السبت , 8 فبراير 2025

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

ثروت عكاشة

ثروت عكاشة
عدد : 09-2018
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com


ولد الدكتور/ ثروت عكاشة فى عام 1921م فى القاهرة وهو الشقيق الأكبر للطبيب النفسى الشهير في وقتنا الحالي أحمد عكاشة وقد تخرج فى عام 1939م من الكلية الحربية ودرس فى كلية أركان الحرب من عام 1945م حتي عام 1948م ثم حصل على دبلوم الصحافة من كلية الآداب بجامعة القاهرة عام 1951م وكان عضوا في تنظيم الضباط الأحرار الذين قاموا بثورة يوليو عام 1952م ولكنه كان عزوفا عن المناصب وإختار العمل بالثقافة لأنها الأقرب إلى نفسه كما حصل علي درجة الدكتوراه فى الآداب من جامعة السوربون بباريس عام 1960م وقد بدأ ثروت عكاشة حياته العملية كضابط بالقوات المسلحة وعقب ثورة يوليو عام 1952م عمل ملحقا عسكريا بالسفارة المصرية فى بون عاصمة ألمانيا الغربية حينذاك ثم شغل نفس المنصب في العاصمة الفرنسية باريس والعاصمة الأسبانية مدريد مابين عام 1953م وحتي عام 1956م ثم تمت ترقيته ليشغل منصب سفير مصر في العاصمة الإيطالية روما مابين عام 1957م وعام 1958م ثم تم إختياره وزيرا للثقافة والإرشاد القومى من عام 1958م وحتي عام 1962م كما كان رئيساً للمجلس الأعلى للفنون والآداب والذى تغير إسمه بعد ذلك ليصبح المجلس الأعلى للثقافة فى عام 1962م فضلا عن عضويته فى العديد من الهيئات الأخرى ومنها المجلس التنفيذى لمنظمة اليونيسكو بباريس من عام 1962م وحتي عام 1970م كما تم إختياره وزيرا للثقافة مرة أخرى عام 1966م وليشغل هذا المنصب حتي عام 1970م وأثناء فترة توليه وزارة الثقافة إستطاع أن يحدث تغييرا جذريا فى المشهد الثقافى فى مصر أدى إلى نهضة ثقافية حقيقية خاصة على المستوى الفكرى ويراه الكثيرون الشخصية الثقافية الأولى فى مصر وكان إسمه يتردد صداه على إمتداد الوطن العربى الكبير وفى عواصم الثقافة فى قارة أوروبا وبالإضافة إلي ما سبق فقد كان الدكتور ثروت عكاشة عضوا بمجلس الأمة من عام 1964م حتي عام 1966م كما كان نائب رئيس اللجنة الدولية لإنقاذ مدينة البندقية من عام 1967م وحتي عام 1977م ثم شغل منصب مساعد رئيس الجمهورية للشؤون الثقافية من عام 1970م وحتي عام 1972م كما كان أستاذا زائرا بالكوليج دو فرانس بباريس عام 1973م وإنتخب زميلا مراسلا بالأكاديمية البريطانية الملكية فى عام 1975م ورئيساً للجنة الثقافة الإستشارية بمعهد العالم العربى بباريس من عام 1990م وحتي عام 1993م كما تم إختياره كعضو عامل في المجمع الملكى لبحوث الحضارة الإسلامية عام 1994م .


