الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

العميد البطل" أحمد عبود الزمر" والاستبسال حتى آخر طلقة

العميد البطل- أحمد عبود الزمر- والاستبسال حتى آخر طلقة
عدد : 10-2018
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com


العميد/ أحمد عبود الزمر قائد عسكرى مصرى من أبطال حرب أكتوبر عام 1973م ومن شهدائها الأبرار حيث نال الشهادة يوم 19 أكتوبر عام 1973م وكان خلال تلك الحرب يشغل منصب قائد الفرقة 23 المشاة الميكانيكية التايعة للجيش الثاني الميداني الذى كان يقوده آنذاك اللواء سعد مأمون كما أنه كان أحد أبطال معركة رأس العش التي قامت يوم 1 يوليو عام 1967م حينما حاولت القوات الإسرائيلية التقدم شمالا بمحاذاة الضفة الشرقية لقناة السويس بهدف إحتلال مدينة بور فؤاد التي كانت الموقع الوحيد في سيناء الذى ظل في أيدى القوات المسلحة المصرية بعد نكسة الخامس من شهر يونيو عام 1967م .

ولد البطل أحمد عبود الزمر في شهر أكتوبر عام 1928م بقرية ناهيا التابعه لمحافظة الجيزه وبعد أن أنهي دراسته الثانوية إلتحق بالكلية الحربية عام 1947م و شارك في مواجهة العدوان الثلاثي عام 1956م ثم في حرب يونيو عام 1967م وبعد إنتهاء تلك الحرب بأيام قليلة وفي يوم 1 يوليو عام 1967م وفي نشوة الإنتصار الذى حققته إسرائيل علي الجيش المصرى وكانت تظن أنها بما أحرزت من نجاح قد قضت تماما على مقاومته راحت تعد العدة للتقدم قاصدة إحتلال مدينة بور فؤاد وتهديد ميناء بور سعيد وكان هذا هو اليوم الأول الذى تولى فيه اللواء آنذاك أحمد إسماعيل علي قيادة الجبهة فتقدمت قوة إسرائيلية شمالا من مدينة القنطرة شرق شرق القناة في إتجاه مدينة بور فؤاد لإحتلالها وهى المنطقة الوحيدة في سيناء التي لم تحتلها إسرائيل أثناء حرب يونيو عام 1967م كما ذكرنا في السطور السابقة فتصدت لها قواتنا ودارت معركة رأس العش وكان يدافع عن هذه المنطقة التي تقع جنوب بور فؤاد قوة مصرية محدودة من قوات الصاعقة المصرية عددها ثلاثون مقاتلا من قوة الكتيبة 43 صاعقة وكان من بين هؤلاء المقاتلين بطلنا أحمد عبود الزمر والرائد سيد الشرقاوى والنقيب أحمد شوقي الحفني والنقيب سيد إسماعيل إمبابي والملازم أول فتحي عبد الله والملازم حامد جلفون .

ولما رصد هؤلاء الأبطال تحركات هذه القوة الإسرائيلية سارعوا بعمل خط دفاعى أمامها وكانت هذه القوة تشمل سرية دبابات مدعمة بقوة مشاة ميكانيكية في عربات نصف جنزير وكانت طبيعة الأرض التي لابد ستجرى عليها المعركة المرتقبة مع القوات الإسرائيلية غاية في الصعوبة فهي عبارة عن لسان من الأرض مواز للقناة وسط المياه لا يزيد عرضه على 60 أو 70 متر على يساره قناة السويس وعلى يمينه منطقة ملاحات يصعب الخوض فيها، وكان هذا اللسان هو الطريق الوحيد للوصول إلى بورفؤاد وهو ما يعني أنه لكي يحتل اليهود المدينة يجب أن يمروا من هذا الطريق وعلى الأخص بالجانب الأقرب للقناة لأنه الجزء الأصلب من الأرض وأدرك المقاتلون أنه قد يلجأ الإسرائيليون إلي تكتيك الإلتفاف والتطويق لمحاصرتهم بدلا من المواجهة المباشرة التي يخشونها ولذلك وعند توزيع الأفراد على الموقع تم وضع فردين في المؤخرة بمدافع رشاشة خفيفة تحسبا لتطويق مقاتلينا من الخلف وقام الأبطال بتمهيد الأرض عسكريا إستعداد لملاقاة العدو، فكان على كل فرد أن يحفر لنفسه ما يسمى بالحفرة البرميلية وهي حفرة مستديرة قطرها نحو 80 سم بعمق يسمح للجندي بالنزول فيها بحيث لا يظهر منه إلا رأسه وأكتافه ونظرا لغياب أدوات الحفر كان الجنود يحفرون بأيديهم حقيقة لا مجازا في الأرض الصلبة وبسونكي البندقية والدبشك الحديدي لها لتكوين الحفر البرميلية والسواتر الترابية وقبل غروب الشمس بحوالي 10 دقائق قامت هذه القوات بالهجوم على قوة الصاعقة المصرية التي تشبثت بمواقعها بصلابة وأمكنها تدمير ثلاث دبابات معادية فعاود العدو الهجوم مرة أخرى إلا أن قواته فشلت في إقتحام الموقع بالمواجهة أو الإلتفاف من الجنب وكانت النتيجة تدمير بعض العربات النصف جنزير بالإضافة إلي تكبد القوات خسائر في الأرواح وهنا إضطرت القوة الإسرائيلية للإنسحاب وظل قطاع بور فؤاد هو الجزء الوحيد من سيناء الذي ظل تحت السيطرة المصرية حتى نشوب حرب أكتوبر عام 1973م .

