الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

متحف الآثار الغارقة

متحف الآثار الغارقة
عدد : 06-2018
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة (كنوزأم الدنيا)
tbadrawy@yahoo.com





في عام 1996م كان هناك مقترح بضرورة إنشاء متحف للآثار الغارقة فى موقع فنار الإسكندرية القديم الى الشمال من قلعة قايتباى وقد تمكن وزير الثقافة المصري حينذاك الفنان فاروق حسني من الحصول علي موافقة منظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة والمعروفة بإسم اليونيسكو علي تقديم المعونة الفنية لإقامة متحف للآثار الغارقة تحت الماء في الإسكندرية‏ وقد تبنى مؤتمر اليونيسكو لإدارة المواقع الاثرية هذا المقترح عام 1997م نظرا لما تتعرض له هذه الآثار المطمورة تحت سطح البحر من تآكل وطمس بفعل تلوث مياة البحر وأعمال الردم حيث كشف تقرير لوزارة البيئة حينذاك عن تلوث غالبية المياة الساحلية بالإسكندرية،وأن أكثر المناطق تلوثا على طول الساحل هى تلك المرتبطة بمصادر صرف صحى غير معالج أو معالج جزئيا مثل منطقتى الدخيلة والمكس والميناء الشرقى وأبو قير كما أن أغلب المواقع تتميز بمستويات مرتفعة من الأملاح المغذية التى ينتج عنها إرتفاع مماثل فى إنتاجية الهائمات النباتية والنمو الشاذ للطحالب البحرية أو حدوث ظاهرة المد الأحمر بما له من آثار ضارة على البيئة والصحة العامة بوجه عام وعلي الآثار الغارقة بتلك المواقع بوجه خاص ولذا يطالب الأثريون بتفعيل قانون الآثار بإعلان الشواطئ المصرية الغارقة محميات لا يمكن المساس بها خاصة وأن عملية إنتشال الآثار الغارقة باهظة التكاليف فضلا عن عدم توافر الأماكن المناسبة لعرضها مما يعد من أهم المشاكل التى يواجهها هذا التراث العالمي النادر والذى لامثيل له في أى بلد آخر علي مستوى العالم .

وفي عام 2009م تم إجراء مسابقة معمارية عالمية تم طرحها بمعرفة المجلس الأعلي للآثار في مصر تحت إشراف اليونيسكو من أجل إنشاء أول متحف تحت الماء للآثار الغارقة وإشترك فيها أربعة من أشهر وأكفأ المصممين المعماريين في العالم وقد تم إختيار التصميم الذي تقدم به المهندس الفرنسي جاك روجيريه وبعد ذلك بعام وخلال عام 2000م بدأت إستعدادات مكثفة أجراها المجلس الأعلى للآثار بالتعاون مع محافظة الإسكندرية من أجل البدء في إنشاء هذا المتحف الفريد من نوعه علي مستوى العالم وعمل الدراسات اللازمة لتنفيذه وذلك أيضا تحت إشراف منظمة اليونيسكو ليتم بعدها بدء أعمال بناء المتحف والذى من المنتظر أن تصل تكلفته إلي أكثر من 120 مليون يورو وهو الأمر الذى لم يتم تدبيره حتي الآن ولذا فإن أعمال بناء هذا المتحف متوقفة حاليا إلي حين توفير التمويل اللازم .


وقد جاء تصميم هذا المتحف من أربعة مبان طويلة علي شكل أشرعة مراكب نيلية تمثل الإتجاهات الأصلية الأربعة ومتصلة ببعضها البعض علي مساحة 22 ألف متر مربع ومصطفين في شكل دائرة قطرها 40 متر وتشمل جزئين جزء فوق سطح الماء بنحو 20 مترا عبارة عن نافذة مفتوحة لبانوراما الميناء الشرقي يعرض به الآثار التي تم إنتشالها بالفعل وجزء سفلي تحت سطح الماء ويمتد إلي عمق حوالي 7 أمتار يتم الوصول إليه من خلال الجزء الأول عبر أنابيب زجاجية حتي يتمكن الزوار من مشاهدة الآثار الغارقة التي لم يتم إنتشالها بعد إما عن طريق الغوص لمن يرغب أو من خلال السير داخل تلك الأنابيب الزجاجية وعلي أن تكون سعة هذا المتحف 3 مليون زائر سنويا والذي من المنتظر أن يصبح بمثابة منارة جديدة لمدينة الإسكندرية ليكون عبارة عن رحلة عبر الزمن لإكتشاف أسرار المدينة القديمة الغارقة تحت الماء والتي تشمل معبد آمون والميناء القديم وقصر الأحلام الذي بناه مارك أنطونيو للملكة كليوباترا والذى يتواجد علي عمق يتراوح بين 6 إلي 8 أمتار .