وحين تولى ثروت عكاشة وزارة الثقافة فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر حقق نجاحا ملموسا في مجال الثقافة والفكر مازلنا نشهد له به حتي يومنا هذا حيث وصل الإشعاع الثقافي إلي كل فرد في مصر غنيا كان أو فقيرا حتي تمت تسمية الدكتور ثروت عكاشة بوزير ثقافة الفقراء وكان مشروعه الأكبر هو حق الجماهير فى الثقافة بعد أن كانت تحتكرها العاصمة والنخبة المثقفة فباستثناء القاهرة والإسكندرية لم يكن هناك معاهد أو مراكز أو قصور ثقافية فى مختلف المدن والمحافظات وكان الدكتور ثروت عكاشة لديه فلسفة أن تنتقل الثقافة من العاصمة إلى باقى المدن الأخرى ولذا فقد أخذ على عاتقه بناء البنية التحتية للعمل الثقافى ومنها قصور الثقافة التى لم يخل منها إقليم من أقاليم مصر وشارك فى بنا ئها أعظم المعماريين المصريين وكان يرى أن قصر الثقافة لابد وأن يأخذ شكل القصر بكل ما فيه من أبهة ولكنها أبهة العلم والمعرفة كما قام أيضا بإنشاء الكثير من الهيئات التى تعمل على إثراء الحياة الثقافية والفنية إلى يومنا هذا مثل المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والهيئة العامة للكتاب ودار الكتب والوثائق القومية وغيرها كما أنشأ أكاديمية الفنون عام 1959م بمعاهدها الفنية المتخصصة المختلفة وأسس فرق دار الأوبرا المختلفة مثل أوركسترا القاهرة السيمفونى وفرق الموسيقى العربية والسيرك القومى ومسرح العرائس وأنشأ قاعة سيد درويش بأكاديمية الفنون لعمل الحفلات بها ووجه إهتمامه أيضا للآثار المصرية حيث وضع الأساس لمجموعة متاحف هى من أعظم المتاحف المصرية حتي الآن ومنها متحف الفن الحديث والمتحف الرومانى وتجديد المتحف المصرى كما بدأ تقديم عروض الصوت والضوء بمنطقة أهرامات الجيزة كما كان له دور وطنى بارز من خلال نجاحه الباهر في إقناع المؤسسات الدولية بالعمل على إنقاذ معبدى فيلة وأبوسمبل وباقي الآثار المصرية التي كانت مهددة بالغرق فى بلاد النوبة ومن جانب آخر فقد إهتم ثروت عكاشة بالفن التشكيلي وقام بتشجيع ودعم الفنانين الذين برزوا في عهده وتم تنظيم العديد من المعارض لأعمالهم وتحت رعايته .


ويجدر بنا الإشارة هنا إلي قصة إنقاذ معبدى أبو سمبل ومعابد فيلة وباقي آثار النوبة والتي كان وراءها الدكتور ثروت عكاشة فبعد أن إتخذت مصر قرارها الجسور بإنشاء السد العالي في أسوان عام 1954م كانت إقامة هذا السد إيذانا بخلق بحيرة فسيحة من المياه تغمر منطقة النوبة الزاخرة بآثار حضارتنا التي شدت إليها عيون العالم على مر العصور وفي أواخر عام 1958م كان الدكتور ثروت عكاشة يشغل منصب وزير الثقافة وكان من مهام وزارته الحفاظ على آثارنا القديمة بوصفها جزءا مهما من تراث الحضارة الإنسانية وفي شهر نوفمبر عام 1958م زاره السفير الأميريكي في مصر يصحبه مدير متحف المتروبوليتان بمدينة نيويورك الذي بادره قائلا جئت إلي مصر لكي أشترى واحدا أو إثنين من معابد النوبة المحكوم عليها بالغرق والفناء بعد بناء السد العالي وقد أزعجته وأثارته هذه الرغبة المفاجئة وأزعجه جدا أن يدور بخلد أحد أن يكون تراث أسلافنا مما يباع ويشترى لذا سارع بالرد عليه معاتبا كان جديرا بمتحف المتروبوليتان ومديره أن يبادرا بالعون العلمي لإنقاذ هذا التراث الإنساني بدلا من التفكير في شرائه ولم تكن هذه هي المرة الأولي التي تتعرض فيها آثار النوبة للغرق فقد سبق وأن تعرضت للغرق الجزئي في وقت فيضان النيل ثلاث مرات قبل بناء السد العالي وكانت المرة الأولى عند بناء خزان أسوان عام 1902م حيث تبع ذلك إرتفاع منسوب المياه خلف الخزان بشكل هدد هذه الآثار والمرة الثانية كانت في عام 1912م بعد التعلية الأولي لهذا الخزان والمرة الثالثة كانت في عام 1932م بعد التعلية الثانية للخزان وفي كل مرة كان يتم عمل مسح للمواقع الأثرية ويتم تسجيلها وعمل الخرائط اللازمة لها لكن عندما تقرر إنشاء السد العالى أصبح واضحا أن جنوب الوادي سيتعرض لإرتفاع كبير لمنسوب المياه بشكل دائم مما سيسبب الغرق النهائي لمجموعة آثار النوبة ومن ثم أصبح من الضروري العمل لتلافي مخاطر إرتفاع منسوب المياه على المواقع الأثرية في هذه المنطقة .


