بقلم/ جهاد ناصر
لكل حضارة عماد تبني عليه , وعماد الحضارة المصرية شعب عظيم ساهم في بناءها , وكتب بدمائه الذكية تاريخ كثيرا ما ينحي له العالم احتراما واجلالا , فلكل فصيل من الشعب المصري دوره في بناء حضارتها , ولذلك وجب علينا إبراز دور كل فصيل لإعطاء صورة شاملة وواضحة لكافة شرائح المجتمع المصري بداية من الطبقة الدنيا وصولا للفرعون. في احدي لقاءاته ذكر السيد الرئيس/ عبدالفتاح السيسي أن عام 2018 إنما هو عام ذوي الاحتياجات الخاصة وسيرا علي نهجه سنتحدث اليوم عن الـ hw ,nmw ,dng كما عرفوا باللغة المصرية القديمة وما يعرفوا لدينا اليوم بالأقزام. كان المصريون القدماء يقدرون الأدب حق قدره ويعملون علي احترام الاخريين حتي وإن كان مختلفا من الناحية الجسمانية , او الاجتماعية والدينية. فقد وردت إلينا امثلة في نصوص الحكمة تكشف عن صورة إيجابية مؤداها أن رعاية العجائز والمرضي المشوهين جسمانيا إنما هو واجب اخلاقي. وعلي ايه حال فأول ذكر للأقزام جاء بفترة حكم الملك بيبي الثاني من الأسرة السادسة , اثناء جلب الرحالة حرخوف قزما عند عودته من رحلته للجنوب , وكان ذلك بمثابة حدث جلل لم يكن له مثيل قبل ذلك بقرن , ويتضح من خلال خطاب جلالته مدي حرصه واهتمامه لرؤية هذا القزم حتي إنه كان لديه اغلي من جميع الكنوز التي اتي بها حرخوف. فلم يكن الاقزام موضع نبذ او رفض في المجتمع المصري بل شاع ظهورهم في منازل النبلاء إبان عهد الدولة القديمة . حيث نجد حبال من الود ابداها الصفوة من الرجال وزوجاتهم . وانخرط الاقزام في الأعمال المنزلية فلم يكن التقزم عائقا حيال مباشرة حياتهم الطبيعية فتصور لنا الحضارة المصرية نماذجا من الاقزام وهم يؤدون وظائفهم والتي يمكن إيجازها علي النحو التالي: - عمل الاقزام كخدم خاص حيث تصورهم المناظر وهم يعملوا علي حمل الصناديق المتعلقة بالأردية , وسبل العناية بالجسد , بالإضافة الي صناديق المجوهرات , كذلك حمل مستلزمات خاصة بالرحلات الخارجية كالصنادل , وعصا يتوكأ عليها السيد اثناء سيره. - عملوا ايضا كرعاة للحيوانات الاليفة كالكلاب والقردة والثيران الصغيرة وكان يعهد بهذه المهمة الي الاقزام من الذكور , - بالإضافة الي مهمتهم الاشراف علي الملابس الكتانية- فعادة ما يصاحب القزم سيده اثناء خروجه للتجول بضيعته يتبعهما الحيوانات في طابور , وكان رعاة الحيوانات يسيرون فخرا حاملين السمة المميزة للقائمين علي رعاية الحيوانات وهي عصا تنتهي بمقبض. - كذلك شغلوا بصناعة للمجوهرات وكان يقوم بها ايضا الذكور من الاقزام وكان يعهد إليهم مهام محددة كسلك حبات من المجوهرات الثمينة في قلادة , او يثبتون مدلاة في اطراف قلادة قصيرة وهي مهمة دقيقة تتناسب وايديهم الصغيرة . - بالإضافة الي التسلية والامتاع حيث يصور اقزاما من الذكور والاناث ينخرطون بالرقص والغناء او العزف . وكان بوسع الأقزام أن يتقلدوا اكثر من وظيفة , كما يمكنهم المشاركة في عدد قليل من الأنشطة كصيد الطيور وقيادة القوارب. وفي الدولة الوسطي باشر الاقزام اعمال مشابهة لأعمال الاقزام بالدولة القديمة مع وجود بعض التغيرات فمعظم الاشخاص جاءوا كخدم خاص او ليشتغلوا بأعمال التمريض مقابل ذلك نجد أن اعمال التسلية والامتاع ورعاية الحيوانات جد قليلة كما لا نصادف اقزاما يعملون بصياغة الذهب , وقيادة القوارب , وصيد الحيوانات. بالإضافة الي ذلك نجد ابان هذه الفترة تجسيدا لشخوص ترمز للخصوبة والذي يعكس احتمالية ظهور الآلهة الاقزام كحماة لحظة وضع المرأة. وفيما يختص بالدولة الحديثة فأن الشواهد الاثرية جد قليلة لتكوين صورة شبه واضحة عن الاقزام وتواجدهم وإن كانت اعمالهم مشابه لما جاء بالدولة القديمة والوسطي ام طرا عليه بعض التغيرات. وعلي ايه حال فكما اشارنا انفا أن الأقزام في المجتمع المصري لم يكونوا موضع رفض , او نبذ إذ ان التقدير الذي وصلوا اليه رشحهم ليصاحبوا المتوفي في العالم الاخر , وكما في معظم النصوص السحرية يظهر الالهة الاقزام كتجليات لإله الشمس رع إذ لديه القدرة علي الصعود الي السماء والهبوط للعالم السفلي. وهكذا نظر المجتمع المصري للأقزام
|