الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

منــف الخالـــدة

منــف الخالـــدة
عدد : 08-2016
دكتور محمد رأفت عباس يكتب:


منف .. " إنبو حج " و" حت كا بتاح " بالمصرية .. " ممفيس " باليونانية .. لطالما أثارت هذه الاسماء المختلفة للمدينة المصرية التليدة خيال المؤرخين وفضول الباحثين ونهم المستكشفين وعقول الرحالة والعابرين .. فمنف ليست مجرد مدينة خالدة فى صفحات التاريخ ، إنما منف هى التى بدأ بها ومنها التاريخ .. هى أولى عواصم مصر الموحدة وأكثر المدن التى لعبت هذا الدور على امتداد تاريخ مصر القديمة على الاطلاق ، كما كانت منف عاصمة الاقليم الأول من أقاليم مصر السفلى ، والتى يشغل موقعها الحالى قرية ميت رهينة الواقعة على مسافة 24 كم إلى الجنوب من القاهرة .. ولعل عظمة منف التاريخية تتجلى بوضوح فى أن أحد اسماءها أو اسم معبدها الكبير " حت كا بتاح " ( معبد روح بتاح ) قد أشتق منه المسمى اليونانى لمصر " أجيبتوس " ، والذى اشتق منه مسمى بلادنا فى سائر لغات العالم المختلفة .

بين صفحات التاريخ ..

تعود الجذور التاريخية لمدينة منف إلى عصر الأسرات المبكر ، حيث تأسست نحو عام 3100 قبل الميلاد لتكون علامة تاريخية فاصلة فى أعقاب توحيد شطرى مصر العليا والسفلى ، وأصبحت أول عاصمة لمصر الموحدة ورمزا حقيقيا لأول حكومة مركزية فى تاريخ مصر والعالم القديم . وقد تم ذلك الأمر على يد أول ملوك الأسرة الأولى وهو الملك نعرمر أو مينا الأسطورى وذلك فيما يرى الغالبية العظمى من المؤرخين . ولقد

ذكر المؤرخون أن الملك مينا قد قام بإحاطة منف بأسوار بيضاء من الطوب اللبن ، والتى أعطت المدينة مسماها المصرى القديم " إنبو حج " أى الجدار الأبيض أو القلعة البيضاء .. أما عن المسمى منف ( ممفيس باليونانية ) ، فقد رأى المؤرخون أنه قد اشتق من الكلمة المصرية القديمة " من نفر " وهو اسم هرم الملك ببى الأول من الأسرة السادسة والذى يقع قريبا من المدينة فى جنوب سقارة .

ولقد اعتبرت منف أحد المراكز الدينية العظمى فى مصر القديمة عبر تاريخها ، حيث كان بتاح إله الفنون والحرف والفنانين والصناع هو معبود منف الرئيس ، وكان يجسد بهيئة بشرية ، وارتبطت به إحدى نظريات خلق الكون فى الفكر الدينى المصرى والتى سميت بنظرية منف ، وقد شكل مع زوجه المعبودة سخمت وولده المعبود نفرتوم ثالوث منف الشهير . والجدير بالذكر أن منصب الكاهن الأعلى للمعبود بتاح قد اعتبر واحدا من أكبر المناصب الدينية فى مصر القديمة عبر تاريخها الطويل ، وقد تولاه الكثير من الشخصيات الكهنوتية البارزة فى تاريخ مصر القديمة لعل أشهرهم الكاهن والحكيم والعالم والأمير خع إم واست ابن الملك رمسيس الثانى .

احتلت منف موقعا جغرافيا متميزا جعلها تتحكم فى شطرى البلاد ، فقد أتاح لها موقعها التحكم فى أقاليم الدلتا المختلقة ووفر لها سهولة الاتصال بطرق التجارة الممتدة عبر الصحراء ، من بلاد الشام والبحر الأحمر إلى ما وراء الصحراء .. وبلغت المدينة أوج مجدها السياسى والحضارى خلال عصر الأسرات المبكر ( 3100 – 2686 ق.م ) وعصر الدولة القديمة ( 2686 – 2181 ق.م ) ، حيث ظلت العاصمة السياسية والإدارية لمصر طوال تلك الفترة ، وامتدت جبانتها الضخمة لتشمل مناطق هامة كأبو رواش والجيزة وزاوية العريان وأبوصير وسقارة ودهشور ، وهى التى أطلق عليها من قبل الاثاريين وعلماء المصريات الجبانة المنفية The Memphite Necropolis ، حيث دفن ملوك مصر ورجال الحكم والأمراء وكبار الموظفين فى أهرامات ومقابر هذه الجبانة التى أخرجت لنا كنوز الحضارة المصرية القديمة وابداعاتها فى العمارة والفنون طوال تلك الحقبة .