وقد كان هذا اللقاء على قصره بداية إرتباط الدكتور عكاشة بآثار النوبة فرأى أن يزورها مصطحبا معه الدكتور أحمد بدوي أحد كبار العلماء الأركيولوجين وأحد كبار مهندسي الآثار وإستغرقت هذه الزيارة مدة أسبوعين وقد أصابه الفزع عندما إكتشف أن ما كان يجري على أرض النوبة كان مقصورا فقط على تسجيل وتوثيق معابد النوبة على أساس أن هذا الجهد هو كل ما تتسع له إمكاينات الدولة حينذاك وأحس بهول المأساة وإنتابه فعلا الذعر إذ كيف يترك هذا التراث لتغمره مياه النيل وكانت وزارة الثقافة في مصر في ذلك الوقت وليدة لايتجاوز عمرها ثمانية شهور وكان إنشاؤها علامة من علامات الحيوية في نظام الحكم الذي خص الثقافة بهذه الرعاية لذا فلو فرطت هذه الوزارة الوليدة في العمل على إنقاذ تلك المعابد فإن ذلك يعد سبة لن يغتفرها التاريخ للمصريين جميعا وكان مع الدكتور عكاشة خلال تلك الجولة كتاب شائق للأديب الفرنسي الشهير بيير لوتي عضو الأكاديمية الفرنسية كان قد إشتراه منذ بضع سنين في باريس وكان قد جذبه إليه عنوانه موت فيلة وكانت قد صدرت طبعته الأولى عام 1907م بعد زيارة الكاتب لمصر وسفره إلي جنوب الوادى ومشاهدته معابد فيلة وهي مغمورة بمياه النيل وقت الفيضان ويقول الدكتور عكاشة فكنت أقضي نهاري في مشاهدة أوابد العبقرية وليلى أطالع فيه هذا الكتاب وإذا به يجد الكاتب ممن يهيمون بتراث مصر ويقدسونه وإذا هو يفزع لما نال هذا التراث من غمر المياه له بعد أن شيد خزان أسوان في مطلع القرن العشرين الماضي وإذا هو يناشد المثقفين المصريين بأن يهبوا للذود عن تراثهم متخذا من غرق جزيرة فيلة لؤلؤة مصر وإحدى عجائب الدنيا رمزا لموت مصر القديمة وإيذانا بنهاية هذه الأمة التي خلقت أول وأروع حضارة في العالم وأنهى هذا الكاتب العاشق لآثار مصر كتابه بصرخة فاجعة يتمنى فيها على المصريين أن يهرعوا إلى الحفاظ على تراثهم الخالد ولم يكن مقدرا لمعبدي أبوسمبل وهما أكثر معابد منطقة النوبة إرتفاعا أن يفلتا من هذا المصير الموجع فقد كانت مياه التخزين وراء خزان أسوان لاتتخطى 121 مترا وهو تقريبا نفس مستوى أرضية المعبد الكبير الذي يبلغ 124 مترا بينما كان متوقعا أن ترتفع مياه بحيرة السد العالي التي ستتكون وراءه بعد بنائه إلى مستوى 183 مترا أي بزيادة في الإرتفاع قدرها 62 مترا عن مستوى المياه خلف خزان أسوان وهو ماكان يعني غمر المعبدين تماما بالمياه وإختفاءهما إلي الأبد .


