الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

الداية

الداية
عدد : 03-2018
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
من موسوعة كنوز أم الدنيا
tbadrawy@yahoo.com


الداية أوالقابلة أو المولدة كما يطلق عليها في بعض الدول العربية كانت قديما سيدة تساعد السيدات الحوامل أثناء فترة الحمل حيث كانت تتابع حالة وصحة وغذاء السيدة الحامل ثم تقوم بمساعدتها عند الوضع وتصف لها أنواع وأصناف المشروبات والغذاء والأعشاب التي يجب أن تستخدمها بعد الولادة وأيضا كان من مهامها الإعتناء بصحة الأم والمولود مثل طبيب أمراض النساء حالياً وكان من الممكن أن تكون الداية في بعض الأحيان موظفة من قبل الدولة أو أن تكون ممارسة لعملها بشكل خاص ولا ينتهي دور الداية إلا في اليوم السابع من عمر المولود حيث تقوم بتغسيله و تطييبه والإحتفال مع أمه وأبيه وباقي أسرته بسبوعه وذلك كله نظير أن يقوم أهل السيدة الحامل بمنحها مبلغ من المال في مقابل ما قدمته لهم من خدمات ولذلك كانت الداية تفضل بعض العائلات التي تجزل لها العطاء عن العائلات الأخرى التي لا تفعل ذلك وكان لكل داية منطقة خاصة بها ولا تتعدى أى داية منطقتها إلا إذا إقتضت الظروف ذلك مثل المرض أو السفر علي سبيل المثال وبالإتفاق بينها وبين الداية الخاصة بالمنطقة الأخرى وكانت مهنة الداية في الماضي لا تتطلب دراسة أو الحصول على شهادة لمزاولتها من جامعة أو معهد تمريض حيث كانت تتوارثها الدايات من أمهاتهم أو جداتهم بالممارسة وبعد ذلك تقمن بتعليم بناتهم وأحيانا جاراتهم تلك المهنة .


وكانت تتكون أدوات أو مستلزمات الداية من حقيبة فيها مقص وخيط ومتر وعبوة مطهر وختم خاص بها وقد تحمل أيضا ميزان لقياس وزن المولود ومرابط للسرة وقد إعتادت الداية أن تطلب خروج الزوج من المنزل لدى قيامها بتوليد زوجته لأن وجوده يعتبر من الأمور المعيبة إلي جانب إعتباره من الفأل السئ حسب المعتقدات القديمة وكانت في أغلب الأحوال تستعين بإحدى قريبات الأم لتقديم ما يلزم ومساعدتها وتنفيذ تعليماتها أثناء عملية الولادة وكانت العادة أن تقوم الداية بتبشير والد المولود وتتلقى البشارة النقدية منه حسب مركزه المالي والإجتماعي وكانت العادات البالية المتوارثة أنه عند قدوم الجنين ذكرا تعم الفرحة وتحضر الولائم وإذا جاء الجنين أنثى عم الحزن البيت وغضب الزوج علي زوجته هو وأهله وإتهموا الزوجة بأنها لا تلد إلا الإناث وكانت تحدث أحيانا مشاكل رهيبة خاصة في الريف ويصل الأمر أحيانا إلي الإنفصال إذا تكرر إنجاب الزوجة للإناث أما الآن فقد أصبح المجتمع أوعى ولم يعد يفرق بين الذكر والأنثى بسبب ثورة التقنيات الحديثة التي تحدد جنس المولود قبل قدومه وهذا ما خفف من صدمة الرجل في حال قدوم الجنين أنثى إلي جانب أن العلم الحديث قد أثبت بالدليل القاطع أن المسؤول عن تحديد نوع الجنين هو الأب وليس الأم وفوق كل ذلك فالمولود أيا كان جنسه فهو هبة ومنحة من الله وقد يمتد عمل الداية إلي إجراء عملية الختان للمواليد الذكور كما أنه كان من العادات المتوارثة أيضا لدى بعض الأسر أن يجرين عملية الختان للإناث أيضا وإن كان هذا الأمر قد تم حظره ومنعه تماما بمقتضي القانون في الوقت الحاضر وأصبح يمثل جريمة يعاقب عليها القانون ومن يشارك في إجراء هذه العمليات في الوقت الحاضر يعرض نفسه للمساءلة القانونية .


