الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

قصر البارون

قصر البارون
عدد : 04-2018
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
من موسوعة كنوز أم الدنيا
tbadrawy@yahoo.com


قصر البارون إمبان يعد تحفة معمارية فريدة من نوعها شيده المليونير البلجيكي البارون إدوارد إمبان والذى ولد يوم 20 سبتمبر عام 1852م وكانت وفاته في يوم 22 يوليو عام 1929م والذي جاء إلى مصر من الهند في نهاية القرن التاسع عشر الميلادى ويقع القصر في قلب منطقة مصر الجديدة بالقاهرة وتحديدا في شارع العروبة على الطريق الرئيسي المؤدي إلى مطار القاهرة الدولي ويشرف القصر أيضا على شارع إبن بطوطة وشارع إبن جبير وشارع حسن صادق وتعود قصة هذا القصر حينما رست في ميناء السويس سفينة كبيرة قادمة من الهند وكان على متن هذه السفينة مليونير بلجيكي يدعى إدوارد إمبان والذى كان يحمل لقب بارون والذى منحه له ملك فرنسا تقديرا لمجهوداته في إنشاء مترو باريس حيث كان البارون إمبان مهندسا متميزا يمتلك شركة لمد خطوط السكك الحديدية داخل وخارج بلاده فلم تكن هوايته الوحيدة هي جمع المال فقد كان يعشق السفر والترحال بإستمرار ولذلك إنطلق بأمواله التي لا تحصى إلى معظم بلدان العالم فأبحر إلى المكسيك ومنها إلى البرازيل ومن أمريكا الجنوبية إلى أفريقيا حيث أقام الكثير من المشروعات في الكونغو وحقق ثروة طائلة ومن قلب القارة السمراء توجه شرقا إلى بلاد السحر والجمال الهند ومنها أبحر إلي مصر حيث سقط المليونير البلجيكي في غرام الشرق وتحديدا في غرام مصر أم الدنيا .

وقد وصل البارون إمبان إلى القاهرة قادما من السويس ولم تمضِ أيام حتى إنطلق سهم الغرام في قلب المليونير البلجيكي وعشق الرجل مصر لدرجة الجنون وإتخذ قرارا مصيريا بالبقاء في مصر حتى وفاته وكتب في وصيته أن يدفن في تراب مصر حتى ولو وافته المنية خارجها وكان طبيعيا على من إتخذ مثل هذا القرار أن يبحث له عن مقر إقامة دائم في المكان الذي أحبه وكان أغرب ما في الأمر هو إختيار البارون إمبان لمكان في الصحراء، بالقرب من القاهرة حيث عرض البارون إمبان على الحكومة المصرية في عام 1905م خلال فترة حكم الخديوى عباس حلمي الثاني لمصر فكرة إنشاء ضاحية في الصحراء شرق القاهرة وإختار لها إسم هليوبوليس أي مدينة الشمس فخصصت له الحكومة المصرية حينذاك مساحة 6000 فدان تقريبا لكي يقيم مشروعه عليها وإشترى البارون الفدان بجنيه واحد فقط حيث أن المنطقة كانت تفتقر تماما إلى المرافق والمواصلات والخدمات وبدأ البارون إمبان بالفعل مشروعه وفي العام التالي 1906م كان بفتتح باكورة مشروعاته في الضاحية الجديدة وحتي يستطيع البارون جذب الناس إلى ضاحيته الجديدة وطبقا لإتفاقه مع الحكومة المصرية قام بإنشاء مترو ظل يعمل حتى وقت قريب وأخذ إسم المدينة مترو مصر الجديدة إذ كلف المهندس البلجيكي أندريه برشلو الذي كان يعمل في ذلك الوقت مع شركة مترو باريس بإنشاء خط مترو يربط الضاحية الجديدة بوسط القاهرة كما بدأ في إقامة المنازل على الطراز البلجيكي الكلاسيكي بالإضافة إلى مساحات كبيرة تضم الحدائق الرائعة وبني فندقا ضخما هو فندق هليوبوليس القديم الذي ضم مؤخرا إلى قصور الرئاسة بمصر وأصبح إسمه قصر الإتحادية والذى يعد حاليا المقر الرئيسي لحكم مصر .

