الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

برج جالاتا

برج جالاتا
عدد : 06-2018
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com


تم بناء برج جالاتا القديم كما يؤكد العديد من المؤرخين في عهد الإمبراطور البيزنطي جستنيان عام 507م علي الجانب الشمالي من منطقة القرن الذهبي وهو أحد أفضل الموانئ الطبيعية في العالم والمتفرع من البوسفور في العاصمة البيزنطية القسطنطينية وكان في السابق مركز للقوات البحرية البيزنطية والعثمانية وقد بني هذا البرج داخل القلعة التي كانت تحمل نفس الإسم جالاتا وكان يمثل نهاية الطرف الشمالي للسلسلة العظيمة التي كانت تمتد عبر فم القرن الذهبي لمنع سفن العدو من دخول الميناء وكان هذا البرج يتضمن آلية لرفع وخفض هذه السلسلة وكان حينذاك مبنيا من الخشب وقد تم تدمير هذا البرج إلى حد كبير من قبل الصليبيين اللاتين خلال نهب القسطنطينية في عام 1204م كجزء من الحملة الصليبية الرابعة لتمكينهم من دخول الميناء ومهاجمة المدينة من البحر حيث تم تدمير جدرانه بسهولة وهذه الحملة هي إحدى الحملات الصليبية التي كان هدفها في الأساس إنتزاع القدس من البلاد الإسلامية وإحتلالها عن طريق غزو مصر والشام ولكن هذه الحملة قد إتخذت طريقا آخر وتمكن صليبيو الغرب في شهر أبريل عام 1204م من إحتلال مدينة القسطنطينية الأرثوذكسية وعاصمة الإمبراطورية البيزنطية حينذاك وهذا ما وصف مرارا وتكرارا بأنه أحد أكثر إحتلالات المدن ربحا وإهانة في التاريخ حيث واجه الصليبيون في القسطنطينية خصم ضعيف فالدولة البيزنطية كانت قد أرهقتها الحملات السابقة وتناقص موارد الدولة فوصلوا إلى شواطئها في يوم 23 يونيو عام 1203م وبدأت العمليات العسكرية في يوم 5 يوليو عام 1203م ففر امبراطور بيزنطة الكسيوس الثالث وإستسلمت القسطنطينية البالغ تعداد سكانها زهاء 100 الف نسمة حينذاك وجرى تقسيم أملاك البيزنطيين بين الصليبيين والبندقية وتم نهب وتدمير القسطنطينية ودمرت آثار ثقافة عريقة وأصبحت هذه الأحداث تظهر الصليبيين على أنهم ليسوا حماة للدين ولكن مغامرون جشعون وأصبحت الحملات بحاجة إلى تبريرات بعد أن كانوا يدعون أنها أمر إلهي بإسم الكنيسة وكان من ضمن ماتم تدميره برج جالاتا القديم المشار إليه .

وفي عام 1348م قام الجنويون من سكان مدينة القسطنطينية والذين ينتمون في الأصل إلي مدينة جنوة بإيطاليا والذين كانوا يستوطنون بمنطقة جالاتا حتي أنها كانت تعتبر مستعمرة خاصة بهم ببناء برج يحمل نفس الإسم بدلا من البرج الذى تم تدميره والذي لا يزال قائما والذى كانوا يسمونه أيضا برج المسيح وقد تم بناؤه بإستخدام الحجارة بدلا من الخشب على موقع قريب من موقع البرج القديم في أعلى نقطة في الشمال وأعلى موقع من قلعة جالاتا وقد تضرر بعد ذلك نتيجة حريق كبير أصابه وأعيد إصلاحه بعدها خلال عام 1509م في عهد السلطان العثماني بايزيد الثاني الذى كان حكمه مابين عام 1481م وعام 1512م من قبل معماري عثماني إشتهر آنذاك وإسمه خير الدين وفي عهد السلطان سليمان القانوني الذى كان حكمه مابين عام 1520م وعام 1566م إستخدم برج جالاتا كسجن للمحكوم عليهم بعقوبة السجن ثم إستخدم البرج لفترة قصيرة كمرصد فلكي حين قام عالم الفلك تقي الدين الشامي أفندي ببناء مرصد على قمة البرج في عام 1577م في عهد السلطان مراد الثالث والذى كان حكمه مابين عام 1574م وعام 1595م وفي غضون أشهر من إكتمال بناء هذا المرصد الفلكي شهد تقي الدين ظهور أحد المذنبات معتقدا أن المذنب إنما ظهر كبشير خير ومتنبئا بإنتصار الجيش العثماني وللأسف كان هذا التنبؤ خاطئا ولهذا السبب رأي السلطان مراد الثالث أن لا فائدة من إستخدام المرصد فقرر أن يدمره لإدخار المبالغ المالية التي تنفق عليه للإنفاق على الجهود الحربية وسوي المرصد الفلكي بالأرض تماما في عام 1580م وتم تحويل البرج إلى سجن مرة أخرى وفي الحقيقة فقد كان تقي الدين الشامي أفندى نابغة في فروع عديدة من العلوم حيث كان عالما فلكيا ومنجما ومهندسا ومخترعا وصانع ساعات يدوية وساعات حائطية كما كان عالم رياضيات وفيزيائي وخبيرً زراعي وطبيب وصيدلي وحافظا لمواقيت الصلاة في المسجد وأيضا كان فيلسوفا مسلما وصاحب علم الكلام ومعلم مدرسة وقام بتأليف أكثر من 90 كتاب في شتى المواضيع المختلفة والتي تشمل علم الفلك والتنجيم وصناعة الساعات والهندسة والرياضيات والميكانيكا والبصريات والفلسفة الطبيعية وقد حظي بتقدير واسع بسبب شهرته وصيته وسمعته الحسنة من جانب علماء عصره في الدولة العثمانية والذين كانوا يعتبرونه أعظم عالم على وجه الأرض .


