الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

عميد الأثريين المصريين

عميد الأثريين المصريين
عدد : 11-2018
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com

سليم حسن عالم آثار مصرى شهير ويعد أحد أعلام المصريين في هذا المجال ولذا فهو يلقَب بعميد الأثريين المصريين وكان من أهم أعماله قيامه بتقديم العديد من الدراسات الرائدة في هذا المجال كان منها عملُه الأبرز موسوعة مصر القديمة ذلك العمل الذي يتكون من 16 جزءا ولم يمهله القدر لكي يستكملها حيث توفي أثناء إعداده للجزء السابع عشر كما كان لسليم حسن العديد من المؤلفات الأخرى والإكتشافات الأثرية في المنطقة المحيطة بأهرامات الجيزة .

وقد ولد سليم حسن يوم 15 أبريل عام 1886م بقريةِ ميت ناجي التابعة لمركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية وإلتحق بكتاب القرية وقبل أن بصل إلي سن المدرسة الإبتدائية توفِّي والده وهو صغير فقامت أمه وشقيقته الكبرى برعايته وتربيته وأصرتا على أن يكمل تعليمه وبعد أن أنهى مرحلتي التعليم الإبتدائية والثانوية وحصل على شهادة البكالوريا عام 1909م إلتحق بمدرسة المعلمين العليا وكان أستاذه فيها أحمد كمال باشا والذى يعد أول عالم وباحث مصريات مصري والأب الروحي للاثريين في مصر والذى توقع له مستقبلا باهرا في مجال التاريخ والآثار وقد تم إختيار سليم حسن نظرا لتفوقه في مادة التاريخ لإستكمال دراسته بقسم الآثار الملحق بهذه المدرسة عند إنشائه وتخرج منه عام 1913م وحصل علي دبلوم الدراسات الأثرية واللغة المصرية القديمة وعمل بعد تخرجه مدرسا للتاريخ واللغة الإنجليزية بالمدارس الأميرية حيث عمل أولا مدرسا لهاتين المادتين بالمدرسة الناصرية بالقاهرة ثم نقل إلى مدرسة طنطا الثانوية ومنها إلى مدرسة أسيوط الثانوية ثم نقل إلى القاهرة ليعمل مدرسا في المدرسة الخديوية الثانوية وكان في أثناء إنشغاله بالتدريس وافر النشاط عالي الهمة جاد النزعة وإشترك في هذه الفترة في وضع الكتب التاريخية التي كانت مقررة على طلبة المدارس حيث ألّف تاريخ مصر من الفتح العثماني حتي فترة حكم أسرة محمد علي باشا وتاريخ أوروبا الحديثة وحضارتها وشاركه في التأليف عمر السكندري كما ترجم تاريخ دولة المماليك في مصر بالإشتراك مع محمود عابدين وصفحة من تاريخ محمد علي باشا بالإشتراك مع طه السباعي .

