بقلم د.إسلام محمد سعيد
تحل اليوم الذكرى ال 45 لنصر الشعب المصرى العظيم فى واحده من اشرس حروبه على مدار التاريخ ضد جيش العدو الاسرائيلى فى يوم السادس من شهر اكتوبر عام 1973م، تلك الحرب المعروفة بحرب العاشر من رمضان والتى تظل بمثابه رد الاعتبار لكرامه و اصاله كفاح شعب ضحى بكل مايملك فى سبيل استعاده ارضه مدافعا عن عرضه مقدما روحه فى سبيل تحرير وطنه، تلك هى النزغة الفطرية التى نمت داخل جسد الانسان المصرى منذ القدم واكدتها جميع الاديان السماوية كرساله راسخة على مبادىء الانسان السوى الممثلة فى الايمان بالله و الدفاع عن الوطن، فإذا نظرنا الى بطولات الجيش المصرى وكفاحة فى حرب اكتوبر المجيدة و تحطيمه لاسطورة جيش العدو الاسرائيلى الذى لا يقهر على حد وصف قاداته العسكريين انذاك ومن ثم تحرير ارض سيناء و توقيع اتفاقيه معاهدة السلام واستعادة السيادة المصرية الكاملة على المنطقة وقناة السويس هنجد ان القوة العكسرية المصرية وقتها حتى وان افاقت قوة جيش العدو لم تكن فقط هى السبيل الوحيد فى تحقيق النصر بل ادراك مفاهيم عزيمة الايمان و الجهاد فى سبيل الله دفاعا عن الارض والعرض، تلك المفاهيم التى وان وضعها الله فى فطرة كل انسان منذ ولادته كانت تحتاج لمبادىء الترسيخ والتنشئة عليها فجاء دور الام التى انجبت طفلها واصبح قره عينيها لتحرص بشتى الطرق ولا تبخل او تتهاون فى ترسيخ غريزة حب الوطن داخل ابنائها بل و اذا تطلب الامر واحتاج الوطن لمن يحميه ويدافع عنه كان فرض عليها ان تفديه بروحها وقرة عينيها داعيه الله ان يحقق النصر والتحرير لارضها وان يمهلها الصبر والسلوان اذا جاء اجله وان يحتسب كل من مات من اجل وطنه شهيدا فى جنه الخلد، بهذة الكلمات سطر التاريخ المصرى على مدار العصور دور الام المصرية العظيمة التى ظلت منذ الصغر تحس ابنائها على حب الوطن ومن ثم الدفاع عنه ولم تقنت من رحمه الله لتظل "ام الشهيد" تقدم ابنائها واحدا تلو الاخر ايمانا بان الكفاح والنضال لتحرير الوطن اسمى الاعمال عند المولى عز وجل .. فكانت البداية مع الملكة " إياح حتب الأولى أو أعح حتب الأولى " احد اعظم الملكات فى تاريخ مصر بفضل دورها الريادى فى حروب التحرير ضد الهكسوس فكانت احدى زوجات الملك " سقنن رع تا عا الثانى" خلال فترة حكم الاسرة السابعة عشر، فقد كانت مثال ونموذج يحتزا به كزوجة و زعيمة للبلاد بفضل دورها العظيم فى الوقوف بجانب زوجها فى معارك الكفاح ضد قبائل الهكسوس الذين استعمروا مصر ودام حكمهم اكثر من 100 عام ملىء بالذل و الخسة و الخيانة ولكن لم يقف المصريون مكتوفى الايدى فقد ظلوا فى كفاح اجيالا وراء اجيال بقدر ما قاسوه من مراره وكانت البداية على يد " سقنن رع تاعا الثانى " برفقه زوجته الملكة " اياح حتب الاولى " فظل يناضل بشتى الطرق و التجهيزات العسكرية الى ان استشهد فى احدى المعارك بعد اصابته بجروح بالغة فى الرأس ظهرت بموميائه التى عثر عليها بخبيئة الدير البحرى بالاقصر لتصبح الملكة " اياح حتب الاولى " زوجة الشهيد الراحل فدائا لتحرير وطنه من العدو الخارجى، ولكنها لم تيأس و ظلت تحافظ على جأشها من اجل تحقيق النصر مقدمه ابنها الملك الشاب " كامس" الذى تولى الحكم ورايه الكفاح والنضال بعد والده ليستكمل الحرب ضد الهكسوس كملك محارب تربى على مبادىء سامية تحمل فى طياتها الايمان بالاله الخالق والدفاع عن الوطن الا ان اراده المولى اتت سريعا فتعرض للقتل بعد ثلاثة اعوام مليئة بمعارك دامية دفاعا عن ارضه ضد الاحتلال..وقبل ان نستكمل السرد هنجد ان المشهد السالف الذكر ماهو الا واقع حى عاشته الاجيال المتلاحقه من غزوات وحروب خاضتها مصر مرورا بحرب اكتوبر المجيدة وصولا لتضحيات الجيش المصرى حتى الان، كان المشهد البارز بهم هو فقدان رب الاسرة او احد ابناء الاسرة لتصبح الام زوجة شهيد او ام لشهيد ضحوا بحياتهم فى سبيل تحرير ارضهم والحفاظ على عرضهم وهو ما شعرت به الملكة " اياح حتب الاولى " التى اصبحت زوجة لملك وام لملك من شهداء الوطن دون ان تفقد الامل فى الايمان بتحقيق النصر وهو ماتحقق فى النهاية على يد ابنها الاصغر الملك " أحمس الاول" فقد كانت واصيه عليه ومن ثم تولت ادارة الحكم سياسيا وعسكريا فكانت بمثابه المؤسس الحقيقى للفكر الاستراتيجى العسكرى من خلال سبل تطوير المعدات العسكرية و تسليح الجنود ورسم الخطط الدفاعيه للبلاد الا انها على الرغم من ذلك اولت لابنها رايه الجهاد ليرفع شعار النصر او الشهادة فداء لمصر الى ان اتى الانتصار بفضل الله، هذا وهناك نقش بمعبد الكرنك يرجع لعصر الملك " احمس الاول " يمجد فيه دور والدته الملكة "اياح حتب الاولى " فى حروب التحرير ضد قبائل الهكسوس واخضاعهم تحت لواء الجيش المصرى ، كما ان هناك عدد من الاوسمة و القلادات الذهبية والنياشين العسكرية التى عثر عليها بداخل تابوت الملكة منقوش عليهم اسمها كتكريما ممنوح لتلك الشخصية العسكرية العظيمة و ام و زوجة الشهيد الصابرة، وهو ما قد يختلف نسبيا فى صور التعبير عنه فى عصرنا الحالى ولكن يظل مشهد التكريم والاجلال والاحترام لكل ام و زوجة شهيد راسخا فى نفس كل انسان تعظيما لمدى الايمان بقضاء الله وحب الوطن وتخليداً لأرواح الشهداء الطاهرة. |