كتبت/ ريهام البربرى
مريم..بنت مصر ذات ال 17 عاما تتحدى كل ظروفها الاجتماعية المتواضعة جدا وتصدق الله عز وجل فى دعائها يوميا بأن يكرم أباها حارس العقار المحترم الشريف بتفوق أبناؤه، فيستجيب الله السميع الكريم ،وتفوز ذات الوجه والروح الملائكية بالمركز الأول فى الثانوية العامه بمجموع 99%،لتبدأ حلماً جديدا بدراسة الطب البشرى، وكما جاء على لسانها "نفسي بجد أقدم حاجه لمصر"... والرقيقة الجميلة "آيه" التى استأنفت حياتها الدراسيه منذ التاسعة من عمرها على مقعد متحرك متحدية إعاقتها مخلصة فى مهامها الدراسية ليلا ونهارا، تنجح بتفوق بإرادة جبارة لتنضم هى الأخرى الى قائمة الأوائل لتبدأ قصة نجاح جديدة بالتحاقها بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية.. والطفلة الصغيرة "عليا" ابنه العميد ياسر الحديدى الذى استشهد فى العريش مارس الماضى، وهى لازالت طالبه فى الصف السادس الابتدائي ،تراها أعين العالم أجمع وتستمع إليها تتحدث ببراءة وشجاعه فى حفل تكريم أوائل الخريجين من كلية الشرطة لعام 2017 لتؤكد حجم ادراكها لمفهوم "شهيد" وثقتها فى الله عز وجل أنهم أحياءا عند ربهم يرزقون،معربة عن حلمها بالالتحاق بكليه الشرطة لخدمه الوطن.. وغيرهن كثيرات و كثيرون من أبناء وبنات مصر المتفوقين فى كل مجال ستجدونهم يحملون وراء نجاحاتهم قصصاً عظيمة قد تختلف تفاصيلها من شخص لأخر إلا أنها تتوحد دائما وأبدا فى أن البدايه كانت حلم إنسان أخلص نيته مع الله وتوكل عليه وعمل بكل جدية ، ففاز بتحقيق حلمه.
على جانب أخر من آلاف النماذج الانسانية المشرفة التى تبث فى المجتمع المصرى الأمل والحياة ،يوجد أنماطاً بشرية باختلاف وظائفهم ودرجاتهم العلمية وثقافتهم وجنسهم وأعمارهم يتحدثون ليلا ونهارا عبر وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعى عن أحلامهم الكثيرة لخدمة الوطن ،ولكن مع مرور الوقت أصبحت مصر الثالثة فى معدلات الجريمة والثالثة فى الجوع والثانية فى التحرش والأخيرة فى السعادة والتعليم!!.. فلماذا؟.. لأن الفشل كان دائما هو النتيجة الحتمية لعدم الإخلاص مع الله، فوقعوا فى ذلل الرياء والتضليل مع الله والناس..ولأننا نحيا فى عالم مفتوح على بعضه، بات سهلاً علينا اكتشاف مرارة الحقائق التى أعقبها الشعور بالقلق والإحباط واليأس فى المجتمع المصرى.
كنا دائما أمه صابرة وصامدة، ولنا فى صفحات تاريخنا مئات الحكايات التى تؤكد أن المصريين قادرون على رسم ملامح المستقبل بصفته فاعل وليس مفعولا به حتى فى أحلك الظروف الحياتية بأصالة ونبل وشهامة.. وأمام تلك الحقائق،علينا أن نحيى من جديد شخصية المواطن المصرى الذى عرف عنه الخلق والسماحة والطيبة والاخاء والمحبة وننفض عنه هذا الكم الهائل من رعونة السلوكيات وبذاءه الاقوال التى نلمسها ونعايشها يومياً فى الشارع والجامعة و المدرسة و التليفزيون والسينما حتى فى وسائل التواصل الاجتماعى عند طرح أيا من القضايا المحلية أو الدولية للنقاش بين الأصدقاء أنفسهم لا يخلو الأمر من تراشق الندية الحمقاء والغضب الأعمى، متناسين قول الله تعالى:" ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ".. وقول رسول الله عليه الصلاة والسلام:" أكمل المؤمنين أيمانا أحسنهم خلقاً"!!
لذا انتبهوا ولا تستعدوا بعضكم ،وتتفرقوا، فدائما لنا عدو ظاهر وخفي، ولن نستطيع الانتصارعليه ،ونحن فرقاء كسالى محبطون، فمدوا أيديكم لبعض بالتكافل والرحمه، وقاوموا معاً بالعقل والحكمة والانضباط طوفان الصعوبات الحياتية.
إصنعوا لأنفسكم هدف تحيون من أجله المجتمع المصرى كله..إبدأوا بالتعليم ، ولا أقصد التعليم الحكومى الذى يمحو أميه الشباب بالقراءة والكتابه فقط ،بل أقصد المهارات التعليمية الأخرى التى يتطلبها سوق العمل من إتقان للغات وللبرامج الكمبيوترية المتخصصة، ففى ظل ظروفنا الاقتصادية البائسة حاليا قد يجد ملايين من الشباب من خريجى الجامعات المصرية صعوبة فى دراستها وإتقانها بآلاف الجنيهات فى المراكز المتخصصة...لذا يمكن لذوى العلم والمهارات أن يستقطعوا بعض الوقت من أوقات فراغهم التى يقضونها على كافيهات المحروثة لمد يد العون كل على قدر استطاعته وتأهيل أخواتهم وأصدقائهم وجيرانهم فى كل شارع وحى ومدينة فى محافظات مصر لمده 6 شهور فقط .. قد تكتشفون بعدها أنكم فعلا تستطيعون تغيير مصير أمة بأكملها.
فالتغيير يجب أن يحدث من أنفسكم، ولن تستطيع مصر أن تعيش عالة على دول أخرى أو تعتمد كلياً على قائد أو مؤسسة واحدة تحمل على عاتقها تصحيح منظومة البناء والتنمية ،بل وتحارب وحدها بضراوة للحفاظ على كرامة ومصير 93 مليون مواطن.
لذا تحملوا مسئولياتكم حتى وإن كانت بسيطة بجدية وأمانه وإتقان ،وقفوا معاً حائط صد منيع أمام الرشاوى والمحسوبيات والغلاء الغير مبرر وعدم النظافة والجهل والاستقواء على الضعيف وكافه أشكال وصور الفساد .. فالطريق ليس طويلاً أو مستحيلا كما تظنون، فبلدكم العظيمة وإن كانت تترنح إلا أنها لازالت فى أيديكم، فلا تخونوا مصر مهما كانت توجهاتكم او دينكم، فمصر هى أنتم.. فقط حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا،وانزعوا عن قلوبكم الحجب، وأخلصوا النوايا مع الله عز وجل، ستضمنون بعدها سلامه قلوبكم ووطنكم.
|