بقلم د.عادل عامر
ان النمو الاقتصادي يتعرف الى مجرد الزيادة الكلية في ثروة المجتمع بغض النظر عن أجمالي عدد السكان. بينما ترتبط التنمية الاقتصادية ليست فقط مجرد زيادة تحدث في دخل المجتمع، ولكن لابد وأن يصاحب هذه الزيادة تحول جوهري في مستوى رفاهية الفقراء، زيادة مستويات التعليم والصحة وغيرها.
على أن قياس التنمية الاقتصادية باستخدام متوسط نصيب الفرد من الدخل يخفي فروقا هائلة بينما يتعلق بتوزيع الدخل. فربما تعكس زيادة متوسط نصيب الفرد من الدخل الزيادة التي تحدث في أرباح عدد قليل فقط من السكان وليس كل السكان، أي قد يترتب النمو تركز في الثروة.
إلا أن هناك من يرى أن تركز الثروة في يد فئة قليلة هو السبيل الوحيد لتكوين المدخرات اللازمة للاستثمار ومن ثم النمو الاقتصادي. على سبيل المثال يرى كزنتس kwznets أن عدم العدالة في توزيع الدخل عادة ما يكون الصفة الغالبة للمراحل الاولى لعملية التنمية الاقتصادية حيث يكون التكوين الرأسمالي أمرا حيويا، ثم يمكن بعد ذلك أحداث قدر من العدالة في توزيع الدخل في المراحل اللاحقة.
وعادة ما ينطوي النمو الاقتصادي عن استخدام الآلات التي تعمل بصورة أكثر كفاءة وأقل تكلفة من البشر، وهو ما يؤدي الى أحداث نمو اقتصادي يؤدي الى رفع متوسط نصيب الفرد من الدخل (من الناحية الاحصائية) إلا أن المستوى الحقيقي للمعيشة لمعظم السكان قد ينخفض، أي أن التنمية الاقتصادية لم تحدث. من ناحية أخرى فمن الممكن أن يحدث العكس، أو ربما ينخفض متوسط نصيب الفرد من الدخل (إحصائيا) ويرتفع مستوى المعيشة نتيجة عملية اعادة توزيع الدخل.
وفي مثل هذا الموقف الاخير تحدث التنمية الاقتصادية إذا أستمر المجتمع سفي الحفاظ على تحسين مستويات المعيشة. وباختصار فان التنمية الاقتصادية في معناها الواسع تعني استمرار الزيادة في الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية للسكان.
نجاح خطة الحكومة للوصول بمتوسط دخل المواطن إلى 6 آلاف دولار بحلول عام 2023، بتحقق عدد من المؤشرات هي :-
- أن ينخفض معدل النمو السكاني إلى 2% بحلول 2023
تمثل الدراسات السكانية الطريقة المبدئية لفهم المجتمع البشري، فبالإضافة إلى تحققها من عدد البشر في منطقة معينة، تحدد سبب زيادة أو نقصان هذا العدد عن الإحصائية السابقة وتفسر هذا الأمر. كما تقدر الدراسات الميول المستقبلية لحدوث تغيير سكاني. يحظى موضوع السكان وبحسب بعض المتخصصين باهتمام كبير لما له من دور مهم في التأثير على حياة الإنسان من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والجغرافية ، إلى جانب تأثر المتغيرات السكانية وارتباطها الوطيد بخصائص المجتمع وقيمه وتقاليده والسياسات التي تتخذها الحكومات للتدخل في حل مشكلاته أو تغيير اتجاهاتها وتطوراتها. هل التحكم في النمو السكاني شرطا ضروريا لعملية التنمية: الفكر الرأسمالي: التحكم ضروري للخروج من دائرة الفقر الخبيثة وجهة النظر الاشتراكية: الفقر يرجع إلى الاستغلال الاقتصادي من جانب الدول المتقدمة.
إن فكرة أن النمو السكاني مشجع لعملية التنمية له أسس من الناحية التطبيقية، وليس فقط من الناحية النظرية. ففي أوروبا والولايات المتحدة الامريكية هناك بعض الدلائل التي تشير الى أن النمو السكاني كان عاملا مشجعا على التنمية.
بل أن بعض دراسي التاريخ يرون أن الانخفاض في معدلات الوفيات الذي سبق الثورة الصناعي بسبب السيطرة على الطاعون هو العامل الذي أدى الى أحداث الثورة الصناعية والسبب في ذلك كما يوضح كلارك أن انخفاض الوفيات أدى الى زيادة في معدلات النمو السكاني والذي أدى بعد ذلك الى زيادة الطلب على الموارد الاخرى. أما في الولايات المتحدة الامريكية فان إنشاء خطوط المواصلات الحديدية أدى إلى فتح الحدود بين الولايات ومن ثم الى زيادة مستوى التنمية الاقتصادية. فقد أدت سكك المواصلات الحديدية الى الاسراع بمعدلات النمو في الولايات الغربية بسبب تدفق المهاجرين الى هذه الولايات.
