الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

سبيل وكتاب عبد الرحمن كتخدا

سبيل وكتاب عبد الرحمن كتخدا
عدد : 03-2018
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
من موسوعة كنوز أم الدنيا
tbadrawy@yahoo.com


إنتشر فى العصر المملوكي ومن بعده العصر العثماني إنشاء ما يسمى بالأسبلة والتي تستخدم لتزويد عابري السبيل بالماء سواء داخل أو خارج مدينة القاهرة العاصمة ولكن مع ملاحظة أن هذه الأسبلة لم تغن عن دور السقا حيث كان له دوره الهام فلم تكن هذه الأسبلة منتشرة في كافة أنحاء البلاد فكان السقا يقوم بحمل الماء من السبيل لتوصيله إلى المنازل البعيدة عنه وفيها تبارى أهالي الخير في إنشاء الأسبلة وإعتبرها الأغنياء نوع من الصدقة الجارية فتبارى الأمراء والأثرياء فى تشييدها بأشكال وأحجام مختلفة وقد حظيت مدينة القاهرة بنصيب كبير من هذه الأسبلة فقد تركزت الأسبلة فى المناطق الآهلة بالسكان وفى الأسواق والأحياء التجارية والصناعية مثل شارع المعز وشارع الصليبة وحى الجمالية وحى الغورية وشارع التبليطة وحى السيدة زينب وشارع البتانة وغيرها وكان منها سبيل وكتاب عبد الرحمن كتخدا وسبيل سليمان أغا السلحدار وسبيل نفيسة البيضا وسبيل خسرو باشا بشارع المعز وسبيل محمد علي بالنحاسين وسبيل محمد علي بالعقادين وسبيل علي بك الكبير بطنطا عاصمة محافظة الغربية وغيرها وكان السبيل يتكون عادة من بناء بباطن الأرض لتخزين المياه ويعلوه مباشرة بناء آخر لتوزيع هذا الماء على المارة وقد إختلفت أشكال الأسبلة وأنماطها من وقت إلى آخر وظهر هذا بوضوح فى عمارة الأسبلة العثمانية ومنها النمط المصرى المحلى والثانى التركى العثمانى وبالطبع كان النمط المصرى هو السائد فى القاهرة وقد بلغ عدد الأسبلة التى شيدت على هذا النمط ثلاثة وستين سبيلا ضمن سبعين سبيلا باقية فى القاهرة وتعود لهذا العصر وقد تطور السبيل مع الزمن وأصبح الدور العلوى فى بعضها يستخدم كتابا لتحفيظ القرآن الكريم كصدقة جارية أيضا مثل مياه السبيل .
ويقع سبيل وكتاب عبد الرحمن كتخدا في شارع المعز مطلا بواجهته الجنوبية على قصر الأمير بشتاك أحد القصور الأثرية التي تقع بشارع المعز ويرجع إنشاؤه إلى عام 1157 هجرية الموافق عام 1744م وقد أنشأه الأمير الكبير عبدالرحمن كتخدا ويتكون من غرفة تسبيل لتزويد عابرى السبيل بالماء ويعلوه غرفة الكتاب لتعليم أيتام المسلمين قراءة القرآن الكريم ولهذا المبنى أهمية فنية خاصة فهو عبارة عن مجموعة مستقلة تحتوي على سبيل وكتاب يتمثل فيهما الكثير من روائع الفن الإسلامي خاصة في العصر العثماني والمبنى يمثل طراز الأسبلة ذات الشبابيك الثلاثة ويتخذ شكلا يمتزج فيه الطراز المملوكي والعثماني معا ولهذا السبيل ثلاث واجهات جنوبية وشمالية وغربية متشابهة تماما ومتساوية في الطول وتحتوي كل واجهة على عقد نصف دائري مرتكز على عمودين من الرخام ويتوسط العقد فتحة كبيرة تقدم من خلالها أكواب الماء للعابرين وتسمي شباك التسبيل والفتحة معقودة بعقد نصف دائري أيضا يرتكز على عمودين حلزونيين ويغطي فتحات الشبابيك شبكات نحاسية على شكل عقود ثلاثية مفصصة متقاطعة