بقلم الدكتور/ عادل عامر
مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية
لا شك أن قضية مكافحة الفساد تعد القضية الرئيسية بالنسبة لجميع دول العالم سواء كانت دول متقدمة أو نامية, فالفساد بأشكاله المختلفة ظاهرة منتشرة في جميع الدول ولكن بدرجات متفاوتة من حيث مدى خطورته على النظم الإدارية والاجتماعية والاقتصادية و السياسية القائمة, وأيماناً من الدول والمنظمات الدولية بخطورة الفساد وأثاره المدمرة على إمكانيات الدول والمجتمعات والشعوب فقد سعت الأمم المتحدة إلى وضع اتفاقية دولية لمكافحة الفساد بغرض تنسيق الجهود الدولية لمكافحته من خلال تعزيز النظم الوطنية لتكون انطلاقه لجميع الدول وأفراد المجتمع الدولي للسعى الحثيث نحو محاصرته ومكافحته .
وبالفعل وضعت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرارها رقم 58/4 المؤرخ في 21/10/2003 و قد انضم لهذه الاتفاقية العديد من الدول ومن بينها مصر أيماناً منها بأن قضية مكافحة الفساد وخصوصاً عقب ثورتي 25 يناير و 30 يونيو لم تعد شأناً داخلياً خالصاً بل ان الأمر يحتاج إلى تضافر الجهود الدولية لمواجهته وكذا تدعيم النظم الداخلية حتى تكون أكثر فاعليه في مكافحته .
تضمن الدستور المصري المعُدل عام 2014 فصلاً للهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من المادة 215 حتى المادة 221. المواد من 215 حتى 217 تضمنت تمتع الأجهزة الرقابية بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفني والمالي والإداري ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بمجال عملها وتمنح ضمانات واستقلالية وحماية لأعضائها بما يكفل لهم الحياد والاستقلال ويعين رئيس الجمهورية رؤسائها بعد موافقة مجلس النواب لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمره واحدة ولا يُغفى أي منهم من منصبة إلا في الحالات المحددة بالقانون وتعد من تلك الهيئات البنك المركزي، الهيئة العامة للرقابة المالية، الجهاز المركزي للمحاسبات، هيئة الرقابة الإدارية.
المادة 218 " تلتزم الدولة بمكافحة الفساد وتلتزم الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بالتنسيق فيما بينها في مكافحة الفساد وتعزيز قيم النزاهة والشفافية ضمانا لحسن اداء الوظيفة العامة ووضع ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بالمشاركة مع غيرها من الهيئات والأجهزة المعنية ".
إن مكافحة الفساد تتطلب تضافر جميع الجهود من القطاعين الخاص والعام ومشاركة المجتمع المدني. لان الرقابة الوقائية تتم من خلال تنفيذ بنود استراتيجية مكافحة الفساد (2014 - 2018)، والتي تتضمن قيام جميع الجهات المشاركة في تنفيذ الاستراتيجية بدورها، وهي: "اللجنة الوطنية التنسيقية للوقاية من الفساد، البرلمان، المجالس القومية المتخصصة، السلطات الرقابية على المؤسسات المالية، منظمات المجتمع المدني".
لان الاستراتيجية لها أهداف واضحة، منها: "الارتقاء بمستوى الأداء الحكومي، وإرساء مبادئ الشفافية والنزاهة، وتطوير الإجراءات القضائية، ودعم الجهات المعنية بمكافحة الفساد، ودعم منظمات المجتمع المدني، وهذا هو الهدف المنشود".
كان الفساد المستشري في جهاز الدولة أحد الأسباب الرئيسية وراء قيام ثورة يناير. و30 يونيه ولا يزال مطلب اجتثاث الفساد من جذوره في البيروقراطية حاضرًا بقوة من الجماهير والقوى السياسية والاجتماعية المختلفة في مواجهة السلطات المتعاقبة، بل إنه يحتل رأس الأولويات المعلنة للقيادة السياسية الحالية كمفتاح لجذب الاستثمارات وتشجيع نمو القطاع الخاص وعدالة توزيع الفرص،
ومما لا يدع مجالًا للشك أن فرص التنمية العادلة ترتهن بكفاءة وفاعلية ونزاهة جهاز الدولة، وهو ما يرتبط بدوره بالتخفيض من حدة الفساد وإزالة مواطنه الهيكلية التي شابت أداء الدولة في ظل حكم الاستبداد لعقود طويلة.
