بقلم/ د. إسلام محمد سعيد
أيام قليلة تفصلنا عن توديع شهر "رمضان الكريم" احد اعظم الشهور واكثرها اجرأ عند المولى عز وجل، وسط اجواء مليئة بالسعادة والروحانيات الدينية التى تعم ارجاء العالم الاسلامى بالكامل، فى انتظار استقبال "عيد الفطر المبارك" بالتجهيز و الاعداد لعدد من التقاليد التى ظلت ملازمة له و تناقلتها الاجيال على مر الزمان، ومن بينها الاعداد لـــ " كــــــعــــــــك الـــــــــــعيــــد".. فقد يظن البعض ان هذا التقليد ما هو الا اتباع محدث ليس ببعيد الا ان حقيقة الامر تُرجع اصوليته الى حضارتنا المصرية القديمة، فقد اعتادت زوجات الملوك في مصر القديمة على تقديم الكعك للكهنة القائمين على حراسة "هرم الملك خوفو" وذلك فى عصر الدولة القديمة، واستمرت العادة وانتشرت بنطاق اوسع فى عصر الدولة الحديثة حيث اتقن الخبازون في البلاط الفرعوني صناعة الكعك بأشكال مختلفة من بينها الشكل المخروطي و الشكل المستطيلى و الشكل الدائرى الذى كان يرمز لقرص الشمس من خلال الخطوط المستقيمة المنقوشة عليه كتمثيل لأشعتها على حد اعتقاد المصرى القديم، حتى وصلت أشكال الكعك إلى ما يقرب من 100 شكل، هذا و قد تم العثور على العديد من المناظر المنقوشة على جدران المقابر فى طيبة و منف تمثل عملية صناعة الكعك بالتفاصيل الكاملة من بينهم مقبرة "رخمى رع" وزير الملك تحتمس الثالث التى ترجع لعصر الاسرة الثامنة عشر وتقع بجبانة طيبة الغربية.
هذا ولم تختف عادة صناعة الكعك بعد دخول الاسلام بل تحولت الى نوع من الصدقات الامر الذى احدث التلازم بينها وبين شهر رمضان من اجل تقديمها والتصدق بها على الفقراء فى عيد الفطر، فنجد فى عهد الدولة الطولونية كان يصنع الكعك في قوالب منقوشة عليها عبارة "كل واشكر" وفي العصر الفاطمي كان الخليفة يخصص 20 ألف دينار لصناعة كعك العيد، وفي عصر دولة المماليك و العهد العثمانى استمر الاهتمام بصناعة كعك العيد وتقديمه للفقراء والمتصوفين وفي التكيات، وهناك بمتحف الفن الإسلامي بالقاهرة العديد من القطع والاشكال الخاصة بقوالب صناعة الكعك منقوش عليها عبارات مثل (كل وأشكر مولاك ، كل هنينًا واشكر) وغيرها من العبارات التى تحمل فى طياتها الشكر و الثناء على نعمة الخالق.
|