منذ اندلاع ثورة 25 يناير 2011 وملف السياحة المصرية وغيره من الملفات الحيوية تسير بأحلام المصريين الثائرة نحو مستقبل مبهم الملامح لا علاقة له بديناميكية التطور العالمى ، أحيانا نلتمس العذر ونتفهم الوضع المرحلى الذى تمر به مصر فى حربها على الإرهاب وقسوة وجوبيه تلقى السياحة أولى رصاصات المعركة بصفتها صناعة هشة تتأثر بالسلب فور إندلاع أى أزمة، ولكن ما لا نتفهمه أو نتقبله هو عجزنا بهذا الشكل المخزى عن المحاولة الجادة فى القضاء على مثلث التدمير (الفقر والجهل والمرض) بعد مرور أكثر من خمس سنوات على الحلم الثورى ، وتظل هكذا حياتنا اليومية غارقه فى تدبر أعباء تكاليف الغذاء والسكن والصحة والتعليم ،وأصبحنا نموذجا عالميا يضرب به المثل فى الضيق والهم والحزن ، اللهم فئة قليلة تحيا فى امبراطوريتها الخاصة داخل أو خارج الدولة فى عيشة رغدة هنية.
تاريخنا الممتد بجذوره لآلاف السنين يؤكد أن أجدادنا المصريين القدماء كانوا مفخرة تاريخ الشعوب بارعون فى شتى العلوم والأداب والفنون، فما بال أحفادهم وهم الان ثروة بشرية هائلة تجاوزت ال 91 مليون نسمة يملكون مصيرهم ومقدراتهم تضيع أعمارهم وجهدهم هباءا هكذا!
لقد أولينا للمسئولين عن مقدرات هذه الأمة الثقة فى صنع مستقبل أفضل لنا ولأبنائنا ودعمنا خططهم وإستراتيجياتهم واستمعنا لوعودهم البراقة ومرت الشهور والسنيين لنكتشف أن هناك من يتعمد مخادعة الرعية بالتصريحات الإعلامية الرنانة الغير مبنية على أسس علمية وعملية من المفترض أنها ذخيرة متراكمة عند كل مسئول تجاوز من العمر الخامسة والخمسين متمسكاً بجاه المنصب راغباً فى إختتام حياته المهنية ببصمه مشرفه يذكرها تاريخ مصر الحديث ، ولكن ارتفاع حجم البطالة الى 12.8% ومعدل التضخم إلى 14.8% يؤكد تردى الوضع الاقتصادى ويكشف لنا استمرار قصور الآداء المهنى وضعف الهمم وغياب الاخلاص وانعدام الرؤى والفكر وعمق جذور الفساد.
فالسياحة من أهم الملفات التى من شأنها النهوض سريعا بعجلة الاقتصاد القومى ، ولا محالة فى أن المجلس الأعلى للسياحة بقيادة رئيس الجمهورية فى حاجة ملحة لدراسة مشكلاتها وتذليل عراقيل نموها بسرعة شديدة على الصعيدين المحلى والدولى ، والبدايه يجب أن تكون فى توفير مناخ إدارى سليم يعتمد على الخبرات والكفاءات فقط للنهوض بمنظومة العمل السياحى ككل ،خاصة بعد تراجع الايرادات السياحية بنسبة 41% لتصل إلى 3.3 مليار دولار خلال 9 شهور من العام المالى 2015/2016 ،ونحن لا نتوقع حدوث قفزة هائلة بنهاية العام طالما المبادرات السياحية فى السوق العربى تبيع مصر ب"ريال" وقريباً بالمجان فى نظيره الروسي ، بالإضافة إلى انحسار الفكر التنشيطى فى فتح أسواق أسيوية جديده بديلة عن التى فرضت علينا الحظر، ولم يسأل أحد نفسه أليس السوق الجديد سينظر هو أيضاً فى نفس أسباب عزوف السوق الأوروبي القديم؟..ولا من المتوقع أيضاً أن تحدث طفرة فى الأعداد طالما سقف طموح الوزارة متوقف على استجلاب 10 مليون سائح بنهاية عام 2016 ،وبالمناسبة هو نفس الرقم الذى كان يستهدفه الوزير السابق بنهاية عام 2015 ،ولم يتحقق إلا 9.3 مليون سائح العام الماضى محققين إيرادات 6 مليار دولار، أى أن الهدف ثابت منذ عامين تعاقبت فيهما حقائب ثلاث وزراء من المفترض أن لكل منهم أدوات وفكر مختلف !!
قد يتصور البعض أن المصريين مغيبون لا يستحقون إلا الحياة فى زمن الأوهام وحجب الحقائق ولكن من يهتم بمتابعة ردود أفعالهم السريعه عبر السوشيال ميديا منها على سبيل المثال لا الحصر حادث الانقلاب العسكرى الأخير فى تركيا سيكتشف أن أذهانهم متقدة قادرة على إعطاء الدرس للفئات المدعية الفهم ، حتى وإن كانت آرائهم المختلفة اتسمت بالحدة فى أسلوب تناول وتحليل حدث مصيرى يخص وطن أخر يملك ماضى وحاضر ومستقبل سياسي وعسكرى واقتصادى ومجتمعى مختلف عنهم إلا أن مشاعرهم اتحدت فى الحب والغيرة على وطنهم ، ولا يتبق الآن إلا استدعاء الشرفاء من أهل العلم والحكمة ورجال الدين من كل مكان لممارسة دورهم فى شحذ الهمم وتوحيد الصف ونبذ الفتن والعنف والجدل العقيم والتركيز على إحياء المثل والقيم والأخلاق وتبصير جموع الشعب بقيمة العمل الجاد لبناء وتنمية الوطن فى أطر تتناسب مع إمكانيات وموارد مصر الغنيه فى كل شبر من أرضها ، فلن نستطيع درء المخاطر المحيطة بنا من الداخل والخارج إلا إذا نهضنا جميعا وأدركنا عجلة الزمن بتحمل مسئولياتنا تجاه الوطن.
|