وفي هذا السياق يبرز دور هيئة الرقابة الإدارية، مع غيرها من الأجهزة الرقابية، كالجهاز المركزي للمحاسبات والنيابة الإدارية وجهاز الكسب غير المشروع، كأدوات مهمة لمكافحة الفساد بل وإعادة هيكلة جهاز الدولة برمته على نحو يجعله أكثر شفافية وأكثر قابلية للمساءلة والمحاسبة أمام المواطن المصري الذي يُعدُّ مصدرًا للسلطة الحاكمة وفقًا للدستور. و تحمل اعضاء هيئة الرقابة الادارية طوال الفترة الماضية أعباء تنوء لها عصبة أولي قوة, ويكفي أن الهيئة عملت وحيدة في ظل ظروف قاسية ولم تتوقف للحظة واحدة عن أداء رسالتها, وكان أعضاؤها يواصلون العمل ليل نهار دون كلل أو تبرم.
وهذا الجهد الكبير الذى تقوم به هيئة الرقابة الإدارية، والذى يطالعنا كل يوم عن حالات ضبط الجرائم ومكافحة الفساد والإمساك بالمفسدين.. تختص هيئة الرقابة الإدارية به، بحكم مسؤوليتها منذ إنشائها، لكن هذا الدور قد تأكد وازدادت فاعليته منذ أن وضعت الهيئة استراتيجيتها عام 2014 بالقضاء على الفساد خلال أربع سنوات،
وحددت لها عشرة أهداف رئيسية، تدور كلها حول تحسين الأداء والخدمات، ودعم الرقابة الداخلية، وإرساء مبادئ الشفافية والنزاهة، ومنع تضارب المصالح، وتحديث التشريعات الداعمة لمكافحة الفساد، واتساقها مع الدستور والاتفاقيات الدولية، التي كانت مصر من أوائل الدول التي انضمت إليها،
وكذلك دعم الجهات المعنية بمكافحة الفساد إدارياً وفنياً ومالياً.. والارتقاء بمستوى المعيشة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتطوير الإجراءات القضائية لتحقيق العدالة الناجزة، ورفع مستوى الوعى الجماهيري بخطورة الفساد،
وتقرير التعاون المحلى والإقليمي والدولي في مكافحة الفساد، وتبادل المعلومات، وأخيراً مشاركة المجتمع المدني في مكافحة الفساد ونشر المعلومات، كل ذلك يدخل في نطاق الخطة الاستراتيجية التي أعلنت عنها الرقابة الإدارية منذ عام 2014 لمكافحة الفساد.. والحفاظ على حقوق الدولة وحماية المال العام.
لذلك نعرف دور هيئة الرقابة الإدارية ومجالها واهدافها :-
هيئة الرقابة الإدارية من أهم أجهزة الدولة الرقابية التابعة للسلطة التنفيذية - مجلس الوزراء - وتمارس كافة الأشكال الرقابية والمالية والفنية وتعمل على مكافحة الفساد الإداري في مصر
التعريف:-
1- هيئة الرقابة الإدارية أحد أجهزة الرقابة الخارجية التابعة للسلطة التنفيذية وتمارس مهامها طبقاً للقانون رقم 54 لسنة 1964 ولها حق الاطلاع والتحفظ على البيانات والمستندات بالجهات وترفع تقاريرها بنتيجة تحرياتها وأبحاثها ومقترحاتها للسيد رئيس الوزراء / السادة الوزراء والمحافظين وكذا جهات التحقيق المختصة لاتخاذ ما يرونه بشأنها
2- هيئة الرقابة الإدارية هيئة مستقلة تتبع السيد رئيس مجلس الـوزراء وتمارس كافة أشكال الرقابـة الإدارية والمالية والفنية وضبط الجرائم الجنائية وهى المنوط بها مكافحة الفساد الإداري في جمهورية مصر العربية .
