بقلم الدكتور/ إسلام محمد سعيد
ستظل الحضارة المصرية القديمة الأساس الراسخ لجميع الظواهر و التقاليد المتبعة حالياً مهما حاول المتربصون والرجعيون إفساد هذه الريادة بشتى الطرق سواء كانت لأغراض سياسية أو دينية، فمع ذكرى الاحتفال بعيد ميلاد السيد المسيح وما يصاحب هذا الاحتفال من ظواهر و تقاليد من بينها "شجرة الكريسماس" أو شجرة عيد الميلاد التي يستخدمها المسيحيون في جميع أنحاء العالم في تزيين المنازل والشوارع في الفترة من 25 ديسمبر (عيد الميلاد الغربي) حتى 19 يناير الذي يوافق (عيد الغطاس)، يُثبت أمامنا تاريخيا وطبقا لأغلب التفسيرات و الحقائق التي جاءت نتيجتها مؤكدة أن أصل شجرة الكريسماس "شجرة عيد الميلاد" ليس لها علاقة بميلاد السيد المسيح بل يرجع أصلها إلى الحضارة المصرية القديمة، ومن بين تلك التفسيرات ما أظهرته قوائم الأعياد المنحوتة على جدران معبد الملك رمسيس الثالث بمدنية هابو والتي أوضحت انه في يوم الخامس عشر من منتصف شهر "كياك" من فصل الفيضان حرص المصريون على إقامة احتفالات بالرب أوزوريس وذلك بالإتيان بأكثر الأشجار خضره ونصبها وزرعها أمام معبده مع تزينها بالحلي كما يُفعل اليوم بشجرة عيد الميلاد وذلك وسط جمع من الرجال والنساء والأطفال وجميع فئات المجتمع انتظاراً لأخذ الهدايا والعطايا من الرب أوزوريس في وجود فئة الكتبة المسئولون عن تلقى طلباتهم وامنياتهم وتسجيلها على عدد من الشقفات والبرديات لوضعها بعد ذلك تحت قدمي الشجرة الخاصة بالرب أوزوريس من اجل تحقيقها.
ويُفسر عالم المصريات "جيمس هنرى" فى كتابه " فجر الضمير" بان رواية شجرة أوزوريس كانت ترمز إلى عودة الحياة وبعث الرب أوزوريس مرة أخرى بعد مقتله على يد أخية "ست" طبقا لما ذُكر في أسطورة ايزيس وأوزوريس، ليعود أوزوريس للحياة مندمجا بجسم شجرة خضراء احتوت تابوته بعد وصوله إلى مدينة بيبلوس بــــ "بيروت" دون أن تعلم احد بهذا السر سوى زوجته الربة "ايزيس" والتي قررت بعد ذلك إرجاعه إلى مصر بالشجرة، لذا فقد عرفت شجرة الكريسماس بــــ" شجرة السرو" اى شجرة الأسرار التي حفظت سر الرب أوزوريس فكلمه "سرو" أتت من اللغة المصرية القديمة وتعنى أسرار .
هذا وقد جرت عادة الاحتفال بالشجرة في العالم اجمع من الشرق إلى الغرب في ذكرى عيد ميلاد السيد المسيح على الرغم من عدم وجود نص صريح في الكتاب المقدس يلزم بصحة الأمر ومع ذلك نشئ الارتباط بينهم في الديانة المسيحية، وترجح اغلب الروايات أن سر هذا الارتباط ترجع جذوره إلى القرون الوسطى بألمانيا حيث كانت العادة لدى بعض القبائل التي كانت تعبد الإله (ثور) إله الغابات والرعد أن تُقيم احتفالا كبيراً تتزين فيه الأشجار الخضراء بالحلي و تقوم إحدى القبائل المشاركة بتقديم ضحية بشرية من أبنائها للإله تقديسا له، حتى جاءت زيارة البابا بونيفاسيوس المبشرة عام 727 م ، فشاهدهم وهم يقيمون احتفالهم تحت إحدى الأشجار، وقد ربطوا أبن أحد الأمراء وهموا بذبحه كضحية لإلههم، فهاجمهم على الفور و أنقذ أبن الأمير من أيديهم ووقف فيهم خطيباً مبيناً لهم بأن الإله الحي هو إله السلام والمحبة وليس الهلاك والدمار، ثم قام بقطع تلك الشجرة ونقلها إلى أحد المنازل واصدر أوامره بتزينها بأشكال جمالية متعددة جاءت متأثرة بحلي شجرة الرب أوزوريس، فزُينت بأشكال من "النجوم" و "الشموع" التي كانت رمزاً لأشعة الشمس و رب الشمس أوزوريس والتي تحولت مع مرور الزمن إلى أنوار كهربائية، عدد من "الورود" التي كانت ترمز لزهرة اللوتس وتجدد الحياة و الميلاد، كذا " ثمرات التفاح الأحمر" رمزاً لدم الإله أوزوريس الطاهر، لتصبح الشجرة فيما بعد عادة ورمزاً للإحتفال بالخلاص وعيد ميلاد المسيح وصلت أصدائهم إلى بلدان العالم أجمع.
|