بقلم الدكتور/عادل عامر
لأن الدولة لا تملك استراتيجية صناعية متكاملة، وأي تطور يتم بجهود فردية، وأسأل أي مسئول ما هو النشاط الصناعي المميز في مصر أقصد تخصص فيه مزايا نسبية مثل الإلكترونيات في الهند والصناعات الثقيلة في ألمانيا؟ لا يوجد، سألت مرة أحد المسئولين ما المانع من تطوير نشاط الخراطة؟ فمصر طول عمرها متميزة في الخراطة، لكن لم تتم أبداً الاستفادة من هذه المهارة، بحيث تتحول من ورش صغيرة لمصانع كبيرة مغذية لعدد من الصناعات الكبيرة مثل السيارات. وما الذى يمنع مصر من التركيز على صناعة الإلكترونيات على سبيل المثال؟ ما المانع أن نستعين بـ5 خبراء هنود أو كوريين لتوطين هذه الصناعة المهمة في مصر؟
المعرفة غير معقدة والتكاليف غير عالية، وطبعاً كثيراً ما تسمع «المسألة مش بالسهولة دي»، لا الحقيقة أن المسألة بالسهولة دي»، لاحظ أن مكاتب التمثيل التجارية لا تخدم نهائياً الصناعة المصرية، والمفروض أن إحدى مهام هذه المكاتب المنتشرة في كل دول العالم أن تتواصل مع الدولة الموجودة فيها وتقدم أفكاراً وخبرات لصناع القرار في الداخل وهذا ما لا يحدث، سوف أعطيك مثالاً بسيطاً، هناك مئات الفنانين الصغار الذين يرسمون لوحات جيدة، ما المانع لو تم تسويق هذه اللوحات في أوروبا؟ هذه لوحات لها سوق كبيرة ومربحة وكل ما في الأمر أن تتواصل هذه المكاتب أو شركات خاصة مع العاملين في هذه السوق التي ينشط فيه الإيرانيون بشكل خاص في الغرب.
كذلك ان نظام القرعة في الأراضي الصناعية أدى لانتشار ظاهرة المصانع الوهمية وبعض رجال الأعمال رأسمالهم الأراضي الفضاء.. والأيدي العاملة في مصر مكلفة وغير مؤهلة.. وعامل واحد في أوروبا يعادل «عنبر» من العمالة المصرية لأن الطريقة التي يحصل بها المستثمرون على الأراضي الصناعية عقيمة، وهذه الأراضي يتم توزيعها بنظام القرعة غير العادل، الذى ينشط فيه سماسرة قادرون على جمع أكبر قدر من أصحاب البطاقات الشخصية، وهدفهم الرئيسي الحصول على الأراضي بغرض التسقيع وليس الاستثمار، ما المانع ألا يتم التداول عليها ولا يتم نقل ملكيتها، مع تحديد فترة زمنية لبدء النشاط الحقيقي للقضاء على ظاهرة المصانع الوهمية، نظام القرعة يعنى إما أن الدولة بكل أجهزتها عاجزة عن تقييم دراسات الجدوى أو أن لديها أراضي لا تحتاجها وتقدمها لمن يصيبه الدور من المتقدمين بغض النظر عن جديته.
تعتبر مصانع متوقفة في كثير من المدن الصناعية مثل برج العرب، لكنها في حقيقة الأمر ليست إلا مصانع هيكلية وأحياناً لم تمارس أي نشاط، ويتم نقل ملكيتها للغير، وهكذا كل طرف يستفيد فقط من فارق السعر من ارتفاع الأراضي، ما يعنى أن هذه المصانع الوهمية ليست إلا غطاء لتسقيع الأراضي، وهناك مصانع فارغة يتم توريثها منذ عشرات السنوات أملاً في تحقيق مكسب من ارتفاع سعر الأرض، وهناك حوالى 40% من مصانع منطقة برج العرب، على سبيل المثال، وهمية، وهذا واضح من البيانات المالية أن هذه المصانع لا تمارس أي نشاط. عن نظام حق الانتفاع؟- هذه بدعة مصرية لم أسمع عنها في أوروبا، والأهم أن هذا النظام لا يمنح المستثمر مزايا، فأسعاره قريبة من أسعار نظام التمليك ويحرمك من حق نقل الملكية بعد انتهاء المدة، ثم ما المشكلة أن يتملك أي مستثمر الأراضي؟ هذا المستثمر «لن يحمل الأراضي ويخرج بها بره البلد»، والحقيقة أن جزءاً من مشكلة الاقتصاد المصري الأفكار المحلية التي يخرج بها المسئول المصري كحلول لمشكلات العالم المتقدم سبقنا إليها بحلول مُجربة وفاعلة، ولذلك أرى أن الرئيس السيسي يحتاج مترجمين وليس مستشارين، وتجارب من سبقونا معروفة في أي مشكلة، وليس علينا سوى نقل هذه الحلول وتطبيقها كما هي أو حتى بعد تطويعها لظروفنا.
ومشاكل مصر يجب أن تُحل في إطار نظرة شاملة، مثلاً يصعب جداً أن يتحقق نظام ضريبي عادل وشفاف طالما أن معظم المعاملات المالية تتم نقداً وليس إلكترونياً لأن المعاملات النقدية يصعب تتبعها وإثبات الدخل والربح ويسهل التهرب وتفقد الخزانة العامة أهم مصادر تمويلها وتختل العدالة لأن هناك من يدفع وهناك من لا يدفع. ولا يمكن أن ينتظم سير العمل في أي دولة تعانى من فوضى مرورية.
