بقلم/محمد شريف محمد
عضو اتحاد الاثريين المصريين
بذلت الدوله الفاطميه أقصي جهدها لفتح مصر ،فبعد ان تولي الخليفه الفاطمي المعز لدين الله اختار قائده جوهر الصقلي لفتح مصر سنة 358وبعد ان تحرك جوهر بجيشه نجح في فتح مصر دون مقاومه وتوجه الى الفسطاط وأرسل اليه يبشره بالفتح ثم قام جوهر بانشاء عاصمته الجديده (القاهره) واختار الفسطاط من الناحيه الشماليه لتكون مدينته الجديده ولم يكن بها غير دير يسمي دير العظماء.
يذكر المقريزي أنه بعد ان بدأ جوهر في بناء اسوار القاهره كان طول السور بضعة ازرع حيث كان يسمح بمرور فرسان بجوار بعضهم وقد جعل جوهر في ذلك السور ثمانية ابواب فكان يوجد بابين في كل جهه من الجهات الاربعه،وكان لتسمية هذه الابواب تفسيرات ، فسمي (باب النصر) و(باب الفتوح) نسبه الي التفاؤل لان باب النصر كان يدخل منه الجيوش عند النصر ، وسمي (باب زويله) نسبه الي قبيلة زويله الفاطميه، وسمي (باب البرقه) نسبه الي الجنود البرقه ،و(باب القيراط) نسبه الي قيراط البرسيم ولقد عرف فيما بعد ب(باب الحروق) بسبب فرار سبعمائة مملوك علي رئيسهم بيبرس وقلاوون بعد مقتل فارس الدين اقطاي علي يد المعز ايبك فكان هذا الباب مغلق فحرقوه، وسمي (باب القنطره) نسبه الي قنطره اقيمت علي الخليج امامه ، وكان هناك (باب سعاده) نسبه الي سعاده ابن حيان غلام المعز.
ولكن اسوار القاهره التي بناها المعز لم تعمر اكثر من ثمانين عامآ واكد بذلك الرحاله الفرسي ناصر خسرو عند زيارته للقاهره سنه 439ه. ثم تم بناء هذه الاسوار مره اخري في عهد الخليفه المستنصر علي يد وزيره بدر الدين الجمالي سنه 480 الي 485 وبناها من الطوب اللبن والابواب من الحجاره وبناها علي مسافه من اسوار جوهر ولم يتبق من سور بدر الجمالي الا ثلاثة ابواب وهم باب النصر ، وباب الفتوح ، وباب زويله،ولقد كشفت الحفائر سنة 1957 عن وجود بقايا لباب البرقه.
فكان باب النصر يتألف من برجين مربعين وكان يطلق عليه (باب المعز) كما هو منقوش علي الشريط الكتابي علي الوجهه وكان منقوش علي هذا الباب من الخارج اشكال آلات حربيهدليل علي دخول الجنود منه بعد النصر وكان يعلوه فتحات لصب المواد الكاويه علي الأعداء.
اما باب الفتوح كان يطلق عليه (باب الاقبال) كما هو منقوش علي الوجهه ويتكون من برجين مربعين يعلوهما فتحات لرمي السهام يطلق عليها "مزغل" وكان باب النصر يتصل به عن طريقين احدهم فوق السور والاخر تحته وهو عباره عن ممر كبير وبجوار هذه الابواب توجد ابراج صغيره كانت تستخدم كثكنات للجنود ،وداخل باب الفتوح يوجد ضريح "العارف بالله سيدي زوق" وله قصه مشهوره بين المصريين انه كان شخصيه مباركه ولكنه طهق من البلد وقرر الرحيل لكنه توفي قبل الخروج من ابواب القاهره ومن وقتها اخذ هذاالمثل يتردد علي لسان المصريين وهو (الذوق ممشيش من مصر)
.
بينما يقع باب زويله في الطرف الجنوبي من شارع المعز،وتم انشاؤه سنه 485 وهو يشبه باب الفتوح في تخطيطه وكان يطلق عليه (باب المتولي) نسبه الي وجود اضرحه بجوار الباب لاولياء الله الصالحين وقيل انه سمي بذلك لان "طومان بي" شنق عليه ومنهم من قال ان متولي الحبسه كان يجلس امامه لتحصيل النقود. وفوق هذا الباب يوجد مأذنتين .
ومن الملفت للنظر اثناء دخولك باب زويله او المتولي يوجد قارب خشبي صغير فوق الباب ولقد ذكر المؤرخون ان ذلك القارب كان يدل علي الفيضان وعلي البركه فكان الناس يتبركون منه . وفي اثناء ترميم هذا الباب وجد رسائل لاصحاب حاجات منهم تذكره لحفلة ام كلثوم كان صاحب هذه الرساله يطلب ان لا تنقطع هذه الحفله.
وكانت ابواب المدينه تغلق ليلا ولايسمح بدخول احد الا في النهار فكان داخل المدينه اسواق فكان التجار يدخلون لبيع بضاعتهم وكان من ضمن هذه الخضروات الكوسه فكانت سريعة التلف فكان يسمح فقط لبائع الكوسه الدخول دون انتظار وعندما يعترض التجار علي دخوله يرفع يده ويقول "كوسه"ومن ساعتها اخذنا المقوله دي عنهم.
ومن المواقف الطريفه ايضا كان لا يسمح لاحد من التجار دخول المدينه من الابواب الا بعد دفع نقود علي تجارتهم فكان التاجر الذي يدفع النقود يأخذ ختم مكتوب عليه "خالص مالص" اي خالص الدفع، فكان هناك تجار يتسللون لدخول المدينه بدون دفع مقابل فكانوا يعطون الحارس بلاص عسل أو مش لدخول المدينه ،فكان الحراس اذ امسكو احدا من التجار يقول لهم انه خالص مالص اما التاجر الذي يدخل من غير دفع نقود يقال عليه (ابلص) اي دخل ببلاص عسل او غيره ومن هنا اخذنا هذه المقوله عنهم "خالص مالص".
وفي عهد الدوله الايبوبيه سنة 566 كان صلاح الدين وزيرا للخليفه الفاطمي العاضد فقام بإنشاء سور جديد ضمن مشروع كبير كان يتمثل في ضم عواصم مصر الاسلاميه وكان هناك آراء لدفع صلاح الدين لبناء هذا السور كما ذكر في المصادر التاريخيه يذكر ابي طي كما ورد في كتاب تاريخ العماره الاسلاميه ان صلاح الدين شرع في البناء لان اسوار القاهره قد تهدم معظمها وكان هناك رأي اخر ذكره عماد الدين كاتب صلاح الدين ان السلطان رأي ان مصر والقاهره لكل واحد منهم سور،فقام بأنشاء سور واحد من الحجر وامر ببنا ء قلعه في الوسط وكان السور الشمالي الذي بناه جوهر يبدأ من غرب باب الفتوح وينتهي عند برج المقس ميدان رمسيس والسور الشمالي يمتد من باب النصر حتي برج الظفر والسور الشرقي كان يتقدمه خندق ولقد كشفت الحفائر بالقرب من مستشفي الحسين عن بقايا اجزاء منه وكان السور الجنوبي يمتد من جنوب القلعه وينتهي بباب القنطره في المنيل ام السور الغربي كان من المفروض ان يمتد من باب البحر الي فم الخليج ليربط سور القاهره بالسور القديم ولكن وفاة صلاح الدين حالت دون ذلك ولم يبقى من هذه الأسوار إلا باب النصر وباب الفتوح وباب زويلة.
|