بقلم الدكتور/ عادل عامر
أن الفكرة جاءت بعد الزيادة الكبيرة في تكلفة الإنتاج والأسعار، خاصة مع ظهور ملابس موسم الشتاء بالأسواق والمحال وسط حالة من الركود في حركة البيع، ما كان سببا في التفكير لإيجاد وسيلة تخدم أطراف السوق. إن الفكرة قابلة للنجاح بشكل أكبر عبر الجمعيات التعاونية والفئوية والنقابات،
لأن مثل هذه التنظيمات تمتلك أدوات وضمانات ذاتية للسداد، لكن الحديث عن بيع المحال والمتاجر الملابس للمواطنين بالتقسيط صعب التطبيق. إن التوسع في هذا النشاط يتطلب من الشركات المنتجة والموردين والتجار زيادة الاهتمام بخدمات ما بعد البيع والصيانة، كما يتطلب أن يكون هناك دور أقوى لجهاز حماية المستهلك لضمان عدالة المعاملات التجارية. "
أن المبادرة تتضمن أن تكون مدة التقسيط 6 أشهر وعلى مدار العام فلن تقتصر على موسم الشتاء الحالي فقط وإنما ستستمر إذا حققت نجاحا، بفائدة 10% نسعى أن تتحملها المصانع ولن يتحملها المستهلك، وكل هذا في سبيل كسر حالة الركود. يود الكثير تسريع عملية البيع للمنتجات الخاصة بهم فيلجأ للبيع بالتقسيط أيا كان نوع المنتجات
عملية البيع بالتقسيط على انها امر يساهم في تنشيط الاقتصاد كونه يوفر طاقة استهلاكية كبيرة للسلع والبضائع من خلال شراء المواطن لأكثر من سلعه في ان واحد أن البيع بالأجل نظام معتمد في الكثير من دول العالم ومنها الولايات المتحدة الامريكية خصوصا في سوق العقارات وان كانت هنالك ازمة اقتصادية جراء هذا الامر
ان حاجات الانسان متزايدة ومتجددة لذلك قد لا يكفيه الدخل الشهري لتلبية رغباته وبالأخص السلع الضرورية ومع وجود منافع للبيع سواء حكومية او اهلية تشجع هذا الامر لتسهيل امر المواطن وبما ان المستهلك سيوزع دخله على جهات متعددة لكن في الوقت ذاته هو اسلوب ينشط الاقتصاد طالما أنه ليست هنالك مشاكل قانونية تترتب على ذلك.
حيث ان المواطن المصري وخاصة الموظف والذي يستلم دخلا ثابتا (راتب شهري) لا يمكنه من الشراء بالنقد فيلجأ الى هذه الظاهرة والتي تعتبر خارج النظام الاقتصادي النقدي او ما يطلق عليها بالدورة النقدية لأنه لا توجد جهة نقدية او مالية عامة او خاصة تتدخل في هذا العمل. اذ ان الأفراد هم الذين يقومون بها وبالتالي فأن تأثيرها قد يكون غير مباشر بالنسبة للاقتصاد.
انتشاراً كبيراً في السنوات القليلة الماضية واتسع نطاق دائرته من الملبوسات إلى الخدمات ومن المنتجات الاستهلاكية إلى الثروة العقارية. وكان الفضل للانفتاح الاقتصادي أن أصبح الاقتصاد المصري (أو كاد) جزءاً من الاقتصاد العالمي
وأن تعرض المنتج والمستهلك المصري لأحدث أساليب التسويق والترويج التي تشمل أنواعاً متعددة من التقسيط للمستهلك مباشرة على خلاف ما كان موجوداً قبل فترة في المجتمع من تقسيط محدود لمجموعة من السلع المعمرة من خلال النقابات أو الجمعيات التعاونية للعاملين في الشركات والهيئات. والآن اصبحنا نرى المنتجين والتجار يتنافسون على منح الائتمان للمستهلك النهائي على العديد من السلع والخدمات، الأساسية والترفيه، الغالية الثمن والرخيصة نسبياً. وصاحبت موجة التقسيط هذه حملات دعائية قوية ووفرة وتعدد في المعروضات بما يغري المستهلك البسيط الذي حرم طويلاً من فرصة الحصول على ما يحتاجه أو يرغبه من سلع وخدمات لضعف قوته الشرائية، هذا على الرغم من ان تكلفة الائتمان الاستهلاكي تصل إلى ما بين 20 ـ 27% في أغلب الحالات وحسب نوع المشتريات وطبيعة البنك الضامن.
لقد أثمرت هذه الحملة المنظمة الهادفة إلى تنشيط الاستهلاك وقد أصبح من المألوف ألا يشتري الناس منازلهم وسياراتهم والسلع المعمرة فحسب بالتقسيط وانما أن يقوموا بإجازات في مصر والخارج وأن يشتروا الملابس بل وأيضاً أن يسددوا ثمن الدروس الخصوصية لأولادهم بالتقسيط.