وفي هذه اللحظات أخذ الدكتور عكاشة يستعيد ذكريات فترة أثيرة من حياته حين أمضي حوالي سنوات ثلاث يعمل ملحقا حربيا بسفارة مصر بباريس كان يتابع خلالها بشغف وإعجاب نشاط منظمة اليونيسكو الوليدة والتي كانت تشغل وقتذاك مبنى قريب من سفارة مصر بباريس مؤمنا إيمان المتفائل بما يمكن أن تحققه هذه المنظمة السامية الأهداف من خير للبشرية في ميادين الفن والثقافة والجمال وتساءل بينه وبين نفسه هل يمكن لمنظمة اليونيسكو أن يكون لها دور في إنقاذ آثارنا فقد رسخ في يقينه أن هذه المنظمة التي ينص ميثاقها على السهر على صيانة الآثار الفنية ذات الأهمية التاريخية هي الباب الوحيد المتاح الذي لامناص من أن تطرقه مصر أملا في إنقاذ تلك الروائع على الصعيد الدولي فهي الوحيدة القادرة على تفهم المخاطر الجسيمة التي يتعرض لها هذا الرصيد الثقافي للإنسانية والتي تهدد بقاءه ويقول الدكتور عكاشة عن ذلك إنه قد عاش في عذاب القلق الذي يبعثه الإحساس بمواجهة المستحيل وتساءل لماذا لانمنح المستحيل فرصة كي يصبح محتملا أو أملا فعزم على أن يتصل فورا بمدير منظمة اليونيسكو ليستوضحه الرأي وليشركه معه فيما يتردى فيه من حيرة لعله يجد عنده ما ينقذه منها وليعلم منه مدى العون الذي تستطيع المنظمة الدولية أن تمنحه لمصر فيما إذا قدر لها أن تأخذ في تنفيذ عملية ضخمة من أجل إنقاذ هذه المعابد العظيمة ونما إلي علم الدكتور عكاشة أن مساعد المدير العام لليونيسكو المسيو رينيه ماهيه موجود في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا فإتصل به علي الفور ليلقاه وهو في طريق عودته إلى باريس فحدد له موعدا في مطلع شهر يناير عام 1959م ليلقاه بالقاهرة بين موعد طائرتين نظرا لإرتباطه بإلتزام رسمي في اليوم التالي بمقر المنظمة العالمية في العاصمة الفرنسية باريس وفي الموعد المحدد إستقبله الدكتور عكاشة وعرض عليه خريطة ضخمة لمجرى النيل من وادي حلفا جنوبا حتى أسوان شمالا مبينا عليها المعابد السبعة عشر المنتشرة على ضفتي النيل لتكون تحت بصره وكذا عرض عليه صورا فوتوغرافية مكبرة بإرتفاع الحائط لكل معبد على حدة كي تكشف له عن أهمية الدور الذي يمكن أن تؤديه منظمة اليونيسكو إذا ما شاركت في تنفيذ مشروع قد يغدو أعظم إسهاماتها في الميدان الثقافي علي مستوى العالم بأسره وأخذ الدكتور عكاشة يشرح له أهمية قضية إنقاذ آثار النوبة وإقترح عليه أن تعد منظمة اليونيسكو حملة دولية لإنقاذ هذه الآثار تجمع فيها المساهمات المادية والعلمية والفنية التي من المؤكد أن الهيئات الثقافية في العالم ستبادر بتقديمها موضحا له إستعداد حكومة مصر لتحمل نصيب مناسب في هذه العملية الإنشائية التي تفوق الخيال وكان مما أثار حماسته قول الدكتور عكاشة له بأن مقترحاته هذه تكاد تكون بمنزلة هدية إلى اليونيسكو سوف تزيدها شهرة علي مستوى العالم لو أنها تبنتها وأنه سوف يتم تداول إسم المنظمة بين الناس في كل أنحاء العالم حيث ستكون مساهمتها في إنقاذ آثار النوبة سابقة للمنظمة سيكون لها ماوراءها ومردودها الطيب وهذا ماحدث فعلا إذ ما كادت منظمة اليونيسكو تفرغ من هذا المشروع حتى شاركت في غيره .