تسمح بحركة ومرور أكواب الشرب من خلالها ويزخرف سبندلات العقود زخارف هندسية بديعة منفذة بالرخام الدقيق متعدد الألوان وتحتوي حوائط الواجهة الخارجية على مداميك حجرية معشقة على شكل أوراق نباتية محورة ويتوج واجهة السبيل ستة صفوف من المقرنصات تحمل أرضية الطابق الأول الذي يحتوي على الكتاب ويقع مدخل السبيل على شارع التمبكشية على يسار الواجهة الجنوبية وهو يشبه المداخل المملوكية وهو يتكون من حائط غائر يتوجه عقد ثلاثي الفصوص سقف بنصف قبة تزخرفها صفوف من المقرنصات وهو يحتل الركن الشرقي من الواجهة الجنوبية الشرقية ويبرز عنها قليلا ويتوسط الحائط الغائر باب السبيل وهو مغطي برخام ملون ويعلوه عتب مستقيم نقش عليه أبيات من الشعر وتعلو العتب وحدة زخرفية رخامية عبارة عن دائرة متوسطة تحتوي على نص تأسيسي يحيط بها أربع دوائر صغيرة والنص التأسيسي عبارة عنة نقوش خطية تضم إسم منشئ السبيل وتاريخ الإنشاء وأرضية هذا المدخل مغطاة بالرخام ويؤدي هذا الباب إلى ردهة صغيرة يوجد فيها ثلاثة أبواب الأول يقع على يمين الداخل ويؤدي إلى حجرة الصهريج والثاني على يسار الداخل ويؤدي إلى الحجرة التي يقدم منها الماء المسماة بحجرة التسبيل والثالث في صدر الردهة ويؤدي إلى السلم الذي يصعد إلى الكتاب والمسقط الأفقي لحجرة التسبيل مستطيل أبعاده 4.5 متر في 3.5 متر وسقفها خشبى ذو زخارف ملونة قوامها الأطباق النجمية وأجزاؤها ويرتكز على إزار ذى حنايا ركنية ووسطية مقرنصة غير ممتدة وتقع شبابيك الحجرات الثلاثة ضمن حوائط غائرة في جدرانها المطلة على الشارع وهذه الجدران مكسوة بأكملها ببلاطات خزفية زرقاء اللون مزينة بشتى أنواع الزخارف النباتية ويحتوي الجدار الجنوبي على لوحة من البلاطات الخزفية تمثل منظراً للكعبة الشريفة والمباني المحيطة بها أما حجرة الكتاب العلوية ّفهي ذات مسقط أفقي مستطيل بنفس مساحة حجرة التسبيل وتطل على الشارع من ثلاث جهات من خلال مشربيات وأضلاعها الجنوبية الشرقية والجنوبية الغريبة والشمالية الغربية عبارة عن ثلاث بائكات بواقع بائكة بكل ضلع تتكون من عقدين علي شكل حدوة الفرس ويرتكزان على ثلاثة أعمدة رخامية وشغل داخل كل عقد بدرابزين من خشب الخرط وسقف الكتاب سقف خشبى ذو زخارف ملونة ويوجد خلف البائكات الثلاث الحجرية ممر مسقوف بسقف خشبى بنفس الزخارف السابقة ولهذا الممر ثلاث واجهات كل واجهة منها عبارة عن بائكة خشبية تتكون من خمسة عقود نصف دائرية ترتكز على أعمدة خشبية ويغشى أسفل هذه الواجهات الخشبية الثلاث حجاب من خشب الخرط يعلوه صف من البائكات المعقودة وبمعني آخر فبهذا الوصف يوجد بهذه الحجرة سبعة أعمدة من الرخام تشبه أعمدة واجهات السبيل ويعلوها ستة عقود مدببة من الحجر ويتوجها رفرف خشبي مائل ويبرز عن هذه الحجرة الشرفة التي بها عدد 14 عمود رفيع مصنوعة من الخشب والتي تحمل 15عقدا مرتكزة على درابزين من الخشب الخرط الجميل كما يتوج الشرفة رفرف خشبي أقل إرتفاعا من الرفرف الأول ويذكر المؤرخون أن عبد الرحمن كتخدا في يوم إفتتاح هذا السبيل والكتاب ملأ حوضا كبيرا وكل ما وصلت إليه يده من الأواني بالشراب المحلى بالسكر ليسقي الأهالي .

