الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

قصر المورق

قصر المورق
عدد : 06-2018
بقلم المهندس / طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com


قصر المورق أو الكازار إشبيلية أو الكازار الملكي في إشبيلية هو قصر ملكي يوجد في مدينة إشبيلية بأسبانيا ويعد من أهم معالمها
وكان في الأصل حصن للمسلمين ثم تم تحويله إلي قصر للحكم وقد توافد عليه أمراء و ملوك مختلفين كل واحد منهم قام بترميمه ووضع لمسته الخاصة عليه ولذا نجده يضم أجنحة عديدة وأبنية وغرف مزخرفة بأشكال هندسية متقنة وكلمات عربية بليغة وتحيط به بساتين وحدائق غناء تشرح النفس وتبهج القلب وقد إستعمل في بنائه الخشب المزخرف والجبس والفسيفساء الأندلسية الجميلة المعروفة بإسم الزليج التي تزين جدران غرفه وأركانه وهو يعتبر أقدم قصر ملكي لا يزال قيد الإستخدام في أسبانيا وفي أوروپا بوجه عام حيث يعد المقر الأول للعائلة الأسبانية الملكية في إشبيلية ولذلك فإن غرف الطابق العلوي للقصر غير مفتوحة للزيارة من جانب السياح الذين يفدون علي هذا القصر ضمن برنامج زيارتهم لمدينة إشبيلية كما أنه يتم إغلاق القصر أمام الزوار عند تواجد أى أفراد من العائلة المالكة فيه كما أنه يعد ثاني القصور في أسبانيا من حيث الروعة والجمال والفخامة بعد قصر الحمراء بمدينة غرناطة وقد تم تسجيله عام 1987م من قبل منظمة اليونيسكو كموقع تراث عالمي مع كاتدرائية إشبيلية التي كانت في الأصل جامع إشبيلية الكبير وهو يقع على الجهة المقابلة للجامع ويمكننا بسهولة ملاحظة أن مدخله فعلا يشبه القلاع الإسلامية القديمة وأيضا العقود الإسلامية الشهيرة في نمط البناء الإسلامي مع الأعمدة الرشيقة المصنوعة من الرخام الأبيض بالإضافة إلي الزخارف العربية الموجودة بتيجانها وبالجدران والأسقف والأرضيات .


وهناك أقوال وروايات كثيرة عن تاريخ بناء هذا القصر ويؤكد كثير من الباحثين أن العرب كانوا هم أول من بنى هذا القصر في عصر فترة حكم طائفة إشبيلية والتي حكمها بنو عباد الذين حكموا إشبيلية وعدة مدن حولها منها قرمونة وولبة ولبلة وشلطيش والجزيرة الخضراء وقرطبة ودامت فترة حكمهم من عام 1013م وحتي عام 1091م ويرون أيضا أن المبني الحالي للقصر يقوم في بعض أجزائه على أنقاض قصر المعتمد بن عباد الذى كان حكمه ما بين عام 1069م وعام 1091م والذي كان موقعه قريباً من نهر الوادى الكبير وأن بقايا هذا القصر كانت قائمة حتى أواخر القرن السادس الهجري الموافق لأواخر القرن الثاني عشر الميلادي وكان يسمي حينذاك قصر المبارك ثم جاءت دولة الموحدين الذين وضعوا الأساس للكثير من الأعمال التاريخية الباقية في مدينة إشبيلية حتى الآن وكان منها قصر المورق والذى يبدو فيه واضحا إختلاط الفن المعمارى الإسلامي بالفن المعمارى القوطي حيث يعتبر قصر المورق أفضل مثال علي الفن المعماري المدجن في أسبانيا أى الذى يجمع بين الطرز والروح الإسلامية وبين الفنون الغربية في تناغم وتزاوج مثالي والأبنية الحالية للقصر ترجع إلى عام 1360م في خلال فترة حكم الملك القشتالي بيدرو الأول ملك قشتالة وليون مابين عام 1357م وعام 1367م حيث قام بتجديد القصر على طريقة الطراز المعمارى الإسلامي الموريسكي والذى برع فيه المسلمون ذوى الثقافة العربية الذين ظلوا فى أراضي بلاد الأندلس بعد سقوطها في يد الممالك الأسبانية وأصبحوا فى خدمة التاج الأسبانى مقابل بقائهم فى شبه الجزيرة الأيبيرية مع إحتفاظهم بثقافاتهم والمهن الخاصة بهم والتى كان من ضمنها هذا الفن المعمارى ولذلك فقد جلب الملك بيدرو الأول عمالا وحرفيين مسلمين من غرناطة ليحاكي قصره في جماله قصر الحمراء الموجود بها .


