بقلم الدكتور/ عادل عامر
رغم كل المؤتمرات الدولية والإقليمية، تعتبر الدبلوماسية المصرية متماسكة ونشطة وواجهت الازمات الخارجية بحنكة وحرفة ومهنية فخلال فترة قصيرة انعقدت كثير من المؤتمرات والاجتماعات التي كانت مصر مركز اهتمامها وبحثها، ومن بينها مؤتمرات إقليمية وأخرى دولية، وكانت مصر على رأس الموضوعات المبحوثة في تلك الاجتماعات.
يبدو أن هناك سياسة ثابتة لدى تلك البلدان تجاه مصر وهي لن تغير من نمط سياساتها لمجرد عقد اجتماع، فقد كان لهذه البلدان مواقف سلبية مسبقة تجاه الوضع العام في مصر، ولم تحاول أن تغير تلك البلدان مواقفها تلك.
ولهذا كان تقييمها للوضع في هذا البلد مبنياً دائما وابدا على أساس المبالغة في تصوير الأشياء السلبية وتصغير الايجابيات بحيث لا تبدو للمتابع شيئاً مهماً.
إن التغييرات الاستراتيجية التي تحدث في مصر هي على مستوى القوانين والأنظمة والتشريعات بما يشكل الإطار المتقدم لبناء دولة قوية وثرية وديموقراطية تحترم حقوق الإنسان ولا تصادر الحريات مثل ما يحدث في جميع البلدان العربية الأخرى التي تتقاطع مع التجربة المصرية في هذا المضمون، فالذي يراقب الاعلام يلمس انحيازـ مموه ـ وربما ينخدع الجميع بهذا الموقف ويظن الأخوة أن الحكومات العربية مناصرة لحقوقهم وقضاياهم، ولكن الحقيقة هي مختلفة، لأن تلك الحكومات لادين ولا مذهب لها، لأن دينها ومذهبها هو السلطة لا أكثر ولا أقل، غير أن اتخاذ موقف المساندة لمصالح الطائفة يكسب هذه الحكومات المتخلفة والقادمة من القرن الماضي نوعاً من الشرعية من جانب الشارع العربي الذي بدأ يغلي في قدر الطائفية التي زرعها النظام الدولي الجديد في قلب هذه الأمة المغلوب على أمرها. تزايدت أهمية العلاقات العامة الدولية في العالم، نتيجةً للتغيرات التكنولوجية والسياسية والاقتصادية التي طرأت عليها، والتي منحت شعوبها حرية التعبير، وإقراراً بقوة الرأي العام فيها، فالنجاح الذي تحقق في مجال شعوبها مكّن من بث ونشر المعلومات والأفكار بسهولة وبسرعة فائقة، وأتاح الفرصة للبشر للاتصال يبعضهم البعض، والتأثير على الرأي العام العالمي بشكل كبير.
وتعـد العلاقـات العامة الدولية حلقة الوصل بين مؤسسات المجتمع الواحد، وبين المجتمعات الأخرى عن طريق تقديم خدمات معينة لها مبنية على الثقة المتبادلة انطلاقًا من أهمية الفرد والشرائح الاجتماعية، وقوة تأثير الرأي العام في المجتمعات على مختلف المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية .
ويُلاحظ في السنوات الأخيرة زيادة الاهتمام بالعلاقات العامة الدولية، وزيادة إقبال المنظمات الدولية على تطوير وظائف العلاقات العامة لديها، وزيادة إقبال الشركات على تعيين أفضل العناصر للعمل بالعلاقات العامة لديها، وبهذا فإن العلاقات العامة قد تأكدت فعاليتها للمنظمات والمؤسسات بشكل عام، سواء كانت محلية أو دولية، وذلك في المجالات الاتصالية المبذولة في أداء الممارسة المختلفة للنشاطات وأهداف العلاقات العامة، مما أدى إلى تدعيم علاقة المؤسسة بالعديد من جماهيرها بشكل يحقق أهداف المنظمة؛ لذا فقد بدأت بيئة المنظمات على اختلاف أنواعها تنال نصيبها من الاهتمام والدراسة منذ الخمسينات من القرن الماضي، وتزايد الاهتمام بها بشكل ملحوظ في العشر سنوات الأخيرة، حيث يُنظر إلى المنظمة باعتبارها كائن حي منفتح على العالم الخارجي، ومتفاعل معه، ويؤثر فيه، ويتأثر به بصورة مستمرة.
وبما أن الدبلوماسية نشأت كوسيلة للاتصال والتفاهم بين الجماعات البشرية المتجاورة وتطورت علاقاتها شعرت بحاجتها إلى انتهاج حسن العلاقة مع بعضها وقد اقتضى هذا نشوء الأسلوب الدبلوماسي كسلوك اجتماعي تتطلبه الحاجة إلى التفاهم والتعاون وتبادل المعرفة والمنفعة من أجل الاستقرار والسلام والحماية والأمن .