وكانت هذه المعركة هي الأولى في مرحلة الصمود، التي أثبت فيها المقاتل المصري برغم الهزيمة والمرارة أنه لم يفقد إرادة القتال وبعد فشل القوات الإسرائيلية في هذه العملية فشلا ذريعا لم تحاول إسرائيل بعد ذلك محاولة إحتلال بور فؤاد مرة أخرى وظلت في أيدي القوات المصرية وظلت مدينة بور سعيد وميناؤها بعيدين عن التهديد المباشر لإسرائيل وكان هذا هو الجندي المصري الذي لم يتملكه الشعور بالهزيمة في الخامس من يونيو عام 1967م لأنه لم يقاتل فعلا في هذه الحرب بل فرض عليه موقف الإنسحاب في معركة لم يدخلها أصلا فلما سنحت له فرصة القتال وبعد أقل من شهر من هذا اليوم الحزين لم يتردد وإستخدم أسلحة لم يتدرب عليها وحفر الأرض بيديه بدون طعام بدون شراب بدون خطة مسبقة وعلي الرغم من ذلك فشل اليهود في تخطيهم وإضطروا إلي الإنسحاب أمامهم.

وجدير بالذكر أنه في اثناء سير المعركة وفي الساعة الثانية صباحا أجرى الرئيس جمال عبد الناصر والذى كان يتابع المعركة لحظة بلحظة إتصالا مباشرا بالموقع حيث أبلغ قائده بترقية جميع المقاتلين الذين يدافعون عن رأس العش للدرجة الأعلى ومنحهم نوط الشجاعة وحثهم على ألا يسمحوا لليهود بالمرور إلى بور فؤاد إلا فوق جثثهم حيث كان خط الإتصال اللاسلكي مفتوحا طوال الوقت وموصلا بنقطة إرشاد السفن التي كانت في المدخل الشمالي لقناة السويس وكانت تستخدم في ذلك الوقت في الإتصالات اللاسلكية الخاصة بالقوات المسلحة ومنها بشكل مباشر إلى مكتب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر شخصيا حيث ظل مستيقظا طوال الليل يتابع سير المعركة الدائرة في رأس العش ويخط على الورق تصوراته حول سيرها .

ومن العجيب أنه بعد البطولات التي أبداها العميد الزمر ورجاله في رأس العش تم إحالته للتقاعد بعد المحاكمات التي تم تقديم بعض قادة وضباط الجيش لها في عام 1968م علي أساس أنهم قد قصروا في القيام بمهامهم خلال حرب الخامس من يونيو عام 1967م وكانوا سببا فيما لحق بالقوات المسلحة حينذاك علما بأن التقصير والإهمال كان في الأساس من جانب القيادات العليا ممثلة في القائد العام المشير عبد الحكيم عامر ورجاله والفريق أول صدقي محمود قائد القوات الجوية وشمس بدران وزير الحربية وغيرهم وبدأ بعدها العميد الزمر يزاول بعض الأعمال التجارية.

وبعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر في يوم 28 من شهر سبتمبر عام 1970م وتولي الرئيس أنور السادات الحكم وبدأ الإعداد لحرب السادس من أكتوبر عام 1973م تمت إعادة العميد الزمر للخدمة في القوات المسلحة المصرية هو وضباط آخرين كان علي رأسهم المشير أحمد إسماعيل علي الذى تم تعيينه وزيرا للحربية وقائدا عاما للقوات المسلحة المصرية في أواخر شهر أكتوبر عام 1972م والفريق محمد فؤاد أبو ذكرى قائد القوات البحرية، ثم جاءت حرب أكتوبر عام 1973م وكان العميد الزمر آنذاك يشغل منصب قائد الفرقة 23 المشاة الميكانيكية والتي كانت تعد الإحتياطي التعبوي للجيش الثاني الميداني.

وفي صباح يوم 17 أكتوبر عام 1973م أبلغه اللواء عبد المنعم خليل قائد الجيش الثاني الميداني الذى حل محل اللواء سعد مأمون بعد إصابته بأزمة قلبية في يوم 14 أكتوبر عام 1973م ونقله إلي المستشفي للعلاج بأنه بناءا علي تعليمات القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية عليه تنفيذ مهمة تصفية ثغرة الدفرسوار والقضاء علي القوة الإسرائيلية التي تسللت إلي غرب القناة في منطقة الدفر سوار ليلة 15/16 أكتوبر عام 1973م وكانت مكونة من حوالي 2000 ضابط وجندى معهم عدد قليل من الدبابات والمركبات البرمائية .

