بقلم الدكتور/ عمر محمد الشحات
إن التسويق السياحى عبارة عن جميع الجهود والأنشطة المنظمة والتي يتم تأديتها بتناغم مدروس من قبل كافة مقدمي الخدمة السياحية بعناصرها أو أجزائها المختلفة والتي تهدف إلى إشباع أذواق المتلقين لهذه الخدمة أو الراغبين بها بشتى صورها كما أنه عملية موجهة نحو السائحين وتهدف إلى تأمين وتلبية احتياجاتهم الاستهلاكية من خلال القنوات التوزيعية المختلفة المؤلفة من المنظمات السياحية المختلفة والتي تتفاعل مع هؤلاء السائحين تحت ضغط أو قيود البيئة الخارجية التي تتم فيها عملية التفاعل مثل القيود الاقتصادية والتكنولوجية والأخلاقية والاجتماعية والتي تهدف إلى تسهيل تدفق المبادلات إلى السوق المستهدف وبما ينعكس على تحسين عمليات التبادل.
وتتطلب عملية التسويق السياحى الاهتمام بثلاثة عناصر أساسية تتمثل في : التوجه نحو الزبائن وتوفير المنظمة التي تقوم بترجمة وتنفيذ التوجه السابق والتي تدعم تحقيق الرخاء الاجتماعي لهؤلاء الزبائن على المدى الطويل . ويعتبر قطاع السياحة والسفر هو القطاع الرئيسى فى التنمية الإقتصادية وخلق فرص عمل حول العالم، ففى عام 2016 ساهم قطاع السياحة والسفر ب 2.3 تريليون دولار أمريكى وخلق 109 مليون وظيفة عبر دول العالم , آخذا التأثير الأكبر الغير مباشر فى الإقتصاد العالمى بما يعادل 7,6 تريليون دولار أمريكى ودعم 292 مليون وظيفة فى عام 2016 وهو ما يعادل 10.2% من إجمالى الناتج العالمى و1 / 10 من إجمالى الوظائف على مستــوى العالم .
وترجع الأهمية الإقتصادية للتسويق السياحى فى أن معظم دول العالم على اختلاف مستوى تقدمها تولي صناعة السياحة أهمية متزايدة على اعتبار أنها قاطرة التنمية الاقتصادية لمساهمتها المباشرة والفعالة في الناتج المحلى لتلك الدول بنسب مالية، وتعتبر السياحة صناعة ذات نسق ترابطي مع جميع الجوانب الحياتية لتعدد أنماطها الأمر الذي يتطلب تسويقا متميزا يربط بين المحتوي الاقتصادي الجاذب للمستثمر والسائح فى الوقت الذى تواجه فيه الوجهات السياحية أصعب درجات المنافسة لعقود مضت وبالتالى يجب على المسوقين فهم كيفية كسب ولاء السائحين للوجهات السياحية وما هو ذلك الشئ الحاسم فى ولاء السائحين .
وقد ورد فى تقرير منظمة السياحة العالمية WTO لعام 2017 عن أهم الأحداث والتطورات العالمية والمختص بتصنيفات الدول الكبرى فى السياحة ولا يتضمن تصنيف المنظمة لأكثر 10 دول جاذبة للسياح على مستوى العالم جمهورية مصر العربية , ولكن التقرير ذاته قد أشار إلى أن مصر تعد أحد الدول العشرة الأكثر إنفاقا على قطاع السياحة لعام 2016 . وقد أشار أيضا إلى أن مصر قد شهدت فى بدايات عام 2017 تناقصا حادا بنسبة 42 % بعد الحوادث الأمنية وتحذيرات السفر السلبية للخبراء والتى تم إطلاقها من بعض الأسواق المصدرة للسياح source markets ، ولكن مع نهاية العام قد شهدت إنتعاشا كبيرا فى عدد السياح الوافدين نتيجة لجهود دعائية هامة والذى توافق مع الموسم الشتوى للأسواق الأوروبية .
هذا وقد اهتمت الدراسات البحثية فى الجامعات المصرية مؤخرا بدراسة مدى تأثير الجودة المقدمة إلى السائحين الأجانب فى المناطق السياحية والأثرية على درجة ولائهم لجمهورية مصر العربية ومدى إرتباطهم لمعاودة زيارتها مرة أخرى. وفى إحدى الدراسات لإستكشاف مدى الإيجابيات والسلبيات فى المتحف المصرى بميدان التحرير ، توصلت إلى بعض الجوانب الإيجابية مثل أن الأحداث السياسية وتغيير نظم الحكم لم تؤثر على إتخاذ قرار زيارة مصر , طبيعة الطقس بشكل عام سبب رئيسى فى الولاء وتكرار الزيارة على مدار العام , العروض المقدمة من شركات الطيران والفنادق علاوة على تسهيلات الدخول من أهم أسباب التفضيل , وقيام البعض بترشيح زيارة مصر للمعارف والأصدقاء .
أما عن الجوانب السلبية فقد تمثلت فى مواجهة السياح العرب بعض المشكلات فى التعامل الأمنى معهم فى المناطق السياحية والأثرية حيث يتم تفتيشهم العديد من المرات داخل المقصد السياحى الواحد وعدم ممارسة نفس التشديدات الأمنية مع السياح الأجانب ذوى الملامح الأوروبية أو الآسيوية , عدم وجود مصداقية داخل المناطق السياحية من المرشدين السياحيين اللذين يقومون بعرض خدماتهم على السياح المترددين على المقصد – المزار السياحى - ومحاولة تضليلهم بعدم وجود أى معلومات عن المعروضات الأثرية وهو عكس الحقيقة , وجود بعض المشكلات التى واجهت السياح المنفردين بدون مرشدين سياحيين حيث كان لهم بعض التعليقات على المعلومات المدونة بجانب المعروضات الأثرية والتى أشاروا إلى أن بعضها قد عفا عليه الزمن وتلاشت بعض الكلمات أو أنها كتبت بخط ردئ , مواجهة بعض السياح لأساليب وممارسات سيئة من الباعة فى المحلات وأصحاب المطاعم فى المناطق السياحية مثل الباعة للتماثيل والمخطوطات أمام المتحف المصرى وكذلك المتواجدين فى منطقة الحسين والأزهر وأصحاب المطاعم هناك من محاولة جذب السياح من خلال التلامس وهو من الأمور الغير معتادة فى بلادهم , كذلك قيام الباعة بزيادة أسعار منتجاتهم بشكل كبير مما أكسب هذه المناطق سمعة سيئة بين السياح الأجانب ونفور البعض من التجول والشراء .
ويتضح مما سبق وجود مشكلة وتفاوت فى مستوى الجودة المدركة والمقدمة إلى السائحين مما كان له تأثير إيجابى وسلبى على مستوى إرتباطهم بمصر بشكل عام وبالتالى مدى ولائهم وهو ما يجب التركيز عليه من الجهات المعنية لتتصدر مصر مرة ثانية كبرى الوجهات السياحية عالميا كما عهدها العالم فى العقود الماضية .
|