الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

أهداف السياسة النقدية و حفز النمو الاقتصادي

أهداف السياسة النقدية و حفز النمو الاقتصادي
عدد : 10-2016
بقلم الدكتور/ عادل عامر

تمثل السياسة النقدية أحد أهـم عناصر منظومة السياسات الاقتصادية التي يمكن استخدامها لتحقيق الأهداف الاقتصادية للمجتمع. وتستهدف السياسة النقدية بالدرجة الأولى التأثير على العرض النقدي وأسعار الفائدة والتي تؤثر بدورها على مستوى الأداء الاقتصادي بشكل عـام من هنـا أخذ مجال السياسة النقدية اهتمام واسع من قبل المفكرين الاقتصاديين، ففتح المجال للنقاش على مصرعيه لتحديد مفهوم دقيق لهذه السياسة، فتعددت وجهات النظر، اتّفقت واختلفت، والسبب ربما راجع إلى اختلاف المعتقدات الفكرية الاقتصادية لكل مفكّر، أو راجع إلى اختلاف البيئة السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية وحتى الجغرافية.

تحقيق مستوى مقبول من الاستقرار النقدي والاقتصادي من خلال تجنب التغيرات المؤثرة في قيمة العملة الوطنية داخلياً وخارجياً والتي تنشأ من خلال التغيرات في المستوى العام للأسعار وذلك يتم من خلال التحكم في قيمة المعروض النقدي في السوق، فمن خلال السياسة النقدية يتم التأثير على حجم الطلب الكلي وذلك بتغير عرض النقود في السوق

وذلك من خلال الآلية السابق عرضها و المساهمة في تحقيق معدلات نمو اقتصادية مناسبة في القطاعات الاقتصادية المختلفة بما يحقق زيادة حجم الدخل القومي ونمو الناتج المحلي عندما تنجح السياسة النقدية في تحقق الاستقرار الاقتصادي ودفع عجلة الإنتاج عند زيادة النقود في السوق في حالة الكساد، أو تقوم بخفض كمية النقود في السوق في حالة التضخم

فأنها بذلك تكون قد أسهمت في تحقيق معدلات النمو الاقتصادي خاصة في القطاعات التي كانت تعانى من عدم استقراره الأمر الذي يؤدي إلى رفع معدلات الاستثمار وتحقيق الاستقرار في الأسعار عند مستوى معين، في الفترات الأخيرة التي يعاني الاقتصاد فيها من عدم الاستقرار في الأسعار داخل أسواقه، فقد تركزت اهتمامات صانعي السياسة النقدية على القضاء على معدل التضخم في الأسعار
وذلك للقضاء على النفقة الاقتصادية والاجتماعية للتضخم ولذلك أصبح تحقيق الأسعار في مستوى الأسعار هو الهدف الأساسي للسياسة النقدية وتلك الرؤية يكثر انتشارها في أوروبا وذلك تأسيساً على أن ارتفاع مستوى الأسعار (التضخم) يؤدي لحالة من عدم اليقين والثقة في الاقتصاد، وذلك بالتأكيد سيؤثر على معدل النمو الاقتصادي