وقاتل البطل أحمد عبود الزمر ورجاله في هذا اليوم قتالا مريرا من أجل تنفيذ المهمة الموكلة إليهم ولكن لم يتمكنوا من القضاء علي القوات الإسرائيلية بالدفرسوار خاصة أنه مع فشل الخطة التي كانت تستهدف ضرب الثغرة أيضا من شرق القناة مما فتح الطريق أمام القوات الإسرائيلية ليلة 17/18 أكتوبر عام 1973م لإقامة جسر في منطقة الدفرسوار عبرت عليه قوات مدرعة إسرائيلية إضافية إلي غرب القناة. ومع أول ضوء صباح يوم 18 أكتوبر عام 1973م تسابقت قوات العميد الزمر لتدمير الدبابات الإسرائيلية ومع تطورالقتال وإشتعاله تدفع القوات الإسرائيلية بالمزيد من قواتها داخل الثغرة فيصبح إجمالي قوات العدو الإسرائيلي ثلاثة ألوية مدرعة بالإضافة إلي لواء مشاة ميكانيكي ولواء مظلات وعلى الرغم من التفوق الصارخ لقوات العدو مقارنة بالقوات المصرية إلا أن رجال مصر الأبطال نجحوا في إيقاف تقدم العدو ومحاصرته تماما ولمدة تزيد على 36 ساعة متصلة إستمرت القوة المصرية بقيادة العميد أحمد عبود الزمر صامدة رغم تعرضها للقصف الجوى والمدفعية والهجمات المستمرة من دبابات العدو ولكن هذا الصمود لم يخدع قائد محنك مثل أحمد عبود الزمر فالفرقة التي يقودها لن تتحمل أكثر من ذلك ولأن مصلحة الوطن أغلى من أى إعتبار فقد أراد البطل المناورة بقواته لوضعها في موقف أفضل فأمر بتكوين مجموعات سيطرة تنسحب لموقع خلفي وتركز الدفاعات عليه بدلا مما ستتعرض له تلك القوات مع الهجوم الكبير المتوقع من قوات العدو الإسرائيلي.

وهكذا أشرف بنفسه على خروج مجموعات الجنود أثناء الليل شارحا لقادتها أسلوب السير وكيفية تركيز الدفاعات في الموقع الجديد وظل أحمد عبود الزمر مع من تبقى من قواته للعمل كموقع تعطيلي لإيقاف العدو حتى تستكمل الدفاعات في الموقع الخلفي الجديد ضاربا أروع الأمثلة في المساواة بين القائد ورجاله رابطا مصيره بمصير جنوده موجها كل جهده لإنجاح المعركة رافضا أن يعيش هو ويموت أحد رجاله الذين أبقاهم في الموقع التعطيلي فقد فضل الموت على الإرتداد وظل يقاتل بسلاحه الشخصي ويواجه نيران العدو مع رجاله الشجعان أكثر من أربع ساعات في معركة غير متكافئة حتى نجحت سرية دبابات معادية في الوصول إلى مركز القيادة ولتنطلق القذائف ليصاب أحمد الزمر وبعض من رجاله فيلقى مصرعه يوم 19 أكتوبر عام 1973م .

وبعد وقف إطلاق النار وفض الإشتباك بين القوات المصرية والإسرائيلية عثر على جثمان البطل أحمد عبود الزمر في خندق وقد ماتت يداه على السلاح فإستحق أن تصفه الصحافة بأنه "بطل الإستبسال حتى آخر طلقة" وتم دفن الجثمان بمدافن العائلة وسط جنازة عسكرية مهيبة.

وهكذا كان جميع قادة حرب السادس من أكتوبر عام 1973م يتقدمون جنودهم وضباطهم ويضربون أروع المثل في التضحية والفداء ولذلك كانت نسبة الشهداء والمصابين منهم نسبة عالية تفوق النسب الطبيعية المتعارف عليها في الحروب الحديثة وكانت هذه سمة من سمات حرب أكتوبر إنفردت بها وميزتها عن أى حرب أخرى دارت رحاها خلال القرن العشرين الماضي.

وتكريما للبطل الشهيد العميد أحمد عبود الزمر فقد حصل علي وسام نجمة الشرف العسكرية عام 1974م وتمت ترقيته إلي رتبة اللواء وفي إحتفالية الدولة بمرور 25 عاما على نصر أكتوبر في عام 1998م كرم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك نخبة من القادة والضباط والجنود وأسماء الشهداء الذين أدوا دورا بارزا في تحقيق نصر أكتوبر عام 1973م وكان منهم إسم الشهيد أحمد عبود الزمر وقام رئيس الجمهورية بتسليم ميدالية مقاتلي أكتوبر للسيدة حرمه، وعلاوة علي ذلك فقد تم إطلاق إسمه على دفعة تخرج من الكلية الحربية وعلي قاعة الإجتماعات بمقر قيادة المنطقة العسكرية المركزية وعلي أحد أكبر الشوارع بمدينة نصر بالقاهرة وهو شارع أحمد الزمر أو ما يعرف بإسم "محور الشهيد " كما أطلق أيضا إسمه علي أحد الشوارع بمحافظة الجيزة ..
 
 
الصور :