في فرنسا إذا تأخر عامل بدون عذر مرتين يفصل عن العمل لأن صاحب العمل يرسل له أول مرة إنذاراً في خطاب مسجل والمرة الثانية يقوم بفصله. والسبب في ذلك أنه لا يوجد سبب خلاف المرض وحدث اجتماعي كبير ولا يوجد مجال للتحجج بالمرور لأن المواصلات العامة مثل المترو والقطار منتظمة مثل الساعة، وإذا تأخر قطار أو أوتوبيس عن موعده فإن شركة أو هيئة النقل تعطى العامل ما يفيد بأنها السبب؟
كانت هذه هي الاسباب التي كان يبديها معظم المستثمرين المصريين عن اسباب عزوفهم عن الاستثمار في مصر والان من بعد صدور قانون الاستثمار ولائحته التنفيذية نري تجانس الأنشطة الاستثمارية في المنطقة الواحدة مما يتيح تكاليف تنافسية لاقتصاديات التشغيل والتسويق نتيجة التكامل الصناعي.
- إتباع أسلوب إداري متميز يتسم بالسهولة والمشروعات مع كافة الإجراءات الإدارية داخل المنطقة الاستثمارية من خلال التعامل مع جهة إدارية واحدة One Single Regulator . - لا قيود علي رأس المال أو الشكل القانوني للمشروعات . - وجود نظام جمركي ميسر من شأنه تسهيل حركة الاستيراد والتصدير للمشروعات المقامة بالمنطقة. - توفير مجموعة من الخدمات اللوجيستية لخدمة مشروعات المنطقة. - تتمتع البضائع المصنعة داخل المناطق الاستثمارية بصفة المنشأ المصري فيما يخص الاتفاقيات الثنائية مع الدول العربية والإفريقية ( الكوميسا / الشراكة الأوربية..........).
- تتمتع المشروعات المقامة داخل المناطق الاستثمارية بالمزايا والضمانات الواردة بقانون الاستثمار. - حرية تعامل المشروعات المقامة داخل المناطق الاستثمارية مع السوق المحلى. أصبح الاقتصاد المصري بمرور الوقت أكثر اعتمادًا على الاستثمارات الخاصة، حيث ازدادت حصة القطاع الخاص في إجمالي الاستثمارات من 50% في عام 2002 لتصل إلى 62.2% في عام 2013/14، مما يشير إلى الالتزام بالسياسة الموضوعة لتعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد، وتعد الاستفادة من استثمارات البنية التحتية واحدة من أبرز أولويات الاصلاح الاقتصادي للحكومة، فهي تمكن مستثمري القطاع الخاص من الوصول إلى القطاعات والأسواق الجديدة.
وعلى الرغم من أن الاستثمارات الخاصة تلعب دورًا هامًا في معظم القطاعات، فلا تزال هناك فرصة كبيرة لزيادة الاستثمارات الخاصة في القطاعات غير المستغلة، ويعد قطاع الطاقة المتجددة مثالاً على تشجيع الحكومة لاستثمارات القطاع الخاص بشكل أكبر عن طريق تقديم هيكل مجزٍ لإمدادات الطاقة.
تتمثل تنافسية مصر في مجال الموارد البشرية بقدرتها على توفير عمالة مدربة في شتى المجالات، و قد تم الاتجاه الى توفير العمالة لتخدم قطاع الخدمات المتمثل في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والخدمات المالية والسياحة، بالإضافة الى تنافسية الأجور والتي تعد اقل من مثيلاتها في العالم. على الصعيد السياسي، تتقدم مصر بخطى ثابتة نحو بناء مؤسساتها الديمقراطية ونظامها السياسي، بدأت الدولة المصرية في تنفيذ عدد من المشروعات الوطنية واسعة النطاق التي تهدف إلى تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد وخلق فرص عمل وجذب الاستثمارات الخاصة الأجنبية والمحلية، حيث يستغل مشروع تطوير قناة السويس موقع مصر الاستراتيجي على مفترق طرق التجارة الدولية، ويتضمن توسيع قدرات عدد من الموانئ البحرية القائمة وإنشاء مناطق لوجستية واسعة النطاق ومناطق صناعية حديثة.
ويساهم المشروع في ترسيخ وضع مصر كمركز تجاري وصناعي إقليمي ودولي، وتشتمل الصناعات المستهدفة- على سبيل المثال لا الحصر- على الخدمات اللوجستية والمستحضرات الطبية والسيارات والمنسوجات وبناء السفن وصيانتها، وسوف تستفيد الدولة من خطط التوسع في قناة السويس، فمن المتوقع أن تسهم القناة الموازية التي يبلغ طولها 72 كم في خفض الوقت المستغرق في العبور بشكل كبير وزيادة حركة المرور اليومية، هذا بالإضافة إلى المشروعات الصناعية واسعة النطاق. وتعمل الحكومة على تطوير 15 طريقًا جديدًا يبلغ إجماليها 3200 كم، لضمان سهولة الاتصال وتيسير حركة السلع والخدمات عبر مختلف المحافظات، مما يساعد على تحسين اقتصاديات العديد من الصناعات والسماح للمستثمرين بالوصول إلى الأسواق الداخلية والخارجية الجديدة. هذا بالإضافة الى توفير الطاقة بأسعار رخيصة للمستثمرين مما يعمل على خفض تكلفة الانتاج او التشغيل .
|