بقلم الدكتور/ عادل عامر
أن محاور الاستراتيجية القومية للسكان تتضمن تنظيم حملات لتنظيم الأسرة للحد من زيادة المواليد، بالإضافة إلى تمكين المرأة في العمل، فضلا عن حملات إعلامية لنشر التوعية المجتمعية مع الاهتمام بالشباب. إذا استمرت الزيادة السكانية بمعدلاتها الحالية سيبلغ عدد سكان مصر 147 مليون نسمة بحلول 2030".
ان الهدف الاساسي للاستراتيجية القومية للسكان والتنمية ان تكون الاسرة المصرية صغيرة العدد ابناؤها بصحة وتعليم جيدين قادرين على التعلم والعمل بمهنية وبالتالي قادرين على دفع عجلة الانتاج.
بلغت الزيادة السكانية في مصر حداً جعل الحكومة المصرية تضع تخفيض عدد المواليد هدفاً ضمن الاستراتيجية القومية للسكان، والتي تبدأ في 2020 وتنتهي في 2030. تهدف الحكومة المصرية إلى تقليل معدل الإنجاب من 3.5 طفل لكل أسرة إلى 2.4 طفل لكل أسرة بحلول 2030.
وتشكو الحكومات المصرية المتعاقبة من التهام الزيادة السكانية لكافة موارد الدولة مع عدم استطاعتها الوفاء بحقوق مواطنيها الحاليين، فضلاً عن الاهتمام بالمواليد الجدد، الأمر الذي يقضي القانون المقترح بإصدار رخصة لكل زوجين جديدين
وتجدد مرة كل خمس سنوات يتم فيها انجاب طفل واحد، مع تطبيق غرامة مالية عند انجاب أكثر من طفل خلال فترة الرخصة أو تجاوز العدد المسموح به من الأطفال، وعند إنجاب أكثر من طفلين يحرم الطفل الثالث ومن يليه من دعم الدولة في التموين ومجانية التعليم والرعاية الصحية. الفكرة دار حولها جدل كبير بين أعضاء البرلمان انتقل إلى منصات التواصل الاجتماعي.
تشكل أزمة الإسكان هاجسا للأسر ذات الدخول المنخفضة وللشباب المقبل على الزواج، بالرغم من أن الإحصاءات تشير إلى وجود 16.2 مليون منشأة، بإجمالي 43.2 مليون وحدة داخل المباني، الأغلب يستخدم لغرض السكن، وهناك مبان تستخدم في العمل وتبلغ 1.5%، مع العلم أن عدد الوحدات السكنية المغلقة تبلغ 12.5 مليون وحدة بلا سكان، وهو رقم ضخم. يعكس عدد الشقق المغلقة أزمة عميقة في بنية المجتمع والمؤسسات، ما يتطلب وجود تشريع يراعي مبادئ الحق والعدل.
وبالنظر للخريطة المجتمعية لهذه الشقق المغلقة يتضح علاقتها بقانون الإيجار المعمول به، والذى يفرق بين ما يُعرف بـ «إيجار قديم»، والذي يجعل الساكن له حق البقاء في الوحدة السكنية إلى ما لا نهاية ويورثها لأبنائه، وتحوله إلى مالك أبدي مقابل إيجار زهيد، وهو ما يمثل ظُلما لأصحاب تلك العقارات. وآخر يُعرف بـ «الإيجار الجديد»، والذى يتيح لمالكه أن يؤجر الوحدة وفقا للقيمة السوقية، ولكنه أيضا يغامر بدرجة ما إذا تصادف أنه لم يحصل على حقوقه حسب العقد، ففي تلك الحالة لن تنصفه محاكم ولا آليات إنفاذ القانون، وقد يضيع عمره وتضيع الشقة التي تصور أنها ستكون مصدرا لدخل يُحسّن به واقعه المضطرب. إن تعدد نظم التعامل مع الشقق، سواء القديمة أو الحديثة يدفع بكثيرين من أصحاب الشقق المغلقة إلى إبقائها خاوية دون منغصات، فالتضحية بدخل متوقع أفضل بكثير من الدخول في متاهات أقسام البوليس والمحاكم.
ويعكس عدد الشقق المغلقة أزمة عميقة في بنية المجتمع والمؤسسات على السواء، ما يتطلب وجود تشريع يراعي مبادئ الحق والعدل جاعلًا تلك الشقق وغيرها أحد أسباب معالجة أزمة السكن، بغرض الوصول إلى الاستقرار المجتمعي.
