بقلم الدكتور/ عادل عامر
لكن عندما يرتفع الدين العام بشكل كبير هذا له تأثير سلبي على اقتصاد الدولة وعند وصول الدين العام إلى مستويات مرتفعة عادةً ما يطالب المستثمرين بمعدل فائدة أعلى. عند ارتفاع الانفاق بشكل كبير في الدول هذا له تأثير سلبي على التصنيف الائتماني لهذه الدول الذي يظهر مدى احتمال الدول على سداد أو التخلف عن تسديد ديونها، فتراجع الانفاق يؤدي إلى تراجع تصنيف الائتماني للدولة بدوره.
وان ارتفاع الدين العام ومعدلات الفائدة له تأثير كبير على الاقتصاد أيضاً على المدى الطويل حيث تواجه هذه الحكومات صعوبة في التسديد التي تركز انفاقها على سداد ديونها وليس على الاستثمار في مشاريع اقتصادية تخدم في مصلحة الدولة.
يتم قياس درجة المخاطر في اقتصاد معين عن طريق مقارنة الدين العام بالناتج المحلي الاجمالي لهذه الدولة، فيستخدم الناتج المحلي الإجمالي كمؤشر لمدة صحة الاقتصاد ومدى إمكانية الدولة من سداد ديونها. ويعتبر الدين العام خطيراً عند وصول الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في الدول النامية إلى 70% وفي الدول المتقدمة إلى 90%.
يجب على الدولة الانتباه عند استخدام الدين العام، فمعدلات الدين العام المرتفعة لها تأثير كبير على الاقتصاد لذلك يجب التركيز عن استخدام الدين العام بطريقة صحيحة تؤدي إلى دفع الناتج المحلي الإجمالي وإبقاء معدلات الفائدة منخفضة. ومن النقاط المضيئة التي يعكسها التقرير تراجع معدل الدين العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي العالمي للربع الرابع على التوالي، وساعد على ذلك تحسن وتيرة نمو الاقتصاد العالمي. ووصل معدل الدين العالمي إلى الناتج خلال الربع الثالث من 2017 إلى 318 في المائة، بانخفاض قدره 3 نقاط مئوية عن مستواه في الربع الثالث من 2016.
مرَ تطور ديون العالم الثالث بثلاث مراحل هي :
1 – المرحلة الأولى : وتمتد من عام 1944 م حتى نهاية عقد السبعينات من القرن الماضي إذ أسهمت عدة جهات في تطور وتراكم الديون علي الدول النامية وهذه الجهات هي :
أ- صندوق النقد والبنك الدوليين : إذ شجعت هذه المؤسسات دول العالم الثالث على الاقتراض المتزايد منها بحجة تحقيق التنمية وزيادة ارتباط هذه الدول أكثر فأكثر بالسوق العالمية، وهذا ما أدى فيما بعد إلى زيادة ديون العالم الثالث سنه بعد أخرى.
ب – البنوك الخاصة: وتوجد هذه البنوك في الدول الغربية المتقدمة إذ قامت بمنح قروض وفق شروط مشجعه للدول النامية بحجة مساعدتها في تصحيح ومعالجة الاختلالات في هياكلها الاقتصادية، ولكن لم يتحقق ذلك ، مما أدى إلى تراكم الديون على هذه الدول ( النامية) سنه بعد أخرى ، لعدم قدرة هذه الدول على تسديد القروض عند استحقاقها ، مما دفعها لطلب إعادة جدولة هذه الديون وبالتالي زيادة فوائدها .
ت- دول الشمال الغربية : أدى ارتفاع أسعار النفط في الدول النامية عام 1973 م إلى ارتفاع عائدات النفط من العملات الصعبة لهذه الدول ، وللأسف فقد قامت هذه الدول بوضع هذه الأموال الطائلة في بنوك الدول الغربية ، وقامت الدول الغربية باستثمار هذه الأموال لتطوير اقتصادها من جهة ، وتقديم قسم منها كقروض لتلك الدول (النامية) من جهة أخرى والأسوأ من ذلك تقوم الدول النامية بصرف تلك القروض في شراء منتجات الدول الغربية التي أنتجتها من خلال تشغيل أموال الدول النامية نفسها .
ث - حكومات بعض الدول النامية نفسها : إذ قامت حكومات بعض الدول النامية بالاستحواذ على القروض التي تستلمها من المؤسسات المالية الدولية والبنوك الخاصة لمعالجة مشاكلها الاقتصادية وتحولها إلى حساباتها الخاصة في البنوك الأجنبية ، ولكن تلك الأموال تعتبر في النهاية ديون على تلك الدول النامية .