فعل سبيل المثال، عندما يحدث تغير في المستوى العام للأسعار فإن ذلك سيؤدي إلى تغير اتجاهات التفكير في السلع والخدمات المراد الحصول عليها وتفضيل بعضها على بعض وما يجب التأكيد عليه أن البنك المركزي يمثل المحور الرئيسي للقطاع المصرفي وزيادة قدرته على المنافسة والتطور وذلك لما يقوم به من دور في إرساء السياسة النقدية، هذا ما يزيد من درجة المناداة إلى استقلالية أكبر للسلطات النقدية عن السلطات السياسية في البلاد، من ناحية رسم السياسة النقدية وتحديد الأهداف حسب الأولويات الممكنة بعيدا عن أية ضغوط أو خلفيات أخرى. لذا يقع على عاتق البنك المركزي في هذه الحالة مهمة الحفاظ على الاستقرار المالي وبالتالي إرساء أسس نمو اقتصادي قابل للاستمرار. إن نجاح البنوك المركزية في تحقيق هذا الهدف، أي الاستقرار النقدي إنما تحدده مجموعة من العوامل والشروط الذاتية أو المؤسسية تتعلق بهياكل هذه البنوك وتطورها ونوعية مواردها البشرية وغير ذلك من العوامل الخاصة بهذه البنوك. كما ويتطلب ذلك توافر مجموعة من الشروط الموضوعية، وأبرزها درجة استقلالية البنوك المركزية ومصداقية سياساتها وإجراءاتها وتوفر قدر كبير من الشفافية في عمل هذه البنوك وخضوعها للمساءلة إزاء مدى نجاحها في تحقيق الأهداف المنوطة بها.

واسمحوا لي هنا، وللأهمية، أن أتوقف قليلاً عند هذه المفردات: الاستقلالية، والشفافية، والمصداقية، والمساءلة وهي مفردات أصبحت تتكرر كثيراً تحت عنوان الحوكمة الجيدة للبنوك المركزية. إن استقلالية البنوك المركزية تعتبر إحدى المسائل الهامة في أطار البحث عن الإطار المؤسسي الذي يساعد السياسة النقدية في إبقاء معدلات التضخم عند مستوياتها المتدنية في الأجلين المتوسط والطويل. وتعني الاستقلالية هنا حرية البنك المركزي في رسم وتنفيذ سياسته النقدية دونما خضوع للاعتبارات أو التدخلات السياسية.

ولا تعني الاستقلالية بأي حال من الأحوال، الانفصال التام بين البنك المركزي والحكومة، وانفراد البنك في تحديد الأهداف النهائية للسياسة النقدية، حيث يمكن الاتفاق على هذه الأهداف بين البنك والحكومة. وعلى ذلك، فإن البنك يبحث عن الاستقلالية في تحديد الأهداف الوسيطة وفي انتهاج الأدوات المناسبة لبلوغ تلك الأهداف مع ضرورة الحفاظ على أكبر قدر ممكن من الانسجام والتناغم بين السياسة النقدية و السياسة المالية.

وكان الأمل يحدو الجميع في أن تعمل قرارات البنك المركزي على زيادة حصيلة النقد الأجنبي لدى البنوك، والقضاء على السوق الموازية. كما رأى بعض رجال النظام المصرفي أن هذه القرارات ستلقى ترحيبًا من المستثمرين الأجانب مع دخول مصر مرحلة جديدة وتنفيذ مشروعات ضخمة ستؤدي إلى طفرة اقتصادية، وأشاروا إلى أنه من حق المستثمر أن توفر له البنوك الدولارات بنفس الكمية التي أودعها في الجهاز المصرفي عند دخوله للاستثمار في السوق المصري وفي أي وقت.

ورغم ذلك فإن سعر صرف الجنيه المصري استمر في التدهور بمعدلات كبيرة في السوق الموازية، واشتدت أزمة النقد الأجنبي بمرور الوقت. وبات البنك المركزي يحاول من حين لآخر ملاحقة السوق الموازية بالسماح بخفض سعر صرف الجنيه مرة بعد أخرى. وكان آخرها هو الخفض الكبير في يوم واحد بقيمة تبلغ 14.3% وبنحو 112 قرشا في 14 مارس الماضي. وقد استمر تدهور سعر الصرف نتيجة للتآكل السريع في احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري خلال عام 2015. وقد ركزت السياسة النقدية طوال هذا العام على محاولة وقف هذا التآكل والتخفيف من حدة تدهور قيمة العملة المصرية مقابل العملات الأخرى وخاصة الدولار. بحيث كان محور ارتكاز السياسة النقدية هو فعلا سعر الصرف.

