الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

تطوير منظومة الاستثمار في مصر

تطوير منظومة الاستثمار في مصر
عدد : 03-2017
يقلم الدكتور/ عادل عامر
مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية


يجب ان تعمل الحكومة على إجراء إصلاحات حقيقية وفاعلة في تطوير مناخ الاستثمار، من خلال إجراء إصلاحات تشريعية مثل تعديل قانون المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، وحماية العقود طالما لا يشوبها فساد، وقانون الطاقة المتجددة بالإضافة إلى إجراء تعديلات على قانون الاستثمار تشمل تطبيق نظام الشباك الواحد وتسهيل الحصول على التراخيص والأراضي وتقديم حوافز غير ضريبية وحماية المستثمرين ومسئولي الشركات عند الإفلاس أن صدور قانون الاستثمار الموحد خطوة ضرورية للقضاء على البيروقراطية وتسهيل الحصول على تراخيص المشروعات وتوفير مناخ جاذب للاستثمارات الأجنبية.

هناك "مشروعات قومية" عدة منها مشروع محور قناة السويس المقرر الانتهاء منه في مارس ومشروع انشاء قناة السويس الجديدة بتكلفة استثمارية قيمتها اربعة مليارات دولار ومشروع تنمية الساحل الشمالي الغربي وظهيره الصحراوي ومشروع 3200 كم طرق بتكلفة استثمارية تصل الى 36 مليار جنيه ومشروع المليون فدان المقرر اطلاقه خلال الربع الأول من العام 2015. كما يجب ان يتم إعداد بعض التعديلات التشريعية الأخرى في قوانين الشركات، وقانون الجمارك والانتقال إلى منظومة ضريبة القيمة المضافة وإجراء تعديلات على قانون الضريبة على الدخل من خلال توحيد الضريبة عند حد أقصى 22.5% للضرائب على الأشخاص والأفراد مع الحفاظ على الشرائح التصاعدية في الضريبة على الأفراد، وزيادة الضريبة على المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة من 10% إلى 22.5%والتى تدعم في مجملها القاعدة الرأسمالية وزيادة الاستثمارات.

ولكن بقدر أهمية هذا الهدف ــ أي السعي لجذب الاستثمار الأجنبي ــ فإن وجه الضعف الرئيسي في مشروع القانون الجديد أنه يسعى لتحقيق ذلك باستخدام وسائل لم تعد مناسبة كما أنها غير ممكنة التطبيق. فقد اعتمد المشروع على فكرتين أساسيتين: الأولى هي العودة لتقديم مزايا وحوافز ضريبية ولكن بقرار مجلس الوزراء وليس بنص القانون، والثانية هي التوسع في نطاق عمل الشباك الواحد بهيئة الاستثمار بحيث لا يقتصر على تأسيس الشركات وإنما يمتد إلى إصدار تراخيص مزاولة النشاط. وكل من الفكرتين محفوف بصعوبات قانونية وعملية لا يمكن التغاضي عنها:

بالنسبة للإعفاءات الضريبية، فإن مشروع القانون الجديد قد جاء بتصور مخالف للدستور وغير قابل للتطبيق، وهو منح مجلس الوزراء صلاحية تقرير إعفاءات ضريبية للمشروعات ذات القيمة الاقتصادية الخاصة، سواء من حيث حجم التشغيل أو جذب تكنولوجيا جديدة أو غير ذلك، وفى هذا مخالفة لأحد المبادئ الدستورية المستقرة، وهو ضرورة أن يكون فرض الضريبة العامة بقانون وكذلك الإعفاء منها، وعدم جواز أن يكون ذلك بقرار إداري ولو كان صادرا من مجلس الوزراء.

ويزيد من حجم المخالفة الدستورية في مشروع القانون الجديد أنه قد منح مجلس إدارة هيئة الاستثمار صلاحية غير مسبوقة، وهي تخفيض الإعفاء الضريبي الممنوح للشركة التي تخالف القانون واللوائح. وبذلك يكون القانون الجديد قد خالف الدستور مرتين، الأولى بمنح مجلس الوزراء حق الإعفاء من الضريبة، والثانية بمنح هيئة الاستثمار حق تعديل هذا القرار وتخفيض مدة الإعفاء. أما من الناحية العملية فلا أتصور أن مجلس الوزراء يمكنه ممارسة هذه السلطة الجزافية في منح الإعفاءات الضريبة بلا ضوابط واضحة في القانون دون أن يتعرض للنقد وللاتهام بالمحاباة لمستثمرين دون غيرهم.

وأما بالنسبة لإصدار تراخيص النشاط، فإن مشروع القانون يستحدث نظام «الإنابة القانونية» حيث يصبح موظف هيئة الاستثمار نائبا عن المستثمر في إنهاء جميع المعاملات المطلوبة من أجل الحصول على تلك التراخيص. والفكرة نبيلة بلا شك، ولكن تنفيذها على جميع المشروعات الاستثمارية لن يكون ممكنا.