2 – المرحلة الثانية : وتسمى بأزمة المديونية :
وقد ساهمت عدة عوامل في تفاقم أزمة المديونية هذه ومنها :
أ- أزمة الرأسمالية في مطلع السبعينات من القرن الماضي والمتمثلة في :
أولا : تراجع عائدات رأس المال للدول الغربية.
ثانيا : انهيار النظام النقدي الدولي عام 1971 م .
ثالثا : انخفاض سعرا لدولار
رابعا : الارتفاع الكبير في أسعار النفط عام 1973 .
ب- الأزمة الخاصة بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1979 م والمتمثلة بالتضخم المالي الذي
أصاب اقتصادها ، على أثر المشاكل الخارجية التي تعرضت لها في فيتنام وإيران وغيرها . مما دفع برئيس البنك الاحتياطي الأمريكي لاتخاذ قرار بزيادة معدلات الفائدة الأمريكي. وهذا زاد من أعباء الدول النامية المدينة (المقترضة) بسبب ارتفاع الفوائد على القروض المستلمة من قبل هذه الدول .
ت- انخفاض أسعار المواد الخام (النفط) المصدرة من الدول النامية : نتيجة لزيادة صادراتها من
هذه المادة واستقرار الطلب عليها من قبل الدول المتقدمة ، وهي سياسة مخطط لها من قبل الدول المتقدمة ، مما أدى إلى انخفاض أسعار النفط ، وهذا جعل الدول النامية غير قادرة على سداد ديونها ، مما دعاها إلى طلب إعادة جدولة هذه الديون وبالتالي سقوطها في فخ المديونية .
3 – المرحلة الثالثة : تدبير أزمة المديونية : فبعد سقوط الدول النامية في فخ المديونية ، ومن أجل معالجة هذه الأزمة ( أزمة المديونية) تدخل صندوق النقد والبنك الدوليين من خلال ما يسمى (بقروض الإنقاذ) وبشروط قاسيه في إطار برنامج التكييف الهيكلي والتي كان من نتائجها أنه على الدول النامية أن تقوم بالإجراءات الآتية :
أ- إلغاء إجراءات دعم المواد الأساسية ب- تقليص النفقات الحكومية
ت- خفض قيمة العملة المحلية مما أدى إلى انهيار القدرة الشرائية لهذه العملة وبالتالي ارتفاع الديون الخارجية على الدول النامية .
ث- رفع معدلات الفائدة في الدول النامية لجذب الاستثمارات الأجنبية على حساب الشركات الوطنية. ج- زيادة صادرات الدول النامية من أجل الحصول على العملات الصعبة لتمكينها من تسديد ديونها .
ح- تحرير الاقتصاد وإلغاء مراقبة سعر الصرف في الدول النامية
خ- خصخصة جميع المؤسسات العامة وتراجع الدولة عن التزاماتها فيما يتعلق بدعم أسعار السلع والخدمات المقدمة للجمهور .
أن حكومات الدول النامية دعمت دورها و مراقبتها على مختلف أوجه الحياة الاقتصادية فتدخل السلطات العمومية باستمرار في مجلات الإنتاجية و المالية و الأنفاق العمومي و أصبح واضح منذ وقت طويل إضافة إلى مركزية القرارات المتعلقة بتحرير و تشغيل الموارد نظـام الأسعار عدم فعالية القطـاع العام. التبذير.
مختلف الأعفآت ضريبية الملائمة للاستثمار في الصناعة و كل هذا بأن تدخل الدولة لم ينجح في ترقية الممولة فتحت ضغط الحكومات أصبحت البنوك تمنح قروضا للمؤسسات العمومية و القطاعات ذات الأولوية بأسعار هي في الواقع أقل من تلك السائدة في السوق و لكن الفارق بين التكلفة للقروض و عوائدها هو في الغالب ضعيف جدا لتغطية تكاليفها و كثير من هذه القروض لم يتم تسديدها . من أخطر آثار المديونية هي التبعية الاقتصادية لبلد الدائن يمتص دماء الشعوب و يمكن إضاحة مؤشرين هما :
أ – ارتفاع نسبة المديونية إلى الناتج المحلي ازدادت الديون دول النامية إلى إجمالي الناتج المحلي المستحق كلما زادت الدول في تمويل الأجنبي فيزيد نتيجتها القومي .
ب - زيادة التعامل التجاري مع دول معينة
القروض الأجنبية تأثر تأثير واضح في هيكل توزيع الجغرافي التجاري من خلال تأثر هذه القروض على شكل زيادة السلع و الخدمات لدول الدائنة و زيادة صادراتها لتسديد فوائدها .
|