بقلم الدكتور / عادل عامر
يعتبر النقل البرى الدولي حديث العهد في مصر وإن كانت معظم خطوطه تعتبر قديمة العهد فقبل حرب 1967 كان يوجد خط سكة حديد يربط بين مصر وغزة كما كان هناك طريق برى يربط بين السعودية ومصر عن طريق العقبة والذي كان يخدم الرحلات الدينية إلى الجزيرة العربية هذا بالإضافة الى خط السلوم ليبيا .
وكنتيجة لارتفاع نوالين وتذاكر السفر الخاصة للنقل الجوي فقد تم تشغيل خطوط النقل البرى على الطرق بعد تطويرها وأمدادها ببنية وتسهيلات النقل المناسبة . إلا أن هناك ظاهرة لا يمكن تجاهلها هي زيادة عدد المستخدمين للطائرات رغم ارتفاع تعريفة الطيران بدرجة كبيرة جدا ، بالرغم من أنه يوجد شبكة خطوط برية دولية لنقل الركاب بالأتوبيس بين العديد من العواصم والمدن العربية حيث ترتبط القاهرة بكل من عمان ودمشق وبغداد وجدة والرياض والكويت وطرابلس وتونس بخطوط أتوبيس منتظمة ذات مستوى مرتفع جدا ، كذلك خط أتوبيس دولي يصل بين القاهرة وتل أبيب .
ومن ثم كان لابد من التعرف علي المشاكل التي تواجه النقل البري بالسيارات علي الخطوط التي تربط مصر والدول العربية والتي أدت إلى تقلص دور النقل بالسيارات رغم أهميته أن جودة النقل العام ضعيفة، ما عزاه إلى مكوثها في بقعة معينة فترة من الزمن غير محددة لتمتلئ بالركاب حتى آخرها قبل أن تواصل مسارها، ووجد أن الحافلات لا تتوقف عند محطات مخصصة، ما ينجم عنه إنزال الركاب بطريقة عشوائية بناء على الطلب، وأشار التقرير إلى أن مسارات الحافلات لم تخضع لتطوير يجعلها تخدم الطلب أكثر.
كذلك فان النقل النهري يمثل إحدى الوسائل التي يمكن أن تخفف الضغط على الطرق، كما أنها أقل تكلفة وهو ما يستدعى أيضا تجديد الأتوبيس النهري وتسهيل وتطهير المجرى النهري للملاحة النهرية والتي تقتضى ربط الموانئ الرئيسية بالأفرع الرئيسية لنهر النيل ووضع الإرشادات النهرية على طول مجرى النهر، كما قد يكون من اللازم تجديد أو تحديد الزمن العمرى للسيارات.
نعم إن المشكلة الكبرى أو مشكلة المشاكل التي تقابل كل المصريين، باختلاف واقعهم صباح ومساء كل يوم، أو بتعبير آخر علي مدار الأربع والعشرين ساعة!، هي مشكلة النقل والمواصلات، والتي، مرة أخري، نعبر عنها بخطأ غير مقصود بقولنا أزمة المرور، بينما الأولي سبب والثانية نتيجة، ولهذا لا نبالغ إذا قلنا انها مشكلة الساعة بلا منازع، وتحتاج في حلها إلي رجال للساعة التي نعيشها ونحياها..
أن المشكلة حلها في القانون وإصدار تشريع جديد وتغليظ العقوبات علي المخالفين!، وآخرون اعتقدوا أن المشكلة تكمن فقط في ضعف التخطيط وانحسار شق الطرقات وإنشاء الميادين المنظمة!.. والحقيقة هي أن المشكلة - مرة أخري - في الأساس - كغيرها - سياسية أعراضها فنية!!.. والقاعدة الأزلية تقرر أن العلاج الناتج يكون في علاج الأسباب وليس الأعراض، ومع ذلك سنطرق الجانب الفني قبل السياسي - بالرغم من أن المنظومة السياسية التي أفرزتها هي التي أنتجت مشكلات بهذا النوع والحجم!!..
يجب أن تساهم الدولة في إنشاء مدن سكنية بكامل مستلزماتها خارج المدن الكبرى وتقديم كافة التسهيلات من أجل قبول المواطنين السكن بها وحبذا لو بدأ هذا الأمر بمحدودي الدخل ويكون نظام التمليك بالتقسيط من قبل الدولة أو عن طريق القطاعات التي يعملون بها التساوي بين كل المدن في الخدمات يجب أن تتساوى كل المدن في كل شيء , بداءاً من الوزارات مروراً بالجامعات وانتهاء بالمستشفيات والإدارات الحكومية المختلفة .
