الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

العيد في فلسفة العقل .. الحالة والزمن والشعيرة

العيد في فلسفة العقل .. الحالة والزمن والشعيرة
عدد : 09-2016
بقلم الدكتور/ إبراهيم حسن الغزاوي
مركز دلتا مصر للبحوث والتدريب والاستشارات
خبير دولي في إعادة تهيئة المؤسسات وإدارة مراحل الانتقال
محاضر القانون الدولي وحقوق الإنسان
eommar@hotmail.com



كل عام وانتم بخير ... عيد سعيد عليكم ... ينعاد ... كل عام وانتم بخير....وغيرها من عبارات التحايا الجميلة التي اعتدنا ترديدها في العيد ... ولأنني كنت قد كتبت بعض من خواطري عن العيد منذ أيام قليلة... ولأنني طرحتها في شكل مبسط ومختزل لحالة فلسفية غلبتني ولم املك لها دفعا.... فرقت فيها بين العيد كإطار زمني والعيد كحالة إنسانية .... ولأنني عندما كتبتها تلقفتها الأراء المتنوعة..مابين محب ومثدر وراض من قرائي ..وهم الأغلبية ..ومرحبا بهم ...ومابين معارض لفكرتي وله فكر مغاير لما عرضته ...من منطق التناول الشخصي الحر..وهو عدد قليل جدا ..ومرحبا بهم أيضا ...ومابين من أخذ الطرح من منطلق عقائدي صرف ..وهو مالم أرده أو اطرحه من الأساس ومرحبا به كل الترحيب .... و ما كان يعتمل في نفسي وقتما طرأت الفكرة هو مجرد أمر محدود النطاق ..اسغرقني كثيرا في غير مناسبة العيد ....لكنه ألح واستغرقني في مناسبة عيد الأضحى المبارك... واليوم..أنا له منازل ولعلني اليوم اطرقه من أبوابه المختلفة التي أصر بعض قرائي الكرام على طرقها ...دونما مسوغ من كتابة أو حتى مقصد في كتابة عندما تناولت الفكرة ابتداءا.... ولأنني أحيانا ينتابني من الشئون السياسية قدر من صنوف الملل ...أو لنقل الإرهاق ...يظل مرفأ الفكر عامرا دوما بكل ما هو إنساني وثري ومستحق للتأمل والسباحة في الفكر والعقل والنفس أيضا .... ومن أهم خصائص الإنسانيات أنها مفتوحة السموات للعقل ... ولا تحدها حدود علمية منضبطة انضباط العلوم التطبيقية..بل ضوابط علمية متعلقة بأصول البحث، وقواعد التحليل وسبر أغوار المسائل..بما يحيط بأبعادها ...ولا يخل بفحواها إضافة للموضوعية ومراعاة الآداب والتقاليد والمشاعر.. فضلا عما استقرت عليه اجتهادات ، وأقول اجتهادات ، السابقين من العلماء اصحاب إبداع الحكمة والفلسفة المنطقية في حقول علم الإنسانيات المفتوحة... وبالطبع مراعاة العقائد واحترامها وحرياتها .... والتي يجب أن تشكل ركيزة فكرية ومنهجية في آن واحد... وابتداءا ... فقد طوقتني فكرة العقل ومسئوليته كمناط للتكليف بالأحكام الدينية عامة ... وقد كان للعقل في قلب الدين مكانة ... والله تعالى عندما أرسل الرسل بالرسالات جعل للعقل قيمة التعلية والارتقاء ...التي يسمو بها الإنسان على باقي الخلائق التي تسير على الأرض .... وأناط التكليف بالعقل ... ومصداق ذلك قوله تعالى " كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ " البقرة 242... ولن يكون للعقل قيمته مالم يمارس المرء دوره في اعمال عقله فيما يصلحه وينفعه وينفع غيره.... وأتصور اليوم ... وبعد أن طرحت فكرة العيد ومسألة الزمن والحالة....