وهنا يجب الإشارة إلى أن القانون الجديد قد أعاد تعريف مفهوم «المشروع الاستثماري» لكي يشمل كل الأنشطة الاقتصادية في مصر، أيا كان القانون الخاضع له، من كشك السجائر حتى مصنع الحديد والصلب، وهذا معناه أن ولاية هيئة الاستثمار في إصدار التراخيص بعد أن كانت لا تزيد على أربعين أو خمسين ألف مشروع سوف ترتفع إلى عشرات أضعاف هذا الرقم، وهو ما لا أظن أن من وضعوا القانون قد انتبهوا لعواقبه.

لكون الاستثمار مفهوم غير ثابت، ولصعوبة تحديد معناه، جعل له استخدامات مختلفة وهذا حسب الهدف المرجو الوصول إليه نجد منها:

اولا: الاستثمار بمعنى (إنفاق رأسمالي) تميزا عن الإنفاق الجاري من منظور الشركات: إن مفهوم الاستثمار من وجهة نظر الشركات الصناعية والزراعية والخدماتية والتجارية يعبر عن ارتباط مالي يهدف إلى تحقيق مكاسب يتوقع الحصول على مدى فترة طويلة في المستقبل ولذلك فهي نوع من الإنفاق على أصول يتوقع منها تحقيق عائد على المدى الطويل، هو ما يدعو البعض إلى أن يطلق إصلاحا (إنفاق رأسمالي) وتميز عن (الإنفاق الجاري) أو مصروفات تشغيله فالإنفاق رأسمالي يمكن أن يحتوي على: مشروعات جديدة: وهي مشروعات لم تكن موجودة من قبل و يتولد عن الطاقة إنتاجية جديدة . مشروعات استكمال: وهي تمثل أصولا مطلوب إضافتها لمشروعتها قائمة أصلا فهي إضافة لطاقة إنتاجية بغرض تعميق التوازن بين مراحل الإنتاج المختلفة. مشروعات الإحلال والتجديد: وهي تمثل شراء أصول جديدة بدل من الأصول القديمة أو المتقادمة للاحتفاظ بالطاقة الإنتاجية أو تحسين الكفاءة الإنتاجية.

ثانيا: الاستثمار بمعنى توظيف النقود لأجل:
أي التخلي عن الأموال الحاضرة لقاء مبلغ معيين يسترد بعد أجل مسمى سواء كان طويلا أو متوسط أو قصيرا.

ثالثا: الاستثمار بمعنى توظيف الأموال في أصول خالية من المخاطر أو بمخاطرة محسوبة: من هذا المنظور فان لفظ الاستثمار يعني المحافظة على الأصل أو يعني استقرار في الدخل حتى ولو كان متواضعا.

على الرغم من الاختلاف الحاصل في أشكال واستخدامات الاستثمار، يبقى الهدف واحد والأهمية نفسها لكن يجب معرفة تسطير هذه الأهداف وأن نوجهها وجهة صائبة نحو تنمية النشاط الاقتصادي.

المطلب الثاني: أنواع الاستثمار. ويترتب على ذلك أن هيئة الاستثمار سوف تكون ملتزمة بأن تنوب عن مئات الآلاف من المستثمرين في الحصول على التراخيص وأنها ستكون وسيطا في التعامل مع الجهاز الإداري للدولة بأكمله، بوزاراته وهيئاته ومحافظاته ومجالسه المحلية (وما أدراكم ما المجالس المحلية) وهذا تصور مستحيل، إلا إن كان المقصود به هو تقديم خدمة خاصة لكبار المستثمرين فقط أو لمن تقرر هيئة الاستثمار منحهم هذه المعاملة المتميزة، وهذه تفرقة لا تجوز قانونا. الخلاصة أنه لا بديل في موضوع التراخيص عن مراجعة القوانين واللوائح الخاصة بها وإصلاحها من جذورها بدلا من محاولة الالتفاف عليها أو تجاهل الجهات صاحبة الولاية الأصلية.

مشروع القانون يتضمن أفكارا أخرى عديدة، بعضها جيد وبعضها غير مناسب، ولكنى فضلت عدم الخوض فيها لأن ما يستحق المناقشة في هذه المرحلة هو الهدف الرئيسي من إصدار القانون. فإن كان الهدف هو جذب الاستثمار الأجنبي، فإن العودة لنظام الإعفاءات الضريبية ليس الحل، خاصة وأن مصر تواجه احتياجا غير مسبوق لموارد تسد بها عجز الموازنة وتمول بها المشروعات القومية الكبرى. أما إلغاء دور أجهزة الدولة ومصالحها وهيئاتها في إصدار التراخيص فهو غير ممكن التطبيق عمليا.

جذب الاستثمار يحتاج إلى قوانين سليمة وإجراءات سريعة بلا شك، ولكنه يحتاج أيضا إلى سياسة اقتصادية واضحة، وقضاء سريع وناجز، وسلام اجتماعي، وتخفيف قبضة الدولة عن التدخل في شئون المستثمرين، ومراجعة للوائح تفصيليا من أجل تعديلها بدلا من محاولة تجاوزها بآليات استثنائية.