وجدير بالذكر أن الآثار التي إنتشالها هي عبارة عن مجموعة القطع التي إنتشلتها البعثة المصرية الفرنسية برئاسة الأثري فرانك جوديو منذ عدة سنوات والتي يتم عرضها من خلال معرض دولي يطوف بعض المدن الأوربية والأميريكية والآسيوية حيث كان قد وافق الفنان فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق على بدء عدد من الجولات لعرض تلك الآثار الهامة التي تعكس فكر وفن وحضارة ورقي ونبض الإنسان المصرى القديم بعدد من المدن الأوروبية لكي يتمكن العالم من الإطلاع علي جزء أسطوري وتاريخي مهم من حضارة مصر القديمة ويضم المعرض الذي يتنقل بين مدن العالم المختلفة عدد 489 قطعة أثرية نادرة تشمل قطع من مخازن الآثار الغارقة بالإضافة إلي بعض القطع من متحف آثار مكتبة الإسكندرية ومن متحف الإسكندرية القومي ومن المتحف اليوناني الروماني ومن معمل الترميم بالإسكندرية ومن المدن التي أقيم فيها هذا المعرض برلين وبون بألمانيا وباريس العاصمة الفرنسية ومدريد العاصمة الأسبانية وتورينو بإيطاليا ويوكو هاما باليابان وفيلادلفيا ولوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأميريكية .


وبوجه عام فإن شواطئ الإسكندرية وخصوصا منطقة خليج أبى قير ومنطقة الميناء الشرقي تمتلئ بكنوز من الآثار الغارقة التي غرقت بسبب الظواهر الطبيعية على مدى 15 قرنا من الزمان وعلى وجه الخصوص الزلازل التي ألقت بكثير من مباني وقصور وقلاع الإسكندرية في مياه البحر ويضاف إلى ذلك أن مستوى البحر قد إرتفع مترين منذ العصر الروماني وحتي الآن ومن أشهر هذه المباني التي أطاحت بها الزلازل منارة الإسكندرية القديمة إحدى عجائب الدنيا السبع القديمة والتي شيدت عام 280 ق.م في عهد بطليموس الثاني خليفة بطليموس الأول خليفة الإسكندر الأكبر مؤسس مدينة الإسكندرية علي يد المهندس المعمارى الإغريقي الشهير سوستراتوس حيث تعرضت اﻹسكندرية لزلزال شديد عام 1323م في عهد السلطان المملوكي الناصر محمد بن قلاوون أطاح بها وتوجد آثارها وبقاياها علي عمق يتراوح بين 5 إلي 10 أمتار هذا وتوجد معظم هذه الآثار الغارقة تحت سطح مياه الميناء الشرقي بالمنطقة الموجودة أسفل صخرة شبه جزيرة فاروس التي تقع غرب مدينة الإسكندرية الحالية والذى يعد من أقدم موانئ العالم ويعد موقعا مثاليا لإقامة متحف الآثار الغارقة نظرا لكونه خليج بحرى مفتوح ويتميز بهدوء مياهه وقد إستلزم إنتشال ماتم إنتشاله من الآثار الغارقة مشاركة فرق من الغواصين والإستعانة بأساليب كشف إلكترونية وتقنيات جيوفيزيقية حديثة حرصت البعثات الإستكشافية التي شاركت في إنتشال مايمكن من الآثار على إستخدام أجهزة قياس بالرنين المغناطيسي النووي والموجات فوق الصوتية لتنفيذ أعمال الكشف بعد دراسات طبوغرافية وفيزيقية دقيقة ومعقدة .