وحاول سليم حسن آنذاك أن يلتحق بالعمل في مصلحة الآثار المصرية التي كان يسيطر عليها الأجانب لكن محاولاته لم يكتب لها النجاح حتى إذا أقبلت ثورة عام 1919م التي أججت الشعور الوطني وأشعلت الحماس في النفوس تغير الوضع وأصبح الوزراء المصريون بعدها أكثر إستقلالاً وأوسع نفوذًا فلاحت الفرصة لسليم حسن التي طال انتطاره لها إذ إنتهز أحمد شفيق باشا وزير الأشغال العمومية آنذاك فرصة تعيين أمينين فرنسيين بالمتحف المصري وأصر على تعيين أمينين مصريين مساعدين لهما ومن ثم إلتحق سليم حسن بالمتحف أمينا مساعدا عام 1921م وهناك تتلمذ على يد عالِم الآثار الروسي جولانشيف الذى إحتضنه وإعتز به وتتلميذ على يديه وهكذا ظهر نبوغ سليم حسن على يد إثنين من عظماء الحضارة المصرية القديمة هما أستاذه أحمد كمال باشا وعالم الآثار الروسى جولانشيف وفي العام التالي 1922م سافر سليم حسن في رحلة إلي أوروبا برفقة أستاذه أحمد كمال باشا لحضور إحتفالات الذكرى المئوية لعالم الآثار الفرنسي جان فرانسوا شامبليون الذى كان له الفضل في فك رموز حجر رشيد ومن ثم تم التعرف علي أسرار اللغة المصرية القديمة حيث زار سليم حسن خلال هذه الرحلة فرنسا وإنجلترا وألمانيا وخلال تلك الفترة كتب العديد من المقالات الصحفية في جريدة الأهرام تحت عنوان "الآثار المصرية في المتاحف الأوروبية" كشف فيها عن السرقة والنهب الذي حدث وكان ما يزال يحدث للآثار المصرية مثل رأس نفرتيتي التي شاهدها في الجناح المصرى بمتحف العاصمة الألمانية برلين كما كشف من خلالها عن دور الأثريين والمستكشفين الأجانب من الفرنسيين والألمان والإنجليز وغيرهم في ذلك الأمر صابا جام غضبه عليهم ومطالبا بتحرك رسمي وشعبي من أجل إستعادة ذلك الإرث المصري الخالص مما جعل الأجانب المشرفين على الآثار المصرية حينذاك يغضبون ويحنقون عليه وفي نفس العام 1922م أثار إكتشاف مقبرة توت عنخ آمون علي يد المستكشف الإنجليزى هوارد كارتر دهشة الناس في العالم كله وإعجابهم بالحضارة المصرية القديمة ومن هنا تولدت في نفوس المصريين روح الإعتزاز بتراثهم المجيد وحضارتهم العظيمة فدعت وطالبت الأصوات إلى إرسال بعض المصريين لدراسة علم الآثار المصرية في الخارج وقد تمت الإستجابة إلي هذه المطالبة في عام 1925م حيث إستطاع أحمد كمال باشا أستاذ سليم حسن قبل وفاته إقناع وزير المعارف العمومية آنذاك بإرسال بعض المصريين للخارج لدراسة علم الآثار وكان منهم أحمد عبد الوهاب باشا ومحمود حمزة ومحمد شفيق غربال وسامي جبرة وسليم حسن وبلا شك كانت هذه البعثة نقطة تحول كبيرة في حياتهم فقد صاروا بعدها من كبار علماء التاريخ والآثار في مصر ومن ثم تم سفر سليم حسن وباقي زملائه في بعثة دراسية إلى فرنسا .

وفي فرنسا إلتحق سليم حسن بجامعة السوربون التي حصل منها على دبلومتين في اللغة والديانة المصريتين القديمتين كما حصل على دبلوم اللغات الشرقية واللغة المصرية القديمة من الكلية الكاثوليكية ودبلوم الآثار من كلية اللوفر وبذلك أتم دراسته وأنهي بعثته عام 1927م وعاد إلي القاهرة وعين أمينا مساعدا بالمتحف المصري وأقنعه المسؤولون عن المتحف حينذاك أن مكانه هو المكتبة وأن عمله الأساسي هو ترجمة دليل المتحف وكان ذلك يعني تجميدا لنشاطه لكن هذا لم يدم طويلا حيث إستدعته كلية الآداب بالجامعة المصرية للتدريس بها وترقى في المناصب العلمية إلى أن بلغ درجة الأستاذية مع الإشراف على حفائر الجامعة بمنطقة أهرامات الجيزة وفي عام 1928م إشترك مع عالم الآثار النمساوى يونكر في أعمال الحفر والتنقيب في منطقة الهرم والتي إستمرت حتي عام 1939م ولم تحل أعباء التدريس وأعمال الحفر والتنقيب دون مواصلته للدراسة والبحث فوضع بحثًا قيما نال عليه درجة الدكتوراه من جامعة فيينا عام 1935م ونظرا لمجهوداته المتميزة تم تعيينه وكيلًا عاما لمصلحة الآثار المصرية ليكون أول مصري يتولى هذا المنصب ويكون هو المسؤول الأول عن كل آثار البلاد وقد أعاد إلى المتحف المصري مجموعةً من القطع الأثرية كان يمتلكها الملك فؤاد وقد حاول الملك فاروق إستعادة تلك القطع بعد وفاة أبيه علي أساس أنها كانت ضمن ممتلكات أبيه الشخصية ولكن سليم حسن رفض ذلك ممَا عرضه لمضايقات شديدة أدت إلى تركه منصبه عام 1940م وتوجيه تهمة الإستيلاء علي بعض قطع الآثار له الأمر الذى ثبت عدم صحته بالمرة ولكن رب ضارة نافعة فبتركه وظيفته تفرغ تماما للبحث والدراسة وتأليف الكتب عن التاريخ والآثار المصرية وفي عام 1954م إستعانت الحكومة المصرية بخبرته الكبيرة فعينته رئيسا للبعثة التي تم تكليفها بدراسة مدى تأثير بناء السد العالي على آثار النوبة جنوبي مصر كما أشرف على حفائر مصلحة الآثار المصرية في بلاد النوبة عام 1958م وعلى عملية جرد المتحف المصري عام 1959م بعد أن تم تعيينه مستشارا له وفي عام 1960م تم إنتخابه عضوا بالإجماع في أكاديمية نيويورك التي تضم أكثر من 1500 عالِم من 75 دولة حول العالم وقامت هذه الأكاديمية بإرسال خطاب موجه إليه جاء فيه ما نصه إعترافا منا بما لإسمك من مكانة علمية في ميدان دراسة الآثار وتقديرا لجهودك الرائعة وأعمالك المتواصلة في خدمة العلم فإنه يسرنا أن نختارك عضوا بأكاديمية العلوم العليا بنيويورك وللأسف لم يسعفه القدر في الإشتراك والمساهمة في أنشطة هذه الأكاديمية حيث وافته المنية في يوم 29 سبتمبر عام 1961م عن عمر يناهز 75 عاما .