لا يجب أن تكون مثل تلك الخدمات حِكراً على مدن دون الأخرى فهل يعقل بأن منطقة مثل الجنوب على مساحتهِ الكبيرة والشمال الواسع الذي يحتوي على مدن كثيرة لا يوجد بهما أي جامعة ؟
مشكلة المواصلات مرتبطة بشكل وثيق بسوء التخطيط، والإدارة التسلطية للحكم، ومركزية صنع القرار الشديدة، التي لخصت مصر في القاهرة، وأغفلت التنمية الحقيقية للأطراف، ولم تسع لتوفير محاور عمرانية جديدة تعيد انتشار السكان على مساحة أكبر من أرض مصر، بالتالي العلاج الشامل لمشكلات النقل يرتبط بحلول قصيرة الأجل مثل إعادة تنشيط النقل النهري داخل المدن وبين المحافظات، واستكمال مشروعات شبكة الطرق التي تربط المحاور الاقتصادية والتجارية الرئيسية عبر البلاد، وتطوير منظومات النقل الجماعي وتشجيع التعاونيات على الاستثمار فيها، وتحسين خدمات النقل العام داخل المدن وبينها لتقليل استخدام السيارات الخاصة.
وعلى المدى الأبعد هناك تخطيط لمحاور تنموية تعيد توزيع السكان بما يؤدى لتقليل التكدس ويحل، ليس فقط، أزمات النقل والمواصلات والمرور وازدحام المدن، لكن أيضا أزمات الإسكان والبطالة المزمنة، بالإضافة إلى تفعيل اللامركزية وتحقيق دور فعلى للمحليات في التخطيط والإدارة لمواردها بما يساعد على وضع حلول مناسبة لكل مدينة على حدة.
يتضح الاهتمام بالنقل بالسيارات بين الدول العربية وما ينتج عن ذلك من انتعاش لحركة البضائع والركاب اذا ما تنبهت الدول العربية لأهمية هذا القطاع وخاصة لأنعاش حركة النقل بين الدول العربية وخاصة تلك الدول التي تربطها بعضها البعض محاور عن طريق الموانئ وتفعيل دورها لانعاش حركة التجارة العربية – - العربية. بإمعان النظر في وضع النقل العربي يتضح لنا حجم الصعوبات التي تواجه الدول العربية ، والتي تكمن أساسا في شدة المنافسة ، وعدم قدرتها على إثبات وجودها على الساحة العالمية .
ويعاصر العالم اليوم تطورا ديناميكيا سريعا تقوم فيه التكنولوجيا بدور رائد في مختلف أوجه الأنشطة التجارية والاقتصادية . فبالاتجاه إلى العولمة وظهور التكتلات الاقتصادية، والاندماج بين الوحدات الإنتاجية بما فيها وسائط النقل في ظل منظومة متكاملة، كان لابد وان يتأثر النقل العربي باعتباره الوحدة الأساسية لنقل التجارة الخارجية العربية والتجارة العربية - العربية . ومما لاشك فيه أن كل هذه التطورات السريعة التي حدثت عالميا في كل من النواحي الفنية والاقتصادية كان لها الأثر الواضح على صناعة النقل العربي شأنها شأن الصناعات الأخرى، فامتدت يد التقنية إلى كافة الجوانب الفنية والتشغيلية وحتى الإدارية، وازداد الاعتماد على الحواسب الالكترونية وبرامجها في عمليات تشغيل النقل بجميع أنواعه وتداول البضائع وادارة الموانئ وغيرها من الأنشطة المختلفة للنقل . من المتوقع أن يلعب دورا كبيرا في تنشيط حركة النقل البرى بالسيارات ببين معظم بلدان الاقطار العربية وخلق بنية مواتية لتفعيل تحركات التكامل الاقتصادي بين الدول العربية ، وذلك بعد أنشاء جسر بحرى على خليج العقبة أمام جزيرة تيران حسب الاتفاق الموقع ببين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية في هذا الشأن .
مشاكل العبور : تمثل نقط العبور عند الحدود أضعف نقطه في منظومة النقل ببين المصدر والهدف فأن الوقت الذى تتطلبة اجراءات التفتيش طويل جدا بالرغم من وجود اتفاقيات النقل الدولي على الطرق والتي تحدد التزامات الاطراف المختلفة بها فإنها في مناطق العبور تسير غاية فى البطيء دون أخذ عامل الوقت في الاعتبار .
وقد ظهرت في السنوات الاخيرة بعد جديد من ناحية الاجراءات الامنية والاجراءات الخاصة بمكافحة المخدرات والتفتيش عن الاسلحة وغيره مما كان له التأثير الكبير عند نقط الحدود بين الاقطار العربية بإطالة الفترة الزمنية للرحلة بدرجة كبيرة بما لا يتناسب مع المسافة المقطوعة الامر الذى ينعكس بالتالي على زيادة التكلفة بدرجة ملموسة .
كذلك رسوم العبور التي يتحملها كل قطر : تختلف الرسوم والضرائب التي تفرض على المرور من قطر الى آخر . حيث ان المرور العابر معفى من أية رسوم ولكن واقع الأمر غير ذلك . وهنا تبرز قضية اعادة النظر في أسس وأساليب تحديد رسوم الطرق بهدف |