وكذلك قرر البارون إقامة قصر خاص به لكي يقيم فيه فكان قصرا أسطوريا وصمم بحيث لا تغيب عنه الشمس حيث تدخل الشمس جميع حجراته وردهاته وهو من أفخم القصور الموجودة في مصر على الإطلاق وتضم غرفة البارون بالقصر لوحة تجسد كيفية عصر العنب لتحويله إلى خمور ثم شربه حسب التقاليد الرومانية وتتابع اللوحة تأثير الخمر في الرؤوس أي ما تحدثه الخمر في رؤوس شاربيها وقد صممه المهندس المعمارى الفرنسي الكسندر مارسيل واستلهمه من معبد أنكور وات في كمبوديا ومعابد أوريسا الهندوسية وزخرفه مهندس الديكور جورج لويس كلود وقد اكتمل البناء في عام 1911م ومما يذكر أن الأمير حسين كامل ولم يكن قد أصبح السلطان حسين كامل بعد أعجب بقصر البارون إمبان وعرض عليه شراءه فاعتذر له ولكنه خشي علي مشاريعه واستثماراته فكلف مهندسيه ببناء قصر للأمير حسين كامل يشبه قصره إلي حد ما وأهداه للأمير والذى سمي بقصر السلطانة ملك زوجته بعد ذلك وأصبح حاليا مدرسة مصر الجديدة الثانوية للبنات .

ويقع القصر على مساحة 12.5 ألف متر وكما قلنا فقد استلهم مصمم القصر تصميمه من معبد أنكور وات في كمبوديا ومعابد أوريسا الهندوسية فشرفات القصر الخارجية محمولة على تماثيل الفيلة الهندية والعاج ينتشر في الداخل والخارج والنوافذ ترتفع وتنخفض مع تماثيل هندية وبوذية أما داخل القصر فكان عبارة عن متحف يضم تحف وتماثيل نادرة من الذهب والبلاتين والبرونز إضافة إلى تماثيل بوذا والتنين الأسطورى كما يوجد داخل القصر ساعة أثرية قديمة يقال إنها لا مثيل لها إلا في قصر باكنجهام الملكي بلندن توضح الوقت بالدقائق والساعات والأيام والشهور والسنين مع توضيح تغييرات أوجه القمر ودرجات الحرارة والقصر من الداخل حجمه صغير فهو لايزيد علي طابقين وبدروم ويحتوي علي 7 حجرات فقط الطابق الأول منها عبارة عن صالة كبيرة وثلاث حجرات 2 منهما للضيافة والثالثة استعملها البارون إمبان كصالة للعب البلياردو أما الطابق العلوي فيتكون من 4 حجرات للنوم ولكل حجرة حمام ملحق بها وأرضية القصر مغطاة بعضها بالرخام والمرمر الأصلي المستورد من إيطاليا وبلجيكا وبعضها بخشب الباركيه والنوافذ على الطراز العربي اما البدروم فكان به المطابخ والمخازن والمغاسل والجراجات وحجرات الخدم .

وبالإضافة إلى طابقي القصر والبدروم يضم القصر برج كبير شيد على الجانب الأيسر منه ويتألف من 4 طوابق يربطها سلم حلزوني تتحلى جوانبه بالرخام وعلى درابزين السلالم نقوش من الصفائح البرونزية مزينة بتماثيل هندية دقيقة النحت واستخدم في بنائه المرمر والرخام الإيطالي والزجاج البلجيكي البلوري الذي يرى من في الداخل كل من في الخارج وكان الطابق الأخير من القصر هو المكان المفضل للبارون أمبان ليتناول الشاي به وقت الغروب وكان حول القصر حديقة غناء بها زهور ونباتات نادرة كما يوجد بالقصر نفق يصل بين القصر والكنيسة العريقة المعروفة بإسم كنيسة البازيليك والموجودة حتى الآن والتي دفن فيها البارون إمبان بعد وفاته تنفيذا لوصيته .

والصالة الكبيرة وغرفتا الضيافة وصالة البلياردو بالدور الأرضي عبارة عن مساحات ضخمة تحتوي على عدد كبير من الأبواب والشرفات وفي غرفتي الضيافة توزعت رسوم مأخوذة من مايكل آنجلو ودافينشي ورامبرانت وحمل كل ركن من اركانها الأربعة عمودا يحمل تمثالاً رفيع الصنع من التماثيل الهندية الثمينة أما البدروم فيضم مجالس واسعة وأماكن إقامة الخدم وأفرانا ضخمة ومغاسل رخامية وتتصل غرفه بحجرتي الضيافة عن طريق مصعد غاية في الفخامة مصنوع من خشب الجوز وأرضيات الحجرات من الباركيه وكل غرفة لها حمامها الخاص تكسو جدرانه بلاطات مصنوعة من الفسيفساء ذات الألوان الزرقاء البرتقالية والحمراء في تشكيلات لونية بديعة .....