وعن دور الحكومة إزاء أزمة الإسكان، فإن قطاع الإسكان والمرافق العمرانية استحوذ على جزء كبير من الاستثمارات الحكومية في موازنة 2017 / 2018 التي خصصتها وزارة المالية، حيث يشكل 40% من إجمالي الاستثمارات، متمثلةً في تنفيذ نحو 215 ألف وحدة سكنية واستهداف 500 ألف وحدة ضمن مشروع الإسكان الاجتماعي، لكن بالرغم من ذلك يظل الإقبال محدودًا نظرًا لعدم توفر البنية التحتية المكتملة من مرافق ومؤسسات تعليمية وصحية وطرق ووسائل مواصلات ميسرة من تلك المدن لقلب المحافظات على مستوى الجمهورية. ويتمثل التحدي الحقيقي لتنفيذ هذه الاستراتيجية فى التنسيق بين الوزارات وبعضها وبين الحكومة والفاعلين الآخرين،
وكذلك فى متابعة التنفيذ وتقييم الجهود المبذولة وتوجيه الوزراء والفاعلين الآخرين بتغيير أساليب التنفيذ وإعادة النظر فى البرامج المتبعة، ومحاسبتهم على التقصير فى حالة ثبوته، وهو ما لم تستطع القيام به الأطر المؤسسية المختلفة التى تتابعت منذ إعلان الاستراتيجية فى 2014 والتي شملت وجود مجلس قومي للسكان ثم استحداث وزارة للسكان ثم إلغاءها بعد 5 أشهر والعودة مرة أخرى إلى إسناد الاستراتيجية للمجلس القومي للسكان.
ولا يتوقف الأمر عند الاستراتيجية القومية للسكان، فهناك عدد من الاستراتيجيات التى تستهدف جوانب مختلفة من التنمية البشرية مازالت حبيسة الأدراج أو بدأ تنفيذها بصورة بطيئة لم تسفر عن أى تقدم فى وضع مصر كما تعكس المؤشرات المختلفة.
إن المجتمع الذي ينمو فيه السكان بصورة سريعة سوف يعني تكوني هيكل عمري يتصف بصغر السن، بمعنى أن نسبة كبيرة من السكان سوف تكون عند سن صغيرة، وسوف يترتب على ذلك نتيجتان مهمتان لهذا الهيكل، الأولى على معدل الاعالة، والثانية هي أنه سوف يضع ضغوطا حادة على الاقتصاد لتوليد المدخرات للقيام بالاستثمارات اللازمة للصناعة ولكي يتم توفير الوظائف لهؤلاء الجدد في سوف العمل .
أ – معدل الاعالة: إن نمو السكان بمعدلات مرتفعة سوف يؤدي الى جعل نسبة العمال (أو السكان في سن العمل) الى المحالين (أى السكان صغار السن وكبار السن) صغيرا، وهو ما يعني أنه في حالة نمو السكان بمعدلات مرتفعة فانه على كل عامل أن يقوم بإنتاج عددا أكبر من السلع (أى أن يعمل أكثر) فقط لمجرد الحفاظ على مستوى المعيشة لكل فرد من أفراد المجتمع.
ب- الدخول الى قوة العمل في المجتمعات التي ترتفع فيها معدلات النمو السكاني سنجد أن أعداد الداخلين الجدد الى سوق العمل سوف يتزايد كل عام حينما يبلغ السكان في المجموعات العمرية المختلفة سن العمل، ولكي تحدث التنمية الاقتصادية فلابد وأن يكون عدد الوظائف الجديدة على الاقل مساويا لعدد السكان الذين يبحثون عنها. وعملية خلق الوظائف ترتبط بالطبع بالنمو الاقتصادي والذي يعتمد على الاستثمار، وحينما يكون الهيكل العمري صغيرا يصبح من الصعب توليد القدر اللازم من الاستثمارات .
وحينما تنمو قوة العمل بمعدلات منخفضة فان الداخلين الجدد لسوق العمل سوف يشغلون الوظائف التي خلت بوفاة شاغليها أو أحالتهم الى التقاعد، أما إذا كان معدل نمو قوة العمل كبيرا فإن نسبة الذين يبحثون عن العمل الى تاركي الوظائف سوف تكون كبيرة.
يـجب ألا ينظر إلى الزيادة السكانية كمشكلة فى حد ذاتها ولكن ينظر إليها فى ضـوء عـدم التوازن بين السكان من ناحية والموارد ومعدلات التنمية الاقتصادية من ناحـية أخـرى, ومن المعروف أن المحافظة على مستويات المعيشة تتطلب أن يكون معدل النمو الاقتصادي ثلاثة أضعاف معدل النمو السكاني حتى تتحقق التنمية التى يشعر بها المواطن.. ولكن الواقع فى مصر غير ذلك حيث تشير الإحصاءات إلى أن معدل النمو الاقتصادي بلغ 3,9 % ، مقابل 2.4 % لمعدل النمو السكاني عام 2016. |