الأربعاء, 1 مايو 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

اللواء مهندس "أحمد حمدى" صاحب اليد النقية

اللواء مهندس -أحمد حمدى- صاحب اليد النقية
عدد : 10-2018
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com


اللواء مهندس أحمد حمدى عبد الحميد نائب قائد سلاح المهندسين أثناء حرب أكتوبر عام 1973م والذى أطلق إسمه علي النفق الذى تم إنشاؤه شمالي مدينة السويس والذى كان أول محور ثابت يربط وادى النيل بسيناء تكريما له حيث إستشهد يوم 14 أكتوبر عام 1973م في نفس مكان النفق تقريبا أثناء إشرافه علي إصلاح أحد المعابر التي أقيمت علي القناة أثناء معركة العبور نتيجة إصابته بشظية قاتلة وهو بين جنوده ومن عجائب القدر أنه الوحيد بين المجموعة التي كانت تعمل علي إصلاح المعبر الذى أصيب وإستشهد بسبب الإصابة. كان معروفا عنه الشجاعة والبطولة الفائقة والإقدام وشهد له جميع زملاؤه وقادته بنبوغه وعبقريته حيث كان موسوعة علمية هندسية عسكرية فى الميكانيكا والمعمار والتكتيك وكافة العلوم العسكرية ويتميز بعقلية صافية وذهن حاضر منذ إلتحاقه بسلاح المهندسين بالقوات المسلحة المصرية عام 1954م .

ولد البطل أحمد حمدي يوم 20 مايو عام 1929م وكان والده من رجال التعليم بمدينة المنصورة عاصمة محافظة الدقهلية وتخرج الشهيد في كلية الهندسة جامعة القاهرة قسم الهندسة الميكانيكية عام 1951م وإلتحق في نفس العام بالقوات الجوية ومنها نقل إلي سلاح المهندسين عام 1954م كما حصل الشهيد علي دورة القادة والأركان من أكاديمية فرونز العسكرية العليا بالإتحاد السوفيتي بدرجة إمتياز وشارك في حرب السويس عام 1956م أيام العدوان الثلاثي علي مصر وأبلي فيها بلاءا حسنا وقام بإبطال مفعول آلاف الألغام قبل إنفجارها وليفتح الطريق أمام المجاهدين للتصدى للغزاة. ولذا فقد أطلق عليه زملاؤه لقب "اليد النقية" وحيث أنه كان معروفا عنه مهارته وسرعته في تفكيك الألغام ومن ثم فقد قام بتدريب العديد من الأجيال في هذا المجال وفي عام 1967م وعند صدور أوامر الإنسحاب من سيناء رفض الإنسحاب إلا بعد أن يقوم بتدمير خطوط توصيل المياه من الإسماعيلية إلي سيناء وأيضا نسف المستودع الرئيسي للقوات المسلحة بسيناء الذى كان يضم كمية كبيرة من الذخيرة والوقود والأسلحة والمهمات حتي لا تقع في يد العدو ويستفيد منها .