وقد إستغرق هذا اللقاء حوالي 3 ساعات بعدهم يقول الدكتور عكاشة إن ضيفه قد بعث في نفسه الأمل حين همس في أذنه بالمثل القائل إن الحياة إلى زوال ولكن الفن خالد فعقب عليه الدكتور عكاشة قائلا ولكن ألا ترى أن أسلافنا كانوا يؤمنون بأن الحياة والفن متلازمان لا بقاء لأحدهما إلا ببقاء الآخر وبتلك النظرة من السلف إلى الفن نتقدم إلى اليونيسكو بهذا المشروع الذي هو أكبر من أن تضطلع به دولة بمفردها لاسيما وهي تمر بفترة تنمية تواجه فيها هموما أساسية ينبغي عليها تذليلها وليس أمامنا غير التعاون الدولي والجهود الدولية وحين وجد الدكتور عكاشة منه إستجابة لما عرضه عليه وإحساسا منه بمخاوف على ضياع تلك الآثار في المهددة بالغرق والفناء وإيمانه بضرورة مد يد المنظمة لتشارك في تحقيق الأمل هنا أيقن الدكتور عكاشة أن العناية الإلهية وحدها هي التي أتاحت له أن يلتقي بهذه الشخصية المحترمة التي تجمع بين الود الصادق والفكر الثاقب وهنا إنتابته فرحة شديدة حين وجد منه ذلك الإستعداد المبدئي للمشاركة في إنقاذ آثار النوبة ليس ذلك فحسب بل إنه بدا تواضعا منه وكأنه الشاكر لا المشكور وقد إنتهي اللقاء بعد أن أكد المسيو رينيه ماهيه للدكتور ثروت عكاشة بأنه سيتصل به وإفادته بالرأى النهائي لمنظمة اليونيسكو بعد 48 ساعة وذلك بعد أن يقوم بعرض الأمر علي المجلس التنفيذى لمنظمة اليونيسكو ومناقشته وإتخاذ القرار النهائي بشأنه وقد وافقت بالفعل منظمة اليونيسكو علي المشاركة في إنقاذ آثار النوبة كلها وليس معبدى أبو سمبل فقط وذلك بعد أن قام المجلس التنفيذي لمنظمة اليونيسكو بدراسة تقرير فني وافي قام بإعداده مجموعة من الخبراء الدوليين ودار موضوع التقرير حول جدوى وفائدة إنقاذ أثار النوبة ومن ثم تبنت منظمة اليونيسكو إطلاق مبادرة عالمية من أجل إنقاذ آثار النوبة وقامت بإصدار نداء هام إلى العالم للمشاركة المالية والفنية للمساهمة في أضخم عملية إنقاذ للآثار في التاريخ من أجل إنقاذ آثار النوبة وقد إستجابت لهذه المبادرة أكثر من أربعين دولة تقدمت إما بالمساعدة المالية أو المشاركة العملية وتكفل كل فريق من هذه الدول بمسئولية ذات مهام محددة .