- أن تحافظ الحكومة على النمو الاقتصادي بواقع 8% بحلول العام 2022
نمت الصادرات المصرية غير البترولية، بنحو 9% خلال العام الماضي، رغم تعويم الجنيه وتوفر الغاز والدولار، وهو ما يعد نموا متواضعاً مقارنة بالآمال المعقودة على هذا القطاع في قيادة نمو الاقتصاد وجلب العملة الصعبة.
ويأتي ذلك تمهيدا للانطلاق إلى آفاق أكثر رحابة تتسق مع الطاقات والإمكانات الكامنة للاقتصاد المصري والاستغلال الأمثل للموارد والارتقاء بمستوى معيشة المواطنين وتحقيق مستقبل أفضل لهم وللأجيال المقبلة، الأمر الذى أدى بدوره إلى استعادة الثقة في الاقتصاد المصري وتحقيق طفرات مشهودة في مؤشرات الاقتصاد الكلى وكذا تحسن ترتيب مصر في العديد من المؤشرات الاقتصادية والمالية.
- نجاح الحكومة في الوصول بنصيب الفرد من الناتج المحلى إلى 6% بنهاية الخطة الرباعية أن البنية التحتية القوية وشبكة الطرق الجديدة التي تشهدها مصر، تعد عاملاً قويًا على طريق تحقيق معدلات نمو اقتصادي، قد تتعدى ما تستهدفه الحكومة، بشروط وجود عزيمة قوية لدى المسئولين، وكذا لدى الأفراد وضرورة رغبتهم القوية للعمل والإنتاج. أن الاهتمام القوي بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة وتذليل كافة المعوقات التي تواجهها، يعمل على الوصول إلى معدلات نمو تصل إلى 8% أو أكثر، وكذا وصول دخل الفرد إلى قيم تقترب من 10 آلاف دولار سنويًا، لأن هذه المشروعات توفر فرص العمل وزيادة الناتج المحلي وبالتالي انخفاض معدلات الفقر.
- خفض معدلات المواطنين تحت خط الفقر من 27% عام 2015 إلى 22% بحلول 2022 ساهم ارتفاع عدد السكان في انتشار ظاهرتي الفقر والبطالة في صفوف المصريين، حيث ارتفع عدد السكان من 72.8 مليون نسمة سنة 2006، إلى 76.1 مليون نسمة سنة 2009، ثم 104 مليون نسمة سنة 2017 ومن المتوّقع أن يصل إلى 140 مليون نسمة بحلول سنة 2030 ، وذلك وفق احصائيات الجهاز المركزي. وتعمل الحكومة جاهدة على خفض معدّل البطالة إلى 12 بالمائة خلال السنة المالية 2017-2018، كيف يمكن مواجهة الفقر في مصر؟ ما هي الحلول التي يستطيع المصريون من خلالها تجاوز عنق الزجاجة؟ مع تآكل دخولهم جراء هبوط قيمة العملة المحلية وارتفاع الأسعار، لماذا لم تنجح زيادة الإنفاق الحكومي على البرامج الاجتماعية في انتشالهم من براثن الفقر؟
إن هناك حلين لمواجهة المعدلات المرتفعة للفقر، الأول تحقيق الوصول بالنمو الاقتصادي إلى %8 سنويا، ما يعادل 3 أضعاف معدلات النمو السكاني البالغة %2.6، الثاني إجراءات حكومية صارمة للسيطرة على الزيادة السكانية لتصبح %1.5، مع تحقيق نمو بالناتج المحلى يصل إلى %5.
الفقر والجوع والبطالة، مخاطر تهدّد حياة المجتمع المصري الذي يعاني نسبة كبيرة منه عجزاً في توفير قوته اليومي، رغم محاولات الحكومة الحد منها ومن تداعياتها، عبر سلك سياسة التقشف وتعويم الجنيه المصري، وإرساء برامج لمساعدة الفقراء، إلا أنّ مثل هذه الإجراءات لم تحدّ من انتشار الظاهرة وتحقّق خطوات ملموسة، بل يبدو انها قد فاقمتها. وبدأت الحكومة خلال العام المالي الجاري في تطبيق خطة متوسطة المدى تنتهى في العام المالي 2021/2022، وتستهدف الوصول بمعدل النمو الاقتصادي إلى 8%، علاوة على زيادة نمو القطاعات الاقتصادية المختلفة، لتحقيق تنمية اقتصادية تعود على المواطن. |