بقلم الدكتور/ عادل عامر
إن عمليات التنمية الاجتماعية التي تم تحقيقها في أواخر التسعينات قد عملت على إشباع جزء من الحاجات الأساسية للشباب، والتي تشكل أساساً متيناً للعمل المنتج وزيادة معدلاته· هناك إجماع على ان هنالك صلة بين الديمقراطية والتنمية، ومن هذا المنظور تصبح مشاركة الشباب في عملية التنمية ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية شاملة· كما إن كسب معركة التنمية أو خسارتها لن يكون في أروقة الحكومة فقط وإنما في كل بيت وفي كل قرية وهي مطلوبة من كل فرد من أفراد المجتمع وفي كل مؤسسة من مؤسساته·
ومن خلال هذا المفهوم يمكن تحديد أوجه مشاركة الشباب اللبناني في التنمية من خلال التحصيل العلمي، العام، الفني، المهني، والعالي الذي يعتبر المحور الأساسي لعملية التقدم الاقتصادي والاجتماعي، لان نسبة الأمية في المجتمع اللبناني للفئات العمرية من 10 سنوات فأكثر تصل إلى 34.5%·
كما ان المشكلة الأساسية كما يبدو تكمن في محدودية تطلعات الشباب اللبناني، وإدراكه لأهمية التحصيل العلمي، وهناك مؤشرات عديدة منها ضعف مستوى طلاب الجامعات، وحجم التسرب الكبير في المدارس، كما أن اهتمامات الشباب تنصرف الى الهجرة وإضاعة المدخرات في العادات الاستهلاكية الكمالية، او الاتجاه نحو السلوك الحزبي العسكري الذي يؤدي الى صراعات داخلية التي تستنفد جانباً من الجهود تكلف الوطن خسارات مادية وبشرية بالإضافة إلى تخصيص جزء من الأموال لأغراض التسلح والمخدرات، وانشغال جزء بحمل السلاح عن حمل معول الإنتاج وترك مهمة العمل الإنتاجي في الريف·
إن النظرة المادية البحتة لهذا التطور اهتمت بأثره على كل من البنيان الاقتصادي، والتنظيم الاجتماعي. فاقترنت عملية التنمية بالتصنيع، وما يعنيه من تنوع في البنيان الاقتصادي يعالج سلبيات الاقتصاد المقتصر على النشاط الأولي والتخصص في عدد قليل من المواد الخام توجه أساسا للتصدير مقابل استيراد عدد كبير من الاحتياجات من المصنوعات والخدمات المتطورة. وما زالت عملية تنويع الاقتصاد الأحادي تشغل بال عدد من الدول العربية حتى الآن.
من جهة أخرى اهتمت بعض النظريات بما يعنيه ذلك التطور من تبدل في قواعد الصراع الاجتماعي، خاصة فيما يتعلق بالشق الخاص بخضوع الأيدي العاملة لما تفرضه القوى المسيطرة على التراكم الرأسمالي. وتوسعت بعض الدول في القطاع العام ليقوم بالأمرين معا: تكوين رأس المال الذي يعجز الأفراد عن تحقيقه بالحجم والسرعة المطلوبين للدخول في أنشطة صناعية جديدة، وتوفير فرص العمل بشروط مناسبة، سواء من حيث مستوى الأجور النقدية والاستقرار في العمل، أو أداء الخدمات العامة التي تضيف إلى الأجر الحقيقي للعاملين.
إنَّ للشّباب دوراً كبيراً ومهمّاً في تنميةِ المُجتمعات وبنائِها، كما أنّ المُجتمعات التي تحوي على نسبٍة كبيرة من الفئة الشّابة هي مُجتمعاتٌ قويّة؛ وذلك كون طاقة الشّباب الهائلة هي التي تُحرّكها وترفعها، لذلك فالشباب ركائز أيّ أمّةٍ، وأساسُ الإنماء والتّطور فيها، كما أنّهم بُناةُ مجدها وحَضارتها وحُماتها
ويأتي دور الشباب وقدرتهم على تقديم أنفسهم ليكونوا حاضرين في البرامج التنموية وفي نهضة وبناء الوطن فالشباب هم العامود الفقري للمجتمع، ويجب أن يتم إيجاد آليات حقيقية ليكونوا فاعلين ومؤثرين في القرار وأن يتم البحث عن هذه الآليات لإيصالها لهم من قبل صُنَّاع القرار بمبادرة من الهيئات الرسمية على اختلاف مسمياتها وأشكالها، فلا يجوز أن تغيب المبادرة والفعل لدى الشباب والهيئات الممثلة لديه ويبقى التعويل على المبادرات الرسمية فقط ·
فالرعاية الرسمية هي المظلة والشرارة التي يجب أن نبدأ بها وكلنا يملك هذه الشرارة وهي الوطنية بالحضور الشبابي، على أن يكونوا هم فرسان التغيير وبعد ذلك يكون العمل والتحدي الحقيقي بأن تكون القضايا الشبابية وأولوياتها قد فرضت نتيجة جهد حقيقي من الهيئات الشبابية·
ويجب ان تكون مشاركة الشباب الفعالة في المنتديات والمؤتمرات الاقتصادية التي تعقد لرفع مهارات الحوار لدى الشباب ولتفعيل دور الشباب اللبناني بالحياة العامة، ومن خلال إتاحة المجال لهم بإطلاق آرائهم بكل حرية وزيادة الوعي الشبابي بالقضايا الوطنية والإقليمية وتحفيزهم على التفكير وتنمية مهارات القيادة والعمل الجماعي·
كما يجب التأكيد على أهمية قيم الشفافية والمساءلة والاستقامة والتميز والإبداع والتسامح والاعتدال ونبذ العنف لدى الشباب والالتزام بمحاربة الواسطة والمحسوبية على كافة المستويات وذلك كجزء من إيمان الشباب والهيئات الشبابية ببرامج الإصلاح والتحديث الثقافي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي المنبثق من رؤية وطنية جامعة·
وانطلاقاً من التعريفات المتعددة للتنمية المستدامة التي تتمحور حول التنمية التي تقابل الاحتياجات الأساسية للجيل الحالي من دون أن يكون ذلك على حساب التضحية بقدرة الأجيال المستقبلية في مقابلة احتياجاتهم،
يمكن القول إن التنمية المستدامة تتألف من ثلاثة عناصر رئيسية هي:
أولاً العنصر الاقتصادي، ويستند إلى المبدأ الذي يقضي بزيادة رفاه المجتمع إلى أقصى حد والقضاء على الفقر من خلال الموارد الطبيعية على النمو الأمثل وبكفاءة، ويشير مفهوم الاحتياجات الأساسية إلى فقراء العالم الذين ينبغي إيلاؤهم الأولوية الأولى.