وسعياً للحفاظ علي هذا التراث تم إصدار أول مجلة متخصصة في الآثار الغارقة تحمل إسم فاروس يتم طبعها بمطابع المجلس الأعلي للآثار بالقاهرة كما تم أيضا إعداد فيلم وثائقي جديد قصير موضوعه صون التراث الثقافي المغمور بالمياه أنتجه قطاع اليونيسكو للثقافة يركز الإهتمام على إتفاقية اليونيسكو بشأن حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه ويسلّط الضوء على أهمية حفظ الممتلكات الثقافية المغمورة بالمياه بعدما أصبحت معرضة للنهب بصورة متزايدة بسبب صنع تجهيزات غوص أكثر تطورا وأسهل إقتناءا ويشتمل الفيلم الذى يركز أساسا على صورة من عرض بحر الإسكندرية ويؤكد على أهمية البحث بخصوص المواقع الأثرية المغمورة بالمياه وفوائد صونها في مواقعها وهذا هو أيضا أحد أهداف المشروع المصري لإقامة متحف الآثار الغارقة .


وبصفة مؤقتة فقد تم إفتتاح أول متحف مفتوح للآثار الغارقة بالإسكندرية أقامته وزارة الثقافة بمنطقة المسرح الروماني بحي كوم الدكة بالإسكندرية وقد أقيم هذا المتحف علي ربوة مرتفعة بمنطقة المسرح الروماني ويشغل مساحة 1200 متر مربع ويعرض به حوالي عدد 39 قطعة أثرية تم إنتشالها من الميناء الشرقي بالجهة الواقعة أمام ساحل قلعة قايتباي الأثرية بغرب الإسكندرية وتضم هذه القطع جزءا من فنار الإسكندرية القديم وتمثالا لسيدة بطول 5.6 متر بالإضافة إلي مسلة من الأسرة التاسعة عشر منقوش عليها إسم الملك سيتي الأول وهي أول مسلة من الآثار الغارقة يتم عرضها في مصر والعالم وتزن 18 طنا وقاعدتها من الحجر الرملي وكذلك مجموعة من تماثيل أبو الهول ترجع لعصور مختلفة وقد تكلف هذا المشروع حوالي 20 مليون جنيه وقد تضمن أيضا تطوير عدة مواقع أثرية بالمنطقة منها موقع المسرح الروماني وموقع حمامات كوم الدكة الرومانية وموقع فيلا الطيور وخزانات المياه الرئيسية .


وتاريخيا فقد بدأ الإهتمام الحقيقي بالآثار الغارقة في مصر عام 1866م في عهد الخديوى إسماعيل عندما وضع محمود باشا الفلكي أول خريطة للإسكندرية القديمة وضواحيها الأثرية أسفل مباني الإسكندرية الحديثة وبعدها قام الفلكي بتحديد مواقع المدن والقنوات القديمة وأهم أماكن الآثار الغارقة بالميناء الشرقي بناءا على أعمال الحفائر والجس الأثري الواسعة التي قام بها ووقتهـــا نشر الفلكي أبحاثه أولا باللغة الفرنسية ثم تلاه جاستون جون داي مدير عام الموانئ المصرية حينذاك ما بين عام 1910م وعام 1914م حيث كان مكلفًا بإجراء توسعات في ميناء الإسكندرية الغربي فإكتشف منشآت تحت الماء تشبه أرصفة الموانئ غرب شبه جزيرة فاروس إلا أنه من العجيب أن هذا الأخير عوقب على إكتشافه الآثار الغارقة بتهمة الإهمال بإعتبار هذه الإكتشافات تعد خروجا على مقتضيات واجبه الوظيفي ويرى مؤرخون أن البدايات الحقيقية للتنقيب الأثري عن الكنوز الغارقة ترجع إلى عام 1933م في عهد الملك فؤاد الأول علي يد الأمير عمر طوسون وهو أمير من العائلة المالكة حيت أن جده لوالده هو محمد سعيد باشا والي مصر بين عام 1854م وحتي عام 1863م وكان مقيما بالإسكندرية كما كانت له إهتمامات ثقافية وأثرية عديدة حيث كان معروفا بحبه للآثار وكان عضواً بمجلس إدارة جمعية الآثار الملكية بالإسكندرية في ذلك الوقت وذلك عندما أخبره طيار إنجليزى بأنه قد شاهد آثارا في الماء علي مقرية من الشاطئ لمدينة مينوتس الأثرية الغارقة أمام سواحل شاطئ أبي قير والتي تعرف بإسم كانوب القديمة وقد قام الأمير عمر طوسون بتمويل عملية البحث عن هذه الآثار وإنتشالها وقام بالتعاون مع هذا الطيار الإنجليزي بتحديد أطلال المدينة الغارقة من الجو وتمكنا من إكتشاف رأس رخامي للإسكندر الأكبر خلال عام 1934م .