وخلال عصر الانتقال الأول ( 2181 – 2055 ق.م ) فقدت منف مكانتها كعاصمة سياسية لمصر وتسببت الظروف السياسية فى نقل المقر الملكى إلى إهناسيا ( هيراكليوبوليس ) خلال عصر الأسرتين التاسعة والعاشرة ( العصر الإهناسى ) ، كما ظهرت الكثير من المراكز الحضارية والثقافية والدينية المنافسة لمنف كالأشمونين ( هرموبوليس ) فى مصر الوسطى وطيبة فى مصر العليا .. ويبدو أن منف قد استعادت الكثير من أهميتها ومكانتها مع بداية عصر الدولة الوسطى ( 2055 – 1650 ق.م ) بعد انتقال المقر الملكى إلى اللشت القريبة من جبانة منف على يد الملك أمنمحات الأول مؤسس الأسرة الثانية عشرة .. وخلال عصر الدولة الحديثة ( 1550 – 1069 ق.م ) كانت منف العاصمة العسكرية لمصر التى توسعت إمبراطوريتها فى سوريا وفلسطين وبلاد النوبة ( كوش ) ، كما كانت المركز الرئيس للحملات الحربية المصرية فى تلك الحقبة ، حيث كان موقعها يسمح لها بمراقبة وادى النيل والممرات المتجهة إلى بلاد كوش وكذلك الحدود الشرقية ، مما كان يسمح للحاميات العسكرية المصرية أن تنتقل على جناح السرعة عند اللزوم حين تستدعيها الحاجة . وقد كانت أهم الحملات الحربية على آسيا تنطلق فى عصر الملكين تحوتمس الثالث وأمنحتب الثانى من منف ، كما كانت منف مركزا لصناعة السلاح ولتدريب المركبات الحربية ، وقد أنشئت بها قاعدة بحرية مهمة وهى " بـرو – نفـر " فى عصر الأسرة الثامنة عشرة على الفرع البيلوزى لنهر النيل .. وعلى الرغم من صعود مكانة طيبة كمقر ملكى وكعاصمة سياسية ودينية للبلاد خلال غالبية عهد الأسرة الثامنة عشرة ، إلا أن الكثير من المؤرخين والباحثين قد رأوا أن منف كانت العاصمة الإدارية لمصر فى واقع الأمر .. وتشير الأدلة الأثرية والنصية إلى أن منف قد أصبحت بمثابة المقر الملكى والعاصمة الإدارية لمصر خلال النصف الثانى من عصر الرعامسة ، كما تدل الآثار التى عثر عليها من تلك الحقبة على سمو مكانتها واتساعها وعظمة منشآتها بشكل يثير الدهشة والاعجاب .

ومع بذوغ العصر المتأخر ( 1069 – 332 ق.م ) الذى مالت فيه شمس الحضارة المصرية القديمة إلى المغيب ، عادت منف مرة أخرى لتكون مقرا ملكيا وعاصمة للبلاد ، ولكنها تعرضت للكثير من الغزوات التى عانت منها المدينة الشامخة ، حيث غزاها الكوشيون والاشوريون والفرس على مدار تلك الحقبة .. وخلال العصر البطلمى تشير النصوص إلى أن الملوك البطالمة كانوا يحرصون على التتويج فى منف تبجيلا لها ، وقد تضمنت اسماء التتويج الملكية الخاصة بأغلب الملوك البطالمة اسم المعبود بتاح إله مدينة منف ، وأصبحت المدينة بمثابة المنافس الأكبر والقرين المصرى الأقوى للعاصمة الإسكندرية التى أسسها الإسكندر الأكبر والغزاة المقدونيون والتى كانت أعظم مدن مصر والعالم طوال العصر البطلمى .. ولعل من أكبر المفاخر التاريخية لمنف خلال تلك الحقبة أن على أرضها وخلال عهد الملك بطلميوس الخامس كتب المرسوم الشهير المسجل على حجر رشيد من قبل كهنتها ، باللغتين المصرية واليونانية وبالخطوط الهيروغليفية والديموطيقية واليونانية ، والذى كان له الفضل فى الكشف عن معانى اللغة المصرية القديمة من قبل عالم المصريات الفرنسى جان فرانسوا شامبوليون عام 1822م ، ومن ثم نشأة علم المصريات والكشف عن أسرار وعظمة الحضارة المصرية القديمة فى كافة جوانبها بعد أن كانت لغزا غامضا أمام العلماء والباحثين .. وتشير النصوص إلى تواجد الكثير من القصور والمنشآت العظيمة بمنف خلال العصر الرومانى ، ولكن يبدو أن شمس منف فى التاريخ قد قربت على الغروب !