وبخصوص عمليات الحفر والتنقيب التي قام بها سليم حسن لمدة 10 سنوات تقريبا من عام 1928م وحتي عام 1939م فقد قامت الدكتورة ضياء أبو غازى بحصرها ونشرت قائمة بها مع ذكر نبذة عنها بعد وفاته في حوليات مصلحة الآثار المصرية عام 1964م وكانت قد تولت منصب أمينة المكتبة بالمتحف المصرى عام 1950م ولعبت دورا كبيرا في إعداد كتالوجات لكتبها وزيادة حجم التبادل الخارجي وتوسيعها بحيث أصبحت في حجمها الحالي من طابقين وتشمل قاعتي إحتفال وقد بلغت أعمال سليم حسن التي قامت الدكتورة ضياء بحصرها عدد 171 عملا كان من أهمها حفائره في منطقة الأهرامات بالجيزة إذ كشفت عن عدد كبير من مقابر الدولة القديمة وتعد مقبرة رع ور التي كشفها جنوبي منطقة أبو الهول من أكبر المقابر وتكاد تضارع مقابر الملوك من حيث ضخامتها وكثرة التماثيل بها كما كشف عن مقبرة الملكة خنكاوس آخر ملوك الأسرة الخامسة والتي تعد حلقة الوصل بين تلك الأسرة والأسرة السادسة وصممت المقبرة على هيئة تابوت أقيم فوق صخرة كبيرة وأطلق سليم حسن على هذه المقبرة الهرم الرابع وكشف أيضا عن مقابر أولاد الملك خفرع بالإضافة إلى مئات القطع الأثرية والتماثيل ومراكب الشمس الحجرية للملكين خوفو وخفرع كما كشفت حفائره أيضا في منطقة أبو الهول عن أسرار هذا التمثال العجيب وما يحيط به من غموض وإبهام وإمتد نشاطه أيضا إلى منطقة سقارة ومنطقة النوبة ومما لا شك فيه أنه علي الرغم من قسوة التجربة التي أنهت مشوار سليم حسن المهني وحلم حفظ وصيانة الآثار المصرية من النهب والسرقة إلا أنها أهلته ليتفرغ للدراسة والبحث والكتابة وجعلته ينتج عشرات الكتب والأبحاث ويعكف على وضع مؤلفاته التي لا تزال محل إعجاب وتقدير على الرغم من إستمرار الإكتشافات الأثرية التي قد تؤدي إلى تصويب أو تخطئة ما كان مستقرا عليه من قبل من معلومات أثرية في المؤلفات التاريخية وكانت أهم مؤلفاته قاطبة هي موسوعته مصر القديمة والتي كتب في مقدمتها إهداء قال فيه إلى الذين أرادوا الإساءة إلى فأحسنوا وباعدوا بيني وبين الوظيفة فقربوا بيني وبين الإنتاج وخدمة الوطن وقد أخرج سليم حسن هذه الموسوعة في ستة عشر جزءا وبدأ في نشرها عام 1940م وأصدر الجزء السادس عشر منها عام 1960م قبل وفاته بحوالي سنة واحدة والذى يتناول من خلالها تاريخ مصر وحضارتها من عصور ما قبل التاريخ ومرورا بالعصر الحجرى الحدبث وعصور الدولة القديمة والدولة الوسطي والدولة الحديثة والرعامسة والعهد الفارسي وإنتهاءا بأواخر العصر البطلمي وكان قد شرع في كتابة الجزء السابع عشر عن الملكة كليوباترا وليبدأ بعده كتابة تاريخ العصر الروماني ومابعده من عصور في مصر لكن للأسف الشديد حالت وفاته دون إستكمال هذه الأجزاء وإصدارها .

