بقلم د. محيي عبد السلام
خبير اقتصادى
تابعت كما تابع غيرى ذكرى حرب أكتوبر وفضلت ان اؤجل مقالي لليوم التالي من ذكرى أكتوبر حتى أكون قد وقفت على بعض الحقائق التي لابد لي من ذكرها فمن خلال متابعتي وجدت شخصيات تهاجم نصر أكتوبر وكأننا قد خسرنا في هذا اليوم وتستدل بكتابات بعض المؤرخين العسكريين المصريين وغيرهم وهناك من يحتفى بهذا اليوم ويستدل أيضا بكتابات بعض المؤرخين العسكريين المصريين وغيرهم الا إنني وصلت لنتيجة مهمه لهذا اليوم العظيم وهو قول هتلر "ان من يكتب التاريخ دائما هو المنتصر" ومن كتب تاريخ المجد لهذه اللحظات هي مصر وجيشها العظيم لذا فأنى موقن تمام اليقين ان حرب أكتوبر هي حرب الكرامة والعزة والمستحيل التي بها اثبتت مصر للعالم عظمة الجندي المصري ويقينه بالله وايمانه بكلمة الله اكبر التي هزت العالم وتحطيم خط بارليف بقوة دفع المياه والتي قالوا عنه "ان تحطيمه لا يكون الا بالأسلحة الذرية"، وهنا ظهرت عبقرية الأداء وجودة التخطيط ودقة النتائج التي ابهرت العالم جميعا وجعلت حرب أكتوبر ماده علميه تدرس في جميع الاكاديميات العسكرية على مستوى العالم.
ولكن من اهم ملاحظاتي على هذا اليوم والتي جعلتني اؤخر مقالي هو انتظاري كي أرى ردود أفعال الشباب الذين لم يعاصروا فترة الحرب وبالأخص جيل الألفية الثالثة ولقد وجدت في ملاحظاتي ما افزعني وهو عدم معرفة هؤلاء الشباب بيوم السادس من أكتوبر الموافق للعاشر من رمضان وما تم فيه من إنجازات على المستوى العسكري والامني والاقتصادي والنفسي!!
وما سأسرده هنا هو ما فعلته حرب أكتوبر على المستوي الاقتصادي وما تبعه من اثار إيجابية تخص الشارع المصري اما المستويات الأخرى فاقترح ان يتم تفعيل ماده خاصه للطلبة في المراحل الأولى من التعليم تقص عليهم نتائج حرب أكتوبر على كل المستويات حتى يعرف أولاد مصر حجم الإنجازات التي تحققت خلال هذه الحرب وإلى أي مدى كانت الناس قبل الحرب محبطه وبعد الحرب، والنصر كيف حول الإحباط الى عزيمه لا تلين وفرحه لا تنتهى، وأيضا حتى لا ندع مجالا لمن يشكك في هذه الحرب ان يجد له مريدين.
ودعونا نرجع هنا الى ما حققته مصر من مكاسب اقتصاديه حتى يعرف شباب اليوم قليل من كثير ،وانا هنا لا ادافع عن رئيس او سياسه ولكنى ادافع عن بلدي وارى انه من الواجب على كمحلل اقتصادي ان ابرز الجوانب المضيئة لهذه الحرب حتى يعلم شباب اليوم عظمة مصر وجيش مصر وشباب مصر في هذه الأيام.