وخلال فترة إعادة بناء القوات المسلحة المصرية وحرب الإستنزاف مابين عام 1968م وعام 1970م كان صاحب فكرة إقامة نقاط للمراقبة علي أبراج حديدية علي الشاطئ الغربي للقناة بين الأشجار لمراقبة تحركات العدو شرق القناة ولم تكن هناك سواتر ترابية أو أي وسيلة للمراقبة وقتها وقد نفذت هذه الفكرة وإختار هو مواقع الأبراج بنفسه وقد تولي خلال هذه الفترة قيادة لواء المهندسين المخصص لتنفيذ الأعمال الهندسية بالجيش الثاني الميداني والتي مثلت قاعدة متينة لأعمال عبور القوات المسلحة قناة السويس في السادس من شهر أكتوبر عام 1973م ومن أعماله أيضا أنه قام بتجهيز مناطق أمامية على طول جبهة قناة السويس لتمركز وحدات إنشاء الكبارى وهى مناطق جهزت بعشرات المئات من الحفر للعربات والمعدات والملاجئ والتحصينات والخنادق والدفاعات وتقدر أعمال الحفر فيها بحوالى 4 ملايين متر مكعب وفي عام 1971م تم تكليفه بتشكيل وإعداد لواء كباري جديد كامل وهو الذي تم تخصيصه لتأمين عبور الجيش الثالث الميداني إلي شرق القناة وتم تحت إشرافه المباشر تصنيع وحدات لواء كباري العبور وإستكمال المعدات والبراطيم اللازمة لها كما كان له دور رئيسي ملموس ومشهود في تطوير الكباري الروسية الصنع لتلائم ظروف قناة السويس وطور طريقة تركيبها وقام بتدريب أفراد ألوية الكبارى التي كان له الفضل في إنشائها وتنظيمها وتدريبها لتصبح مدة تركيب الكوبرى 6 ساعات فقط بدلا من 74 ساعة كما تمكن من تصميم وصنع كوبري علوي يتم تركيبه علي أساس من مواسير حديدية يتم سحبها وتركيبها عاشق ومعشوق لإستخدام هذه الكباري في حالة فشل قوات الصاعقة في غلق فتحات النابالم التي تم إعدادها لتضخ هذا السائل الحارق في مياه القناة وعلاوة علي ذلك فقد أسهم بنصيب كبير في إيجاد حل للساتر الترابي وقام بوحدات لوائه بعمل قطاع من الساتر الترابي في منطقة تدريبية وأجرى عليه الكثير من التجارب التي ساعدت في النهاية في التوصل إلى الحل الذي إستخدم فعلا وحقق نجاحا منقطع النظير وهو إستخدام مدافع المياه لفتح الثغرات في الساتر الترابي وهو الحل الذى أشار به أحد المهندسين العسكريين العاملين معه وهو المقدم آنذاك باقي زكي يوسف .


وعندما حانت ساعة الصفر يوم 6 أكتوبر 1973م طلب اللواء أحمد حمدى من قيادته التحرك شخصيا إلى الخطوط الأمامية بالجبهة ليشارك أفراده لحظات العمل في تركيب الكباري علي القناة إلا أن اللواء مهندس جمال محمد علي قائد سلاح المهندسين رفض إنتقاله لضرورة وجوده فى مقر القيادة للمتابعة والسيطرة إضافة الى الخطورة الفائقة على حياته فى حالة إنتقاله الى الخطوط الأمامية تحت القصف الجوى والمدفعي المباشر الا أنه غضب وألح فى طلبه أكثر من مرة وكأنه كان على موعد مع الشهادة ولم تجد القيادة والحال هكذا بدا من موافقته على طلبه وتحرك بالفعل الى الخطوط الأمامية علي جبهة القناة وإستمر وسط جنوده طوال الليل بلا نوم ولا طعام ولا راحة ينتقل من معبر إلى آخر حتى إطمأن قلبه إلى بدء تشغيل معظم الكباري والمعابر وصلى ركعتين شكرا لله علي رمال سيناء المحررة عندما رأى جنود مصر الأبرار يندفعون نحو القناة ويعبرونها فى سباق نحو النصر وحينها شاهد البطل بعينيه قيمة تخطيطه وثمرة جهوده السابقة فى الإعداد لوحدات المهندسين والكباري على نحو خاص وأدرك أن التدريبات التى قام بها مع أفراد وحدات الجيش المختلفة علي أعظم عمليات العبور وأعقدها فى الحرب الحديثة قد أثمرت تلك التدريبات التى أفرزت تلك العبقرية فى تعامل الجنود مع أعظم مانع مائي فى التاريخ وهو ما شهد له العدو قبل الصديق وظل بطلنا أثناء الحرب من يوم 6 أكتوبر عام 1973م وحتي إستشهاده يوم 14 أكتوبر عام 1973م يواصل الليل بالنهار ولايحصل إلا علي قسط قليل من الراحة ويتنقل من معبر إلي آخر لإصلاح أى جزء يتم إصابته نتيجة القصف الجوى أو المدفعي من جانب العدو الإسرائيلي حيث إتسم الأسبوع الأول من الحرب بشراسة القتال وضراوتها إلي أن إستشهد رحمه الله .