وإلي جانب سبيل وكتاب عبد الرحمن كتخدا توجد لعبد الرحمن كتخدا العديد من الاثار الأخرى بالقاهرة منها الزاوية المعروفة بإسمه بالمغربلين والتي أنشأها عام 1142 هجرية الموافق عام 1729م ويعتبر هذا الأثر من أجمل آثار عبد الرحمن كتخدا بمدينة القاهرة فواجهته من الحجر و تمتاز بالزخارف الجميلة المنحوتة نحتا متقنا وهذا البناء مكون من طابقين يحتوي الطابق الأرضي منه علي ثلاثة حوانيت تشرف علي الشارع وتوجد خلفها من الداخل حنفيات للوضوء يصل إليها الإنسان من مدخل الزاوية أما الطابق العلوي فيحتوي علي قاعة كبيرة للصلاة يصعد إليها بدرج ولها ثلاث نوافذ مستطيلة كبيرة تطل علي الطريق وعليها خشب خرط علي شكل تربيعات صغيرة من نوع المشربيات والسقف مكون من كمرات من الخشب ومزخرف بزخارف ملونة والدرج يصل إلي ردهة تتقدم المصلي ويواجهها باب يصل إلي سلم صغير يصل الإنسان منه إلي شرفة صغيرة تقع فوق مدخل الزاوية وتحمل هذه الشرفة من الخارج عدة صفوف أفقية من المقرنصات الجميلة وهي تقوم مقام المئذنة في الدعوة للصلاة ومدخل الزاوية يعلوه عقد مدبب ذو صفين يتكون من صنجات صغيرة متقاربة ويغطي المدخل عتب يعلوه منطقة محصورة بين العتب والعقد العاتق مغطاة ببلاطات القيشاني الملون ومزخرفة بزخارف نباتية ملونة من صناعة آسيا الصغري والعقد الكبير المحيط بالمدخل مرتكز علي عمودين من الرخام من نوع الأعمدة الدورية وفتحات النوافذ الثلاثة المستطيلة الشكل المطلة علي الشارع يحيط بها عقود ذات فصوص وترتكز علي أعمدة متصلة بالحائط ولها تيجان علي شكل المقرنص أما بدن الأعمدة فمقسم إلي جزئين العلوي منها مجدول حلزونيا والسفلي مزخرف بزخارف نباتية جميلة ومجموعة الثلاثة عقود ذوات الفصوص محاطة بإطار مستطيل ويتوسط الزاوية مربع مكشوف تحيط به أروقة من جميع الجهات ويحتوى كل رواق على صف واحد من البوائك المكونة من عقود مدببة ممتدة عددها خمسة تقوم على أربعة أعمدة رخامية أما رواق القبلة فيحتوى على ثلاث بوائك فقط وقد إعتنت لجنة حفظ الآثار العربية بهذه الزاوية عام 1933م فأزالت الدكاكين التي كانت تحجب الواجهة الشمالية لها وتم إصلاحها فظهرت بعد أن كانت مختفية وفي عام 1939م ازالت منزلا كان يجاور الباب الشمالي لها وأكملت بناء الواجهة وفي عام 1992م تأثرت هذه الزاوية بالزلزال الذي حدث بالقاهرة في ذلك العام وأدى إلى حدوث خلل في أسقفه وجدرانه وقامت هيئة الآثار المصرية بتجديدها تجديدا شاملا وأعادته إلى أصله وقد إنتهت أعمال التجديد عام 2001م .


