بقلم / الشيماء على
الكثير يعتقد ان مفهوم الأمومه يتمثل فى الأم التى تنجب الأطفال ولكن هذا البيت التاريخى يؤكد ان الامومه لدى صاحبته تحولت بالفطرة الى نضال وحب للوطن وأبناؤه ،فاستحقت أن تلقب ب"أم الجرحي" بعد أن اعتبرت كل ابناء هذا الوطن أبنائها .. أنها الأميرة “زينب خاتون” صاحبة البيت العريق القابع خلف جامع الأزهر ويشهد على روعة العمارة الاسلامية ،وبالرغم من تعاقب الوافدون على سكن البيت إلا انه لازال يحمل اسمها بصفتها واحدة من أعظم النساء وأقواهم.. لذلك قمنا بزيارته لنكتشف سبب تسميته بهذا الاسم طوال تلك السنوات وما هى الاحداث التى شهدتها جدرانه...
بدأت قصة هذا البيت عام 1486 عندما قامت الاميره شقراء هانم حفيده السلطان الناصر حسن بن قلاون احد سلاطين المماليك ببناء البيت وظل البيت ملكا لها حتى عام 1517 ودخول العثمانين مصر وبدأ يتوافد عليه السكان ويضفوا لمساتهم الى البيت الى ان انتقلت ملكيته الى " زينب " البنت الجاريه لدى محمد بك الالفي الذي كان يمتلك عدد لا بأس به من الخدم ومن بينهم كانت تلك الفتاه التى تحولت الى أميره ثم لأم مناضله .
كانت “زينب خاتون” إحدى خادمات محمد بك الألفي، أحد أكبر أمراء المماليك ولكنه قام بـعتقها فتحررت وتزوجت الأمير “الشريف حمزة الخربوطلي” وأصبحت أميرة وأضيف لأسمها لقب “خاتون” أي المرأة الشريفة الجليلة وبذلك أصبح أسمها “زينب خاتون”. واشترى لها زوجها منزل شقراء هانم وسمي المنزل باسمها منزل "زينب خاتون" وكانت آخر من سكن هذا البيت قبل أن يضم إلى وزارة الأوقاف المصرية.
الان وقد عرفنا السبب وراء تسمية البيت بهذا الاسم وانه كان هديه من زوج محب لزوجته الجميله.. دعونا نتجول بداخله لنعيش ولو للحظات داخل بيت يحمل بداخله الكثير من الذكريات والاحداث .
وبداية مرورنا نجد امامنا "المدخل المنكسر" كما يطلقون عليه وذلك لانه صمم بحيث لا يمكن للضيف رؤيه من بالداخل لتجد "صحن البيت" وهو عباره عن حوش كبير يحيط بأركان البيت الأربعة وطابقين علويين وشونه ، والهدف من تصميم البيت بهذا الشكل هو ضمان وصول الضوء والهواء لواجهات البيت وما تحويه من حجرات.
ونصعد من خلال سلم الى الطابق العلوى الاول لتجد "المقعد الصيفى" الذى يطل على الصحن وبجانبه الحمام الذى يأخذ اعجابك بتصميمه الخلاب والزجاج الملون وهذا المكان خصص لاستقبال الضيوف الرجال، إضافة إلى اسطبل الخيل و"المزيرة"المكان المخصص لحفظ المياه والمطبخ والطاحونة ومخزن الغلال.
اما "الطابق الثانى"يحتوي على مقعد للرجال السلاملك، ومقعد للحريم الحراملك وبه المشربيات وكان هذا المكان مفضلاً لدى سيدات البيت في الماضي.
فعلى جانبي المشربيات تمتد "الكتيبات" التي كانت تحفظ فيها النساء الكتب، إذ كانت السيدة تجلس لتقرأ وتستمتع بالهواء والضوء أسفل المشربية. ويتصل بالحراملك حمّام السيدات الشاسع الذي يدل على مدى اهتمام سيدة البيت في ذلك العصر بصحتها وجمالها.ويوجد ايضا غرفه للجوارى واخرى للغسيل وغرفه خاصه بالولاده وبهذه الغرفه باب يؤدى الى "الصندله ".
غرفة الولاده والصندله ترى ماوراء الغرفتين ولما تلك الاسماء اطلقت وهنا نعرف انها ركن خاص بالمراه الحامل فغرفة الولاده تجلس به السيده الحامل حتى تضع مولودها وتنتقل بعد ذلك لتجلس فى "الصندله" ولا تخرج منها الى بعد 40 يوما لتكون هى وطفلها فى مأمن بعيدا عن الامراض لان مناعه الطفل تكون ضعيفه فى الاربعين يوم الاولى.
ولكن اهم شئ في هذا البيت كانت الاحداث التي دارت بداخله والتي تؤكد ان المرأه لديها جزء كبير من الشجاعه والقوه بالرغم ما كان شائع ومعروف في تلك الفتره ان المرأه المصريه كانت معزوله وراء المشربيات الا ان "زينب خاتون" كسرت تلك القاعده فعندما جاءت الحمله الفرنسيه الى مصر عام 1798 وبدأ معها نضال الشعب المصرى كانت زينب خاتون تأوى الفدائيين والجرحى الذين يلجأون الى البيت عند مطاردة الفرنسيين لهم وتعالج جراحهم والدليل على هذا العثورعلى عدد من الجثث المدفونة فى سرداب تحت الارض لذا استحقت زينب خاتون ان يطلق عليها "ام الجرحى" واستحقت ان يظل اسمها الى الان على بيت من أعرق وأجل البيوت التراثيه.
ومنذ سنوات تحولت الساحة الصغيرة التي تقع يسار بيت “زينب خاتون” والواقعة بين مجموعة من الآثار الإسلامية إلى قهوة مصرية تحمل اسم “زينب خاتون” وهذه القهوة تتميز بالطابع العربي المميز وتقدم فيها المشروبات المصرية بنكهاتها المختلفة.
وفي عام 2011 بدأت"اللجنة المصرية الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية"إعادة تأهيل منزل زينب خاتون، ليكون مقراً لمشروع الإحياء العمراني للقاهرة التاريخية. ويهدف المشروع الذي يستغرق تنفيذه 18 شهراً، بالتعاون بين وزارة الآثار ومنظمة"يونيسكو"، إلى رسم خريطة أثرية للقاهرة التاريخية.
بهذا انتهت جولتنا داخل بيت "زينب خاتون " الذي يحمل الكثير من المعاني الجميله بداخله بداية من حب زوج لزوجته وحب إمراه لوطنها وحب أم لأبناء وطنها وحمايتهم.
|