وقد صدر هذا النداء في يوم الثامن من شهر مارس عام 1960م بعد حوالي شهرين من لقاء الدكتور ثروت عكاشة مع مساعد المدير العام لليونيسكو المسيو رينيه ماهيه بالقاهرة وكانت المصاعب التي واجهت عملية إنقاذ آثار النوبة عديدة منها أن علماء الآثار يسابقون الزمن لإجراء الحفائر التي كانت تتم في في ظروف مناخية غير مواتية ودرجة حرارة مرتفعة وكان عليهم التغلب على ذلك بشكل أو بآخر وكان هناك العديد من البدائل المختلفة التي يستلزم دراستها بهدف إنقاذ هذه الآثار تحسبا لآية مشاكل هندسية ربما تظهر فيما بعد وإستمرت جهود الحملة الدولية لإنقاذ آثار النوبة قرابة العشرين عاما ولكن مع مرور الزمن تحققت أهدافها وقامت حوالي أربعين بعثة أثرية من دول العالم المختلفة بعمل الدراسات العلمية للمواقع الأثرية المطلوب إنقاذ ما بها من آثار وتم خلال ذلك فك ما يقرب من عدد 22 أثر تم نقلهم إلي مواقع جديدة وتشهد قائمة المعابد التي تم نقلها على ضخامة العمل الذي تم في عملية إنقاذ آثار النوبة ومن هذه المعابد معبدى أبو سمبل ومعابد فيلة ومعبد دابود ومعبد كلابشة ومعبد وادى السبوع ومعبد دندور ومعبد عمدا ومعبد الليسية ومعبد بيت الوالى ومعبد دكة ومعبد المحرقة ومعبد الدر ومعبد بوهن وغيرها ولقد إكتمل العمل في إنقاذ هذه المعابد على الوجه الأكمل في الوقت الذى بلغ إرتفاع منسوب المياه في بحيرة ناصر التي تكونت خلف السد العالي بعد إنشائه إلي الحد الذي كان يخشى منه لو ظلت الآثار قائمة في مواقعها السابقة وجدير بالذكر أن بعض المعابد التي تم إنقاذها قد تم إهداؤها لدول ساهمت ماليا وفنيا في الحملة الدولية لإنقاذ اثار النوبة منها معبد طافا وقد تم إهداؤه لهولندا ومعبد دندور وقد تم إهداؤه للولايات المتحدة الأميريكية ومعبد الليسيه وقد تم إهداؤه لإيطاليا ومعبد دابود وقد تم إهداؤه لأسبانيا وذلك نظير مساهمات وجهود هذه الدول في مشروعات الحملة الدولية لإنقاذ آثار النوبة .



وقد حظى الدكتور ثروت عكاشة بالعديد من مظاهر التقدير وحاز العديد من الجوائز المحلية والعالمية ومنها وسام الفنون والآداب الفرنسى عام 1965م ووسام اللجيون دونير ووسام جوقة الشرف الفرنسى بدرجة كوماندور عام 1968م وعلى الميدالية الفضية لليونيسكو تتويجا لجهوده في إنقاذ معبدى أبوسمبل والميدالية الذهبية لليونيسكو لجهوده من أجل إنقاذ معابد فيلة وآثار النوبة عام 1970م وجائزة الدولة التقديرية فى الفنون من المجلس الأعلى للثقافة فى عام 1987م وجائزة مبارك فى الفنون من المجلس الأعلى للثقافة عام 2002م ولثروت عكاشة العديد من الكتب والموسوعات الفنية تقترب من 45 كتاب من أشهرها ترجمة للشاعر جبران خليل جبران وترجمات للمسرح المصرى القديم وأعمال الرومانى أوفيد ومعجم المصطلحات الثقافية وكتاب الفن الإغريقي وكتاب تاريخ الفن الروماني وكتاب القيم الجمالية في العمارة الإسلامية وكتاب الفن والحياة وكتاب إعصار من الشرق وكتاب القيم الجمالية فى العمارة الإسلامية ولديه أيضاً العديد من المؤلفات الأخرى منها كتاب مذكراتي في السياسة والثقافة والذى يعتبر هو ومجموعة كتب العين تسمع والأذن ترى بأجزائها المختلفة والتى تعبر عن الفنون فى عصورها المختلفة والتي تناول من خلالها المراحل التاريخية المختلفة لتطور الفنون بمثابة موسوعة فنية متكاملة فى الفن والحياة وقد توفى ثروت عكاشة فى يوم الإثنين 27 من شهر فبراير عام 2012 بمستشفي الصفا بالمهندسين بعد أزمة صحية قصيرة ألمت به عن عمر يناهز 91 عاما وشيعت جنازته بعد يومين في يوم الأربعاء 29 فبراير عام 2012م وليسدل الستار علي حياة هذا الرجل الذى كان حقا من أعظم الرجال الذين أنجبتهم مصر علي مدار تاريخها الطويل .
 
 
الصور :