أنه يجب علي الآن أن اطرح معها العيد الشعيرة...لا من منطلق تفسير عبادة العيد من الوجهة الدينية...فهناك من هم أقدر مني على ذلك..ولست متخصصا في الفقه أو العقيدة ... ولكنني أقول فيها ما لا يقحمني في علمها دون علم...بأن أكتفي بتعبيري عن قناعاتي بإيماني بها ..وهو شأن شخصي أملكه أنا مثلما يملكه أي إنسان عاقل .... وفي رحاب الإنسانيات المجردة ....تطوفت اليوم في سموات العيد وفي قلبه شعيرة الحج ، بين العقيدة والعادة.... والعقيدة الإسلامية بما حوته من شق العبادات والأركان والفروض والسنن النبوية ... يظل لها في النفس السوية المسلمة كل اليقين بالتقدير والاحترام والقبول وهو ما اصطلحح على تقديره لفظا بالإيمان .... وليس من عاقل اليوم يمكنه أن يتصور أنه يمكنه أن يقيم أو يحلل أو يطور من مضامين عقائدية راسخة...أو يزحزح شعائر عبادات فرض استقرت في قلب الشرع من وقت رسالة النبي المصطفى...وأضحت ركنا ركينا من بناء العقيدة الإيمانية اليقينية... والممارسة الإسلامية المتواترة في نفس الوقت ....وبالقطع منها إن لم يكن على رأسها عبادات مناسبات العيد..عيد الأضحى وعيد الفطر.... ولا استطيع أن اصرف عن فكري منطقية استخدام العقل في رسم حدود واجبة بين العيد كشعيرة دينية والعيد كفترة زمنية والعيد كحالة إنسانية .... ولعلني لاأبالغ لو استطردت في فكرة التناول لكي اجعلها واجبة على كل من يعقل ....ولي في ذلك منطق لعلنا لا نختلف عليه... نعم ...يجب أن نفصل بين العيد والحج كشعيرة دينية، أو كعبادة، والعيد كإطار زمني والعيد كحالة إنسانية ... فالعيد والحج تحديدا كشعيرة لا خلاف فيها ولا حولها ..لأنها كعبادة لا جدال في شأنها ، وقد حددت تحديدا مانعا للبس والتأويل ...إما قرآنا أو سنة...بما يمنعها عن التأويلات الآنية أو حتى المستقبلية ... ولذلك فمكون العبادة في العيد ، وعلى رأسه ركن الحج، شأنه في ذلك التقديس والتكريم شأن كل الفروض الأخرى كالصلاة والزكاة والصيام ... حيث نكون في رحاب عبادات تشكل جوهر الديانة ...وقد تحددت على سبيل القطع وقت حياة النبي ..وانقطع القول فيها زيادة او نقصا بوفاته صلى الله عليه وسلم ..... أما العيد والحج والذبح .. من حيث كونها جزئيا عادة وممارسة سلوكية فلنا فيها شأنا أخر ربما لا يحسن فيه المجاملة، أو يحبذ في الاقتراب منه التردد .... فالعادة البشرية هي مجرد سلوك إن أحسناه في موضعه فقد صادف قبولا من رب العبادة والعباد وهو وحده القادر على تقييم العبادة ...لكننا كبشر لنا أن نحلل السلوك البشري للمجتمع الإنساني....فنأخذ منه خيره ..وننتقد ماهو غير ذلك ..لعلنا ننتفع بالخير فيه..أو نعزز من قيم الانتفاع منه بتغييره بعضه للأفضل ....وليس عيبا أن يطمح المرء للخير دوما في السلوك... ولما كان مضمون مقالتي هو تحليل سلوكي صرف ، بعيدا عن العبادة كركن اوشعيرة دينيه، فقد كان تركيزي فيها على السلوك ..