بقلم الدكتور/ عادل عامر
تعتبر أرض سيناء هي مصدر القوة لأهل مصر، فلا يوجد منزل لم يوجد به أب أو جد شارك في حرب سيناء والتي تبث الطاقات الإيجابية والروحية بالشعور بالفخر مما مر من لحظات كثرة على تلك الأشخاص، فيمدون الأجيال الأخرى بالشعور بالقوة وأن إذا أعادوا تلك الحرب مرة أخرى في حياتهم فسيشاركون بها مرة أخرى، لأنها من أعظم المشاعر التي تجعل ممن حولهم يشعرون بالقوة، فلا يوجد شخص على تلك الأرض لا يعرف القيمة العظيمة لمدينة سيناء حيث إن لا يمكن أن يكون هناك غدر أو حدوث أي كارثة إلا وستعبر من سيناء، ولذلك فهي من أهم الدول.
تعتبر أرض سيناء من أعظم الأراضي المقدسة، حيث سال على ترابها دماء الكثير من الشباب والرجال العظماء، فتعد من أكثر المدن التي تتعرض لحالات اغتيالات بشكل مستمر ويتم استهداف رجال الشرطة ورجال الجيش، وبالرغم أن أرض سيناء تتعرض للكثير من الاغتيالات إلا أن لم نجد أهل تلك المدينة يتركونها ويرحلون بل يظلون بها يحمون أرضهم، ولا يفتحون المعبر كي يستقبلون اللاجئون من فلسطين، سوريا، الأردن وغيرها حتى يستطيعون أن يحتمون بتلك الأرض ويعيشون بها، ويقومون بإقامة مجالات المختلفة للعمل بها.
سيناء هي التاريخ العريق الذي سطرته بطولات المصريين و تضحياتهم الكبرى لحماية هذه الأرض.. هي البوابة الشرقية .. و حصن الدفاع الأول عن امن مصر وترابها الوطني. اليوم وبمرور 28 عاما على ذكرى تحرير سيناء تفتح مصر صفحة جديدة في السجل الخالد لسيناء .. فسيناء بمقوماتها الطبيعية و مواردها الزراعية و الصناعية و التعدينية و السياحية .. هي ركن من أركان استراتيجية مصر الطموحة للخروج من الوادي الضيق حول وادي النيل .. إلى رقعة أرض مأهولة واسعة تغطى 25% من مساحة مصر .. رقعة تتسع لاستقبال الأعداد المتزايدة من السكان .. و احتضان الطموحات و التطلعات الكبرى لهذا الشعب .. رقعة تبنى لهذا الجيل و الأجيال القادمة.. و تضاعف من فرص العمل و النمو ، و من القواعد الإنتاجية و المراكز الحضارية .. و القدرة الاستيعابية للاقتصاد المصري.
بهذا المعنى فان سيناء بذاتها و من خلال المشروع القوى لتنميتها (1994 - 2017)، تمثل محورا أساسياً من محاور هذه الاستراتيجية التنموية طويلة الأمد.. بالإضافة إلى كونها جزءاً من إقليم قناة السويس الذي يحتضن أكبر عدد من مشروعات مصر العملاقة في غرب خليج السويس و العين السحنة .. و في شرق بورسعيد.. و في القناة نفسها التي ستظل شرياناً حيوياً من شرايين الاقتصاد و التجارة الدوليين..
أرض مصر لا يحق لأي دولة أخرى أن يرفرف علمها عليها إلا العلم المصري، مقولة قامت بتجسيدها وتأكيدها ما قام به المصريون منذ حرب أكتوبر المجيدة وحتى يوم استردادنا لأخر قطعة أرض مصرية، عقب حرب أكتوبر قامت القيادة السياسية في مصر برئاسة الرئيس الراحل محمد أنور السادات باللجوء لمائدة المفاوضات من أجل استعادة الأجزاء المسلوبة من شبه جزيرة سيناء وبعد عدة مماطلات من جانب العدو الإسرائيلي استطاعت مصر من خلال معاهدة كامب ديفيد من التوقيع على اتفاقية تسترد من خلالها شبه الجزيرة بشكل كامل وتم تسليم أرض سيناء على مراحل بدأت منذ اليوم السادس عشر منذ انتهاء حرب أكتوبر.
الدولة المصرية في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي طرحت العديد من المشروعات التنموية في مختلف المجالات من أجل تنمية شبه الجزيرة.
وقدّر السيسي ما ينفق على تنمية سيناء بقيمة 250 مليار جنيه، ذلك في إطار إيلاء الدولة المصرية أولوية لملف تنمية سيناء في الفترة الراهنة، عقب عقود من التجاهل والتهميش عانى منها «السيناوية» وأثرت على مختلف الخدمات وعلى واقعهم المعيشي الصعب رغم الدور الكبير الذي تلعبه قبائل وأهالي سيناء في دعم القوات المسلحة المصرية في مواجهة الإرهاب على الحدود الشرقية المصرية.