وقد إستمرت عملية إضافة الغرف والمباني والقاعات إلي هذا القصر طوال حوالي 500 سنة بداية على يد حكام إشبيلية العرب من بني عباد ثم من ملوك دولة الموحدين ولاحقًا عند إنتقاله لحكم الفونسو القسطيلي ومن بعده إستمر الأسبان بتطوير المبنى ليصبح رمزا لتراكم حضارات حوض البحر الأبيض المتوسط التي أكملت بعضها البعض حقبةً تلو الأخرى إلي أن وصل إلي الملك بيدرو الأول كما ذكرنا ويستطيع الزائر لإشبيلية بسهولة أن يلمح أوجه التقارب بينها وبين مدينة مراكش المغربية فكلا المدينتين داخليتين بعيدتين عن البحر وجوهما حار وجاف كما أن مباني إشبيلية الإسلامية يغلب عليها اللون الأحمر أو اللون البني المميز لمدينة مراكش المغربية وهذا الأمر ليس محض صدفة حيث أن الخليفة الموحدي عبد المؤمن بن علي الذى كان حكمه مابين عام 1133م وعام 1163م جعل مدينة إشبيلية حاضرة لملكه في الأندلس ثم جاء من بعده الخليفة أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن مابين عام 1164م وعام 1184م والذي كان مهتما بالأدب والفنون والعمارة فلم يبخل على إشبيلية محبوبته المدللة بشيء وشيد فيها المباني والقصور والمساجد التي تعكس تزاوج المعمار الأندلسي والمغربي في تناغم ملحوظ مما زادها رونقا وبهاءا وكان منها قصر المورق الذى أعاد تشييده عام 568 هجرية الموافق عام 1173م كما أنشأ أيضا في الوقت نفسه قنطرة على نهر الوادي الكبير وقام بإصلاح أسوار المدينة ويذكر أن بقية من أسوار الموحدين مازالت قائمة في مدينة إشبيلية .

أما الخليفة الموحدي أبو يوسف المنصور الذهبي والذى إهتم بعمارة إشبيلية أيضا والذى كانت فترة حكمه بين عام 1184م وعام 1199م فقد خلد إنتصاره على جيوش النصارى في معركة الأرك الموحدية الشهيرة في شهر شعبان عام 591 هجرية الموافق شهر يوليو عام 1195م بتشييده لمئذنة مسجد إشبيلية الكبير والمعروفة حاليا إسم الخيرالدا والتي تعتبر الأخت التوأم لصومعة أو مئذنة جامع الكتبية بمراكش المبنية من طرف الموحدين أيضا والذين إزدهر الفن المعمارى في عهدهم إزدهارا كبيرا وحيث كانت مراكش هي عاصمة دولتهم بالمغرب ففي عهود الموحدين مابين عام 524 هجرية الموافق عام 1130م وحتي عام 667 هجرية الموافق عام 1269م كان يحيط بهذا القصر أسوار لها أبراج منيعة بقي منها اليوم برج وحيد على نهر الوادى الكبير هو البرج المثمن المسمى بإسم برج الذهب الواقع جنوب غربي القصر على ضفة نهر الوادي الكبير وعلى مقربة من قنطرة سان تلمو والذى يتألف من ثلاث طبقات ويبلغ إرتفاعه نحو 15 مترا ويعود تاريخ إنشائه إلى عام 619 هجرية الموافق عام 1221م وقام بإنشائه السيد ابي العلاء حاكم إشبيلية الموحدي يومئذ وكان يربط هذا البرج بالقصر سور للدفاع عنه كما تشتهر إشبيلية بإنتشار بساتين شجر البرتقال علي نطاق واسع والتي تنبعث منها رائحة زهوره الذكية في هذه المدينة الأندلسية الجميلة الواقعة على ضفاف نهر الوادي الكبير الذي يعبر المدينة ويضفي عليها رونقا خاصا فمياهه العذبة تروي أرضها المعطاءة الخصبة مما يزيدها خضرة ونضارة .