ولا يسعنا هنا سوى تقديم التحية العسكرية تحية إجلال وإحترام وتقدير له وإلي جانب إطلاق إسمه علي النفق المعروف بإسمه تم إطلاق إسمه علي أول دفعة تتخرج من الكلية الحربية بعد حرب السادس من أكتوبر عام 1973م كما تم إختيار يوم إستشهاده ليكون يوم المهندس كما تم منح إسمه وسام نجمة سيناء من الطبقة الأولي وتم إطلاق إسمه أيضا على أحد شوارع مدينة العاشر من رمضان وأحد شوارع مدينة السويس الباسلة .


إن قصة إستشهاد البطل اللواء أحمد حمدي تمثل بحق عظمة المقاتل المصري ففي يوم الأحد 18 رمضان عام 1393 هجرية الموافق يوم 14 أكتوبر عام 1973م كان يشارك وسط جنوده في إعادة إنشاء كوبري في قطاع الجيش الثالث الميداني كان قد تعرض لقصف جوى شديد لضرورة عبور قوات لها أهمية خاصة عليه إلي شرق القناة لتطوير وتدعيم المعركة وفي أثناء ذلك ظهرت مجموعة من البراطيم متجهة بفعل تيار الماء الى الجزء الذى تم إصلاحه من الكوبرى معرضة هذا الجزء إلى الخطر وبسرعة بديهة وفدائية قفز البطل إلى ناقلة برمائية كانت تقف على الشاطئ قرب الكوبري وقادها بنفسه وسحب بها البراطيم بعيدا عن منطقة العمل ثم عاد إلى جنوده لتكملة العمل في إصلاح الكوبرى بجوار جنوده وبينهم قائدا وزميلا وجنديا دون أن يبتعد عن منطقة العمل والخطر برغم القصف الجوي المستمر فوقهم وكثافة النيران الإسرائيلية مدركا أنه إن فاضت روحه فإنها تفتدى ألوف الأرواح التى لابد وأن تصنع النصر للوطن وفجأة وقبل الإنتهاء من إصلاح الكوبري يصاب البطل بشظية متطايرة وهو بين جنوده وكانت هي الإصابة الوحيدة وكان هو المصاب الوحيد لكنها كانت الإصابة القاتلة للأسف الشديد ويستشهد البطل وسط جنوده كما كان بينهم دائما .

وبعد وفاته قال عنه اللواء آنذاك محمد عبد الغنى الجمسى رئيس هيئة العمليات خلال حرب أكتوبر عام 1973م فى مذكراته:" تكبد رجال المهندسين نسبة عالية من الخسائر أثناء فتح الممرات فى الساتر الترابى وإنشاء الكبارى إلا أنهم ضربوا أكبر المثل فى الإصرار علي تنفيذ المهام والتضحية بالنفس فى سبيل الواجب وإستشهد منهم أحد قادة المهندسين البارزين هو اللواء مهندس أحمد حمدى الذى أطلق إسمه على نفق قناة السويس بعد الحرب ، لقد أحزننى جدا خبر إستشهاده لأنى عرفته عن قرب أثناء معارك القناة بعد حرب يونيو عام 1967م عندما كنت أعمل رئيسا لأركان حرب جبهة القناة وكان يعمل هو فى الفرع الهندسى بالجبهة وكان يتميز بالهدوء في طباعه وكان يتميز أيضا بأنه علي درجة عالية من الكفاءة والإقتدار فى عمله الهندسى ولديه الإصرار التام على إنجاز مهامه وواجباته مهما إحتاج ذلك من جهد أو وقت ولا أتذكر أثناء الخدمة معا أنى رأيته فى مقر قيادة الجبهة إلا نادرا فقد كنت أراه دائما عائدا فى الساعات المتأخرة من الليل من الخطوط الأمامية بعد أن يكون قد أشرف على تنفيذ عمل هندسى تقوم به القوات أو الوحدات الهندسية".