خلال السنوات القليلة الماضية (الفترة الرئاسية الأولى للرئيس عبد الفتاح السيسي) اعتمدت الحكومة المصرية خطة لتنمية سيناء، تضمنت تنفيذ العديد من المشروعات التنموية المُهمة، من بينها شبكة الطرق التي كان لجنوب سيناء نصيب منها، إذ تحظى بنصيب وافر من خطط التنمية في مختلف المجالات سواء المشروعات العمرانية والزراعية والصناعية والخدمية والسياحية مع ربطها بالوادي ارتباطاً مباشراً من خلال إنشاء 6 أنفاق أسفل قناة السويس، وكوبري السلام أعلى القناة.
فيجب أن يكون محاربة الإرهاب في أرض سيناء لا يقتصر على الشرطة والجيش، فيجب على كل شخص قادر على حماية تلك المدينة أن يذهب إليها حتى يحمي رجالها، ونسائها وأطفالها، ويقدم لهم المساعدة ،ولأن الإرهاب لا ينقطع فعلى كل شخص مسئول عن حماية بلادنا أن يقدم الحماية الكاملة لأرض سيناء، ويجب أن يكون هناك خطط كثيرة للكشف عن البؤر التي يحتمي بها الإرهابيون، والقضاء على كافة الخيوط التي تصل تلك الإرهابيون بدول أخرى، فهذا الإرهاب يسير بشكل مرتب ومنظم بخطط أساسية وخطط أخرى بديله له، ولذلك تتعرض هذه المدينة للكثير من الاغتيالات.
إن التنمية هي فريضة الوقت في سيناء. وعلينا أن نفهم أولًا العقبات والتحديات التي تواجه هذه الخطط التنموية حتى لا تتكرر الأخطاء.
من العوامل التي تجعل توطين السكان في جنوب سيناء أكثر صعوبة عدم توافر المياه؛ لذا تعتمد الأسر في المناطق الحضرية على مياه جوفية محدودة أو مياه النيل المنقولة.
نشير أيضـًا إلى أن المناطق المستقطعة من سيناء من جهة شرق قناة السويس لم تحظ بالاهتمام المطلوب، الأمر الذي أدى إلى اعتبار هذه المناطق مناطق طاردة واعتمادها على منطقة غرب السويس في الخدمات والاستيطان، والمفروض أن تكون مناطق تنمية متزايدة شرق قناة السويس تعتمد على أسلوب مد العمران شرقـًا بالتدريج، فضلًا عن تأخر تنفيذ المخططات العمرانية للمدن والقرى بالمحافظة وظهور العشوائيات، مما ساهم في ظهور 37 منطقة عشوائية في شمال سيناء تضم نحو 45 ألف نسمة.
في تقديرنا أن خطط التنمية الجديدة جادة؛ ولذا فإنها بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى وضع قائمة بالأولويات والمشروعات التي يحتاجها أهالي سيناء وتلك المنطقة الاستراتيجية بشكل عام، كي تحقق الخطط الآمال المرجوة، من أجل استفادة أكبر من كنوز أرض الفيروز.
أن مصر بتوحدها خلف جيشها تقف على قلب رجل واحد، وأن الجيش المصري بخروجه إلى القتال في هذه الظروف الملتبسة يقف على قلب رجل واحد، وأن الانقسام الذى يتحدث عنه البعض وَهم لا وجود له، أما لماذا سماها السيسي سيناء 2018، فلأنه يريد طمأنة المصريين على أن سيناء عام 2018 سوف تكون إن شاء الله بلا إرهابيين. أن الشعب والجيش المصري تصدى لمختلف المؤامرات بإرادة صلبة وعزيمة قوية، فلم تقع مصر في فخ الانقسام.
الانتصار الذي شهده المصريون في حرب أكتوبر لم يقتصر على ما قام به الجندي المصري من بطولات، بل اكتملت الملحمة العظيمة بوقوف الدول العربية صفا واحدا في وجه العدوان الإسرائيلي، إذ قامت بمنع إمداد النفط للدول التي تقدم دعم للعدو الصهيوني مما ساهم في الضغط على جيش الاحتلال الإسرائيلي وقادته والرضوخ لما سعت له مصر والدول العربية وتحرير الأراضي المصرية بصورة كاملة، عيد تحرير سيناء تجسيد عظيم لإرادة المصريين شعبا وقيادة لذا فإن الدولة تحتفل دائما بهذا اليوم من خلال جعل هذا اليوم إجازة لكل المصريين.
|