ويتكون قصر المورق من طابقين أولهما الطابق الأرضي والذى يبدو في معظمه أندلسيا وإسلامي الأصل وذلك علي الرغم من إضافة أبنية حديثة من إنشاء ملوك أسبانيا إليه وهو يتألف من أفنية وأبهاء عدة وغيرها ولكل منها إسمه الخاص مثل قاعة العدل وفناء الصيد وفناء العذارى وبهو كارلوس الخامس وبهو السفراء وجناح فيليب الثاني وفناء العرائس وجناح الملوك الأندلسيين وجناح الملوك الكاثوليك وجدير بالذكر أن بهو السفراء كان هو أول ما تم بناؤه في هذا القصر ويعد أجمل وأروع قاعاته وأبدعها فهو بهو شاسع وفخم تظلله قبة عالية جدا معقودة ومحمولة على أعمدة ومقرنصات عربية مزخرفة وجدرانها مكسوة بالقيشاني الفخم الذى تتخلله نقوش عربية وفي هذه القاعة توجد العبارة الآتية منقوشة بالخط الكوفي الجميل عز لمولانا أيده الله ونصره وفي قاعة السفراء أيضا نقشت عبارة الملك لله يمينا ويسارا على مصاريع الأبواب وفي القسم العلوي من هذه الأبواب توجد كتابة مهمة منقوشة في لوحة زرقاء نصها أمر مولانا المعظم المرفع ملك قشتالة وليون أدام الله سعده وهنأ أيامه بعمل هذه الأبواب الجديدة لهذه القبة السعيدة وتوجد أيضا عبارة أخرى نصها ولا غالب إلا الله منقوشة على هذه اللوحة ذاتها ثماني مرات يمينا ويسارا بخط كوفي جميل وباللونين الأزرق والأبيض والتي كانت شعار بني نصر أو بني الأحمر ملوك غرناطة مابين عام 1238م وعام 1492م ويذكر أن بني نصر هؤلاء كانوا هم آخر ملوك الطوائف الذين سقطوا في الأندلس علي يد الملكين فرديناند وإيزابيلا المسيحيين وبسقوطهم سقطت الأندلس بالكامل في قبضة الملوك المسيحيين الكاثوليك .

وفي القسم العلوي من المصراع الأيسر للباب توجد عبارة مشوشة مختلطة الألفاظ تشير إلى أن الذين إضطلعوا بالعمل هم المعلمون الطليطليون وذلك في عام 1404م ويذكر المستشرق أمادور دي لوس ريوس أنه رأى في هذه العبارة ما يدل على أن هذا القصر قام بإنشائه معلمون وصناع من المدجنين من سكان طليطلة وفي هذا الطابق يبدو الطابع الأندلسي الأصيل قويا وفي أفنيته وأبهائه أبواب عدة كبيرة وصغيرة أندلسية الأصل تزينها نقوش عربية وتتخلل زخارف القصر كثير من العبارات والتحيات والأدعية الإسلامية وبعض الآيات القرآنية وعلى الحزام الخارجي لفناء العذارى نقشت عبارة الحمد لله على نعمه وفي البهو الأيمن المسمى جناح الملوك الأندلسيين نقش في جهة القبلة بيت الشعر الآتي يا أيها المجلس الجديد يأتيك الطالع السعيد وفي أفاريز هذا البهو وفي عدة أماكن مختلفة توجد عبارات المنة لله العظمة لله وعبارة عز لمولانا السلطان وفي البهو الخارجي لهذا الجناح في قوسه الأعلى نقشت هذه العبارة مكررة يا ثقتي يا أملي أنت الرجاء أنت المولى إختم بخير العمل .


وقد نقشت أيضا على جدران الطابق الأول من القصر عبارة النعمة الشاملة بشكل متكرر كما نقشت في الحزام الخشبي الأوسط هذه العبارات اليمن والسلامة العزة والكرامة السعد الدائم وبشكل متكرر أيضا وفي الساحة الكبرى نقشت عند المدخل عبارة الحمد لله على نعمه كما نقشت العبارات الآتية أيضا عز لمولانا الملك لله اليمن والإقبال ولا غالب إلا الله وبشكل متكرر كذلك كما أنه من اللافت للنظر آية الكرسي المنقوشة في زاوية من فناء العرائس ومن المعروف أن الصناع كانوا ينقلون كثيرا من الآيات القرآنية بحروفها بطريقة التقليد فقط وكانوا يثبتون بعض هذه الآيات الكريمة في زخارف الدور والقصور ذاتها من دون أن يدركوا أنها آيات من القرآن الكريم أما الطابق الثاني العلوى من القصر فقد بناه الملوك الأسبان تقليدا للطراز المعماري الأندلسي مما جعله يحاكي الطابق الأرضي ويتناغم معه وهو يتألف من مصلى الملوك الكاثوليك وبهو الملوك وجناح الملك بيدرو الأول ملك قشتالة وليون وفيه غرف وأبهاء عدة فُرشت جميعها بالأثاث الفخم وزينت جدرانها بصور مرسومة بريشة كبار الفنانين في عصرهم وكسيت جدرانها كلها بالقيشاني الملون ونقشت عليها نقوش عربية وبالإضافة إلي مباني القصر وقاعاته وأفنيته فإنه يتميز بحدائقه الرائعة التي تميزت بعضها بالطراز الإسلامي الأندلسي ومنها علي سبيل المثال الحديقة الملكية والفناء الحدائقي المصمم على الطراز الإسلامي المعروف بالحدائق الأربعة الغاطسة أو الغارقة حيث تم تقسيم الحديقة الى أربعة أقسام يتوسطها ممرين متقاطعين وتحتوي كل منها مجاري مائية ونافورة ماء في منتصف الحديقة .
 
 
الصور :