب الجرائم الواردة بالاتفاقية تحت مسمى هذه الشخصيات .

ويجب أن نوضح في النهاية أنه يجب أن تكون العقوبات الموقعة متناسبة مع درجة جسامة الجرم وهو ما أوضحته الاتفاقية في مادتها رقم 30 وهو ما يقصد به ضرورة الاهتمام بالتفريد الجزائي، ونجد هنا المشرع المصري في جرائم الاعتداء على المال العام قد خفف العقوبة إذا كان المبلغ المختلس أو الضرر الناشئ يقل عن خمسمائة جنية مصري وذلك بالمادة رقم 118 مكررا أ من قانون العقوبات مما يدل على مراعات المشرع المصري أن تكون العقوبة متناسبة مع الجرم المرتكب ولكن لانجد مثل هذا الشأن في العديد من الجرائم الأخرى ولذلك على المشرع المصري أن يضمن النصوص العقوبية حد أدنى وأقصى أوسع للعقوبة حتى يكون للقاضي أن يقدر ويوائم بين الجرم والعقوبة المناسبة له وفقا لكل حالة . أن ثمة ترابطا بين تحسين صحة التمثيل البرلماني والتحول نحو الحكم الصالح، بما يؤدي إلى قيام برلمانات تستطيع لعب دورها بفعالية في مكافحة الفساد في مختلف مفاصل الدولة"، لان أن توافر الديمقراطية ليس شرطا كافيا للأداء السليم والمعافى، إنما لا بد من أن يقترن ذلك بثقافة مترسخة وممارسة فعلية من البرلمان ضمن ضوابط وأخلاقيات معينة لدى كل برلماني ومنها التجرد والالتزام والشفافية والنزاهة وسواها من القيم".

"إذا كان دعم هيئات الرقابة ومنحها استقلالية ودورا رادعا من شأنه المساهمة في مكافحة الفساد، فان أهم وسيلة لمكافحته هي في منع حصوله، ويكون ذلك عبر تعزيز قيام دولة القانون والتزام حقوق الإنسان واعتماد مبدأ المساءلة والمحاسبة والابتعاد عن التسويات التي من شأنها أن تعمم الفساد وتحمي الفاسدين مسئولين كانوا ام موظفين"، لان "مكافحة الفساد هي في صلب العمل البرلماني وهي عمل دءوب ومستمر يسعى إلى إيجاد مؤسسات المساءلة والمحاسبة وتعزيز آلياتها، عبر بناء نظام من الشفافية والنزاهة، في إطار العمل المؤسسي الذي يمكن من قيام الحكم الصالح والرشيد".

إننا أحوج ما نكون اليوم إلى الخروج من لعبة التجاذبات السياسية، للانتقال إلى بناء ثقافة مكافحة الفساد على كل المستويات"، لأنة رغم الظروف التي تمر بها البلاد والمنطقة العربية، يجب أن يعمل مجلس النواب يعمل بحكمة، عبر هيئاته ولجانه وأعضائه، على ممارسة دوره التشريعي والرقابي، بما يحافظ على إيقاع الساحة الداخلية وتوازنها لإمرار هذه المرحلة العصيبة التي تعصف في المنطقة".

وإذ نتمنى أن تهدأ الأمور في المنطقة العربية في أسرع وقت ممكن، وان تنصب الجهود من اجل خلق مناخ من الشفافية والصلاح تحت سقف قانون عادل ضامن لحقوق الناس، أمل أن تكون البرلمانات أساسا في المراقبة والمحاسبة وسن التشريعات ولا سيما منها ما غاب عن مواكبة التطور الحاصل في كل الميادين".