ومع دخول الإسلام مصر عام 641م وتأسيس مدينة الفسطاط من قبل الفاتحين العرب المسلمين بالقرب من موقع منف ، فقدت منف الكثير من أهميتها ، وطوال العصور الإسلامية أصبحت منشآت منف بمثابة محجرا يستخدم فى بناء الكثير من المنشآت العظيمة فى القاهرة والتى كان أبرزها على سبيل المثال قلعة صلاح الدين الأيوبى ، حيث لم يقتصر هذا الأمر على منف فحسب ، بل وعلى جباناتها الضخمة كذلك فى دهشور وسقارة وأبوصير والجيزة .

صحوة منف والكشف عن أسرارها ..

لقد ظل اسم منف حيا فى صفحات التاريخ وفى كتابات المؤرخين والكتاب والرحالة الكلاسيكيين من أمثال المؤرخ اليونانى الشهير هيرودوت الهاليكارناسوسى والمؤرخ ديودور الصقلى والجغرافى اليونانى سترابو وبلوتارك الخيرونى .. وبعد أن هجرت منف خلال القرن السابع أو الثامن الميلادى ، ذكر موقع المدينة فى المصادر التاريخية العربية خلال العصور الوسطى ، من قبل المؤرخين الكبار ابن عبد الحكم واليعقوبى عبد اللطيف والقلقشندى والمقريزى ، كما ذكر من قبل الرحالة الأوروبيين ويليام الصورى وبنيامين التطيلى وجووس فان جيستل ، وقد بقى اسم منف إلى القرن التاسع عشر الميلادى .. ثم أصبح الموقع الفعلى لمنف مجهولا حتى نهاية القرن السادس عشر الميلادى ، وظل مشكلة غامضة لدى الباحثين والرحالة حتى جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر فى نهاية القرن الثامن عشر الميلادى ، والتى استطاعت أن تكشف النقاب عن الموقع الفعلى للعاصمة المصرية التى طواها التاريخ .

وبداية من العشرينات من القرن التاسع عشر أصبح موقع منف ( ميت رهينة ) هدفا ثمينا للاثاريين ولتجار الاثار بعد أن نجح جيوفانى باتيستا كافيجليا فى الكشف عن التمثال الضخم الشهير للملك رمسيس الثانى ، وقامت العديد من أعمال الحفائر والمسح الأثرى الكبرى بالموقع من قبل جوزيف حكيكيان ( 1852 – 1854م ) ، وأوجست مارييت باشا ( 1860 – 1870 م ) ، وفلندرز بترى ( 1907 – 1913 م ) لحساب المدرسة البريطانية للاثار فى مصر ، وكلارنس فيشر ( 1914 – 1921 م ) ، ورودلف أنتس ( 1955 – 1956 م ) لحساب متحف جامعة بنسلفانيا الأمريكية ، وأحمد بدوى ( 1940 – 1950 م ) لجامعة القاهرة .. هذا بالإضافة إلى العديد من أعمال الحفائر والتنقيب التى قامت بها هيئة الآثار المصرية خلال القرنين الماضى والحالى ، وأعمال ومشروعات الحفائر والمسح الأثرى والبحث العلمى المستمرة من قبل مركز البحوث الأمريكى فى مصر وجمعية استكشاف مصر الانجليزية . وقد قام مؤخرا كلا من ديفيد جيفريز وأيان ماثيسون بأعمال المسح الجيوفيزيقى فى المنطقة الواقعة إلى الشمال منف ، مما نتج عنه بعض النتائج العلمية المفيدة فى الكشف عن تاريخ وآثار المدينة التليدة .