ثانياً العنصر الاجتماعي، ويشير إلى العلاقة بين الطبيعة والبشر وإلى النهوض برفاه الناس وتحسين سبل الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية الأساسية، والوفاء بالحد الأدنى من معايير الأمن واحترام حقوق الإنسان، كما يشير إلى تنمية الثقافات المختلفة والتنوع والتعددية والمشاركة الفعلية للقواعد الشعبية في صنع القرار.
ثالثاً العنصر البيئي ويتعلق بالحفاظ على قاعدة الموارد المادية والبيولوجية وعلى النظم الأيكولوجية والنهوض بها.
لعل الشباب يحتاج أولاً وقبل كل شيء إلى إشراكه للمساهمة في اتخاذ القرار، وهذا يتطلب تفهم ظروفه وطريقة عيشه وتلبية حقوقه والتعاطي مع آماله وتطلعاته، لكونه العنصر الحيوي والفاعل الذي لن تتحقق التنمية والتغيير من دونه، ابتداءً من الأسرة إلى المؤسسة المدرسية ومروراً بمؤسسات العمل ومنظمات المجتمع المدني، ناهيكم عن مشاركته في اتخاذ القرار في أعلى المستويات التي لها علاقة بقضايا التنمية، خصوصاً قضايا الشباب واستراتيجياته. وإبعاده عن ذلك سيعود بالضرر على الدولة والمجتمع على حد سواء.
يلعب الشباب دورا حيويا في عملية التعبئة المجتمعية واقناع فئات المجتمع الاخرى في هندسة جميع مشاريع التنمية المختلفة.
المشروعات التنموية الكبرى:
يلعب الشباب دورا مقدرا في المشروعات الكبرى مثل:
1-مشاريع حصاد المياه: يمكن استغلال الشباب الافريقي في مشاريع تساهم بقدر كبير في استقرار المجتمع خصوصا وان النزاعات في الآونة الاخيرة لدى كثير من المجتمعات هي صراعات حول موارد الماء والكلأ بين الرعاة والمزارعين كما نرى في اقليم دارفور بالسودان.
2-مشاريع التعدين المختلفة: يساهم الشباب بنسبة مقدرة جدا من العمالة في تلك المشاريع وبالتالي استيعاب الشباب في مشروعات تنموية كهذه يزيد من معدلات الدخل القومي ويقلل من نسبة العمالة الاجنبية لشركات التعدين المحلية او العالمية.
3.يمكن ان يلعب الشباب الافريقي دورا مهما في عملية استزراع الغابات والاشجار في المناطق المعرضة للتصحر او يتهددها خطر الزحف الصحراوي من خلال عمليات النفير الموجهة في عدد من الدول الافريقية.
4.استصحاب الشباب في القمم الافريقية والمؤتمرات العالمية. والاقليمية له مردود ايجابي يمكن الشباب من الالمام بكافة القضايا الافريقية ومعرفة سبل حلها.
5.تبادل الخبرات بين الشباب الافريقي من خلال التبادل الثقافي والمعرفي عبر المنح الدراسية في الجامعات الافريقية او العالمية المختلفة يعمق روح الولاء للقارة الافريقية.
يمكن استيعاب الشباب في مشاريع البنى التحتية العملاقة في الدول الافريقية بعد تلقي التدريب الكافي في الطرق والجسور وانشاء السدود والمطارات وبناء المدن والمنتجعات السياحية والفنادق.
7.يمكن للشباب الافريقي المشاركة في مشاريع اصحاح البيئة وتنمية الريف من خلال تسيير القوافل الصحية والتوعوية وتبصير المواطنين بقضاياهم وسبل حلها.
8.توفير الدعم اللازم للشباب الافريقي عبر مشروعات التمويل بواسطة البنوك والقروض الميسرة عبر صناديق الدعم يمكن الشباب الافريقي من الريادة والتفوق والنهوض بالقارة الافريقية ودولها الي مصاف الشعوب المتحضرة.
|