بقلم الدكتور/ إبراهيم حسن الغزاوي
eommar@hotmail.com
الرمزية في حياة الشعوب ... تلعب دورا تحفيزيا قويا في توجيه البشر ورفع معنوياتهم وتوجيه مشاعرهم وتركيزها في اتجاهات معينة .. وهى ببساطة منظومة معنوية من مشجعات الارتقاء ومقاومات الانكفاء البشري، والتي تسخر معطيات الطبيعة أو الفكر أو المادة أو البشر في تشجيع مشاعر الناس ورفع معنوياتهم وتقوية عزائمهم...وتبعد عنهم شبح اليأس والقنوط ..
والرمزية تقوم على انتقاء مصدر الهام قوي...وعلى مر التاريخ تراوحت الرمزية بين ملايين الاختيارت المتنوعة والمتباينة في طبيعتها ... فهناك مثلا الرمزية الجغرافية ..مثل مصر بلاد الدلتا ..هبة النيل ....
وهناك الرمزية الحضارية ، فنقول بلاد الحضارة...بلاد الأهرامات .. بلاد أبو الهول..عاصمة النور..بلاد الجن والملائكة..وغيرها.
وهناك الرمزية العقائدية، فنقول بلاد الحرمين ..مهبط الوحي ...ملتقى الأديان...والصليب للأقباط والهلال والنجمة للمسلمين وغيرها.. كما ان هناك الرمزية اللغوية ..مثل لغتنا العربية لغة الضاد أو لغة البلاغة ..أو لغة القرآن ..
وهناك أيضا الرمزية العسكرية التي ترتكز على إبراز مظاهر السيادة والسلطة والقوة ..فنرى الجيوش تختار رموزا تعكس القوة والنصر مثل رأس الأسد، ومخلب النمر ، والنسر والصقر وغيرها ..
وهناك الرمزية الأهم من كل تلك النماذج قاطبة ..وهي الرمزية الإنسانية ... أي أن تتخذ المجتمعات من أشخاص بعينهم أنماطا رمزية سامقة، تضعها في طليعة صفوفها..لتعلو بها ، وترفع بها قيمة العمل الإنساني، وترسخ لدى شبابها قيم النجاح ، ومعاني الكفاح والصمود والأمل ... والرمزية الإنسانية هي الأهم بالقطع، لأنها رمزية حية، تصلح نموذجا دائما للعطاء والنجاح، يمكن تقليده، ولا يمكن إنكاره أو إغفال فضله، مما يجعله محفزا واقعيا ومتميزا في الوقت نفسه، ومثال عليه ، عندما نقول بلاد العقاد وطه حسين ومصطفى مشرفة ونبوية موسى وزكي نجيب محمود وأم كلثوم وعبد الوهاب ونجيب محفوظ والدكتور محمد النشائي عالم النانو تكنولوجي، والدكتور احمد زويل ..والدكتور محمد غنيم ... ولأن الرمزية لها قدرها في ترقية أداء الناس، وقديما قالوا"اللي مالوش كبير يشتري له كبير"، فيكون المجتمع محظوظا بالتأكيد لو كان لديه أرصدة من الرمزية المتنوعة ، وأن يكون قادرا على توظيفها في إطارها الإيجابي تجاه التنمية والتطوير والتعليم والتثقيف والإبداع...
وشقية هي تلك المجتمعات التي تصاب بالندرة في مواردها الرمزية .. ولكن أشقى منها تلك المجتمعات التي يمنحها الله مصادر للرمزية الثرية، وعلى رأسها البشر، فتهملهم وتبتعد عنهم...وترجو ضالتها في التافه من المعاني والركيك من القيم والضحل من الثقافة والغث من الفكر والقميء من الفن...
سلمى نسيم الشافعي...فتاة الذهب .. ابنة البصراط مركز المنزلة دقهلية .. ملكة مصرية متوجة على عرش مملكة الكاراتيه العالمية..وحصلت على ذهبية العالم في بطولة الكاراتيه المنعقد في اسبانيا منذ عدة أسابيع ...ومدربها الكابتن محمد الحنفي ..ابن البصراط أيضا .. وكانت بنت مركز شباب البصراط، بمحافظة الدقهلية، حصلت على المركز الأول في بطولة الناشئين للكاراتيه على مستوى العالم العام الماضي، كما حصلت على بطولة
البحر المتوسط. سعدت عندما كرمها الرئيس السيسي ضمن باقة رائعة من مبدعي شباب مصر ...في شرم الشيخ.. وأدعو كل أصدقائي من الإعلاميين أن يقوموا بدورهم في استجلاء الرمزية من الذهب المصري الخالص .. نحتاج في مصر إلى رموز مبدعة مثل سلمى نسيم ..ليتعلم منها شباب مصر العطاء والجدية والنجاح والتصميم..وبأقل الإمكانيات..لتشرق منهم شمس النبوغ ... نريد رمزا مثل سلمى لكي يستفيق الشباب الجالس على المقاهي ليل نهار ينفق ببذخ من جيب أمه وأبيه مئات الجنيهات ولا يكف عن لعن مصر والحياة والناس...
سلام على كل من انتقى الخير والإبداع من أبناء مصر ..ليقدمهم إلى المجتمع نموذجا محترما وطنيا خالصا..بدلا من نماذج السفه والتشوه والشباب ابو ذيل حمار ووشم كلب وحلاقة البرص والبناطيل المحذقة الممزقة المقطعة المبقعة القذرة بما تمتليء به من نفايات البشر...
مصر تحتاج رمزا وألف رمز مثل سلمى نسيم ..ابنة مصر والعرب... لنقدمهم نورا هاديا لشبابنا في مصر وكل العرب معنا ... نحتاج لشمس الحضارة الإنسانية لتعم بلادنا مرة ثانية .. بتقديم قيم العطاء والنبوغ ..على سلوكيات الكسل والنوم والتراخي...
شكرا لأسرة سلمى نسيم أنها أهدت لنا في بلاد العرب عطية طيبة .. نحتاجها في وقت أزمتنا الإنسانية .. لتكون رسالة من الذهب... أننا على الطريق لحضارة المستقبل التي تقوم علي الجهد .
|