آثــار خالــدة

لقد كانت منف ( ميت رهينة ) ولاتزال كتابا عظيما يحكى تاريخ الحضارة المصرية القديمة بفخر حقيقى ، فقد منحتنا آثار المدينة المكتشفة معلومات قيمة عن تاريخ مصر وحضارتها طوال عصور الأسرات المصرية والعصر الهيللينستى كذلك . ومما يؤسف له أن غالبية آثار المدينة قد اندثرت وأن العديد منها لازال مطمورا أسفل الأراضى الزراعية ، ويعتقد الاثاريون أن المدينة القديمة تقع حاليا أسفل الرواسب العميقة لطمى النيل إلى الغرب من النهر .. والمتأمل لموقع منف ( ميت رهينة ) يجد أنها تشمل العديد من التلال والأكوام الأثرية الممتدة لمسافات متباعدة ، كما تضمنت بعض برك المياه الواسعة التى تحتوى على مواقع أثرية هامة أسفلها . ولقد اقتصر الموقع الأثرى لمنف فى الوقت الحالى على المواقع الواقعة حول قرية ميت رهينة على الضفة الغربية لنهر النيل ، والتى تضمنت أهم ما تبقى من معالم منف الأثرية ، حيث يتمثل أبرزها فى متحف صغير ومتحف آخر مفتوح تعرض فيه بعض التماثيل المكتشفة بالموقع ، ويعود تاريخ أغلب القطع المعروضة إلى عصر الدولة الحديثة .

ومن أهم وأروع آثار منف ( ميت رهينة ) على الاطلاق ذلك التمثال العملاق للملك رمسيس الثانى والمستلقى على ظهره فى بناية المتحف الحديثة ، وهذا التمثال العملاق والمصنوع من الحجر الجيرى هو توأم ذلك التمثال العملاق الشهير للملك رمسيس الثانى والذى خرج من منف وكان يتوسط ميدان رمسيس ( باب الحديد سابقا ) فى قلب القاهرة والذى نقل حاليا إلى الجيزة فى المتحف المصرى الكبير الذى لايزال فى طور البناء والتجهيز ، وكلا التمثالين كانا يقفان خارج معبد بتاح الكبير بمنف .. ومن أروع الاثار المكتشفة على الاطلاق والتى خرجت من منف ( ميت رهينة ) ، ذلك التمثال الضخم للملك رمسيس الثانى فى هيئة أبو الهول من الجرانيت الأحمر والذى يتواجد حاليا فى متحف الاثار والانثروبولوجيا ببنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية ( رقم E12326 ) ، وكان قد عثر عليه عند سور وحرم معبد بتاح الشهير بالعاصمة المصرية التليدة . ويلاحظ من خلال النقوش المسجلة عليه أنه قد تضمن خمسة اسماء للملك رمسيس الثانى مسجلة على الصدر والقاعدة ، كما قام الملك مرنبتاح ابن وخليفة الملك رمسيس الثانى بوضع خراطيشه على كتفى التمثال بعد وفاة والده . وهذا التمثال يعد ثالث أصخم تماثيل أبو الهول فى العالم بعد تمثالى هضبة الجيزة الشهير والتمثال الموجود فى ميت رهينة فى المتحف المفتوح والمصنوع من الألبستر ، وكان قد تم اهدائه إلى متحف بنسلفانيا عام 1913م من قبل المدرسة البريطانية للاثار التى كانت تقوم بأعمال الحفائر الأثرية بميت رهينة تحت رئاسة الاثارى الانجليزى الشهير فلندرز بترى .. وبالمتحف المصرى بالقاهرة يتواجد العديد من القطع الأثرية الرائعة التى خرجت من منف ( ميت رهينة ) لعل أبرزها هذه القطعة الحجرية الشهيرة ( رقم JE46189 ) من الحجر الجيرى والتى صور عليها الملك رمسيس الثانى وهو يقوم بتأديب وقمع ثلاثة من الأسرى مثلوا أعداء مصر التقليديين من النوبيين والليبيين والأسيويين وقد أرتدى الفرعون تاج الحرب وأمسك بفأس القتال . كما يتواجد بحديقة المتحف المصرى أحد التماثيل الضخمة الرائعة التى خرجت من منف ( ميت رهينة ) والتى جسدت الملك رمسيس الثانى بين معبودى منف الكبار بتاح وزوجه سخمت .