وفي عام 1638م في عهد السلطان مراد الرابع والذى كان حكمه بين عام 1623م وعام 1640 قام هزارفن أحمد شلبي بتركيب أجنحة لنفسه والطيران من سطح برج جالاتا إلى منطقة أوسكودار في الجانب الآسيوى من إسطنبول وفي بدايات القرن السابع عشر الميلادى تم إستخدام البرج كمكان لعناصر العرض العسكري العثماني حتى تم تحويله في عهد السلطان أحمد الثالث والذى كان حكمه بين عام 1703م وعام 1730م إلى مرصد لمراقبة منطقة إسطنبول عام 1717م وذلك بسبب إزدياد الحرائق بشكل كبير إلا أنه وللأسف تعرض البرج نفسه لخطر الحريق فإحترق في عام 1794م في عهد السلطان سليم الثالث والذى كان حكمه بين عام 1789م وعام 1807م وقد تم ترميمه بعد تعرضه لهذا الحريق في عهده وفي عام 1831م في عهد السلطان محمود الثاني والذى كان حكمه بين عام 1808م وعام 1839م تعرض البرج لحريق آخر فقام السلطان محمود الثاني نتيجة ذلك بإغلاق سطح البرج بسطح هرمي مؤلف من طابقين على شكل قلنسوة وعلى البرج كتابة تذكر عملية الترميم هذه نقشها برتو باشا وفي عام 1875م في عهد السلطان عبد العزيز والذى كان حكمه بين عام 1861م وعام 1876م ونتيجة لعاصفة شديدة تحطم السقف الهرمي للبرج الذي أعيد ترميمه عام 1960م في عهد الدولة التركية الحديثة من جديد .

ويتكون برج جالاتا الحالي من تسعة طوابق ويبلغ إرتفاعه حوالي 66.90 مترا أو 62.59 مترا بدون إحتساب الزخرفة أعلاه كما يبلغ إرتفاع المنطقة التي يوجد بها حوالي 35 مترا فوق سطح البحر كما يوجد به مصعدان ويستخدم البرج اليوم من قبل شركة خاصة لهدف سياحي حيث يعد البرج حاليا من أبرز معالم إسطنبول السياحية ويستقطب سنويا العديد من السياح لما له من أهمية تاريخية إلى جانب الفن الهندسي في تصميمه ليكون من أجمل الأبراج في المدينة ويتم الصعود للطابق الأول والثاني منه على الأقدام ويتم صعود الطوابق السبعة الأخرى بواسطة المصعدين المشار إليهما للوصول إلى الدور العلوي بالبرج والذى يوجد به مقهى ومطعم منهما يمكن الإستمتاع بجمال المنظر المطل على إسطنبول ومضيق البوسفور وبوغاز إيجي الموجود بالبوسفور ومن أهم المعالم التي يمكن رؤيتها من أعلي هذا البرج جامع السليمانية وجامع السلطان أحمد ومتحف أيا صوفيا وقصر طوب كابي والذى كان مركز إقامة سلاطين الدولة العثمانية لأربعة قرون من عام 1465م إلى عام 1856م وخليج القرن الذهبي وجسر البوسفور المعلق الشهير الذى يصل بين قارتي آسيا وأوروبا والذى تم إفتتاحه يوم 29 من شهر أكتوبرعام 1973م ضمن الإحتفال بذكرى تأسيس الجمهورية التركية الحديثة وجسر جالاتا الذي يعبر القرن الذهبي بين منطقتي كاراكوى وإيمونونو والجسر الحالي تم إفتتاحه في شهر يونيو عام 1992م بعد تعرض الجسر القديم والذى كان رابع جسر يقام في نفس المنطقة لحريق ضخم أصابه بأضرار وتلفيات ضخمة ومن المناظر المألوفة فوق هذا الجسر وقوف العديد من سكان إسطنبول من كافة الأعمار ومن الجنسين أعلاه ومزاولة هواية صيد الأسماك بالصنانير هذا ومن السهل علي زائرى إسطنبول زيارة برج جالاتا حيث يمكنهم السير علي الأقدام من ساحة ميدان تكسيم الشهيرة بوسط مدينة إسطنبول إلي شارع الإستقلال الشهير والذى يوجد هذا البرج في نهايته .
 
 
الصور :