وقد حاول البنك لوقت طويل وقف تدهور العملة مرة أخرى عن طريق ضبط وتنظيم التعامل في سوق النقد الأجنبي، وكان السبيل لذلك هذه المرة هو مجموعة كبيرة من القرارات الإدارية لتنظيم عملية الاستيراد. فقد اشترط البنك المركزي أن يقوم المستورد بتوفير ضمان مالي يبلغ 100% من قيمة ما يزمع استيراده بدلا من 50%، ولم يستثن سوى بعض السلع الأساسية التي يحتاجها المواطنون. وأصدر البنك المركزي تعليمات تتعلق بقواعد تمويل الواردات حيث حظر تداول مستندات التحصيل الجمركي إلا من خلال بنك المورد في الخارج وعدم قبول أية مستندات تأتي مباشرة عبر المستورد المحلي. كما قام البنك أيضا بوضع سقف للإيداع النقدي بالعملة الأجنبية بحيث يكون 50 ألف دولار شهريا و10 آلاف دولار يوميا، لإجبار حائزي النقد الأجنبي والمستوردين على التعامل عبر الجهاز المصرفي ومحاولة القضاء على السوق الموازية. وهو القرار الذي تراجع عنه في بداية عام 2016.

وقد تدخلت جهات أخرى لتدعيم قرارات المركزي مثل قرار وزارة الصناعة والتجارة بعدم الإفراج عن البضاعة المستوردة إلا إذا كان قد تم استيرادها من مصانع أجنبية مسجلة تنتج هذه البضاعة، ثم القرار الجمهوري الذي نشر بالجريدة الرسمية يوم 31 يناير 2016 والذي يقضي برفع الرسوم الجمركية على فئة واسعة من السلع تشمل نحو ستمائة سلعة معظمها صنفت باعتبارها سلع ترفيه بنسبة تتراوح بين 5% إلى 10%.

لجأ البنك المركزي عند اجتماع لجنة السياسة النقدية في 24 ديسمبر الماضي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية. وكان البنك قد أوعز قبل ذلك في منتصف شهر نوفمبر للبنوك الحكومية بتقديم شهادات إيداع جديدة لأجل ثلاث سنوات وبفائدة مميزة تزيد على السعر السائد وقتها بنحو 2.5%. وبينما يرى البعض أن الهدف من وراء هذه السياسة هو لجم الضغوط التضخمية، فإن الواضح أن الهدف في الحقيقة هو محاولة نزع "الدولرة" بحفز المواطنين الذين يحتفظون بالعملات الأجنبية على بيعها من أجل الاستثمار في هذه الشهادات بما يؤدي إلى زيادة الإيرادات من العملات الأجنبية لدى البنوك.

ويبقى المسكوت عنه أن الأثر الجانبي لهذه السياسة هو أثر انكماشي قد يكلف الكثير. وهنا فقد اتجهت السياسة إلى التضحية بهدف النمو رغم مرور مصر بفترة تباطؤ طويلة استمرت لنحو أربعة أعوام بلغ فيها معدل النمو السنوي في المتوسط نحو 2%، وهو ما يقل عن معدل الزيادة السنوية في السكان، وبما يؤدي إليه ذلك من مستويات المعيشة لأغلب فئات المجتمع خاصة الشباب الذين تفشت البطالة بينهم لمعدلات غير مسبوقة. وكان معدل النمو لم يشهد نمو ملحوظا سوى خلال النصف الثاني من عام 2014 بتسجيله نحو 5.6%، بينما عاد المعدل للانخفاض خلال النصف الأول من عام 2015 ليبلغ نحو 2.7% فقط طبقا لبيانات البنك المركزي. ومن هنا فقد اتخذ قرار سعر الفائدة وسط مؤشرات تدهور معدل النمو، وفي أعقاب حادثة الطائرة الروسية في نهاية أكتوبر 2015 بما يعنيه ذلك من توقع ركود النشاط السياحي.