وأيضا لم يسعفه القدر أن ينفذ تكليف الرئيس الراحل جمال عبد الناصر له بأن يكتب موسوعة عن نهر النيل وكان قد أرسله ضمن بعثة خارج مصر لهذا الغرض حيث كان يقدر مكانته وقدره الذى يشرف مصر والمصريين لكنه توفى قبل أن يشرع في كتابتها وجدير بالذكر أن موسوعة مصر القديمة لمؤلفها سليم حسن تغني القارئ عن عشرات الكتب والمراجع التي تتناول تاريخ مصر في هذه الفترة الطويلة ولذا فهي تعد فريدة من نوعها فلم يسبق أن تناول عالم واحد كل هذه الفترة في مؤلف له كما أنه كان ثاني من يتناول تاريخ مصر القديم من المؤرخين بالتفصيل بعد المؤرخ المصرى مانيتون الذى ولد في مدينة سمنود التابعة لمحافظة الغربية حاليا وعاش في عهد الملك بطليموس الثاني حوالي عام 280 ق.م والذي كلفه هذا الأخير بكتابة تاريخ مصر القديمة وبذل في سبيل ذلك جهدا كبيرا ولكن للأسف لم تصلنا كتاباته نظرا لإحتراقها عندما إحترقت مكتبة الإسكندرية القديمة عام 48 ق.م عندما أحرق يوليوس قيصر عدد 101 سفينة كانت موجودة بالبحر أمام المكتبة وإمتدت النيران من السفن إليها وإلي جانب هذه الموسوعة فلسليم حسن كتاب بإسم الأدب المصري القديم والذي قام بنشره عام 1945م في مجلدين تناول فيهما الأدب في مصر القديمة وضمنه المجلد الأول منه فصلا كبيرا عن الحياة الدينية وأثرها على المجتمع والذي أخرجته وزارة الثقافة والإرشاد القومي فيما بعد في الستينيات من القرن العشرين الماضي وهو يعتبر من أهم المراجع في دراسة أصول اللغة المصرية القديمة وفلسفتها وتحليل النصوص الأدبية الفرعونية وعلاوة علي ذلك فقد ساهم سليم حسن في ميدان الترجمة فنقل إلى اللغة العربية كتاب ديانة قدماء المصرين للعالم الألماني شتيدورف وقام بنشره في عام 1923م وكتاب فجر الضمير للمؤرخ الأمريكي جيمس هنري بريستد وقام بنشره في عام 1956م كما أن له عدة مؤلفات أخرى كتبها بغير اللغة العربية بلغت ثلاثة وثلاثين مؤلفا وضمت كتبا علمية ككتابه عن أبو الهول وكتابه عن الأناشيد الدينية للدولة الوسطى وكتابه عن إكتشافات منطقة أهرامات الجيزة المكون من 10 أجزاء وكتابه عن إكتشافات سقارة المكون من 3 أجزاء والنسخ الأصلية من هذه الكتب محفوظة في مكتبة جامعة أوكسفورد بإنجلترا وذلك بالإضافة إلى بحوثه ومقالاته في حوليات مصلحة الآثارالمصرية والمجلات الأثرية الأجنبية وتقاريره عن الحفائر التي قام بها في مناطق الجيزة وسقارة والنوبة وبالإضافة إلي ذلك فقد قام مركز التوثيق الحضارى التابع لمكتبة الإسكندرية في عام 2016م بعمل فيلم تسجيلي حول أعمال وإكتشافات وإنجازات سليم حسن العلمية سواء على مستوى المؤلفات أو الكتب المترجمة أو الحفائر أو الكشوف الأثرية إعترافا من المركز بمكانة هذا الرجل من رجال مصر العظماء كما قال عنه تلاميذه الذين تعلموا منه الكثير إنه حين يذكر تاريخنا المصرى أسماء البنائين العظام للفكر والوعى المصرى سيكون فى طليعتها عالم الآثار الدكتور سليم حسن فهو عبقرية شخصية مصرية فذة تتميز بالوطنية الصادقة والشجاعة النادرة والمقدرة الفائقة على العمل والبحث والدراسة
 
 
الصور :