وما اقصده ليس السلوك القويم لعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ...بل مقصدي هو السلوك غير المقبول..فمن يلهث للحج للمرة العاشرة أولى به أن يدع مكانه لمن هو محروم من الحج ولا يملك له سبيلا وأن ينفق ماله على الاف وملايين من مصارف الخير التي يحتاجها المصريين وبشدة.. وزبائن الحج الفاخر والسريع والخاطف وغيرها من مسميات اليوم المستفزة لنوعيات الحاج الفاخرة والعامرة بأطياب الطعام والمتاع وطيب المقام ، أولى بأصحابها أن يقوموا بأعمال خير لنجدة ملهوف أو مساعدة فقير أو تربية يتيم أو علاج معدوم..بدلا من انفاق هذا المبلغ الفلكي بهذا الشكل المستفز ... ومن يذبح للمنظرة عدة ذبائح ويسجل الواقعة وينشرها أولى به ألا يبالغ في المظهرية وأن يبحث عن مسلم في ضيق أو شدة ليخرجه من عثرته...ومن يذهب خلسة لمكة لأغراض اخرى ويتخلف للحج فيقترف جريمة قانونية مؤكد أنه خارج اطار الممارسة المشروعة للعبادة..ومن يبتهل لله ويحج ويجتهد ويرجع ليعود كما كان ... يتأخر عن عمله ، أو لا يحسن صنعته ، أو يمارس الكذب أو النصب أو الغش على خلق الله فلا حج ينفعه لو لم يكن متقيا لله في عمله وحافظا له في سلوكه ... وليس لدي شك أن الإنفاذ المتفهم والصادق للعبادة يقتضي ألا يعود المرتشي للرشوة بعد انتهاء موسم الحج..وألا يهمل الموظف الحاج مصالح البسطاء ..وألا يظلم المسئول الحاج ما يتعلق به من حق الناس وألا يسرق التاجر الحاج في السعر والوزن وغيرها وغيرها ..كان هذا مقصدي من حالة العيد التي يجب أن تستمر بزخم الإيمان الذي لايكفي ان يتوقر في القلب بل يجب أن يصدقه العمل ..وهذا قول الرسول الكريم ..صلى الله عليه وسلم... هذا ما أردته بالحالة .... وبالطبع فربما ينطبق هذا القول على عدد محدود من حجاج البيت المعمور ..لكن تظل الحاجة عالقة في فضاء الحكمة وسماء الضرورة المجتمعية أن يستمر سلوك الانضباط والجدية والمواعيد المحترمة والالتزام بالملبس والمأكل وغيرها من ضوابط الحج المعروفة...تظل سلوكيات قائمة يجب أن تستمر لدى كلل من تشرف بهذه الرحلة المباركة..وهنا فقط يكو الحج قد عاد على المجتمع بكامله بالخير وليس على الحاج فقط ... وهنا يكون العيد عيدا حقيقيا ..له أثره على الناس ... وليس مجرد لبس جديد ولحوم وفتة ... والحالة هي حالة إنسانية تعكس سلوك منضبط أردتها مستمرة..وليست حالة مؤقتة بزمن الحج او العيد تنتهي باتتهائه .... وخلاصة القول ..لمنع الخلط بين العبادة والعادة .....ما أطرحه بشأن العيد كحالة أتمناها تستمر لسلوك المسلمين ، وهو تمني يؤكد على جلال العبادة ...ويطرحها كمظله حاكمة للسلوك الفردي طول العام ..وليس مجرد حقنة أيمانية سرعان ماتزول أثرها بعد المناسبة ...أي فكرة استدامة الهداية ..ومنطلق العبادة أنها تؤثر إيجابا في السلوك ..وأنا هنا تمنيت أن يستمر التأثير الإيجابي في السلوك ..ليكون العيد حالة إنسانية سلوكية منضبطة بالايمان طوال العام ..... اللهم اجعل أيامنا أعيادا.