وفى كتاب (حرب رمضان الجولة العربية الإسرائيلية الرابعة) لكل من اللواء حسن البدرى واللواء طه المجدوب والعميد أركان حرب ضياء الدين زهدى جاء:" وقد ضرب اللواء أركان حرب احمد حمدى نائب مدير المهندسين العسكريين وقائد أحد ألوية الكبارى المثل الأعلى فى التضحية والفداء إذ إستشهد وهو يشارك أفراد أحد الكبارى فى إصلاحه".

وأيضا قال المؤرخ العسكرى المصرى جمال حماد فى كتابه (المعارك الحربية على الجبهة المصرية) :"وقد أصيبت معظم الكبارى وأعيد إصلاحها أكثر من خمس مرات وقد ضرب اللواء أحمد حمدى نائب مدير سلاح المهندسين المثل الأعلى فى التضحية والفداء إذ استشهد بينما كان يشارك أفراد احد الكبارى فى عملية إصلاحه فتحية إلى روح البطل الشهيد احمد حمدى وإلى كل الشهداء الأبرار الذين جادوا بأرواحهم فداءا لهذا الوطن العزيز الغالي" ..

وعن نفق الشهيد أحمد حمدى الذى يحمل إسم بطلنا الشهيد ،فقد تم البدء في تنفيذه بعد توقيع إتفاقية كامب ديفيد عام 1978م ثم معاهدة السلام عام 1979م بين مصر وإسرائيل في عهد الرئيس الأسبق الراحل أنور السادات بمساهمة من بعض الدول الأوروبية . وتم إفتتاح النفق عام 1983م في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك وتم عمل التصميمات ثم تنفيذ جسم النفق بواسطة شركات بريطانية بينما الأعمال الخارجية قامت بها شركة المقاولون العرب وكان هذا النفق هو أول وسيلة ثابتة تربط بين وادى النيل والدلتا وبين شبه جزيرة سيناء وقد كان لنفق الشهيد أحمد حمدى أثر إيجابي كبير علي تسهيل الحركة إلي مدن وسط وجنوب سيناء مما شجع العديد من المستثمرين علي إقامة مشاريع سياحية كبرى في رأس سدر وشرم الشيخ ودهب ونويبع وطابا وسانت كاترين مما أدى إلي رواج سياحي كبير سواء من خارج مصر أو في مجال السياحة الداخلية ويبلغ الطول الكلي للنفق 5912 متر منها 1640 متر أسفل القناة و1984 متر منزل ومطلع الضفة الشرقية للقناة و2288 متر منزل ومطلع الضفة الغربية للقناة وبلغت كميات الحفر حوالي 2.5 مليون متر مكعب وقمة النفق توجد أسفل أكبر عمق مستقبلي للقناة وهو 27 متر بعشرة أمتار أى أنها تقع علي عمق قدره 37 متر من سطح الماء في قناة السويس وجسم النفق مبطن بحلقات خرسانية سابقة الإجهاد والتجهيز عليها بطانة ثانوية من ألواح الفورمايكا والنفق ينقسم طوليا إلي 3 أقسام القسم السفلي للمرافق وهي مواسير الماء والكهرباء والتهوية والأوسط هو طريق السيارات بعرض 7.5 متر ويستوعب حركة سيارات قدرها 20 ألف سيارة يوميا والقسم العلوى لمواسير التهوية وطرد العوادم والهواء الملوث خارج النفق .

 
 
الصور :