ان البنوك انضمت أخيرا لهذا التيار حيث رأينا طفرة في عدد بطاقات الائتمان المصدرة (بضمان وبدون ضمان) وتبارت البنوك في اكتشاف «سوق التجزئة» أو سوق المستهلك النهائي لتمنحه ائتماناً وقروضاً شخصية وتمويل سيارات وغير ذلك انه يمكننا الاستفادة من تجربة أكبر مجتمع استهلاكي ورأسمالي في العالم أسوة «حيث يلزم القانون في الولايات المتحدة الأميركية كل من يمنح ائتماناً للمستهلك النهائي سواء بنك، أو شركة عقارية، أو مصدر لبطاقات ائتمان، أو أية جهة تبيع بضائعها وخدماتها بالتقسيط، أن تعلن بوضوح تكلفة الائتمان (التقسيط) الممنوح».
أن الحكومة المصرية تبنت أخيرا برنامجاً لتنشيط الطلب على المنتجات المحلية، بتمويل (1.8) مليار جنيه في الأسابيع المقبلة، وبسعر فائدة ميسر وبدأت البنوك بالفعل، بإشراف المركزي المصري، تنفيذ هذا البرنامج. ويذكر أن عدد بطاقات الائتمان في مصر وصل إلى 350 ألف بطاقة، وأن سعر الفائدة ـ شاملاً الرسوم ـ على مشتريات البطاقات لا يقل عن 20%، ويصل في بعض البنوك التي تمول شراء السيارات الفارهة عملياً إلى 28 في المائة. ان حجم الاقبال على شراء الملابس الجاهزة هذا الموسم يعد هو الأقل فى سنوات طويلة نتيجة تراجع القوة الشرائية للمواطنين، وإصابة الأسواق بالركود والكساد. وشهدت الفترة الماضية اقبالاً ضعيفا على المنتج المحلى، الذى زاد إنتاجه هذا العام على المستورد لأول مرة بعد القرارات الحكومية المقيدة للاستيراد.
وتواجه صناعة الملابس فى مصر- وفقا لشعبة الملابس الجاهزة – عدة تحديات من أهمها ارتفاع أسعار الخدمات ومستلزمات الانتاج، حيث أن نسبة كبيرة من مستلزمات الصناعة مستوردة وهو ما يرفع أسعار التكلفة بسبب ارتفاع أسعار الدولار. أن التجار لديهم العديد من الأعباء، ولا يُمكن تأخير مستحقاتهم المالية، مع أهمية تحصيلها أولا بأول؛ ليتمكنوا من الوفاء بالتزاماتهم. أن أغلب خامات الإنتاج يتم استيرادها، إذ أنها غير متوفرة محليًا، وكذلك ماكينات الصناعة الحديثة وقطع غيارها، و "هناك العديد من منتجات الملابس الجاهزة، لا مفر من استيرادها لعدم توفرها محليًا"، الأمر الذي جعل ارتفاع قيمة الدولار مقابل العملة المحلية، المُحدد الرئيسي للأسعار. أن الإنتاج المحلي يغطي نحو 40% من احتياجات السوق، أن الحاجة للاستيراد ليست من منطلق الرفاهية وإتباع الموضة، وإنما ضرورة لتغطية الطلب من قبل المستهلكين. وبلغت واردات مصر من الأقطان والمنسوجات والملابس والسجاد، نحو3.05 مليار دولار، خلال عام 2016، مقابل 4.1 مليار دولار للعام السابق عليه. إن التوسع فى هذا النشاط يستدعي من الشركات المنتجة والموردين والتجار زيادة الاهتمام بخدمات ما بعد البيع والصيانة، كما يستدعي أن يكون هناك دور أقوى لجهاز حماية المستهلك لضمان عدالة المعاملات التجارية. فإن محدودي الدخل يلجؤون إلى نظام التقسيط للحصول على سلع لا يمكنهم تسديد ثمنها دفعة واحدة، وتشير دراسات إلى أن 70% من هؤلاء يشترون سلعهم عن طريق التقسيط، وإن 35% منهم يعجزون عن السداد.
فبسبب الإغراءات التي تقدمها الشركات المختلفة للزبائن، يلجأ الكثير من الناس في البلدان العربية إلى شراء ما يحتاجونه عن طريق التقسيط، مثل السيارات والبيوت وأجهزة الحاسوب وغيرها من السلع الضرورية وغير الضرورية. وكما أن الشراء بالتقسيط له إيجابيات تتمثل في حصول الزبون على سلع ما كان بمقدوره شراؤها دفعة واحدة، فإن له سلبيات أبرزها التعثر في السداد والدخول في دوامة الأقساط. ولو كان بإمكانهم شراء الملابس بهذه الطريقة لفعلوا.
|