وبسلم رخامي مزين بدرابزين يضم تماثيل هندية صغيرة دقيقة الصنع والصنعة نصعد إلى الطابق الثاني الذي يتألف من صالة كبيرة و4 غرف نوم لكل منها حمامها الخاص الذي تكسوه بلاطات من الفسيفساء وهي غرف واسعة تطل على شوارع القصر الأربعة حيث يشرف القصر على شارع العروبة وشارع إبن بطوطة وشارع إبن جبير وشارع حسن صادق كما أسلفنا القول وفي هذه الغرف شرفات غطيت أرضيتها بالفسيفساء الملونة الفاخرة الرائعة المنظر كما توجد بكل شرفة مقاعد ملتوية لو جلس أحد على أي منها أحاطت به التماثيل من كل جانب .

أما سطح القصر الأسطوري فقد كان أشبه بمنتزه تستخدم في بعض الحفلات التي يقيمها البارون وجدران السطح عليها رسوم نباتية وحيوانية وكائنات خرافية ويصعد إليه بواسطة سلم مصنوع من خشب الورد الفاخر فقد كان أشبه بكافيتريا كانت تضم موائد كبيرة وكانت جدران السطح مزينة برسوم نباتية وحيوانية .

وبخصوص التماثيل الموجودة بالقصر فقد جلبها البارون إمبان من الهند حيث يوجد عدد من ثماثيل الفرسان المصنوعة من الرخام الأبيض وهي ذات ملامح رومانية تشبه فرسان العصرين اليوناني والروماني ويوجد في يد كل منهم سيف وتحت قدمه رأس مقطوعة بالإضافة إلى تماثيل الراقصات وهن يؤدين حركات تشبه حركات راقصات الباليه بالإضافة إلى تماثيل الأفيال المنتشرة على مدرجات القصر وفي شرفات أبوابه مرسومة بزخارف الإغريق القديمة دقيقة الصنع وهذا جعل لها منظر في غاية الجمال .

ولقد توفي البارون إمبان في يوم 22 يوليو عام 1929م ومنذ هذا التاريخ تعرض القصر للإهمال لسنوات طويلة وتحولت حدائقه التي كانت غناء يوما ما إلي خرابة مهجورة ومرتعا للحشرات ومنذ وفاة البارون لم يفتح القصر إلا مرات معدودة المرة الأولى عندما وضعت الحراسة على أموال البلجيكيين في مصر عام 1961م ودخلت لجان الحراسة لجرد محتوياته والمرة الثانية عندما دخله حسين فهمي والمطربة شادية لتصوير فيلم الهارب والمرة الثالثة عند تصوير أغنية للمطرب محمد الحلو بطريقة الفيديو كليب أما الرابعة فقد تمت بطريقة غير شرعية إذ أن بسبب إغلاقه المستمر نسج الناس حوله الكثير من القصص الخيالية ومنها أنه صار مأوى للشياطين حيث استهدفه بعض الشباب لإقامة حفلات موسيقية صاخبة ليلا أنتهت بقضية جنائية شغلت الرأي العام المصري في عام 1997م عرفت بإسم قضية عبدة الشيطان أما افتتاحه للمرة الخامسة عندما دخل القصر أحمد حلمي ومنه شلبي لتصوير مشاهد من فيلم آسف على الإزعاج كذلك دخله محمد سعد لتصوير بعض مشاهد فيلمه حياتي مبهدلة وأيضا تم فنحه عند تصوير فيديو كليب أول مرة لدنيا سمير غانم مع محمد حماقي ضمن مسلسل لهفة .

وظل الحال علي هذا الوضع المؤسف حتي جاء وقت الإحتفال بمئوية مصر الجديدة خلال عام 2006م حيث وجد قصر البارون إمبان حلا بعد معاناة استمرت طويلا حينما أصبح القصر مصريا خالصا حيث انتقلت ملكيته للحكومة المصرية بعد أن أبرم المهندس محمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان والمرافق حينذاك اتفاقا مع ورثة البارون إمبان من ملاك القصر ومثلهم جان إمبان حفيد البارون إمبان بشراء القصر مقابل منحهم قطعة أرض بديلة بالقاهرة الجديدة ليقيموا عليها عدة مشاريع إستثمارية .
 
 
الصور :