الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

الحياة الموسيقية والثقافية فى عصر الدولة الحديث

الحياة الموسيقية والثقافية فى عصر الدولة الحديث
عدد : 09-2017
بقلم الدكتور/ رضــا عبد الحليم

كثرت المعابد واتسعت مساحتها، وزادت أعمدتها، وتنوّعت حجراتها وطرقاتها، كما تعددت وتنوّعت أساليب المعيشة بداخلها، حتى أصبحت المعابد مدناً كاملةً، ومراكز للعلوم والثقافة، ومدارس للتعليم، وبناء الكوادر المهنية والحرفية، كثرت الاحتفالات القومية والشعبية داخل المعابد ، وخارجها على مدار السنة، كما كثرت احتفالات الموائد داخل قصور الملوك ، وقد شاركت الموسيقى والغناء والرقص فى تلك الاحتفالات الدينية منها والدنيوية. تعددت أساليب الحياة الموسيقية وتنوّعت داخل قصور الملوك، وفى البلاط الملكى، ونمت نمواً هائلاً ، تمثلت فى زيادة عدد من النساء والرجال ، كما تعددت فرقة موسيقية كاملة الوظائف الموسيقية والإدارية المشرفة نتيجة للفتوحات والاتصالات التجارية والدبلوماسية بين الحكام الفراعنة ، ملوك ورؤساء المدنيات الأجنبية الآسيوية والآشورية والبابلية، وتبادل

الهدايا بينهم من الأسرى والجوارى ساعد على تواجد العنصر الآسيوى من الجنسين فى مجال الموسيقى والغناء، حتى أصبح فى بلاط الفرعون الملك فرقتان موسيقيتان، إحداهما مصرية ، والأخرى آشورية. وتوضح النقوش والرسوم، الفروق الجوهرية بين ملامح الجنس الآسيوى من النساء والرجال، ومدى تباينهم واختلافهم فى الشكل الخارجى والمظهر العام عن خصائص المصريين؛ حيث كانوا قصار القامة ولهم شعور طويلة سوداء اللون ، وذوو لحية كثيفة، ويلبسون الجلباب القصير، كما أظهرت النقوش الاختلاف فى شكل الآلات وطريقة العزف عليها.

تطورت صناعة الآلات الموسيقية عامة والوترية بشكل خاص حيث شملت الخامات، وجودة الصناعة ، والشكل الخارجى، وعدد الأوتار، وما تبعه من زيادة للمساحة الصوتية ، واتساع الحركة اللحنية بين الحدة والغلظ - ظهرت آلات العود البيضاوية الشكل ذو الرقبة الطويلة والقصيرة ؛ وهو ما عُرف باسم عود الرقص ، كما ظهر العود الكمثرى الشكل ذو الرقبة الطويلة فى عصر الأسرة الخامسة والعشرين وما بعدها ؛ وهو أشبه بالطنبور أو البزق التركى ، أما العود القبطى ( المصرى ) فقد ظهر فى نهاية حكم الفراعنة لمصر فى أوائل القرن الأول الميلادى وما بعدها. تطورت آلات الصنج أو الجنك ( الهارب ) تطوراً كبيراً فى الشكل الخارجى وعدد الأوتار ، الذى وصل إلى 22 وتراً فى عصر الرعامسة الأسرة العشرين ، كما وصل ارتفاع بعض تلك الآلات إلى أكثر من مترين.

وقد أثرى ذلك الحياة الموسيقية فى عصر الدولة الحديثة، فجعل من الموسيقى المصرية موسيقى غنية متفوقة عن كل موسيقات الممالك التى عاصرتها ، مما دعى أفلاطون أن ذكر فى كتابه " الجمهورية " يوصى شعبه بالاستماع والاستمتاع بالموسيقى المصرية ، ذات القواعد والقوانين العلمية، كما اعتبرها أرقى موسيقات العالم.

وقد عشق المصريون تناول الأطعمة على نغمات الموسيقى وسماع الغناء والطرب المصري الأصيل والعزف الملائم لمثل هذه الولائم والحفلات أيا كانت ملكية رسمية أو أسرية في البيوتات المصرية .وقد تشكلت الفرق الموسيقية في الدولة القديمة من واحد أو أكثر من ضاربي وعازفي ( الجنك ) مع عازفي المزمار وضابطي الإيقاع والمعنيين .

أما في الدولة الحديثة فقد أضافوا إليهم ضاربي الدفوف والعازفين على الطنبور و الكنارة .

في وكان بين الموسيقين والمغنين عدد من مكفوفي البصر ويبدو أنهم لم يكونوا كلهم محترفين من هواة الفن الموسيقي.

ولايفوتنا أن نذكر منظر بمقبرة ( مري روكا ) من أشهر نبلاء الأسرة السادسة الفرعونية من عصر الدولة القديمة بمنطقة سقارة الأثرية نراه وقد جلس متكئاً مسترخياً يستمتع بغناء زوجته وعزفها على آلة ( الجنك ) في جلسة رومانسية نادرة .

ولا يفوتنا أن نفرق بين طبقات المجتمع في مصر القديمة ، فالموسيقين في القصر يتخلفوا عن زملائهم في المعبد وعن من يقوموا بالعزف أو الغناء في البيوت للأفراد العاديين من الشعب المصري القديم .

كما يختلف هؤلاء جميعاً عن الموسيقين الذين وُكل إليهم الموسيقى الجنائزية والشعائر الدينية المقدسة وفي الأعياد والحفلات العامة ، وما أجمل المناظر التي صورت النقوش الخاصة بالمعارك الحربية إبان إنتصاراتهم ( أو حتى في عدم نصرهم على العدو ) يصور الجنود ينفخون في الأبواق أو يقرعون الطبول في الشوارع فرحاً بجيشهم وإنتصاراتهم .

وقد ربط البعض من دارسي هذه المناظر التي ربطت بين الموسيقى والغناء و هو إرتباط من منطقي من وجهة نظر البعض ويتخيله البعض أنه من الصعب الفصل بينهما ، إلا أنني أرى من وجهة النظر المتواضعة والتي أستخدم فيها خبرتي الطويلة بين جنبات الآثار أنه قد لايكون هناك إرتباط بين العزف والموسيقي والغناء ، وقد رأينا كثيراً عازفاً منفرداً أو مغنياً بدون آلات مصاحبة وقد صور على جدران المقابر العديد من هذه المناظر إلا أنها ليست بالكثرة التي يتواجد فيها العازف مع المغني أو المغنية و من يقوم بتوزيع الألحان في مقدمتهم رافعاً يديه وهم في حالة إنتباه لإشارات الموسيقار في طاعة تامة لأوامرة.

وقد إهتم المصريون بضبط الإيقاع الموسيقي إهتماماً يليق بها فخرجت النغمات منتظمة مع الحركات وسهولة حركة المؤديين في سلاسة ويسر مما ساعد على توقيت النغمات وتنظيم الحركات الإيقاعية ، وكان يستخدم في ذلك التصفيق بالكفوف والأصابع أورفع الأيدي والأذرع أو إخراج أصوات بتحريك الأصابع وهذه كلة من الموروثات في الحضارة المصرية القديمة وحتى يومنا الحالي نجد ( المايسترو ) يقدم نفس الحركات ونفس الأصوات تقريباً .
 
 
الصور :