3- إنشاء الهيئة :
- بدأت كقسم للرقابة يتبع النيابة الإدارية عام 1958.
- أصبحت هيئة مستقلة طبقاً للقانون رقم 54 لسنة 1964 .
- صدر قرار بتجميد نشاطها عام 1980 ثم أعـاد تشكيلها الرئيـس المصري السابق / محمد حسنى مبارك عام 1982لممارسة اختصاصاتها .
تختص هيئة الرقابة الإدارية طبقاً لقانون إنشائها رقم 54 لسنة 1964 بالآتي :
1- بحث وتحرى أسـباب القصور في العمل والإنتاج واقتراح وسائل تلافيها .
2- الكشف عن عيوب النظم الإدارية والفنية والمالية التي تعرقل السير المنتظم للأجهزة العامة واقتراح وسائل تلافيها .
3- متابعة تنفيذ القوانين والتأكد من أن القرارات واللوائح والأنظمة السارية وافيه لتحقيق الغرض منها .
4-الكشف عن المخالفات الادارية والمالية والفنية التي تقع من العاملين أثناء مباشرتهم لواجبات وظائفهم أو بسببها .
5- كشف وضبط الجرائم الجنائية التي تقع من غير العاملين والتي تستهدف المساس بسلامة أداء واجبات الوظيفة أو الخدمة العامة .
6- بحث الشكاوى التي يقدمها المواطنون عن مخالفة القوانين أو الإهمال في أداء واجبات الوظيفة ومقترحاتهم فيما يترائى لهم أو يلمسونه بقصد تحسين الخدمات وانتظام سير العمل وسرعة إنجازه .
7- بحــث ودراســة مــا تنشــره الصحافــة مـــن شكــــاوى أو تحقيقات صحفية تتناول نواحي الإهمال أو الاستهتار أو سوء الإدارة أو الاستغلال وكذلك ما تتعرض له وسائل الإعلام المختلفة في هذه النواحي .
8- مد السيد رئيس الوزراء والسـادة الوزراء والمحافظين بأية بيانات أو معلومات أو دراسات يطلبونها منها .
هذا بالإضافة إلى الآتي :
-معاونة الجهاز الحكومي والهيئات العامة وقطاع الأعمال العام في التحري عن شاغلي وظائف الإدارة العليا والمرشحين لنيل الأوسمة والنياشين .
- التحري عن حالات الكسب غير المشروع تنفيذاً لقانون الكسب غير المشروع وبناء على ما تقرره هيئات الفحص والتحقيق بإدارة الكسب غير المشروع .
- التحري عن العمليات المالية التي يشتبه في أنها تتضمن غسل أموال بالتنسيق وتبادل المعلومات مع وحدة مكافحة غسل الأموال بالبنك المركزي .
مجالات اختصاص هيئة الرقابة الإدارية
تباشر الهيئة اختصاصاتها المحددة في القانون في الجهات الاتية :
الجهاز الإداري للدولة بفروعه . قطاع الأعمال العام . الهيئات والمؤسسات العامة . الجمعيات العامة والخاصة . القطاع الخاص الذى يباشر أعمالاً عامة . الجهات التي تساهم فيها الدولة .
صلاحيات هيئة الرقابة الادارية
منح القانون 54 لسنة 64 عضو هيئة الرقابة الإدارية في سبيل تنفيذ مهامه الصلاحيات الآتية : -حق الاطلاع على البيانات مهما كانت درجة سريتها . الحصول على صورة من المستندات والتحفظ على الملفات. استدعاء من يرى سماع أقوالهم. طلب وقف / أو أبعاد الموظف مؤقتاً عن العمل أو الوظيفة . طلب معاقبة الموظف تأديبياً .
سلطة الضبطية القضائية في جميع أنحاء الجمهورية في حدود الاختصاصات المخولة له ( وتعنى التحري عن الجرائم وجمع الاستدلالات والبحث عن مرتكبيها وضبطهم ) . |