ومازالت مهنة الداية منتشرة في العديد من البلدان العربية مثل سوريا ولبنان والأردن وفلسطين والسعودية ومصر أيضا وخاصة في الريف وإن كان ذلك على نطاق ضيق وذلك يكون عادة بسبب الظروف الإقتصادية الصعبة وضيق ذات اليد وكذلك بعض العادات الإجتماعية مثل أن المرأة لا يجب أن تتكشف علي رجل غريب حتى وإن كان السبب صحيا او أيضا نتيجة موروثات شعبية سائدة بين الناس مثل مقولة إسأل مجرب ولا تسأل طبيب والداية بالطبع تكون لها خبرات وتجارب عديدة مما يجعلها أفضل في نظر البعض من الطبيب بالإضافة إلى الإعتقاد السائد بأن الداية أكثر صبرا من الطبيب وبالتالي فهي لا تلجا إلي إجراء العملية المسماة بالولادة القيصرية التي يسارع الأطباء بإجرائها احيانا إذا طالت فترة الطلق وبالتالي تأخرت الولادة الطبيعية حيث أنها أسهل بالنسبة لهم كما أن أتعابها أعلي من أتعاب الولادة الطبيعية ونلاحظ أنه أحيانا قد تحدث مشاكل خطيرة أثناء عملية الولادة تقف أمامها الداية أو القابلة عاجزة مثل حالة النزيف الدموي بسبب نزيف الدم من المهبل والرحم والذى لا يمكن للداية السيطرة عليه فتكون النتيجة وفاة الأم أو أن يكون المولود في وضع الجلوس ولا تكون رأسه إلي أسفل ومن ثم لايستطيع الخروج من الرحم فتحدث الوفاة لكل من الأم والطفل وذلك بسبب إلتفاف الحبل السري على رقبه الطفل مما يسبب له الإختناق وبالتالي الموت وهذا مايستعاض عنه اليوم بالعملية القيصرية . والداية الماهرة المحترفة الماهرة ذات الخبرة قبل أن تقوم بعملية الولادة يلزم لها أن تتخذ بعض الخطوات ففي البداية لابد لها من أن تتأكد من سلامة الجنين حتي لا تتحمل المسئولية إذا كان قد مات قبل الولادة حيث تجعل المرأة التي علي وشك الولادة تتمدد علي الأرض كاشفة عن بطنها لتقوم بوضع قطعة من القماش مبللة بمياه مثلجة عليها فإذا لاحظت عدم وجود حركة للطفل فذلك يدل علي موته داخل بطن أمه وأنه سيولد ميتا وتكون حياة هذه المرأة في خطر أما إذا لاحظت أو شعرت بأن هناك حركة للطفل من أعلي قطعة القماش فالطفل إذن سليم وعند ذلك تبدأ في إجراءاتها فتبدأ بإعطاء الأم التي توشك علي الوضع أقراصا ملينة لتوسيع عنق الرحم وتحفيز الولادة ومن الطريف أن بعض الدايات كن يسجلن أسماء الأمهات اللاتي قمن بتوليدهن وتاريخ الولادة وإسم المولود وإسم أبيه ولقب أسرته كنوع من المذكرات وكسابقة أعمال لها .

وقد جسد الفن شخصية الداية وطقوس الولادة في أكثر من مسلسل تليفزيوني وفيلم سينمائي من أشهرها المسلسلان السوريان الداية وباب الحارة والفيلم المصرى الحفيد ومن المشاهد المألوفة في هذه المسلسلات والأفلام إستخدام الداية المياه الدافئة في عملية الولادة والسبب في ذلك هو أن إستخدام المياه الساخنة أو الدافئة يرجع إلى أنها تسبب حالة إسترخاء في عضلات عنق الرحم بوضعها على منطقة أسفل البطن والفخذين مما يساعد على تسهيل عملية الولادة كما تستخدم المياه الدافئة أيضا في غسل جسد الأم وطفلها بعد إنتهاء عملية الولادة وعلي الرغم من تطور الأساليب الطبية المستخدمة في عمليات الولادة إلا أنه مايزال يتم إستخدام المياه الدافئة في المستشفيات ومراكز الولادة حتى الآن من أجل الغسل والتطهير للأم والمولود وذلك بعد إضافة بعض المواد المطهرة والمعقمة عليها .
 
 
الصور :