أما عن المتحف المفتوح بميت رهينة فيحتوى على عددا من التماثيل الأخرى الرائعة لرمسيس الثانى ، من أبرزهم ذلك التمثال الواقف المصنوع من الجرانيت الأحمر والذى أوضحت الدراسات الحديثة أنه كان ينتمى فى الأصل للملك سنوسرت الأول من الأسرة الثانية عشرة .. ومن أبرز آثار منف ( ميت رهينة ) على الاطلاق بالمتحف المفتوح تمثال أبو الهول الضخم المصنوع من الألبستر والذى يعود تاريخه إلى عصر الدولة الحديثة ، ويعد هذا التمثال ثانى أضخم تماثيل أبو الهول لدينا بعد تمثال هضبة الجيزة الشهير .. وإلى الغرب من السور المحيط بالمتحف المفتوح تتواجد بعض موائد التحنيط التى كانت متواجدة فى بيت عجول أبيس ، حيث كانت هذه الحيوانات الرمز المقدس للمعبود بتاح ، والتى كان يتم تحنيطها بعد الوفاة فى حفل دينى مهيب لتوضع فى السيرابيوم بسقارة تحت إشراف الكاهن الأعلى للمعبود بتاح . ولقد صنعت موائد التحنيط هذه من الكالسيت ويتجاوز طولها الخمسة أمتار ، ويؤرخ بيت التحنيط بعهد الملك شيشنق الأول من الأسرة الثانية والعشرين .

ومن المعالم الأثرية الهامة بمنف ( ميت رهينة ) بقايا السور الذى كان محيطا بمعبد بتاح الكبير ، والذى كان يغطى مساحة ضخمة تغطى الأراضى الزراعية حاليا أغلبها ، ويؤرخ غالبية ما تبقى من معبد بتاح بعهد الملك رمسيس الثانى ، وقد كان هذا المعبد واحدا من أعظم وأضخم معابد مصر على الاطلاق ، وكل ما تبقى منه اليوم هو أجزاء من صالة الأعمدة . وهناك العديد من القطع الحجرية والتى يعود تاريخها إلى عهد أمنحتب الثالث من الأسرة الثامنة عشرة قد أعيد استخدامها فى معبد بتاح ، وقد تم تسجيلها من قبل الاثاريين العاملين بمركز شيكاغو هاوس البحثى الأمريكى بالأقصر .

وإلى الشرق فى موقع كوم ربيع يتواجد معبد صغير للمعبودة حتحور تم بناؤه كذلك خلال عهد رمسيس الثانى ، وكل ما تبقى منه بعض رؤوس الأعمدة الحتحورية والكتل الحجرية التى سجلت عليها بعض المناظر الدينية ، وفى الجنوب الغربى يتواجد معبد صغير للملك سيتى الأول من الأسرة التاسعة عشرة ، وقد أثبتت الحفائر الحديثة وجود مستوطنة يمتد تاريخها من عصر الدولة الوسطى وحتى العصر المتأخر فى الجانب الغربى من موقع كوم الربيع .. وتشير بعض الدلائل إلى وجود معبدا للمعبود آتون فى منطقة كوم القلعة يؤرخ بعهد فرعون التوحيد الشهير إخناتون من الأسرة الثامنة عشرة . وعلى مسافة قصيرة إلى الشرق من سور معبد بتاح وفى المنطقة المسماة بكوم القلعة ، عثر الاثاريون على بقايا قصر ومعبد صغير للمعبود بتاح شيده الملك مرنبتاح ابن الملك رمسيس الثانى وأحد أبرز ملوك الأسرة التاسعة عشرة . والجدير بالذكر أن بعض المكتشفات الأثرية من قصر مرنبتاح قد أعيد تصميمها بشكل نموذجى يثير الدهشة والاعجاب فى متحف جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية . ويذكر أنه أثناء قيام الأثارى الانجليزى الشهير فلندرز بترى بأعمال الحفائر فى موقع كوم القلعة تمكن من اكتشاف بقايا موقع صناعى من العصر الرومانى كدليل على تواجد صناعة الفيانس خلال تلك الحقبة فى منف .. وفى الجانب الشمالى من سور معبد بتاح ، بالقرب من قرية تل العزيز ، عثر الاثاريون على موقع كبير يعود تاريخه إلى العصر المتأخر حيث تتواجد بقايا من الطوب اللبن لقصر الملك واح إيب رع ( إبريس ) من الأسرة السادسة والعشرين ، والذى قد شيد فى منطقة مرتفعة .
 
 
الصور :