كلنا نعلم انه بعد الحرب قامت اتفاقيات السلام على قدم وساق بين مصر وإسرائيل بغرض إحلال السلام الدائم في المنطقة وقد ساعد ذلك على جذب رؤوس الأموال الأجنبية والعربية للاستثمار في مصر مما ساعد على انتعاش الاستثمار داخل مصر وكانت من أولى النتائج الاقتصادية المبهرة في هذا الوقت هو توحيد كلمة العرب اقتصاديا وتدعيم الدول العربية لمصر في حربها حيث أوضحت النتائج الاقتصادية للحرب الإمكانيات العربية الغير نفطية للعرب وهو ما أدى الى زياده ملموسه في حجم التبادل التجاري العربي البيني والاتجاه الى زيادة فاعلية التكامل الاقتصادي العربي، فلقد غيرت حرب أكتوبر المجيدة بعض الثوابت في المفاهيم الاقتصادية الدولية حيث انه من المعروف ان مستويات النشاط الاقتصادي المنخفضة تولد أرباحا منخفضه وبالتالي تخفيض معدلات الاستثمار وانخفاض حاد في الإنتاج مما ينتج عنه معدلات بطاله مرتفعة ومعدلات تضخم سريعة. ولم تنجح الاليات الاقتصادية القائمة في هذا الوقت وهى اليات الطلب في التعامل مع تلك الازمات الاقتصادية الامر الذى أدى الى ظهور تيار فكرى جديد وهو التيار النقدي من خلال اقتصاديات العرض مما أدى الى تدهور قيمة العملة الأمريكية وزاد العجز في ميزانها التجاري كل هذا بسبب تكاتف الدول العربية ومنح النفط المشروط ( سلاح النفط بداية من 16 أكتوبر 73) وكانت النتائج هي انفتاح غير مسبوق على السوق العالمي وإصدار قانون الاستثمار في سنه 1974 والخاص برأس المال العربي والأجنبي وتشجيع المناطق الحرة وجعل مصر سوقا حره مما أدى الى انتعاشه اقتصاديه غير مسبوقة في هذا الوقت.وفي رأيى لو اهتمت مصر بالتعليم في هذه المرحلة وتطويره لكان لمصر شأن اخر.
ولقد بدأت مصر مؤخرا بالتعافي اقتصاديا وبدأت معدلات التضخم والبطالة تتراجع مما يبشر بالانفراجة المنتظرة ولكن لابد وحتى تكون مصر في الريادة وهذه مكانتها الحقيقية ان نسترجع ونستلهم روح أكتوبر وان نكون على يد رجل واحد ونهتم اكثر بالعملية التعليمية وان ندرس تجربة الدول التي بدأت معنا وسبقتنا حتى ننتج جيل يستطيع ان يطور ويبدأ من حيث انتهى الاخرون ويعرف ويدرك معنى كلمة نصر أكتوبر.. ننتج جيلا يفهم ويعي ما يتم تخطيطه وتدبيره ضد مصر ويعلم كيف يواجه هذه الخطط المدمرة حتى نستطيع ان يستفيد من إمكانيات مصر الطبيعية وهى كثيرة.. وعلى القائمين على استراتيجية التعليم أقول لهم انه يجب ان يفكروا كيف يخلقوا جيلا يستطيع تصدير المواد الخام الطبيعية التي تمتلكها في صورتها النهائية او على الأقل قبل النهائية بدلا من توريدها في صورتها الأولى، فحرام علينا ان يتم توريد خام الذهب والرمل والفوسفات والمنجنيز والحديد والقصدير والالومنيوم وغيره من مواردنا في صورته الأولى بدون أي مراحل انتاج بأقل الأسعار ونحن نستطيع على الأقل ان نصدرها في المرحلة الثالثة او الرابعة ولنستعد من الان ونضع خطة لتصدير مواردنا في مراحلها النهائية.
يا ساده نحن بلد غنيه بالموارد الطبيعية وغنيه أيضا بالموارد البشرية والعقل المصري من أفضل العقول في العالم بشهادة كل العالم، لذا علينا ان نعلم الجيل الحالي معنى نصر أكتوبر، فلن نستطيع ان ننهض بمصر من كبوتها الاقتصادية الا إذا علمناهم معنى حرب أكتوبر وما تحمله لنا هذه الحرب من فوائد عظيمه ومن أهمها تكاتف الدول العربية مع بعضها.
أتمنى ان أجد في يوم من الأيام قبل الممات جيل قادر على خلق سوق عربيه وأفريقية مشتركة نواجه بها العالم، وان نكون قوة لا يستهان بها، وتكون مصر رائدة في هذا السوق بما لها من امكانيات طبيعية وبشريه ومادية.
كلمات مأثوره..
هناك يوم يمر كأنه عام ويوم يمر وكأنه ساعه .. كلاهما يوم ولكن المشاعر مختلفة (سحر سعيد).
حفظ الله مصر وحفظ شعبها الأبي الكريم.
|