وفي خلال حقبة الستينيات من القرن العشرين الماضي قام كامل أبو السعادات أحد محترفي الغوص ومحبي الآثار بوضع خريطتين للآثار الغارقة الأولى للميناء الشرقي أما الثانية فكانت لخليج أبى قير وقد شارك أيضا مع البحرية في إنتشال بعض مكتشفاته من موقع الفنار في شهرى أبريل ونوفمبر من عام من عام 1962م حيث قامت البحرية الفرنسية بالتعاون مع هيئة الآثار بدراسة موقع غرق أسطول نابليون وإنتشال بعض مخلفاته كما تم تحديد موقع السفينة باتريوت الغارقة وفي عام 2000م تم‏ ‏الكشف عن ‏مجموعة‏ ‏كبيرة‏ ‏من‏ ‏‏الآثار الغارقة ‏في‏ ‏مدينة‏ ‏هيرا‏كليون ‏الغارقة‏ ‏ بواسطة المستكشف‏ ‏الفرنسي‏ ‏فرانك‏ ‏جوديو ‏وكذلك في منطقة شرق‏ ‏كانوب القديمة‏ ‏التي‏ كان قد ‏إكتشفها‏ ‏جزئيا ‏الأمير عمر‏ ‏طوسون كما ذكرنا في السطور السابقة .


وفي أعقاب حرب الخامس من يونيو عام 1967م إعتبرت سواحل الإسكندرية منطقة عسكرية خشية وقوع أى تسلل بحرى من جانب الضفادع البشرية الإسرائيلية والتي حاولت فعلا التسلل إلي ميناء الإسكندرية وتم إكتشاف المحاولة والقضاء عليها وبناءا علي ذلك أصبح التنقيب علي الآثار الغارقة فيها مستحيلا وفي خريف عام 1968م أوفدت منظمة اليونيسكو إلى الإسكندرية بعثة لمسح الموقع مؤلفة من رائدة الغطس الأثري هونور فروست والجيولوجي فلاديمير نستيروف اللذين قاما بإستكشاف الموقع غطسا وأكدا أن الأطلال الغارقة تمثل في موقعين تم تحديدهما بعض أجزاء منارة الإسكندرية وبقايا قصر الإسكندر الأكبر والبطالمة خلفائه المفقود وأنها ذات أهمية تاريخية ودولية عظيمة وقد توقفت أعمال التنقيب والبحث بعد حرب عام 1967م لأكثر من عشر سنوات إلي أن أعيدت مرة أخرى إستنادا إلى تقرير فروست ونستيروف التفصيلي الذى تم علي أساسه بعد ذلك وضع خطط للتنقيبات الأثرية المقبلة في الموقعين اللذين أشار إليهما وحددهما التقرير .


ومن جانب آخر قامت بعثة إيطالية العمل في إنتشال الآثار الغارقة بجزيرة نيلسون في منطقة خليج أبى قير على ساحل البحر المتوسط بشرق الإسكندرية أعمال المسح الأثري بهدف الكشف عن الكنوز الغارقة التي لا تزال تحتفظ بها مياه الثغر حيث قامت بعثة أثرية إيطالية برئاسة الأثري باولو جاوللو تتبع جامعة تورينو الإيطالية خلال عام 2009م بهذه الأعمال تحت إشراف المجلس الأعلى للآثار وتضم هذه البعثة ستة من الأثريين الأجانب وعددا من الأثريين المصريين وتركزت أعمالها في عدد من أهم مواقع الآثار الغارقة بمنطقة أبي قير وتشمل موقع الحامية العسكرية التي ترجع للعصر الهلينستي وموقع الجبانة التي تعود إلى العصر الفرعوني بالإضافة إلى مواقع أساطيل ومدافع نابليون بونابرت ومقابر جنود الحملة الفرنسية وبعض التماثيل التي تعود للعصرين اليوناني والروماني والعملات المعدنية التي تعود للعصورالإسلامية المختلفة .