وعبد الرحمن كتخدا هو الأمير عبد الرحمن بن حسن جوايش القازدوغلي كتخدا مصر أي محافظ مصر أو وكيل والي مصر وإشتهر باسم عبد الرحمن كتخدا وكان في الأصل من أمراء المماليك في عصر علي بك الكبير وقد عين بعد أن تدرج في المناصب العسكرية حتى أصبح مسئولا عن الجيش ففي عام 1150 هجرية الموافق عام 1737م رقي إلى رتبة جاويش ثم باش جاويش وفي عام 1152 هجرية الموافق عام 1739م حل الأمير عبد الرحمن كتخدا محل سليمان جاويش في منصب السردار أو القائد العام كما كان الأمير عبد الرحمن كتخدا واحدا من أعظم الراعين للحركة المعمارية خلال العصر العثماني وربما كان الأنشط في تاريخ القاهرة كله وقد ورث هذه النزعة المعمارية الفنية عن أبيه الذى ورث عنه ثروة طائلة إستغلها في تشييد العديد من المنشآت التي تحمل إسمه بالقاهرة والذى يميزها أنها تجمع في طرازها وطريقة بنائها بين النواحي الفنية والجمالية منها السبيل والكتاب اللذان تحدثنا عنهما في السطور السابقة كما كان من أعماله أنه زاد في بناء الجامع الأزهر ما يكاد يكون نصف الجزء المسقوف في جهة القبلة وحدها وهذه الزيادة تتميز بأنها أعلى من أرض المسجد القديم وله فيه محراب كما قام بإقامة منارة به والتي توجد في الركن الجنوبي الشرقي للأزهر عند باب الصعايدة الذى قام بإضافته إلي الجامع بالإضافة إلي باب الشورية وهذه المنارة على يمين الداخل للجامع علاوة علي قيامه بإعادة بناء المدرسة الطبرسية في مدخل الأزهر وجعلها مع مدرسة الأقبغاوية المقابلة لها من داخل الباب الكبير كما بنى مشهد السيدة زينب ومشهد السيدة سكينة والمشهد المعروف بالسيدة عائشة بالقرب من باب القرافة ومشهد السيدة فاطمة ومشهد السيدة رقية كما قام بتجديد المدرسة السيوفية والبيمارستان المنصوري وكان من أجمل عمائره دار سكنه الخاص بحارة عابدين وكانت من الدور العظيمة المحكمة الإتقان والبناء لم تماثلها دار بمصر في حسنها وزخرفة مجالسها وبابها من النقوش والرخام والقيشاني إلي جانب بستانها البديع الذى كان بداخله قاعة متسعة بوسطها نافورة مفروشة بالرخام ولما عظم شأنه في زمن علي بك الكبير غار منه وخشي أن ينافسه في نفوذه وسلطانه فتم نفيه إلي الحجاز وذلك في أول شهر ذي القعدة عام 1178 هجرية الموافق الموافق 21 أبريل عام 1765م ومكث خارج مصر لمدة 12 سنة ثم عاد إلي مصر مرة أخرى بصحبة يوسف بك أمير الحج بعد إنتهاء الموسم في اواخرعام 1190 هجرية الموافق أوائل عام 1777م في حالة مرضية سيئة وتوفي بعد قدومه بحوالي 11 يوما وكان في السبعين من عمره في نفس العام ودفن بالمدفن الذي أعده لجثمانه بجوار باب الصعايدة بالأزهر ويقع هذا الضريح في حجرة عليها قبة يعلوها تركيبة مزينة بعدة كتابات .
 
 
الصور :