كما أدت العولمة والثورة التكنولوجية إلى سرعة التغيير في مختلف مجالات الحياة اليومية والعلاقات الدولية، مما حذا بالمجتمعات في التوسع وتوفير المعرفة وسهولة الحصول على المعلومات مما مكن المجتمعات والهيئات من إقامة علاقات طيبة مع بعضها البعض إضافة إلى ظهور المجتمع المدني كجهات فاعلة غير حكومية في التواصل مع الشعوب مما أدى إلى بروز أهمية العلاقات العامة والدبلوماسية المعاصرة في المجتمعات المتقاربة .
ومن جانب آخر يتأثر دور العلاقات العامة تأثرًا واضحًا بالمتغيرات الداخلية والخارجية للمنظمة مما يدعونا إلى قياس طبيعة ومدى هذا التأثير على وظيفة العلاقات العامة في القطاع الدبلوماسي، خاصةً في ظل تطور المنظمات الدبلوماسية وذلك بحدوث ثورة التكنولوجيا والعلم الحديث وانتشارها في كافة أنحاء العالم، فقد حققت المنظمات الدبلوماسية طفرة كبيرة في أساليبها وفنونها وطرق أدائها بحيث شهد المجتمع الدولي المعاصر أشكالاً وأنماطًا جديدة، من الفن الدبلوماسي لم يسبق أن رآه العالم على هذا النحو وبهذا قُدر للدبلوماسية أن تتخلص من أساليبها وتقاليدها القديمة التي لم تعد تتمشى مع روح هذا العصر، وأن تحتفظ بوظائفها الجوهرية وأن تستحدث أساليب ومناهج عصرية حديثة لكي تواكب الظروف والأوضاع الجديدة في المجتمع الدولي المعاصر،
يجب أن يدرك قادة العالم في جميع قطاعاته الدبلوماسية: أن العلاقات العامة والدبلوماسية العامة متهيئان الآن للتعامل مع متغيرات العصر الجديد في العالم أجمع بما فيها الدول النامية والدول العربية على وجه العموم لأنهما وجدا المناخ الملائم لهما من سهولة الانتقال وسرعة الحصول على المعلومات والتبادل الإعلامي والمؤسساتي الدولي السريع، والاهتمام بالرأي العام العالمي، كل هذه العوامل جعلت من العلاقات العامة والدبلوماسية واستراتيجياتهما مناخًا ملائمًا لاستخدامهما الاستخدام الأمثل للنهوض بالعالم سياسيًا واقتصاديًا وفكريًا وثقافيًا حتى يعيش العالم في سلام وأمن وأمان وهذه هي قمة عمل العلاقات العامة والدبلوماسية التي وُجدا من أجلها .
يجب أن يدرك القادة وخبراء الدبلوماسية في الوطن العربي: أن العلاقات العامة الدولية وظيفة من وظائف السلك الدبلوماسي، حيث أصبحت من المهام الأساسية للبعثات الدبلوماسية العاملة في الخارج، بما تسمح به إمكانيات كل من دول العالم وأنه كلما زاد التقدم الثقافي والتقني في أي دولة من دول العالم، زاد دور الدبلوماسية الشعبية، وبهذا وجب على القطاعات الدبلوماسية العربية أن تفطن إلى تأسيس جمعيات علاقات عامة عربية هدفها التواصل مع شعوب العالم وغرس القيم وتصحيح الصورة والهوية العربية وهذا لن يتأتى إلا بجهود متكاتفة عربية وبعناصر مدربة على هذا العمل .
الحديث عن فاعلية هذه المؤتمرات في رأيي مهم جدا، لأن المؤتمرات هي إحدى أهم وسائل التطوير والنمو، وثانيا لأنه يتم إنفاق ميزانيات ضخمة على المؤتمرات بشكل عام، كما أنها تحولت في بعض المدن العربية مثل دبي وبيروت والقاهرة إلى قطاع تجاري مستقل لا يمكن تجاهله، حيث يقام المؤتمر أو المعرض أو الملتقى أو المنتدى أو القمة الواحد بعد الآخر، بتمويل الرعاة واشتراكات الحاضرين، ولا تجدها في النهاية إلا فرصة الحاضرين من المدن العربية الأخرى للاستمتاع بأجواء المدينة في المساء والأحاديث "على هامش المؤتمر".
إن تقييم المؤتمرات العربية يأتي ببساطة من خلال النظر إلى أهدافها، إذا وجدت أهداف أصلا، فإذا كان الهدف هو تقديم جرعة مركزة حول الموضوع الذي يدور حوله المؤتمر أو الملتقى، فإن هذه الجرعة لا تتحقق بالتأكيد من خلال مجموعة من المتحدثين الإنشائيين الذين يعيدون كلماتهم نفسها في كل مؤتمر تقريبا خلال عدة سنوات، وإذا كان الهدف بناء علاقات مع المتخصصين في مجال معين بحيث يكون هناك تواصل بينهم، فإن المنتديات من هذا النوع لها طريقة أخرى واسعة الانتشار في الدول المتقدمة وتسمى "لقاءات التواصل" Networking Events بحيث يتحقق هذا الهدف دون أن يضطر الحضور لابتكار وسائل بناء العلاقات الاجتماعية داخل المؤتمر وكأن كل شيء يتم عفويا ومن دون قصد. |